توقيت الإمساك والإفطار للذي يسكن في ناطحات السحاب

تاريخ الفتوى: 21 ديسمبر 2023 م
رقم الفتوى: 8191
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصوم
توقيت الإمساك والإفطار للذي يسكن في ناطحات السحاب

ما هو توقيت الإمساك والإفطار للذي يسكن في ناطحات السحاب؟ فأنا أسكن في برج يتجاوز عدد طوابقه 150 طابقًا، ويختلف موعد شروق الشمس وغروبها نسبيًّا بين الطابق السفلي والطابق العلوي، مما يجعلني في حيرة من أمر الإمساك والإفطار؛ فما توقيت الإمساك والإفطار بالنسبة لي؟

الشخص الذي يسكن في الأبراج ذات المرتفعات الشاهقة -ناطحات السحاب- يُمْسِك عن المفطرات قبل إمساك الأشخاص الذين يسكنون في المنازل العادية على سطح الأرض، كما أنه لا يفطر معهم في نفس التوقيت، وإنما يفطر بعدهم، حينما يرى غروب الشمس من مكانه، ويمكن الرجوع إلى أهل الاختصاص لتحديد فوارق هذه المدة في الإمساك والإفطار.

الجواب

 

بداية وقت الصيام ونهايته

أمَرَ الشرع الشريف بمراعاة العلامات الظاهرة في بداية الصوم ونهايته، فقال تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: 187]، وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» متفقٌ عليه، واللفظ للبخاري.

والعبرة في إمساك الصائم عن المفطرات بالتحقق من طلوع الفجر الصادق إما حسًّا أو بإخبار مَن يُعْتدُّ بإخباره أو سماع أذان الفجر في الوقت ونحو ذلك، وكذا الحال في الإفطار؛ فالعبرة فيه تكون بتحقق الصائم من غروب الشمس ودخول الظُّلمة إما حسًّا أو خبرًا أو سماع أذان المغرب في الوقت، فـ"دخول الوقت وخروجه يختلف باختلاف الأقطار حتى إذا زالت الشمس في المشرق لا يلزم منه أن تزول في المغرب، وكذا طلوع الفجر وغروب الشمس؛ بل كلما تحركت الشمس درجةً فتلك طلوع فجر لقومٍ وطلوع شمسٍ لآخرين وغروبٍ لبعضٍ ونصف ليلٍ لغيرهم". كما في "تبيين الحقائق" للإمام الزيلعي الحنفي (1/ 321، ط. الأميرية)، وهو أمرٌ مُشَاهَدٌ عيانًا.

توقيت الإمساك والإفطار للذي يسكن في ناطحات السحاب

بالنسبة لمسألتنا، وهي بيان توقيت إفطار وإمساك الشخص الذي يسكن في الأبراج ذات المرتفعات الشاهقة (ناطحات السحاب)، فقد أفتى بعض فقهاء الحنفية في مسألة نظيرة لها، والتي ورد فيها السؤال عن كيفية صيام شخصٍ على رأس منارة الإسكندريَّة، والتي هي إحدى عجائب الدنيا، وقد بلغ ارتفاعها نحو 122م - 152م.

قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 83، ط. دار الكتب العلمية): [وحكي عن أبي عبد الله بن أبي موسى الضرير أنه استُفتِي في أهل إسكندرية أن الشمس تغرب بها، ومَن على منارتها يرى الشمس بعد ذلك بزمان كثير.

فقال: يحل لأهل البلد الفطر، ولا يحل لمن على رأس المنارة إذا كان يرى غروب الشمس؛ لأنَّ مغرب الشمس يختلف كما يختلف مطلعها، فيعتبر في أهل كلِّ موضع مغربه] اهـ.

وقال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (2/ 420، ط. دار الفكر): [قال في "الفيض": ومَن كان على مكانٍ مرتفعٍ كمنارة الإسكندرية لا يفطر ما لم تغرب الشمس عنده، ولأهل البلدة الفطر إن غربت عندهم قبله، وكذا العبرة في الطلوع في حقِّ صلاة الفجر أو السحور] اهـ.

وهو مقتضى نصوص فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة حيث أفادت أنَّ لكلِّ إنسانٍ حكمه بحسب البلدة والمكان الذي هو فيه لحظة الشروق والغروب، بل للمكان الواحد بالنسبة لمن هو في مكان منخفض أو مكان مرتفع، وهو جارٍ على رواية الإمام الطحاوي من الحنفية.

قال العلامة شيخي زاده الحنفي في "مجمع الأنهر" (1/ 237، ط. دار إحياء التراث العربي): [وفي الأقضية صحح رواية الطحاوي واعتمد عليها لقلة الموانع، فإن هواء الصحراء أصفى فيجوز أن يراه دون أهل المصر، وكذا إذا كان على مكانٍ مرتفع في المصر لاختلاف الطلوع والغروب باختلاف المواضع في الارتفاع والانخفاض، قال في "خزانة الأكمل": أهل إسكندرية يفطرون إذا غربت الشمس، ولا يفطر مَن على منارتها؛ فإنه يراها بعدُ حتى تغرب له، هذا على رواية الطحاوي] اهـ.

وقال العلامة الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (1/ 392، ط. دار الفكر): [قال ابن بشير: ووقت المغرب إذا غاب قرص الشمس بموضع لا جبال فيه، فأما موضع تغرب فيه خلف جبال فينظر إلى جهة المشرق، فإذا طلعت الظلمة كان دليلًا على مغيب الشمس. انتهى، وقال في "الجواهر": والمُرَاعَى غيبوبةُ جِرمها وقرصها دون أثرها وشعاعها، وقاله ابن الحاجب، قال ابن فَرْحُون: ولا عبرة بمغيب قرصها عمن في الأرض حتى تغيب عمن في رؤوس الجبال] اهـ.

وقال العلامة البُجَيْرِمِي الشافعي في "حاشيته على الإقناع" (1/ 391، ط. دار الفكر) عند قول الشارح "والمراد تكامل الغروب، ويُعرَف في العمران بزوال الشعاع عن رؤوس الجبال وإقبال الظلام من المشرق": ["بزوال الشعاع" هذا فيما فيه جبال أو فيه بناء، فعلامته زوال الشعاع من رؤوس الجبال وأعالي الحيطان، وأما الصحاري فيكفي فيها تكامل سقوط القرص وإن بقي الشعاع] اهـ.

وقال العلامة ابن مُفْلِح الحنبلي في "المبدع" (1/ 302، ط. دار الكتب العلمية): [وغيبوبة الشمس سقوط قرصها، وحكى الماوَرْدِي أنه لا بد من غيبوبة الضوء المستعلي عليها، قلت: ويعرف الغروب في العمران بزوال الشعاع من رؤوس الجبال، وإقبال الظلام من المشرق] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن الشخص الذي يسكن في الأبراج ذات المرتفعات الشاهقة -ناطحات السحاب- يُمْسِك عن المفطرات قبل إمساك الأشخاص الذين يسكنون في المنازل العادية على سطح الأرض، كما أنه لا يفطر معهم في نفس التوقيت، وإنما يفطر بعدهم، حينما يرى غروب الشمس من مكانه، ويمكن الرجوع إلى أهل الاختصاص لتحديد فوارق هذه المدة في الإمساك والإفطار.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما وقت إفطار الصائم المسافر بالطائرة؟


ما هو حدُّ المرض المبيح للإفطار؟ حيث شعر أحد أصدقائي بصداع في نهار رمضان فأفطر بدعوى أنَّ الفطر مباحٌ له لأنه مريض؛ فنرجو منكم بيان ذلك.


ما حكم من مات وعليه صيام بسبب المرض ولم يتمكن من القضاء؟ فهناك شخصٍ أفطر في رمضان بسبب المرض، ثم شفاه الله تعالى، لكنه مات بعد ذلك مباشرة قبل أن يتمكن من قضاء الصوم الذي عليه؟


ما حكم صيام القضاء بدون تعيين سَنَة القضاء لمَنْ عليه عدة سنوات؟ فإنَّ عليَّ قضاء رمضانين، كنتُ قد أفطرت فيهما بسبب المرض، لكن لا أتذكَّر في أي سَنَة قد أفطرتُ، فصُمْتُ بنيةِ القضاء ولم أُعيِّن أنِّي صائم عن رمضان سنةَ كذا، فهل صومي مُجزئٌ عن القضاء، أو عدم تعيين السَّنَةِ في القضاءِ يقدحُ في صحةِ صومي؟


ما حكم صيام مرضى السكر؛ حيث تم إعداد برنامج جديد بالنسبة لتقييم حالة مرضى السكر، يحتوي على كل العوامل المسببة للخطورة، وإعطائها نقاطًا مختلفة حسب أهميتها، بشكل متناسب مع وضع كل مريض، ويقوم الأطباء بمراجعة حالة المريض بالتفصيل، وتضاف النقاط حسب المعلومات (عوامل الخطورة تتحدد بناءً على مدة المرض، ونوعه، ونوع العلاج، والمضاعفات الحادة من الحمض الكيتوني وارتفاع السكر الشديد مع الجفاف، والمضاعفات المزمنة، وهبوط السكر، وخبرة الصوم السابقة، والصحة الذهنية والبدنية، وفحص السكر الذاتي، ومعدل السكر التراكمي، وساعات الصيام، والعمل اليومي والجهد البدني، ووجود الحمل).
ويتم بعدها جمع النقاط لكل مريض لتحديد مستوى الخطورة في حال قرر صيام رمضان كما يلي: من 0: 3= خطورة خفيفة، ومن 3.5: 6= خطورة متوسطة، وأكبر من 6= خطورة مرتفعة.
نصائح وإرشادات:
أولًا: يجب تقديم النصائح الطبية لكل المرضى مهما كان مستوى الخطورة عندهم، وتعديل العلاج الدوائي بما يناسب كلِّ حالةٍ.
ثانيًا: يجب تقديم النصائح والمتابعة الدقيقة لكل المرضى، حتى في حال الإصرار على الصيام ضد نصيحة الطبيب.
ثالثًا: يُنصح المرضى الذين يقدر وضعهم على أنه مرتفع الخطورة بعدم الصيام مع توضيح احتمالات الضرر عليهم.
رابعًا: في حال المرضى متوسطي مستوى الخطورة، يتم التشاور بين الطبيب والمريض ومراجعة الوضع الصحي وخبرات المريض السابقة وأدويته، ويجب توضيح احتمال الخطورة المرافق، بشكل عام يسمح للمريض بالصيام مع الانتباه لضرورة المراقبة المستمرة لمستوى السكر في الدم حسب تعليمات الطبيب، وفي حال خوف المريض الشديد، دون وجود سبب طبي مقنع يتم اللجوء إلى الاستشارة الدينية.
خامسًا: في حال مستوى الخطورة المنخفض، يشجع المرضى على الصيام، مع ضرورة المراقبة الطبية الموصوفة.
سادسًا: يجب على كل المرضى الذين قرروا الصيام بنصيحة طبية أو حتى ضد النصيحة الطبية معرفة ضرورة التوقف عن الصيام في الحالات التالية:
حدوث ارتفاع السكر إلى أكثر من ٣٠٠ مع/ دل.
انخفاض السكر أقل من ٧٠ مع/ دل.
وجود أعراض الانخفاض أو الارتفاع الشديدة.
وجود أمراض حادة تسبب حدوث الحرارة أو الإسهال أو التعب أو الإرهاق العام.
الخلاصة: يجب على الأطباء مراجعة كل عوامل الخطورة المذكورة عند مرضاهم للوصول إلى تحديد مستوى الخطورة الصحيح، وستساعد هذه الوسيلة في تقييم خطورة الصيام عند المرضى في الوصول إلى تقييمات حقيقية للمرضى، حتى وإن اختلف الأطباء واختصاصاتهم، وستساعد الأطباء الأقل خبرة في الوصول إلى تقييم أقرب إلى الدقة؛ فنرجو من فضيلتكم بيان الرأي الشرعي في هذا الأمر.


ما حكم استحمام -اغتسال- الصائم في البحر؟ وهل يكون مُفطِّرًا؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 20 مايو 2025 م
الفجر
4 :18
الشروق
5 :58
الظهر
12 : 51
العصر
4:28
المغرب
7 : 45
العشاء
9 :14