سائل يقول: أصابت النجاسة مكانًا أريد الصلاة فيه وقد خفي موضعها. فماذا أفعل حتى تصح صلاتي في هذا المكان؟
من أصاب مكان صلاته نجاسة عَلِم موضعها فيكفي غَسْل هذا الموضع، فإن خَفِيَ موضعُ النجاسةِ؛ فإن كان المكان صغيرًا، فلا تُجزئ الصلاةُ فيه حتى يَغْسلَه كله، وإن كان المكان واسعًا فلا يجب غَسْله ويصلي حيث شاء، لأنَّ ذلك يشق عليه.
اتَّفق جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة: على أنَّ طهارة الثوب والبدنِ والمكانِ شرطٌ من شروط صحة الصلاة، وذلك كما أفادته عبارة "بدائع الصنائع" للعلامة الكاساني الحنفي (1/ 114، ط. دار الكتب العلمية)، و"شرح الخَرَشِي على مختصر خليل" للعلامة الخَرَشِي المالكي (1/ 103، ط. دار الفكر)، و"المجموع" للإمام النووي الشافعي (3/ 131، ط. دار الفكر)، و"كشاف القناع" للعلامة البُهُوتي الحنبلي (1/ 288، ط. دار الكتب العلمية).
فمَن أصاب مكان صلاته نجاسةٌ ظاهرةٌ وجبَ عليهِ إزالتها حال القُدْرة، وإلَّا لا تَصِحُّ صلاتُه.
وإن خَفِيَ موضعها، ففيه خلاف: فيرى المالكيةُ والشافعيةُ والحنابلةُ، وزُفَر من الحنفية أنَّ النجاسة إذا كانت في مكانٍ صغيرٍ وَخَفِيَ مكانها، فلا تُجزئ الصلاةُ فيهِ حتى يَغْسِلَهُ كله؛ إذ الأصلُ بقاءُ النجاسةِ ما بقيَ جُزءٌ منها، وإن كان المكان واسعًا فلا يجبُ غَسْلُه، ويُصَلِّي حيثُ شاء، لأنَّ ذلك يشقُّ عليهِ، ولأنه لو مُنِعَ الصلاةَ أفضى إلى أنْ لا يجدْ موضعًا يُصَلِّي فيه.
قال الشيخ الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (1/ 158، ط. دار الفكر): [محلُّ النجاسة سواء كان بدنًا، أو ثوبًا، أو أرضًا، أو غير ذلك إذا أريد تطهيره إنَّما يَطْهُر بغَسْله، ولا يطهر بغير الغَسْل] اهـ.
وقال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (1/ 403، ط. دار الكتب العلمية): [(ولو نَجَس) بفتح الجيم وكسرها (بعضُ ثوبٍ أو) بعضُ (بدنٍ) أو مكانٍ ضيقٍ (وجُهِل) ذلكَ البعضُ في جميعِ ما ذكرَ (وجبَ غَسْلُ كله) لتصحَّ الصلاةُ فيه؛ إذ الأصلُ بقاءُ النجاسةِ ما بقيَ جزءٌ منهُ، فإن كانَ المكانُ واسعًا لم يجبْ عليهِ الاجتهادُ، ولكن يُسنُّ، فله أن يُصلي فيه بلا اجتهادٍ] اهـ.
وقال العلامة ابن قُدَامة الحنبلي في "المغني" (2/ 64، ط. مكتبة القاهرة): [وإن خَفِيت النجاسةُ في فضاءٍ واسعٍ، صَلَّى حيثُ شاءَ، ولا يجب غَسْلُ جَمِيعِهِ، لأنَّ ذلكَ يَشُقُّ، فلو مُنِعَ من الصلاةِ أفضى إلى أن لا يجد موضعًا يُصَلِّي فيه، فأمَّا إن كان موضعًا صغيرًا، كبيتٍ ونحوهِ، فإنَّه يَغْسِلهُ كُله؛ لأنه لا يَشُقُّ غَسْلُه، فأشبهَ الثوبَ] اهـ.
ويرى فقهاء الحنفية -عدا زفر-: أنَّ الأرضَ تَطْهُر بالجفافِ دونَ حاجةٍ إلى غسلها، فلا يشترط إيراد الماء الطاهر عليها، ومن ثَم فيجوز الصلاةُ عليها إنْ أَصابتها نجاسةٌ جَفَّت وذهبَ أثرها، دونَ حاجةٍ إلى غَسلها.
قال العلامة الحَصْكَفِي في "الدر المختار" (1 / 311، ط. دار الفكر): [(و) تَطْهُر (أرض)، بخلاف نحو بساط (بيبسها) أي: جفافها ولو بريحٍ، (وذهاب أثرها، كلون)، وريح (لـ)أجل (صلاة) عليها] اهـ.
قال الإمام ابن عابدين مُحَشِّيًا عليه: [(قوله: ولو بريحٍ) أشار إلى أنَّ تقييد "الهداية" وغيرها بالشمس اتِّفاقي، فإنَّه لا فرق بين الجفاف بالشمس، أو النار، أو الريح، كما في "الفتح" وغيره] اهـ.
وقال الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع" (1/ 85): [ولو أصابت النجاسة الأرض فجفَّت وذهب أثرها تجوز الصلاة عليها عندنا. وعند زفر: لا تجوز] اهـ.
وبناءً على ما سبق: فمَن أصاب مكان صلاته نجاسة عَلِم موضعها فيكفي غَسْل هذا الموضع، فإن خَفِيَ موضعُ النجاسةِ؛ فإن كان المكان صغيرًا، فلا تُجزئ الصلاةُ فيه حتى يَغْسلَه كله، وإن كان المكان واسعًا فلا يجب غَسْله ويصلي حيث شاء، لأنَّ ذلك يشق عليه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم إذن الإمام لإقامة الجمعة؛ فيوجد ببلدنا مسجد كان قد تهدَّم بعض جوانبه، ولكن أجرينا تصليحه، وصار مسجدًا تامًّا صالحًا لإقامة صلاة الجمعة فيه. فهل تحتاج إقامة الجمعة إلى إذْن أو لا تحتاج؟ مع العلم بأنه يوجد بالبلد مسجد آخر تقام فيه صلاة الجمعة، ولكن لا يسع المكلفين من أهل البلد. أيَّدكم الله بروح من عنده.
ما حكم الصلاة والسلام على سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهيئة جماعية بين الركعات في صلاة التراويح؟
ما ضوابط قراءة الإمام في الصوات الجهرية؟ حيث يذكر البعض أنَّه يؤمّهم شاب حافظ لكتاب الله تعالى وعالم بأحكام التجويد، ولكنه يتكلّف في رفع صوته وفي الإتيان بأحكام التجويد فيحدث تكرار للكلمات في الآية، بما قد يؤدي إلى ضياع الخشوع. فما حكم هذا الأمر شرعًا؟
ما حكم قول المؤذن: "صلوا في رحالكم"، أو "الصلاة في بيوتكم"؟ وهل ورد ذلك في السنة النبويَّة؟ وما موضعها من الأذان؟ هل تكون بدل قوله: "حي على الصلاة، حي على الفلاح"، أم بعدها؟
ما حكم غسل القدمين في الوضوء لمريض السكري؟ فامرأة مريضة بالسكَّر والقلب، وتُعاني من التهابات مستمرة في القدمين خاصة بين الأصابع، وقد وصف لها الطبيب بعض المراهم، وأمرها بعدم غسلها بالماء أكثر من مرة واحدة في اليوم إذا لزم الأمر، فماذا تفعل عند الوضوء؟
ما حكم صلاة ركعتين عند الإحرام؟ وما الحكم لو أحرم المسلم من دون أن يصليها؟