حكم استخراج منظمات القلب السابق تركيبها قبل وفاة المريض وفي عمرها الافتراضي عدة سنوات

تاريخ الفتوى: 14 فبراير 2024 م
رقم الفتوى: 8256
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الطب والتداوي
حكم استخراج منظمات القلب السابق تركيبها قبل وفاة المريض وفي عمرها الافتراضي عدة سنوات

ما حكم استخراج منظمات القلب التي سبق تركيبها في وقت سابق على وفاة المريض وما يزال في عمرها الافتراضي عدة سنوات؟

الحكم الشرعي في استخراج جهاز تنظيم ضربات القلب من جسد الإنسان بعد موته يتوقف على مدى تحقق الضرورة التي تقتضي ترجيح مصلحة الحي على الميت في هذه الحالة، لما تقرر أنَّ حقَّ الحي مُقدَّمٌ على حقِّ الميت إذا تعارضَا ولم يمكن الجمع بينهما، رعايةً لرفع أعظم الضررين بارتكاب أخفهما.

مع مراعاة الضوابط الشرعية والمعايير الطبية والقوانين واللوائح المنظمة لمثل هذا الإجراء، والتي منها:

أولًا: تحقق الوفاة بحيث تكون روح صاحب الجهاز قد فارقت جسده مفارقةً تامةً تستحيل بعدها عودته للحياة.

ثانيًا: اتخاذ كافة الإجراءات والضوابط التي تُبْعِدُ هذه العمليةَ عن نِطَاقِ التَّلَاعُبِ بالإنسان.

المحتويات

 

حفظ النفس مقصد من مقاصد الشرع

مِن المقاصد الكلية التي اعتنى بها الشرع الشريف: حفظُ النفس وصَوْنُها عن كلِّ ما يؤذيها ويضرُّها عاجلًا أو آجلًا، فأمَرَ لأجل ذلك باتخاذ كافة الوسائل التي تحقق ذلك المقصد، والتي منها الوقاية مِن الأمراض قبل حصولها، والمسارعة إلى العلاج والتداوي منها إذا ما أصيب الإنسان بها، فهو مـأمورٌ باتخـاذ الوسائل المتاحة التي تحافظ على نفسه وحياته وصحته وتمنع عنه الأذى والضرر، لعموم حديث أسامةَ بنِ شَرِيكٍ رضي الله عنه أنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه كأنما على رؤوسهم الطيرُ، فسَلَّمتُ ثم قعدتُ، فجاء الأعرابُ من هاهنا وهاهنا، فقالوا: يا رسول الله، أنتداوى؟ فقال: «تَداوَوا؛ فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ لم يَضَع داءً إلَّا وَضَعَ له دَواءً غيرَ داءٍ واحِدٍ: الهَرَمُ»، والهَرَمُ: "الكِبَر" أخرجه الترمذي وأبو داود في "السنن".

التكييف الفقهي للمسألة المسؤل عنها وتصورها ونصوص الفقهاء في ذلك

في تقرير أهمية العلاج وأنَّه مما يحتاج إليه المكلف كاحتياجه للشرع في جلب المصالح ودرء المفاسد، قال الإمام عزُّ الدين ابن عبد السلام في "قواعد الأحكام" (1/ 6، ط. دار الكتب العلمية): [إن الطبَّ كالشرع وُضِع لجلب مصالح السلامة والعافية، ولدرء مفاسد المعاطب والأسقام، ولدرء ما أمكن درؤه من ذلك، ولجلب ما أمكن جلبه من ذلك] اهـ.

والعلاج إذا كان مأذونًا فيه ابتداءً كانت وسائله وما يتوقف عليه مأذونًا فيها أيضًا؛ لأن القاعدة أن الإذن في الشيء إذنٌ في مُكَمِّلات مقصوده، كما في "إحكام الإحكام" لابن دقيق العيد (2/ 288، ط. مطبعة السُّنَّة المحمدية).

ومِـن هـذه الوسائل استخدام جهازٍ منظِّمٍ لعمل القلب، وهو كما أفاد أهل الاختصاص من الأطباء: جهاز صغير الحجم يُزرع في منطقة الكتف للمريض عن طريق عملية جراحية، وذلك بإحداث شَقٍّ صغير يدخل من خلاله ويثبت به، ثُمَّ تُوَصل الأسلاك بحجرات قلبه عبر الأوردة التي تسمح بذلك، ويتكون ذلك الجهاز من جزأين:

الجزء الأول: مولد النبضات -البطارية-، وهو صندوق معدني صغير يتحكم في معدل الإشارات المرسلة إلى القلب.

والجزء الثاني: أسلاك التوصيل، وهي ثلاثة أسلاك أو أقل -تبعًا لنوع البطارية المستخدمة وحاجة المريض-، توضع في حجرات القلب بحيث تنقل إليها الإشارات الكهربائية الصادرة من مولد النبضات المتصل بها.

ومقتضى ذلك أن هذا الجهاز بعد تركيبه لدى المريض يكون في حُكْم الجزء من الجسد، حيث تتوقف حيوية قلب هذا المريض وانتظام نبضاته على بقائه صالحًا للعمل وفق المعايير الطبية المقررة.

ومسألة استخراج ذلك الجهاز من جسد الإنسان بعد وفاته من أجل الانتفاع به لمريضٍ آخر، أو لما يمثله من قيمةٍ ماليةٍ، تتخرج على ما قد بحثه الفقهاء في أحكام مسألة شقِّ بطن الميت لإخراج ما قد ابتلعه من مال نفسه، وقد اختلفوا في ذلك على قولين:

فذهب المالكية، والشافعية في وجهٍ (صححه الجرجاني والعبدري)، والحنابلة في وجهٍ إلى أنه إن ابتلع الإنسان مالًا له ثم مات، فإنه يُشق بدنه ويُخْرَجُ ما قد ابتلعه؛ صيانةً للمال وحفظًا له من الضياع، إضافة إلى أنه متى عُلِم بقاؤه وعدم استهلاكه تعلق حقُّ الورثة به فصار كمالِ الأجنبي، واشترط المالكية لاستخراجه أن يكون مالًا كثيرًا قد بلغ نصاب الزكاة.

قال العلامة الزرقاني المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (2/ 201، ط. دار الكتب العلمية): [(وبقر) أي: شق بطن الميت المبتلع بحياته مالًا (عن مال) له أو لغيره (كثُر) بأن كان نصابًا] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (2/ 141، ط. المكتب الإسلامي): [ولو ابتلع مال نفسه ومات، فهل يخرج؟ وجهان. قال الجرجاني: الأصح يخرج قلت: وصححه أيضًا العبدري] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "الكافي" (1/ 373، ط. دار الكتب العلمية) في حكم مَن ابتلع مالًا ومات: [إن كانت الجوهرة له ففيه وجهان: أحدهما: يُشق بطنه؛ لأنها للوارث فهي كجوهرة الأجنبي] اهـ.

وذهب الحنفية إلى أنَّ مَن ابتلع مالًا دون تَعدٍّ ثُمَّ مات لا يُشق بدنه لإخراجه اتفاقًا، ووافقهم ابن حبيب من المالكية والشافعية في وجهٍ -وهو الأصح- بأنه لا يخرج؛ لأنَّه لما ابتلعه في حياته صار في حكم المال المستهلك، فلم يتعلق به حق للورثة.

قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (2/ 238، ط. دار الفكر): [(قوله: ولو بلع مال غيره) أي: ولا مال له كما في "الفتح" و"شرح المنية"، ومفهومه أنه: لو ترك مالًا يضمن ما بلعه لا يشق اتفاقًا (قوله: والأولى نعم)؛ لأنه وإن كان حرمة الآدمي أعلى من صيانة المال لكنه أزال احترامه بتعديه كما في "الفتح"، ومفاده أنه: لو سَقَطَ في جوفه بلا تَعدٍّ لا يشقُّ اتفاقًا] اهـ.

وقال العلامة خليل المالكي في "التوضيح" (2/ 124، ط. مركز نجيبويه): [قال ابن القاسم، وأصبغ، وسحنون: يبقر إذا كان فيه دنانير. قال ابن القاسم: وكذلك إذ ابتلع جوهرة نفيسة أو وديعة. وقال ابن حبيب: لا يبقر. ولو كانت جوهرة تساوي ألف دينار] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (2/ 141): [ولو ابتلع مال نفسه ومات، فهل يخرج؟ وجهان... وصحح الشيخ أبو حامد، والقاضي أبو الطيب في كتابه "المجرد": عدم الإخراج، وقطع به المحاملي في "المقنع"، وهو مفهوم كلام صاحب "التنبيه"، وهو الأصح] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "الكافي" (1/ 373، ط. دار الكتب العلمية): [وإن بَلَع الميت جوهرة لغيره شق بطنه. وأخذت؛ لأنَّ فيه تخليصًا له من مأثمها.. فإن كانت الجوهرة له ففيه وجهان... والثاني: لا يشق؛ لأنه استهلكها في حياته فلم يتعلق بها حقُّ الوارث] اهـ.

حكم استخراج منظمات القلب السابق تركيبها قبل وفاة المريض وفي عمرها الافتراضي عدة سنوات

بتنزيل هذه المعاني التي قررها الفقهاء سابقًا على مسألتنا يظهر أنَّ الحكم الشرعي في استخراج جهاز تنظيم ضربات القلب من جسد الإنسان بعد موته يتوقف على مدى تحقق الضرورة التي تقتضي ترجيح مصلحة الحي على الميت في هذه الحالة، لما تقرر أنَّ حقَّ الحي مُقدَّمٌ على حقِّ الميت إذا تعارضَا ولم يمكن الجمع بينهما، رعايةً لرفع أعظم الضررين بارتكاب أخفهما، كما في "تكملة البحر الرائق" للعلامة الطوري الحنفي (8/ 233، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"الأشباه والنظائر" للإمام السيوطي الشافعي (ص: 87، ط. دار الكتب العلمية).

وهذا كله مشروطٌ برعاية الضوابط الشرعية والمعايير الطبية والقوانين واللوائح المنظمة لمثل هذا الإجراء، والتي منها:

أولًا: تحقق الوفاة بحيث تكون روح صاحب الجهاز قد فارقت جسده مفارقةً تامةً تستحيل بعدها عودته للحياة.

ثانيًا: اتخاذ كافة الإجراءات والضوابط التي تُبْعِدُ هذه العمليةَ عن نِطَاقِ التَّلَاعُبِ بالإنسان.

ومما سبق يُعْلَم الجواب عمَّا جاء بالسؤال.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم صلاة الجنازة في الشوارع بالنعال؟ حيث يصلي أهل إحدى القرى صلاة الجنازة بالأحذية والنعال عند المقابر بشارع خارجها، بحجة أن يلحق بهذه الصلاة أكبر عدد من رواد المساجد بالقرية والقرى المجاورة، بالإضافة إلى المشيعين؛ علمًا بأن شوارع هذه القرية لا تخلو من بعض روث البهائم والحمير والقطط والكلاب أو مياه المجاري والطين في الشتاء، بالإضافة إلى أنهم فلاحون بعضهم يدخل إلى حظائر الحيوانات بتلك النعال، وكذلك إلى دورات المياه بالمساجد وغيرها من دورات المياه العمومية، ناهيك عن رائحة الجوارب (الشرابات)، والتي تجاوز رائحة البصل بمراحل كبيرة، بالإضافة إلى إمكان وجود بعض الروث بمكان الصلاة، ورغم ذلك يصر أهل القرية على أداء هذه الفريضة بالنعال، فما حكم شرعنا المقدس الطاهر في هذه الصلاة؟ وهل يجوز أداء باقي الصلوات بهذه الكيفية؟


ما حكم تلقين الميت، مع ذكر السند؟


هل هناك دعاء معين أو قول معين يُقال عند دفن الميت، أو يُدفَن ويُترَك وينصرف الناس؟


سائل يقول: ورد في كتب الحديث أنّ النبي صلّى الله عليهِ وآله وسلّم ترك صلاة الجنازة على من مات وعليه دين؛ فما الحكمة من ذلك؟ وكيف نفهم هذا الحديث فهمًا صحيحًا؟


ما حكم الشرع في قيام بعض الصيادلة بشراء وبيع الأدوية المهربة مجهولة المصدر غير المصرح بها من وزارة الصحة؟ علمًا بأن تناول مثل هذه الأدوية قد يترتّب عليه الإضرار بالمرضى؛ لعدم مطابقة هذه الأدوية للمواصفات.


ما حكم الزكاة في عيادات الأسنان؟ وما كيفيتها؟ فهناك طبيب أسنانٍ يَملِك عيادةً، ويشتري لنشاطها كافةَ اللوازم الطبية لإجراء الفحوصات للمرضى والعلاج، سواء في ذلك الأدوات، أو المواد المستعمَلة في العلاج كالحشو والتركيبات وغير ذلك، ويسأل: هل تجب عليه زكاة هذه العيادة بمشتملاتها؟ وإذا وَجَبَت فما آلية حساب الواجب عليه من الزكاة شرعًا؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 19 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :54
الظهر
12 : 56
العصر
4:32
المغرب
7 : 59
العشاء
9 :33