ما حكم أجرة مستودع في مشروع بين شريكين؟ فشخصان تشاركا على تعهُّدِ بناءٍ للحكومة أحدهما مهندس والآخر عامل ومُموِّل، وبعد عقد الشركة بينهما تذاكرا في استئجار مستودع لموادِّ البناء وآلاتِه، ثم فَطن العاملُ أن عنده مكانًا يصلح لأن يكون مستودعًا فذكره لشريكه المهندس فرضي شريكُه بذلك، وقد استعملا هذا المكان ولكن لم يذكرا شيئًا عن مقدار أجره، وبقي هذا الأجرُ مجهولًا إلى أن انتهت شركتهما وأرادا الانفصال. وقد طالب صاحب المستودع شريكه المهندس بدفع نصف أجرة المستودع فرضي شريكه بذلك بادئ الأمر، وبعث رجلًا مُختصًّا فخمَّن أُجرَته ورضي صاحبُ المستودع بذلك التخمين أيضًا، ثم قال له بعضُ أهلِ العلمِ إن هذا طالما من الشريك يعتبر تبرُّعًا، وإنكم سُئلتُم بوصفكم أمين إفتاء حماة فأفتيتم بأن هذا من قبيل الإجارة الفاسدة وفيها أجرُ المِثل؛ حيث لم يُذكر فيها بدلُ الإيجار، وليس هذا من قبيل التبرُّع؛ حيث لم يُذكر التبرع نصًّا ولا دلالةً ولا العرفُ يدلُّ عليه، بل يدل على الإجارة، وفي آخر الكتاب الرغبةُ في الإجابة عن هذه الواقعة.
إذا كان العرف قد جرى على أن مثل هذا المستودع لا يكون استعماله إلا بأجرة، يجب لصاحبه في الحالة المذكورة أُجرةُ المِثل.
المحتويات
إن الإجارة باتفاق الفقهاء -مع اختلاف العبارة-: عقدٌ يفيد تمليكَ المنفعة بعوضٍ، وأركانهُا عند فقهاء الحنفية الإيجابُ والقبولُ، وما عداهما يدخل في الشروط، بينما فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة رأوا أن أركانها الإيجاب والقبول والعاقدان والأجرة والمنفعة.
وللإجارة شروط في العاقدَين وفي الصيغة وفي المنفعة التي هي محلُّ الإجارة وشروط في بدل المنفعة وهو الأجرة، وبعض الفقهاء يقرر شروطًا للنفاذ وشروطًا للزوم، والذي يَهم الآن ذكرُه إجمالًا هو شروط المنفعة وشروط الأُجرة.
الأول: فيشترط أن تكون المنفعةُ معلومةً عند التعاقد علمًا يرفعُ الجهالة المفضية للنزاع؛ وعلم المنفعة يكون ببيان العين التي وقعت الإجارة على منفعتها، ومن عناصرها بيان المدة وذلك مع اختلاف عبارات هذا الشرط بين فقهاء المذاهب.
والشرط الثاني: أن يكون استيفاءُ المنفعة مقدورًا.
والثالث: تكون المنفعةُ مقصورةً؛ بمعنى أن يعتاد استيفاؤها بعقد الإجارة، والتعامل بها يجري بين الناس.
الرابع: ألا تكون المنفعة مطلوبًا فعلها قبل الإجارة.
الخامس: عدم انتفاع الأجير بالعمل المقصور عليه مع اختلاف عبارات فقهاء المذاهب في مُؤَدَّى هذا الشرط وما يخرج به.
السادس: أن تكون المنفعةُ مملوكةً للمؤجِّر.
الأجرة في عقد الإجارة؛ كالثمن في عقد البيع، ويشترط في الحنفية أن تكون مالًا مُتقوَّمًا معلومًا.
ويُجمِع فقهاء المذاهب على اشتراط أن تكون الأجرة معلومة في عقد الإجارة؛ كالثمن في البيع وإن وقع الخلاف في مالية الأجرة وتقومها أو كانت في الذمة. "بدائع الصنائع" للكاساني فقه حنفي (جزء 4)، و"الشرح الكبير" للدردير بـ"حاشية الدسوقي" فقه مالكي (جزء 4)، و"نهاية المحتاج" فقه شافعي (جزء 5)، و"كشاف القناع" فقه حنبلي (جزء 2 في الإجارة).
لَمَّا كان ذلك وكان الثابت في الواقعة المطروحة أن الشريك مالك المستودع لم يُجرِ مع شريكه الآخر صيغة عقد إجارة على ما هو بادٍ من السؤال، وأنَّ رضا هذا الشريك قد ينصرف إلى ارتضائه مجرد استعمال المكان المعروض مستودعًا، فإن كان العرف قد جرى على أنَّ مثل هذا لا يكون استعماله إلا بأجرة اعتُبِرَت إجارة معاطاة كبيع المعاطاة، ويؤكد هذا العرف -إن كان- أنهما تذاكرا في استئجار مستودع قبل أن يفطن الشريك العامل لوجود هذا المستودع لديه، وإذا اعتبرت إجارة معاطاة بهذا النظر وقعت إجارة فاسدة؛ لأن الأجرة لم تكن معلومة وقت العقد بافتراض تحقق باقي الشروط السابق إجمالها في نصوص المنفعة المتعاقد عليها.
هذا، ويُجْمِع فقهاء المذاهب الأربعة على أن الإجارة الفاسدة متى نفذت وجب فيها أجرة المثل على اختلاف بينهم في تسميتها في هذه الحال هل هي أجرة أو بدل أو عِوض.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم صناعة أو بيع أو إجارة ما يكون له استعمالان: استعمال مباح واستعمال محرم من السلع والأشياء؟ وهل يأثم من يقوم بهذا الفعل؟
ما حكم أخذ مبلغ مقابل التنازل عن شقة بالإيجار؟ فنحن كنا نسكن مع والدنا في شقة بالإيجار، وقد توفي والدي، وكان قد ترك لنا قطعةَ أرضٍ فضاء قمنا ببنائها لمسكنٍ مناسبٍ في بلدنا وانتقلنا إليه وأغلقنا الشقة، والآن جاء صاحب الشقة وقال لأمي وأخي الأكبر: أنا أريد الشقة وسوف أعطيكم مبلغًا من المال مقابل التنازل عن العقد، فوافقت أمي وأخذت المبلغ الذي أعطاه لها، وتنازلت عن العقد. وتطلب السائلة بيان رأي الشرع في ذلك؟
ما حكم أخذ ما تركه المستأجر بعد انتهاء عقد الإجارة ومغادرة المكان؟ فهناك إحدى الشركات استأجرَت قطعةَ أرضٍ كمخزنٍ للمعدات والمؤن، وبعد انتهاء مدة الإجارة انصرفت الشركة وغادرت المكان، لكنها تركت بعض الأدوات، ومَضَت مدةٌ ولَمْ تَطلُبها، فهل يجوز لصاحب الأرض أن يأخذها لنفسه؟
اشترى السائلُ كراكةً بثمن مؤجل يزيد عن ثمنها المعجل، ويريد تشغيلها، فاتفق مع الأهالي على إيجار تشغيلها الحالّ النقدي المعجل الساعة بخمسة وعشرين جنيهًا، وعلى إيجارها المؤجل الساعة بخمسة وثلاثين جنيهًا. ويسأل عن حكم هذا الاتفاق شرعًا، وهل يدخل في دائرة الربا المحرم؟
ما حكم بيع مالك الأرض الأسمدة المدعمة للمستأجر بسعر السوق؟ فأنا مالك لأرضٍ زراعية، والجمعيات الزراعية تقوم بإعطائي الكيماوي والسِّمَاد بأسعار مدعمة، وقد أجَّرتُ أرضي لأحد الأشخاص، وأقوم بأخذ حصتي من الكيماوي من الجمعية وأبيعها بسعر السوق للمستأجر، فما حكم ذلك؟
ما حكم إعادة تأجير العين المستأجرة بعلم صاحبها؟ فهناك رجلٌ يَعمل في تأجير الدراجاتِ الناريةِ في المصايف في فصل الصيف، لكن ليس لديه مالٌ ليشتري به تلك الدراجات التي يؤجِّرها، فيذهب إلى أحد الأشخاص الذين يملِكونها ويؤجِّرونها للغير، ويَعمل عقدَ إيجارٍ لعددٍ كبيرٍ منها لمدةٍ معينةٍ، ويستلمُها، ومِن ثَمَّ يؤجِّرها بثمنٍ أكثرَ مما استأجرها به، وفرق ثمن الإجارة الأُولى والثانية هو رِبحُه في هذا العمل، والمالِك الذي يستأجِرُ منه يَعلم أنه يفعلُ ذلك، فهل هذا جائز شرعًا؟