ما حكم أخذ مبلغ مقابل التنازل عن شقة بالإيجار؟ فنحن كنا نسكن مع والدنا في شقة بالإيجار، وقد توفي والدي، وكان قد ترك لنا قطعةَ أرضٍ فضاء قمنا ببنائها لمسكنٍ مناسبٍ في بلدنا وانتقلنا إليه وأغلقنا الشقة، والآن جاء صاحب الشقة وقال لأمي وأخي الأكبر: أنا أريد الشقة وسوف أعطيكم مبلغًا من المال مقابل التنازل عن العقد، فوافقت أمي وأخذت المبلغ الذي أعطاه لها، وتنازلت عن العقد. وتطلب السائلة بيان رأي الشرع في ذلك؟
يجوز شرعًا للأم أخذ هذا المال؛ لأنه مقابل تنازلها للمالك برضاها عن استمرار حقِّها في الانتفاع بعقد الإيجار الممتد بقوة القانون، بشرط أن لا تكون مدة الانتفاع بالعقد قد تجاوزت تسعين سنة.
عقدُ الإيجار في الشريعة الإسلامية يجب أن يكون مؤقتًا بمدة، ولا يجوز أن يكون من غير أجلٍ محددٍ على التأبيد، فإذا نُص في العقد أنه مؤبَّد بطل، وإذا نُص فيه على مدةٍ محددةٍ يجب الالتزام بها، وإذا صدرت قوانين تمد أجله بشروط معينة فإن لولي الأمر أن يقيد المباح، وتُنزَّلُ حينئذٍ مدة العلاقة الإيجارية منزلة المدة الطويلة التي تمتد إلى خمسين سنة عند بعضهم، وإلى تسعين عند آخرين، والعلاقة بين المؤجر والمستأجر لازمة من طرف المؤجر، جائزة من طرف المستأجر.
وعليه: فإن للمستأجر أن يبيع باقي المدة التي بين بدء عقده وبين التسعين سنة المذكورة لصاحب المِلك أو للغير بحسب الحال، وهذا النظر يصحح عقود الإيجار المعمول بها الآن في عصرنا، ولا يُبطِل على الناس جُلَّ عقودهم من ناحية، ولا يعارض ما ارتآه ولي الأمر لتحصيل المصالح الاقتصادية والاجتماعية لاستقرار الأمن في البلاد من ناحية أخرى، والأخير غرض شريف مطلوب في الشريعة، ومرغوب إليه فيها.
إن ما يؤخذ اليوم مما يسمَّى بالفروغ أو خلو الرجل أو اليد لا مانع منه شرعًا -في تقديري- فللمالك المؤجِّر أن يأخذ من المستأجر مقدارًا مقطوعًا من المال مقابل الخلو أو الفروغ، ويُعدُّ المأخوذ جزءًا معجلًا من الأجرة المشروطة في العقد.
وأما ما يدفع في المستقبل شهريًّا أو سنويًّا فهو بالإضافة إلى ما تم تعجيله يعد جزءًا آخر مكملًا من الأجرة مؤجل الوفاء.
وأما ما يأخذه المستأجر من الفروغ مقابل تنازله عن اختصاصه بمنفعة العقار المأجور لشخص آخر يحل محله فهو جائزٌ أيضًا؛ إذا كانت مدة الإجارة باقية، وإلا كان غصبًا حرامًا، فقد صرح الشافعية أثناء كلامهم عن صيغة عقد البيع بما يقارب هذا المعنى فقالوا: لا يبعد اشتراط الصيغة في نقل اليد في الاختصاص -أي عند التنازل عن حيازة النجاسات لتسميد الأرض- كأن يقول: رفعت يدي عن هذا الاختصاص، ولا يبعد جواز أخذ العوض عن نقل اليد كما في النزول عن الوظائف.
إلا أن ذلك كله مقيدٌ شرعًا ضمن مدة الإيجار المتفق عليها، وتنازل المستأجر لغيره بعوض بعد انتهاء المدة مرهونٌ برضا المالك.
وبالرغم من أن أصل المذهب الحنفي لا يجيز الاعتياض عن الحقوق المجردة؛ كحقِّ الشفعة وكذا لا يجيز بيع الحق، فإن كثيرًا من الحنفية أفتى بجواز النزول عن الوظائف بمال؛ كالإمامة والخطابة والأذان ونحوها.
وتستند هذه الفتوى إلى الضرورة وتعارف الناس وبالقياس على ترك المرأة قَسْمها لصاحبتها؛ لأن كلًّا منهما مجرد إسقاط للحق، وقياسًا على أنه يجوز لمتولي النظر على الأوقاف عزل نفسه عند القاضي، ومن العزل الفراغ لغيره عن وظيفة النظر أو غيره، وقد جرى العرف بالفراغ بعِوض.
جاء في كتاب "الفقه الإسلامي وأدلته" لفضيلة الدكتور وهبة الزحيلي (4/ 752): [هذا، وقد وجدت رسالة للمتأخرين من علماء المالكية بعنوان "جملة تقارير وفتاوى في الخلوات والإنزالات عند التونسيين" لمفتي المالكية إبراهيم الرياحي بتونس المتوفى سنة 1266هـ، والشيخ محمد بيرم الرابع التونسي، والشيخ الشاذلي بن صالح باس مفتي المالكية بتونس، والشيخ محمد السنوسي قاضي تونس، يقررون فيها جواز المعاوضة عن الخلوات عملًا بالعُرف والعادة؛ ولأن المستأجر يملك المنفعة، فله أن يتنازل عنها بعوض؛ كالإجارة، وبغير عوض كالإعارة؛ فقد نقل البناني عن البرزلي في النزول عن الوظيفة ما يقتضي جوازه، ونقل فتوى الفاسيين بجواز بيع الخُلوِّ. وقال الشيخ محمد بيرم: "وما أشبه الخلو بالمغارسة، غير أن الخلو لا تحصل به ملكية الرقبة لتعلقه بالمنفعة"] اهـ.
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في جدة رقم 6 لعام 1408هـ الموافق 1988م:
[أولًا: إذا اتفق المالك والمستأجر على أن يدفع المستأجر للمالك مبلغًا مقطوعًا زائدًا عن الأجرة الدورية -وهو ما يسمى في بعض البلاد خُلوًّا- فلا مانع شرعًا من دفع هذا المبلغ المقطوع، على أن يعد جزءًا من أجرة المدة المتفق عليها، وفي حالة الفسخ تطبق على هذا المبلغ أحكام الأجرة.
ثانيًا: إذا تم الاتفاق بين المالك وبين المستأجر أثناء مدة الإجارة على أن يدفع المالك إلى المستأجر مبلغًا مقابل تخليه عن حقِّه الثابت بالعقد في ملك منفعة بقية المدة فإن بدل خلوِّ الرِّجْل هذا جائزٌ شرعًا؛ لأنه تعويضٌ عن تنازل المستأجر برضاه عن حقه في المنفعة التي باعها للمالك.
أما إذا انقضت مدة الإجارة ولم يتجدد العقد صراحة أو ضمنًا عن طريق التجديد التلقائي حسب الصيغة المفيدة له، فلا يحل بدل الخلو؛ لأن المالك أحقُّ بملكه بعد انقضاء حقِّ المستأجر.
ثالثًا: إذا تم الاتفاق بين المستأجر الأول وبين المستأجر الجديد أثناء مدة الإجارة على التنازل عن بقية مدة العقد لقاء مبلغ زائد عن الأجرة الدورية، فإن بدل الخلو هذا جائز شرعًا، مع مراعاة مقتضى عقد الإيجار المبرم بين المالك والمستأجر الأول، ومراعاة ما تقضي به القوانين النافذة الموافقة للأحكام الشرعية.
على أن في الإجارات الطويلة المدة خلافًا لنص عقد الإجارة طبقًا لما تسوغه بعض القوانين، لا يجوز للمستأجر إيجار العين لمستأجر آخر، ولا أخذ بدل الخلو فيها إلا بموافقة المالك، أما إذا تم الاتفاق بين المستأجر الأول وبين المستأجر الجديد بعد انقضاء المدة فلا يحلُّ بدل الخلو؛ لانقضاء حق المستأجر الأول في منفعة العين، وأخذ مقابل عن المدة المتبقية في العقد هو الأصل في فقه الشريعة فهو مباح، فإذا صدر من ولي الأمر ما يمنعه فلا يجوز الافتيات على الإمام في ذلك، فيحرم من جهة حرمة مخالفة ولي الأمر] اهـ.
وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز لأم السائلة أخذ مقابل إذا ما تبقى من عقد الإيجار مدة ولو كانت بقوة القانون؛ لأن القانون ينزل منزلة العرف، ومعلوم أن المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا.
فإن لم يكن هناك مدة في ذلك العقد بين إنشائه وبين التسعين سنة فلا يكون هناك موجب لأخذ المال من المالك ولا من غيره.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم بيع مالك الأرض الأسمدة المدعمة للمستأجر بسعر السوق؟ فأنا مالك لأرضٍ زراعية، والجمعيات الزراعية تقوم بإعطائي الكيماوي والسِّمَاد بأسعار مدعمة، وقد أجَّرتُ أرضي لأحد الأشخاص، وأقوم بأخذ حصتي من الكيماوي من الجمعية وأبيعها بسعر السوق للمستأجر، فما حكم ذلك؟
اشترى السائلُ كراكةً بثمن مؤجل يزيد عن ثمنها المعجل، ويريد تشغيلها، فاتفق مع الأهالي على إيجار تشغيلها الحالّ النقدي المعجل الساعة بخمسة وعشرين جنيهًا، وعلى إيجارها المؤجل الساعة بخمسة وثلاثين جنيهًا. ويسأل عن حكم هذا الاتفاق شرعًا، وهل يدخل في دائرة الربا المحرم؟
سائل يقول: لديَّ مزرعة نخيل، وهذا النخيل بلغ مرحلة يصلح فيها للإثمار، وأقوم بالاتفاق مع بعض العمَّال على أن يرعاها ويقلِّمها ويلقِّحها ويقوم بما يلزم مِن رعايتها طول الموسم، وذلك على نسبةٍ مِن ناتجها، كالثلث أو نحوه مِمَّا يتم الاتفاق عليه، فما حكم ذلك شرعًا؟
سأل في ناظرةٍ على وقف أجرت أطيانًا لمدة طويلة مقدارها ثلاث عشرة سنة بإذن من القاضي الشرعي الذي يملك ذلك، وبعد مضي سنتين تقريبًا من هذا العقد مات المستأجر للأطيان المذكورة، فأجرت الناظرة الأطيان المذكورة لشخص ليس من ورثة المستأجر الأول مدة تبتدئ والأرض خالية من الزرع، واقتصرت في التأجير الثاني على ثلاث سنين فقط، فهل تأجيرها للمستأجر الأول انفسخ بموته، أو يحتاج لفسخ القاضي له حيث إنه كان بإذن منه؟ وهل تأجيرها للمستأجر الثاني بعد موت المستأجر الأول وخلو الأرض من الزراعة صحيح شرعًا أو لا؟ أرجو إفادتي عن الحكم الشرعي في ذلك. أفندم.
ما حكم تلقيح الحيوان مقابل مال؛ فأنا مهندس مصري الجنسية بالولايات المتحدة الأمريكية، ولدي مزرعة لتربية الخيول العربية الأصيلة، وتوجد في ولاية أخرى مزرعة لتربية الخيول العربية ولديهم حصان عربي أصيل، وقد صرف عليه صاحبه مبلغًا من المال حتى أصبح في مستوى عال، ويريد السائل أن يرسل أحد خيوله من مزرعته إلى هذه المزرعة الأخرى؛ لتنجب من هذا الحصان المشهور لمدة شهرين تقريبًا حتى يتم اللقاح مقابل مبلغ من المال يدفعه السائل لصاحب الحصان وإعادة الخيول إلى مزرعته. ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي، وهل هذا حلال أم حرام؟
ما مدى إلزام الأم بإرضاع ولدها حال قيام الزوجية؟ حيث إن هناك رجلًا رزقه الله بمولود، وزوجته ترضع ولده هذا، ويخاف من الوقوع في الظلم في حال عدم إعطائها أجر على الرضاعة؛ فهل تستحق الزوجة الأجرة على ذلك؟ وهل لها الحق في المطالبة بالأجرة؟