ما حكم إفطار المسافر بعد نيته السفر وقبل شروعه فيه؟ فرجلٌ كثير السفر بسبب عمله، وأحيانًا يكون سفره في شهر رمضان، ويسأل: هل يُباحُ له الترخُّص بالفطر قبل شروعه في السفر؟
لا يُباحُ الترخُّص بالفطر قبل الشروع في السفر والتلبس به فعلًا، وذلك بمجاوزة محلَّ إقامته؛ لأن من شروط الترخُّص بالفطر في رمضان للمسافر أن يَشْرَع في السفر ويتلبس به حقيقةً بمفارقة محلِّ الإقامة، ولا يكفي مجرد نية السفر أو العزم عليه.
المحتويات
رخَّصَ اللهُ سبحانه وتعالى للصائم المسافر -في غير معصية- أن يُفطر مَتَى كانت مسافةُ سَفَرِهِ تُقصَر في مثلها الصلاةُ، والمفتى به أنَّ هذه المسافة لا تَقِلُّ عن مرحلتَيْن، وتُقَدَّران بنحو ثلاثةٍ وثمانين كيلومترًا ونصف الكيلومتر، ثم يَقضي ما أفطره بعد رمضان؛ لقول الله تعالى في مُحكَم التنزيل: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185].
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند"، وأبو داود والترمذي -وحسَّنه- والنسائي وابن ماجه في "السنن"، وابن خزيمة في "الصحيح".
مِن المقرَّر شرعًا أنَّ الرُّخصَ منوطةٌ بأسبابها، فلا تثبُت إلا بتحقُّقِها، ولا تُرفَعُ إلا بزوالها، وما دام السبب قائمًا يَبْقَى الترخُّصُ مباحًا، فإذا انقطع السببُ بثبوت الإقامة في حق المكلَّف يَنقطِع تبعًا لذلك الترخُّصُ الذي كان مِن أجْله، إذ "إنَّ شرعيَّةَ الرُّخص جزئيَّةٌ يُقتَصَرُ فيها على مَوضِعِ الحاجَة"، كما قال الإمام الشاطبي في "الموافقات" (1/ 468، ط. دار ابن عفان)، ومِن ثمَّ فإنَّ رخصة الفطر للمسافر لا تثبت بمجرد النية وحدها أو العزم على السفر قبل الشروع فيه، بل لا بد مِن التلبُّس بالسفر والشروع فيه فعلًا بمجاوزة محلِّ الإقامة؛ لأنه يصدق عليه حينئذٍ أنه مسافِر، وهذا ما عليه جماهير الفقهاء مِن المذاهب الفقهية المتبوعة، على تفصيلٍ بينهم في الوقت الذي يُباح للمُتَلَبِّسِ بالسفر فيه الترخُّصُ بالفطر، هل هو مقيدٌ بطلوع الفجر وما قَبْله مِن الليل أو مُطْلَقٌ عن هذا القيد.
قال شمس الأئمة السَّرَخْسِي الحنفي في "المبسوط" (1/ 239، ط. دار المعرفة): [الأصل أنَّ النِّية متى تجرَّدت عن العمل لا تكون مؤثِّرةً، فإذا نوى الإِقامة في موضع الإقامةِ فقد اقترنت النِّيَّةُ بعملِ الإقامةِ فصار مُقِيمًا، وإذا نوى السَّفر فقد تجرَّدت النِّيَّة عن العمل ما لم يخْرُجْ، فلا يصِيرُ مسافِرًا] اهـ.
وقال العلامة علي بن خلف المُنُوفِي المالكي في "كفاية الطالب الرباني" (1/ 453، ط. دار الفكر، مع "حاشية العلامة العدوي"): [(ومَن سافَر سفرًا) أي: تَلَبَّسَ بسَفَرٍ وقت انعقاد النِّية، (تُقْصَرُ فيه الصلاة) وهو أربعةُ بُرُدٍ فأكثر ذاهبًا أو راجعًا، ولم يكن سَفَرَ معصيةٍ، وباتَ على الفطر (فـ) يُباح (له أن يفطر)] اهـ.
قال العلامة العدوي مُحَشِّيًا عليه: [(قوله: أي تَلَبَّسَ بسفرٍ وقت انعقاد النِّية) بأن وَصَل إلى محلِّ بدءِ القصرِ قبل طلوع الفجر، أو مع طلوع الفجر؛ لأنَّ وقت انعقاد النِّية هو قبل طلوع الفجر أو مَعَهُ] اهـ.
وقال شمس الدين الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (2/ 445، ط. دار الفكر): [إنْ لم يَشْرَعْ في السفر قبل الفجر بل عَزَمَ عليه، فيلزمه أنْ يُبَيِّتَ الصوم] اهـ.
وقال الإمام الرَّافِعِي الشافعي في "الشرح الكبير" (6/ 427، ط. دار الفكر): [ولو نوى المقيمُ بالليل، ثم سافَر قبل طُلوع الفجر، فإنْ فارَقَ العُمران قَبْل الطُّلُوع فله أن يُفطر، وإنْ فارَقَه بعد الطُّلُوع فلا؛ لأنَّ ابتداء صومه وَقَع في الحَضَر] اهـ.
وقال الإمام ابن قُدَامَة الحنبلي في "المغني" (3/ 117، ط. مكتبة القاهرة) في بيان أحكام الصيام للمسافر: [لا يباح له الفطر حتى يُخَلِّفَ البيوت وراء ظَهره، يعني أنه يُجَاوِزُها ويَخْرُجُ مِن بين بُنْيَانِهَا] اهـ.
وقال العلامة أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 360، ط. دار الكتب العلمية): [و(لا) يجوز له الفطر (قَبْلَه) أي: قبل خروجه؛ لأنَّه مُقِيم] اهـ.
بناءً على ذلك: فإنه يشترط للترخُّص بالفطر في رمضان للمسافر أن يَشْرَع في السفر ويتلبس به حقيقةً بمفارقة محلِّ الإقامة، ولا يكفي مجرد نية السفر أو العزم عليه، كما سبق بيانه.
وفي واقعة السؤال: لا يُباحُ للرجل المذكور الترخُّص بالفطر قبل شروعه في السفر وتلبسه به فعلًا، وذلك بمجاوزته محلَّ إقامته.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم إفطار مريض السكر في شهر رمضان؟ حيث أبلغ من العمر 59 عامًا، وأعيش في كندا منذ 30 عامًا، وأحافظ على ديني، ولأنني مريض بالسكر أعاني كثيرًا من الصيام، وطبيبي الكندي نصحني بعدم الصيام فتوقفت عن الصيام، لكني أشعر بالأسف. فما هو وضعي؟
ما حكم إفطار طلاب المدارس والجامعات أيام الامتحانات؟ فإنهم سيؤدون بعض الامتحانات هذا العام في أيامٍ من رمضان، ولا بد لهم فيها من بذل الجهد في المذاكرة والتحصيل استعدادًا للامتحان. فهل يُعَدُّ ذلك عذرًا يبيح لهم الفطر شرعًا في هذه الأيام؟
هل التخدير الطبي لإجراء العمليات في نهار رمضان يبطل الصيام؟ فقد قمت بإجراء عملية جراحية في نهار رمضان، وقد أخذت المخدر اللازم لإجراء هذه العملية حتى غبت عن الوعي تمامًا، وقد أفقتُ من هذا المخدر قبل أذان المغرب، ولم أتناول أكلًا ولا شُربًا، وكنت قد نويتُ الصيام من الليل، فما حكم صوم هذا اليوم؟ هل تؤثر هذه الفترة التي غبتُ فيها عن الوعي على صحة الصوم؟ أفيدوني أفادكم الله.
ما حكم قطع الصيام بمجرد نية الإفطار؟ فقد حدثتني نفسي بالإفطار أثناء صومي أحد أيام شهر رمضان، وفكرتُ في ذلك لكني لم آتِ بفعل يقع به الإفطار؛ فهل مجرد النية بقطع الصيام يُبطله؟ وهل يلزمني قضاء هذا اليوم أو لا؟
ما حكم صيام من ابتلع من ماء المضمضة دون قصد؟ فهناك رجلٌ في وضوئه للصلاة المفروضة سبقه بعض ماء المضمضة إلى حلقه دون قصدٍ منه في نهار رمضان، فهل يؤثر ذلك في صحة صومه شرعًا؟