حكم الاستفادة بالرخص الشرعية في السفر لمَن سلك الطريق الأطول بقصد ذلك

تاريخ الفتوى: 05 سبتمبر 2023 م
رقم الفتوى: 7950
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصلاة
حكم الاستفادة بالرخص الشرعية في السفر لمَن سلك الطريق الأطول بقصد ذلك

ما حكم مَن سلك الطريق الأطول ليترخص برخص السفر؛ فهناك رجلٌ سافر لزيارة أقاربه، وبلدتهم لها طريقان، أحدهما طويلٌ يبلغ مسافة القصر، والآخر قصيرٌ لا يَبلُغها، فسَلَك الطريق الأطول مِن أَجْل أنْ يترخص برُخَصِ السَّفر ويَعمل بأحكامه مِن نحو قصر الصلاة والفطر في رمضان، لا مِن أَجْل غرضٍ آخَر، فهل له الترخُّصُ برُخَص السفر والعملُ بأحكامه في هذه الحالة؟

المسافر الذي يَسْلُكُ الطريقَ الأطول في سفرٍ له طريقان: أحدهما يبلغ مسافة القصر، والآخَر لا يبلغها، وذلك مِن أَجْل أن يترخَّص برُخَص السفر ويَعمَلَ بأحكامه، -لا لأيِّ غرضٍ آخَر- يجوز له شرعًا الترخُّصُ بهذه الرُّخَص والعملُ بتلك الأحكام مِن نحو قَصرِ الصلاة والفِطر في شهر رمضان، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج.

المحتويات

 

رفع الحرج والتيسير في الشريعة الإسلامية

اختَصَّ اللهُ سبحانه وتعالى أمَّةَ الإسلام برفع الحَرَج، والتيسيرِ في أمور الدِّين على المكلَّفين؛ فقال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78].

قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (12/ 100، ط. دار الكتب المصرية): [قوله تعالى: ﴿مِنْ حَرَجٍ﴾ أي: مِن ضيقٍ.. وهي مما خص الله بها هذه الأمَّة] اهـ.

وقال الإمام الشاطبي في "الموافقات" (1/ 541، ط. دار ابن عفان): [رَفْعُ الحَرَج عن المكلَّفين إنما هو مِن خصائص الشريعة الإسلامية الغَرَّاء، وهو مقصود الشارع في الكُلِّيَّات، فلا تَجِدُ كُلِّيَّةً شرعيةً مكلَّفًا بها وفيها حَرَجٌ كُلِّيٌّ أو أَكْثَرِيٌّ البَتَّة] اهـ.

وعن أَبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «إنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".

المسافة التي يترخص فيها المسافر برخص السفر

السفر الذي يُتَرخَّص فيه برُخَص السفر ويُعمَل فيه بأحكامه مِن نحو قصر الصلاة والفطر في رمضان، هو ذلك السَّفر الذي يكون لمسافةٍ يُقصَر فيها الصلاة -على تفصيلٍ بين الفقهاء في تقديرها، والمفتى به أنها لا تَقِلُّ عن مرحلتَيْن، وتُقَدَّران بنحو ثلاثةٍ وثمانين كيلومترًا ونصف الكيلومتر-، قال تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وقال تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: 101].

من سلك الطريق الأطول ليترخص برخص السفر

إذا كان للمكان الذي يقصده المسافرُ لغرضٍ مباحٍ طريقان: أحدُهما لا يَبلُغ المسافةَ المذكورة، والآخَرُ يَبلُغُها أو يَزيدُ عليها، فسَلَك المسافرُ الطريقَ الأطول منهما، وذلك بِقَصْدِ التَّرَخُّصِ برُخَصِ السفر والعَمَلِ بأحكامه -على تفصيلٍ بين الفقهاء في رُخَص السفر وأحكامه- لا لأيِّ غرضٍ آخَر، فإنه يجوز له الترخُّصُ بهذه الرُّخَصِ والعَمَلُ بتلك الأحكام؛ لأنه في هذه الحالة يوصَف بكونه مُسافِرًا، ولا حرج عليه في ذلك شرعًا، ذلك "أن صحةَ الأغراض وحدوثَ الأعذار لا تُعتَبَر في الأسفار إذا كانت مباحة"؛ كما قال الإمام المَاوَرْدِي في "الحاوي الكبير" (2/ 387، ط. دار الكتب العلمية)، وهو مذهب الحنفية والحنابلة، وقول الإمام أشهب مِن المالكية في تخريجٍ له على مَن لبِس الخُفَّيْن لا يقصد مِن ذلك إلا الترخُّص بالمسح عليهما، والإمام الشافعي في قولٍ رجَّحه الإمام المُزَنِي وصحَّحَه الإمام المَاوَرْدِي، إذ نصُّوا جميعُهُم على أنَّ المسافرَ يَقصرُ الصلاة في هذه الحالة، ومَن ثَبَت في حَقِّه قَصرُ الصلاة للسفر، جاز له الفطر في رمضان.

وقد أجمع الفقهاء على أنَّ المسافر إنما يُفطِر في السَّفر الطويل الذي يُبِيحُ قَصرَ الصَّلاة -على تفصيلٍ بينهم في مقدار السفر الطويل-، كما في "مراتب الإجماع" للإمام ابن حزم (ص: 40، ط. دار الكتب العلمية)، و"الإقناع في مسائل الإجماع" للإمام ابن القَطَّان (1/ 229، ط. الفاروق الحديثة).

قال الإمام علاء الدين الحَصْكَفِي الحنفي في "الدر المختار" (ص: 105، ط. دار الكتب العلمية): [ولو لموضِعٍ طريقان: أحدهما مدَّةَ السَّفر، والآخَر أقل، قَصَرَ في الأول لا الثاني] اهـ.

وقال الإمام أبو عبد الله المَوَّاق المالكي في "التاج والإكليل" (2/ 498-499، ط. دار الكتب العلمية): في حكم مَن سَلَكَ الطريق الأطول في السَّفر بقصد قَصْرِ الصلاة: [قال أشهب: إن لَم يقصد إلا التَّرخُّصَ، تَخَرَّجَ قَصرُهُ على قول مالكٍ في مَسْحِ لَابِسِ الخُفِّ للتَّرَخُّصِ] اهـ.

وقال الإمام المَاوَرْدِي الشافعي في "الحاوي الكبير" (2/ 386-387): [قال الشافعي رضي الله عنه: "وإذا كان له طريقان: يَقصُرُ في أحدهما، ولا يَقصُرُ في الآخر، فإن سَلَك الأبعَدَ لخوفٍ أو حزونةٍ في الأقرب قَصَرَ، وإلَّا لم يَقصُر"، وفي "الإملاء": "إن سَلَكَ الأبعَدَ قَصَرَ"، قال المُزَنِيُّ: "وهذا عندي أَقيَسُ؛ لأنَّه سَفَرٌ مُبَاحٌ". قال الماوردي: وصورتها في رجلٍ أراد قَصدَ بلدٍ له إليه طريقان: أحدهما قريبُ المسافة لا يقصر في مثله الصلاة، والآخَر بعيدُ المسافة يقصر في مثله الصلاة، فإن سَلَك الأَقْصَرَ لَم يَجُز له أن يقصر؛ لقُرب مسافته، وإن سَلَك الأبعَدَ فله حالان.. الثانية: ألَّا يكون له في الأقرب عذرٌ ولا في الأبعَدِ غرضٌ، ففي جواز قصره قولان.. أحدهما -وهو قوله في "الإملاء" واختاره المُزَنِي-: يجوز له القصر؛ لعموم قوله تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: 101]، ولأنها مسافةٌ يقصر مثلها الصلاة، فجاز أن يقصر.. والقول الأول أصح] اهـ.

وقال العلامة أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في "كشاف القناع" (1/ 626، ط. عالم الكتب): [(ومَن له طريقان)؛ طريقٌ (بعيدٌ، و) طريقٌ (قريبٌ، فسَلَك البعيدَ ليقصر الصلاة فيه) قصر؛ لأنه مَظِنَّةُ قَصْدٍ صحيحٍ، وكما لو كان الآخَر مخوفًا، أو مشقًّا، فعَدَمُ الحكمة في بعض الصُّوَر لا يَضُرُّهُ] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإنَّ المسافر الذي يَسْلُكُ الطريقَ الأطول في سفرٍ له طريقان: أحدهما يبلغ مسافة القصر، والآخَر دونها، وذلك مِن أَجْل أن يترخَّص برُخَص السفر ويَعمَلَ بأحكامه، -لا لأيِّ غرضٍ آخَر- يجوز له شرعًا الترخُّصُ بهذه الرُّخَص والعملُ بتلك الأحكام مِن نحو قَصرِ الصلاة والفِطر في شهر رمضان، كما سبق بيانه.

وفي واقعة السؤال: للرجل المذكور أنْ يترخَّصَ برُخَص السفر ويَعمَلَ بأحكامه شرعًا، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم التسامح بالتنازل عن قضية منظورة أمام القضاء مراعاة لحرمة شهر رمضان؟ فنحن مقبلون على أيام كريمة في شهر رمضان، وعندي قضية مرفوعة أمام إحدى المحاكم على بعض الأفراد بخصوص أرضٍ بيني وبينهم، وقال لي بعض المقربين بأنه لن يُتقبل لي صيام، ولن يُغفر لي إلا بعد التنازل عن هذه القضية، فهل هذا صحيح؟ وهل يجب عليَّ التنازل عن القضية وعن حقوقي أو على أقل تقدير ما أظنه حقي من باب التسامح؟ وما التسامح الذي يحصل به القبول والمغفرة؟


ما حكم أداء الصلاة أثناء العمل ورفع الصوت بالأذان عبر مكبرات الصوت؟ فهناك شركة يعمل بها عدد كبير من العمال، وحرصًا من الشركة على أن يجد العمال مكانًا مناسبًا للصلاة أثناء تواجدهم بمكان العمل قامت ببناء مسجد، ولوحظ في الآونة الأخيرة تحول المكان من مكان مخصص للصلاة أثناء ساعات العمل إلى دار للعبادة، وإصرار مرتاديه على طلبات تتعارض مع ظروف وساعات العمل، من ذلك مكبرات الصوت لرفع الأذان بحجة أن مكانة رافع الأذان في الجنة كذا وما شابه ذلك.
وقد حاولت إدارة الشركة عدة مرات التنبيه على العمال الالتزام بالمسموح أثناء ساعات العمل، ونظرًا لحساسية الوضع بالنسبة للإدارة الأجنبية للشركة وحرصها على ألا يُضارّ أحد من الناحية الشرعية نتوجه لفضيلتكم بطلب الإحاطة في هذا الموضوع.


ما حكم تخصيص أيام معينة لقيام الليل جماعة؟ حيث يقوم أهل بلدتي يومي الإثنين والخميس من كل أسبوع بصلاة ركعتين بعد صلاة العشاء جماعة بنية قيام الليل، داعين الله عز وجل أن يفرج عن أمتنا الإسلامية، ولما دخل شهر ذي الحجة دعوا الناس في مساجد قريتهم إلى صلاة ركعتين جماعة عقب صلاة العشاء طيلة الأيام العشر بنية قيام الليل مع القنوت فيها.


هل يجب على المرأة إذا طهرت من الحيض أثناء نهار رمضان أن تمسك بقية اليوم؟ فهناك امرأةٌ طَهُرَت مِن الحيض في نهار رمضان، وكانت تأكل وتشرب قبل أن تَطْهُر، فهل يجب عليها الإمساكُ بقية اليوم عن الطعام والشراب بعد أن طَهُرَت؟


ما حكم تعدد المساجد فى بلد واحد دون حاجة؟ ففي قريتنا ثلاثة مساجد أحدها المسجد الكبير القديم الذي هو أول مسجد بني في القرية وأقيمت فيه الجمعة، وهذا المسجد الجامع الكبير يسع جميع أهل البلدة وزيادة لصلاة يوم الجمعة، وفي يوم الجمعة يتفرق الناس في المساجد الثلاثة لصلاة الجمعة من غير حاجة أو عذر لهذا التفرق، ويكون الفراغ يوم الجمعة في المسجد الكبير يزيد عن نصف المساحة، والمساجد الأخرى يكون الفراغ في كل مسجد حوالي ربعه، فما حكم صلاة الجمعة في حالة تعدد المساجد لغير حاجة مع إمكان الاجتماع في مسجد واحد لصلاة الجمعة؟ فهل تصح الجمعة، أو لا تصح؟ وإذا كانت صلاة الجمعة لا تصح فهل نصلي الظهر بعد صلاة الجمعة أو لا؟


ما حكم إقامة صلاة الجمعة في البيت؟ خاصَّة في هذه الآونة التي ارتأت الجهات المتخصصة تعليقَ صلاةِ الجمعة فيها؛ عملًا بالإجراءات الاحترازية والأساليب الوقائية لمواجهة فيروس كورونا والحد من انتشاره.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 55
العصر
4:31
المغرب
7 : 58
العشاء
9 :31