ما حكم وضع كريم لمنع تساقط الشعر أثناء الحج؟
يجوز للمُحرِم استخدام الكريمات التي تمنع من تساقط الشعر، سواء كان بها طيب أو لم يكن؛ إذ الأصل فيها ومقصود المُحرِم منها هو التداوي لا التطيب، وإنما الطِّيب فيها عارض عليها، وخاصة ما لو أوصى بها الطبيب، ولا فدية عليه كما هو مذهب الحنفية، والأَوْلى إخراج الفدية خروجًا من خلاف مَن ألزم بها.
المحتويات
اقترنت تكاليف الشرع الشريف بصفة عامة وفريضة الحج بصفة خاصة بمراعاة مبدأ التيسير ورفع الحرج عن المكلفين، وقد تجلَّى ذلك واتضح في كونه مُقيدًا بالاستطاعة في أصل القيام به، حيث قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97]، ثم مُشبعًا بالتيسير ورفع الحرج في سائر أحكامه وشعائره، حتى إنه استقر لدى الصحابة رضي الله عنهم أنه ما سأل أحدٌ منهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن شيء قدَّمه أو أخَّره إلَّا وقال له: "افعل ولا حرج".
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه، فجاء رجل فقال: يا رسول الله، لم أشعر، فحلقت قبل أن أنحر، فقال: «اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ»، ثم جاءه رجل آخر، فقال: يا رسول الله، لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي، فقال: «ارْمِ وَلَا حَرَجَ»، قال: فما سُئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن شيء قُدِّم ولا أُخِّر، إلا قال: «افْعَلْ وَلَا حَرَجَ» متفقٌ عليه.
من مظاهر التيسير ورفع الحرج أن الشرع الشريف لم يمنع المُحرِم من استعمال الدهان في الرأس بقصد التداوي مع اختلافهم في مدى لزوم الفدية للحاج باستخدام ذلك أو عدم لزومها. فذهب الإمام أبو حنيفة والحنابلة في رواية إلى أنه يجوز للمحرم استعماله، ولا يلزمه على ذلك فدية بشرط أن يكون غير مطيب، وقال الصاحبان من الحنفية: عليه صدقة.
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 190، ط. دار الكتب العلمية): [وإن ادهن بشحم أو سمن فلا شيء عليه؛ لأنه ليس بطيب في نفسه، ولا أصل للطيب بدليل أنه لا يطيب بإلقاء الطيب فيه، ولا يصير طيبًا بوجه] اهـ.
قال العلامة بدر الدين العَيْني الحنفي في "البناية" (4/ 329، ط. دار الكتب العلمية): [لو ادَّهن بشحم أو سمن لا شيء فيه، كذا في "التجريد" و"الإيضاح"، وإليه أشير في "المبسوط" م: (وقالا: عليه الصدقة) ش: ولا فرق بين الرأس وسائر البدن] اهـ.
وقال أيضًا (4/ 330): [(ولو داوى به جرحه أو شقوق رجله فلا كفارة عليه) ش: أي لا شيء عليه، وبه صرح في "المبسوط" وإنما ذكر بنفي الكفارة دون الدم ليتناول الدم والصدقة م: (لأنه ليس بطِيب في نفسه إنما هو أصل الطِّيب أو هو طِيب من وجه) ش: ومطعوم من وجه م: (فيشترط استعماله على وجه التطيب) ش: يعني: يشترط قصد التطيب به] اهـ.
وقال الإمام ابن قُدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 298-299، ط. مكتبة القاهرة) في مسألة دهان الرأس للمُحرِم: [أما دهن سائر البدن، فلا نعلم عن أحمد فيه منعًا، وقد ذكرنا إجماع أهل العلم على إباحته في اليدين، وإنما الكراهة في الرأس خاصة؛ لأنه محل الشعر. وقال القاضي: في إباحته في جميع البدن روايتان؛ فإن فعله فلا فدية فيه، في ظاهر كلام أحمد، سواء دهن رأسه أو غيره، إلا أن يكون مطيبًا.. ولنا: أن وجوب الفدية يحتاج إلى دليل، ولا دليل فيه من نص ولا إجماع، ولا يصح قياسه على الطِّيب، فإن الطِّيب يوجب الفدية، وإن لم يزل شعثًا، ويستوي فيه الرأس وغيره، والدهن بخلافه، ولأنه مائع لا تجب الفدية باستعماله في اليدين، فلم تجب باستعماله في الرأس كالماء] اهـ.
وقال العلامة البُهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 500، ط. دار الكتب العلمية): [(ولا فدية بادِّهانه بدهن غير مطيب؛ كزيت وشَيْرَج وسمن) حتى في رأسه؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعله... ولعدم الدليل (و) للمُحرِم الادهان بـ(دهن البان والساذج) أي: الخالي عن الطِّيب (ونحوها في رأسه وبدنه)] اهـ.
وذهب المالكية إلى أنه يحرم أن يدهن المُحرِم رأسه مطلقًا سواء أكان الدهان مطيبًا أو غير مطيب، له شعر أو لا شعر له إن كان للزينة، وعليه الفدية إن كان الدهن مطيبًا مطلقًا سواء كان لعذر كالتداوي أو لغير عذر، وإن كان غير مطيب لعذر ففيه قولان: قول بالفدية، وقول بعدمها مع زوال الحرمة. يُنظر: "شرح مختصر خليل" للإمام الخَرَشِي (2/ 351، ط. دار الفكر)، و"حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" (2/ 61، ط. دار الفكر).
المختار للفتوى جواز استعمال المُحرِم لكريمات الشعر بقصد التداوي من تساقطه، ولا حرج على المُحرِم فيما إذا ما اشتملت هذه المستحضرات على الطِّيب على ما هو شائع في صناعة هذه المستحضرات العلاجية؛ إذ إن المقصود من استعمالها التداوي وليس التطيب، والممنوع منه حال إحرامه هو قصد التطيب، مع كون الأصل فيها أنها مستحضرات علاجية وإن اشتملت على طِيب، فهو ليس مقصودًا بذاته ولا بوجه من الوجوه منها.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز للمُحرِم استخدام الكريمات التي تمنع من تساقط الشعر، سواء كان بها طيب أو لم يكن؛ إذ الأصل فيها ومقصود المُحرِم منها هو التداوي لا التطيب، وإنما الطِّيب فيها عارض عليها، وخاصة ما لو أوصى بها الطبيب، ولا فدية عليه كما هو مذهب الحنفية، والأَوْلى إخراج الفدية خروجًا من خلاف مَن ألزم بها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الشرع في قيام بعض الصيادلة بشراء وبيع الأدوية المهربة مجهولة المصدر غير المصرح بها من وزارة الصحة؟ علمًا بأن تناول مثل هذه الأدوية قد يترتّب عليه الإضرار بالمرضى؛ لعدم مطابقة هذه الأدوية للمواصفات.
ما حكم تأخير حج الفريضة بعد الاستطاعة لرعاية الأم المريضة؟ فهناك شخصٌ أكرَمَه اللهُ تعالى بالقدرة المالية والبدنية على أداء فريضة الحج، لكن أمه مريضة ولا يقدر على تركها، حيث يقوم على خدمتها ورعايتها، وليس لها غيره يرعاها ويقوم على شؤونها في هذا الوقت، فهل يجوز له تأخير الحج إلى العام القادم أو إلى تمام شفائها ثم يَحُجُّ؟
ما هي حِكم الحج ومقاصده؟
أيهما أولى الحج أم الزواج؛ حيث يَبلغ السائل السادسة والعشرين من العمر، ويعمل بإحدى الدول العربية، يمكنه ماديًّا أداء فريضة الحج من ماله الحلال الطيب، إلا أنه لم يتزوج بعد. ويسأل: أيهما يٌفضَّل: أداء فريضة الحج، أم الزواج؟
نرجو منكم بيان الحكم الشرعي لما يفعله بعض الحجاج والمعتمرين من كثرة الانشغال بالتصوير خلال أداء مناسك الحج والعمرة؛ حيث إن هناك بعض الزائرين لهذه البقاع الطاهرة لأداء المناسك يُكثر من التصوير بهواتفهم بشكل فوق المعتاد كلَّما مرّوا على أحد المشاعر والأماكن المقدسة، وهذا قد يؤدي إلى تعطيل الفوج عن أداء المناسك في الوقت المطلوب، ويسبِّب أيضًا حرجًا للبعض من كبار السن والعجزة، فلمَّا طُلب منهم التخفيف من كثرة التصوير، فكان رد أحدهم عليَّ بأنه حريص على التقاط صور تذكارية مع المشاعر والأماكن المقدسة، واستمروا في ذلك حتى بلغ الأمر مسؤول تنظيم الرحلة، وهو بدوره تضجَّر من ذلك الفعل؛ لأنه يعطله أيضًا عن عمله ومهمته بسبب تأخر حركتنا، فما حكم الشرع في ذلك؟