أثر التقنيات الحديثة -الكونفرنس- في ثبوت الخلوة بين الزوجين

تاريخ الفتوى: 02 سبتمبر 2024 م
رقم الفتوى: 8424
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: العدة
أثر التقنيات الحديثة -الكونفرنس- في ثبوت الخلوة بين الزوجين

 هل تثبت الخلوة بين الزوجين إذا تواصلا بالتقنيات الحديثة -الكونفرنس-؟ ففتاة تسأل وتقول: تقدَّمَ شابٌّ للزواج مني، ثم سافر إلى دولة أجنبية، وتم بعد ذلك عقدُ زواجي عليه بتوكيل رسمي من أخيه، ولم نتقابل بعد عقد الزواج، وإنما كنا نتحدث معًا عن طريق برنامج الاتصال بالفيديو "الكونفرانس" على الإنترنت، وكنت أتكلم معه بحريتي باعتباره زوجي، وحدث بيننا خلافٌ تم الاتفاق إثره على الطلاق، فهل ما وقع بيننا من حديث ورؤية باعتبارنا زوجين عبر الإنترنت يعد خلوة شرعية معتبرة أحكامُها عند الطلاق من نحو وجوب العدة؟

محادثة الزوجين من خلال ما يُعرف بـ"الفيديو كونفرانس" عبر الإنترنت، لا تُعدُّ خلوةً شرعيةً، حتى ولو رأى كلٌّ منهما الآخَر واطلع على ما يطلع عليه الأزواج من بعضهما، ومن ثمَّ فلا تجب بسببها العدة.

وإننا ننصح المتزوجين الذين عقدوا الزواج ولم يدخلوا أن يتجنبوا مثل هذه المحادثات التي تشتمل على كشف العورات وكلام لا يباح إلا بين الزوجين؛ سدًّا للذرائع، ودرءًا للشبهات، ومراعاة للأعراف والعادات.

المحتويات 

 

وجوب مراعاة الأعراف عند الدخول بالمرأة أو الاختلاء بها بعد العقد عليها

من المقرر شرعًا أنَّ عقد الزواج إذا تمَّ صحيحًا بين الرجل والمرأة فإنه يحل لهما الاستمتاع ببعضهما، ولا خلاف في ذلك، قال الإمام ابن حزم في "المحلى بالآثار" (9/ 85-86، ط. دار الفكر): [لا خلافَ بين أحدٍ من المسلمين في أنه من حين يعقد الزواج فإنها زوجة له، فهو حلال لها وهي حلال له] اهـ.

غير أنَّ الأعراف جَرت بأن الدخول بالمرأة أو الاختلاء بها بعد العقد عليها، إنَّما يكون بعد إعلان زفافها إلى الزوج؛ فوجب احترام الأعراف ومراعاتها؛ صونًا وحفظًا للحقوق، قال تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ [الأعراف: 199]، وورد في الأثر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "ما رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ سَيِّئٌ" رواه الإمام أحمد في "المسند"، والحاكم في "المستدرك".

قال الإمام الزركشي الشافعي في "تشنيف المسامع" (3/ 472-473، ط. مكتبة قرطبة): [قال ابن السمعاني في "القواطع": والعرف في الآية ما يعرفه الناس ويتعارفونه فيما بينهم، وكذا قال ابن عطية: معناه كل ما عرفته النفوس مما لا ترده الشريعة، وقال ابن ظفر في "الينبوع": ما عرفته العقلاءُ أنه حسنٌ وأقرهم الشارع عليه؛ فمنه الرجوع إلى العرفِ والعادةِ في معرفة أسباب الأحكام من الصفات الإضافية؛ كصغر صبية وكبرها، وإطلاق ماء وتقييده، وكثرة تغيره وقلّته... وكفء نكاحٍ، وتهيؤ زفافٍ] اهـ.

المقصود بالخلوة الشرعية وشروط تحققها

الخلوة الشرعية التي تنبني عليها الحقوق والواجبات، وتترتَّب عليها الآثار والتَّبِعات، هي التي اشترطَ لها الفقهاء انفراد الزوج بزوجته بعد العقد في مكانٍ يأمنان فيه من اطلاع الغير عليهما، مع عدم وجود مانعٍ من الوطء (حقيقةً، أو طبعًا، أو شرعًا)؛ كما في "الاختيار" للعلامة ابن مَوْدُود المَوْصِلِي (3/ 103، ط. الحلبي)، و"التهذيب" للإمام البَغَوِي (5/ 523، ط. دار الكتب العلمية)، فهذه الخلوة تقوم مقام الدخول الحقيقي في ثبوت كامل المهر، ووجوب العدة؛ لكون هذه الخلوة سببًا مُفضيًا إلى الدخول الحقيقي، فأُقِيمت مقامَه احتياطًا، إقامةً للسبب مقام المسبَّب فيما يُحتاط فيه؛ قال تعالى: ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ [النساء: 21]، فالإفضاء هو الخلوة الشرعية، سواءٌ دخلَ الزوجُ بالزوجةِ أو لم يدخل بها؛ كما ذكره الإمام الكاساني عن الإمام الفَرَّاء في "بدائع الصنائع" (2/ 292، ط. دار الكتب العلمية).

قال الإمام علاء الدين السَّمَرْقَنْدِي في "تحفة الفقهاء" (2/ 244، ط. دار الكتب العملية): [أما عدَّة الطلاق فثلاثة قروء في حق ذوات الأقراء إذا كانت حُرة... إذا كان بعد الدخول بها أو بعد الخلوة الصحيحة في النكاح الصحيح؛ لأنَّها تُوجِبُ كمال المهر، فتوجب كمال العدة بطريق الأَوْلَى احتياطًا] اهـ.

فإذا فقدت شروط الخلوة الصحيحة أو أحدها: لم تترتَّب عليها أحكامها؛ بأن كان اجتماع الزوجين ليس في مكان واحدٍ حِسًّا يُمكِّنهما مِن الوطء، أو كان هناك مانِعٌ حقيقيٌّ من الوطء، لمرضٍ أو نحوه، أو كان هناك مانِعٌ شرعيٌّ، بأن كان أحدهما صائمًا صيام رمضان، أو كان هناك مانِعٌ طَبَعِيٌّ، بأن كان معهما ثالث.

ومن ذلك: المحادثات التي تجري بين الزوجين -قبل الدخول- عبر وسائل الاتصال الحديثة كـ"الفيديو كونفرانس"، والتي تُمَكِّنَ كلًّا من المتحادِثَين من رؤية الآخَر، مع عدم اطلاع الغير عليهما، وذلك لتيقُّن عدم التمكن من الوطء، فهذا وإن كان يُسمَّى اجتماعًا أو خلوة، إلَّا أنه لا يُعدُّ اجتماعًا حِسِّيًّا؛ لأنه لا يُفضي إلى الدخول الحقيقي، ومن ثمَّ لا تُعدُّ خلوة شرعية يترتَّب عليها آثارها.

الغاية والمقصد من مراعاة الأعراف عند الدخول بالمرأة أو الاختلاء بها بعد العقد عليها

إذا كان الُعرف قد قيَّد الدخول بالمعقود عليها أو الاختلاء بها لحين زفافها لبيت الزوجية، فإنَّه تغيَّا بذلك حفظ الأعراض وصونها، والابتعاد عن المفاسد وأسبابها، فيما اصطلح عليه العلماء بـ"سد الذرائع"، فهو أصل من الأصول المعتمدة عند كثير من الفقهاء، وقد عَبَّر عنه الإمام القرافي المالكي في "شرح تنقيح الفصول" (ص: 448، ط. شركة الطباعة الفنية) بأنَّه: [حَسْم مادة وسائل الفساد دفعًا له، فمتى كان الفعل السالم عن المفسدة وسيلةً إلى المفسدة منعنا من ذلك الفعل. وهو مذهب مالكٍ رحمه الله] اهـ.

وهو مقصد شرعيٌّ في هذا الشأن، الذي أحاطه الشرع بالرعاية والصيانة؛ فعن بَهْزٍ قال: حدثني أبي، عن جدي قال: قلت: يا رسول الله، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: «احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ»، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فإذا كان القوم بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ؟ قَالَ: «إِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَاهَا أَحَدٌ فَلَا يَرَيَنَّهَا»، قُلْتُ فَإِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا؟ قَالَ: «فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ» رواه الإمام أحمد في "المسند"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.

ولذلك فإننا ننصح المتزوجين الذين عقدوا الزواج ولم يدخلوا أن يتجنبوا مثل هذه المحادثات التي تشتمل على كشف العورات وكلام لا يباح إلا بين الزوجين؛ سدًّا للذرائع، ودرءًا للشبهات، ومراعاة للأعراف والعادات.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ محادثة الزوجين من خلال ما يُعرف بـ"الفيديو كونفرانس" عبر الإنترنت، لا تُعدُّ خلوةً شرعيةً، حتى ولو رأى كلٌّ منهما الآخَر واطلع على ما يطلع عليه الأزواج من بعضهما، ومن ثمَّ فلا تجب بسببها العدة.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم عدم إقرار المطلقة بانقضاء عدتها نكاية بزوجها؟ فالرجل طلق زوجته رسميًّا طلقة ثانية رجعية بتاريخ 15 فبراير سنة 1945م، ويريد الآن -بعد مرور سنة ميلادية- أن يتزوج عمتها. فهل يحتاج الأمر إلى إقرار من المطلقة المذكورة بانقضاء عدتها منه، مع أنه مضى على طلاقها أكثر من سنة ميلادية، وإذا كان هذا الإقرار ضروريًّا؛ فما الحكم إذا كانت لا تريد الاعتراف بانقضاء العدة نكاية بزوجها؟!


ما حكم مسكن المطلقة طلاقًا بائنًا أثناء عدتها؟ حيث يوجد رجل طلق زوجته طلقة بائنة بالبراءة. فهل يجوز له أن يحجزها في بيته حتى تفي عدتها أم لا؟ أفتوا بالجواب، ولكم الأجر والثواب.


 هل تثبت الخلوة بين الزوجين إذا تواصلا بالتقنيات الحديثة -الكونفرنس-؟ ففتاة تسأل وتقول: تقدَّمَ شابٌّ للزواج مني، ثم سافر إلى دولة أجنبية، وتم بعد ذلك عقدُ زواجي عليه بتوكيل رسمي من أخيه، ولم نتقابل بعد عقد الزواج، وإنما كنا نتحدث معًا عن طريق برنامج الاتصال بالفيديو "الكونفرانس" على الإنترنت، وكنت أتكلم معه بحريتي باعتباره زوجي، وحدث بيننا خلافٌ تم الاتفاق إثره على الطلاق، فهل ما وقع بيننا من حديث ورؤية باعتبارنا زوجين عبر الإنترنت يعد خلوة شرعية معتبرة أحكامُها عند الطلاق من نحو وجوب العدة؟


طلَّقت زوجتي البريطانية الجنسية المسلمة الديانة طلاقًا رجعيًّا بتاريخ 18/ 2/ 2006م، ولم أراجعها حتى الآن، وهي سيدة كبيرة في السن لا تحيض، فما الحكم؟


طلبت بلدية إسنا بيان تاريخ انتهاء مدة عدة امرأة مطلقة من زوجها بتاريخ 20/ 7/ 1959م نظير الإبراء بموجب وثيقة طلاق لدى مأذون إسنا بحري المرفقة بالأوراق.


ما مدى أحقية المطلقة طلاقًا بائنًا في الميراث؟ فالسائلة تقول: طلقني زوجي في 26/ 5/ 2007 طلاقًا غيابيًّا بائنًا، وعلمت بعد ذلك، وأرسل إليّ خلال العدة أشخاصًا يتوسطون لإقناعي بالرجوع إليه، ولكنهم لم يبلغوني أنه أرجعني فعلًا، ولكنّي رفضتُ، وقد ذهب ليرجعني بورقة رسمية، ولكنه لم يفعل وتزوج بأخرى.

وتُوفّي الزوج في 8/ 9 من نفس العام. فهل أَرِثُ في تركته؟ علمًا بأني تقدمت بذلك إلى المحكمة، وهي تريد رأي دار الإفتاء. علمًا بأني لا أحيض.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 مايو 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :12
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :57