25 أغسطس 2019 م

تحمل المسئولية (2)

تحمل المسئولية (2)

علمنا أن الإسلام شدد على تحمل المسئولية باعتبارها أساسًا لاستقرار المجتمعات وحماية الأفراد وحفظ الحقوق. وفي سياق ذلك يجب ملاحظة أن الإسلام نفسه هو المسئولية الكبرى التي تفرعت عنها سائر الواجبات التي يتحملها المسلم في حياته، ولا يكون تحمل هذه المسئولية إلا بالاستسلام والخضوع لرب العالمين سبحانه وتعالى.
وقد حَمَّلَ الإسلام ُكلَّ فرد في محله مسئوليةَ القيام بما وكل إليه من أعمال على أكمل وجه وأتمه، حتى روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله في كلام جامع مانع يشمل كل المسئوليات التي يتحملها الفرد «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ» "المعجم الأوسط" للطبراني، و"مسند أبي يعلى الموصلي"، وقال كذلك «وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» متفق عليه.
وقد رسخت الشريعة الإسلامية هذه الصفة القويمة، ورتبت عليها أحكامًا سامية نتلمسها في أبواب الفقه المختلفة؛ فالوكيل الذي ناب عن غيره في قضاء حاجة من الحاجات كبيع أو شراء أو غير ذلك عليه أن يتحمل هذه المسئولية على أكمل ما ينبغي، بحيث يقضي حاجة موكله كأنما يقضيها لنفسه؛ فأوجب الفقهاء عليه أن يحافظ على مال موكله، وأن يحفظه -إذا اقتضى الأمر- فيما يناسبه من أماكن الحفظ، ولا يعرضه لخطر الهلاك أو الضياع أو السرقة، وإذا باع لموكله شيئًا فلا ينقص عن الثمن الذي تباع به أمثال سلعته في السوق، وإذا اشترى له ينتقي أجود السلع أو أوسطها من غير أن تكون معيبة، ولا يزيد في ثمنها عن ثمن أمثالها، فإذا فرط في شيء من ذلك ضمن ما ضيعه من مال موكله.
والأجير الذي تعهد بالقيام بمنفعة لصالح غيره مقابل أجر، عليه أن يبذل قصارى جهده في أداء عمله على أكمل وجه، مهما بلغ الأجر قلة أو كثرة متى رضي وتعاقد، ومهما اختلفت جهة العمل، فلا يختلف ذلك في العمل لدى الأفراد أو الشركات أو القطاعات العامة أو الخاصة، فكل من كلف بعمل بمقتضى التعاقد فعليه تحمل مسئوليته؛ العامل في مصنعه، والبائع في متجره، والمعلم في فصله، والطبيب في عيادته، والكيميائي في معمله، والخطيب في منبره، والقاضي في نظره وحكمه.
والشريك الذي خلط ماله بمال غيره من أجل الربح، وائتمنه شريكه الآخر في إدارة المال؛ أوجب عليه الفقهاء أن يتحمل تلك المسئولية، فيبذل جهده من أجل تنمية المال، ولا ينفقه إلا في الوجوه المتفق عليها مع شريكه أو التي يفرضها عليه العرف التجاري، ولا يتصرف في المال إلا لمصلحة، ولا يزيد عن ثمن المثل كثيرا في الشراء، ولا ينقص عن ثمن المثل كثيرا في البيع، بحيث لا يصدق عليه أنه خُدع، ولا يبيع كذلك إلا بالعملة الرائجة في بلد البيع ما لم يأذن له شريكه ويتَّفقا على غير ذلك، ولا يعرض المال لخطر السرقة أو الضياع أو التلف.
ومثل الشريكِ المضاربُ الذي اتفق على العمل في مال غيره من أجل الربح المشترك بينهما بنسبة معينة، فعليه أن يراعي المصلحة من جهة، وأن يلتزم بشروط صاحب المال من جهة أخرى، فإذا لم يأذن له صاحب المال لا يبيع بثمن مؤجل، ولا يشتري بثمن مؤجل، ولا يتصرف في المال تصرفًا يغبن فيه بحيث يعود بالخسران على تجارته.
ومثلُ الشريكِ والمضاربِ: المساقي، وهو الذي اتفق على تعهد شجر غيره وتربيته ورعايته حتى يكون الثمر الناتج بينهما بنسبة معينة متفق عليها.
وكذلك الشخص الذي يتبرع بحفظ الأمانة، أوجبوا عليه ألا يقصر في حفظها، وألا يتعدى عليها، وأن يحفظها في الحرز المناسب لها، فلو قصر هو أو غيره ممن ذكرنا فيما كلف به، ولم يتحمل المسئولية كما ينبغي غُرِّمَ وضمن ما ضيع أو أتلف.
إذن، هذه أمثلة قليلة تكشف مدى عناية الإسلام بخلق تحمل المسئولية في جانب المعاملات المالية بحيث تحفظ الحقوق ولا تهدر، وتستقر المعاملات ولا تضطرب، مما يصب في استقرار النظام العام.

المراجع:
"مغني المحتاج" للإمام الخطيب الشربيني.
"الشرح الكبير على مختصر خليل" للعلامة الدردير.
"اعتبار العرف وأثره في المعاملات المالية" للدكتور/ محمد حسن أبو العز.
 

السكينة تعني الطمأنينة والهدوء والاستقرار النفسي وراحة البال، فهي مشتقة من السكون، الذي هو ضد الاضطراب.


حرَّم الإسلام إيذاء الخَلق، بل والكون أيضًا، إن نظرة الإسلام للحياة تجعل المسلم متسامحًا مع إخوانه وأهله وجيرانه، وسائر مخلوقات الله؛ سواء كانت حيوانات، أم نباتات، أم جبالًا أم ماءً أم هواءً ... إلخ؛ يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ۞ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 57-58]، حيث ذكر سبحانه إيذاء المؤمنين قرين إيذاء الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، إشعارًا بخطورة هذا الإيذاء، ورَتَّبَ عليه الإثم والعقاب.


مجالسة الناس أمر مباح في الإسلام إذا تحلت بالآداب الشرعية والأخلاق المرعية، وقد تكون مندوبة إذا قُصد بها تحصيل خير ندبه الشرع، وقد تصل إلى الوجوب إذا توقف عليها تحصيل واجب شرعي من جلب مصلحة أو دفع مفسدة؛ وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم ينعزل عن أصحابه، ولم ينعزل عن مجتمعه، بل إنك لو راجعت سيرته العطرة صلى الله عليه وآله وسلم تجد أنفاسه الشريفة صلى الله عليه وآله وسلم في كل حدث تفوح بين الناس بدلائل الخيرات.


الفأل هو قَول أَو فعل يُستبشرُ بِهِ، وهو انشراح قلب الإنسان وإحسانه الظَّنَّ، وتوقُّع الخير بما يسمعه من الكلام والحديث. والفأل فيه تقوية للعزائم، وباعث على الجدِّ والعمل، فقد تفاءل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في غزواته وحروبه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ صَوْتًا، فَأَعْجَبَهُ، فَقَالَ: «قَدْ أَخَذْنَا فَأْلَكَ مِنْ فِيكَ» رواه أحمد في "مسنده".


خُلُقُ المُدَاراةِ من الأخلاق المهمَّةِ في إقامة العلاقات الإنسانية التي تنزع فتيل التوتُّر وتدرأُ عواقب الخلاف والشِّقاق وإبداءِ الكراهية، وهي تعني: لينُ القولِ والتَّجاوزِ عن البُغضِ تجاهَ شخصٍ ما في التعامل معه؛ اتِّقاءً لشرِّه وأذاه، دون أن يكون في هذا السلوك موافقة على باطلٍ يقوم به.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 مايو 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :12
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :57