حكم التوسل بالأنبياء والصالحين

حكم التوسل بالأنبياء والصالحين

ما حكم التوسل بالأنبياء والصالحين؟ فكثير من الناس يتوسلون بالموتى الصالحين وبالقبور ويسألون الموتى في قبورهم، وتجد منهم من يُعَلِّقُ تميمة على صدره. فهل ينطبق عليهم ما ورد في قوله تعالى في سورة يوسف: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾ فهل يجتمع الإيمان والشرك في قلب الرجل؟

لا مانع شرعًا من التوسل بالأنبياء والصالحين في حياتهم وبعد مماتهم؛ لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾ [المائدة: 35]، وليس هذا من الشرك؛ لأن المسلم إنما يفعل ذلك بقصد التقرب إلى الله عز وجل، مع علمه بأن النفع والضر بيد الله وحده.

التفاصيل ....

قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: 35].
فالوسيلة هي ما يتقرب به إلى الغير، والمراد بها في الآية: كل عمل طيب يُتَقَرَّبُ به إلى الله تعالى، ومراعاة سبيله بالعلم والعبادة، وفي الحديث: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ» رواه مسلم.
ويتضح أن للأنبياء والمرسلين شفاعةً، ويُلحقُ بهم الأولياء والصالحون، وهذا باتفاق في حال حياتهم ويوم القيامة، أما بعد مماتهم: فعلماء الأمة سلفًا وخلفًا يجيزون التوسل والاستشفاع بالأنبياء والصالحين والأولياء بعد مماتهم، ولم يخالف في ذلك إلا ابن تيمية ومن حذا حذوه.

ونحن نرى أنه لا حرمة ولا كراهة في التوسل والاستشفاع بهم كأن يقول المتوسل أو المستشفع: اللهم ببركة هذا النبي أو هذا الولي أكرمني أو وفقني لصالح الأعمال ونحو ذلك، وليس في هذا العمل شرك بالله والعياذ بالله، والمسلم الذي يعتقد في التوسل بالأنبياء والأولياء عقيدته صحيحة وسليمة ما دام يعلم تمام العلم أن النافع والضارَّ والمعطي والمانع هو الله وحده لا شريك له في ملكه، وأن التوسل بالأنبياء والأولياء إنما يُقصَدُ به التقرب إلى الله عز وجل؛ لقربهم ومكانتهم عند الله جل شأنه، وأن لهم شفاعة منَّ الله عليهم بها.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا