صلاة الجنازة على أكثر من متوفى مرة واحدة وثوابها

تاريخ الفتوى: 11 أبريل 2022 م
رقم الفتوى: 6466
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصلاة
صلاة الجنازة على أكثر من متوفى مرة واحدة وثوابها

ما حكم صلاة الجنازة على أكثر من متوفى مرة واحدة؟ نظرًا لما حدث من انتشار فيروس كورونا المستجد، وما ترتَّب عليه من زيادة أعداد الموتى بسبب هذا الوباء، وما نتج عنه مِن اجتماع أكثر مِن جنازة في وقت واحد للصلاة عليها؛ فهل إذا صلَّى الإنسان على أكثر مِن جنازة دفعة واحدة ينال مِن الأجر والثواب ما يأخذه لو صلَّى على كل جنازة منفردة؟

إذا تعددت الجنائز واتحدت الصلاة عليها دفعةً واحدةً: كان للمُصَلِّي عليها قيراطٌ مِن الأجر والثواب عن كلِّ جنازة منها كما لو صلى عليها منفردة؛ لأنَّ الشرع قد ربط هذا الأجر والثواب بوصف الصلاة على الجنازة، وهو حاصلٌ في كلِّ ميتٍ يُصَلَّى عليه وإن تعدَّدت الجنائز، بالإضافة إلى أنَّ كلَّ ميتٍ ينتفع بصلاة المصلِّي عليه ودعائه له؛ فحصل له تعدُّد الأجر، وفضل الله واسع.

المحتويات

 

حكم صلاة الجنازة وبيان فضلها

الصلاة على الجنازة مِن فروض الكفاية عند جماهير الفقهاء، وقد رغَّب الشرع الشريف فيها، وندب إليها وإلى اتِّباعها حتى تُدفَن، ورَتَّب على هذا العمل الثوابَ العظيمَ والأجرَ الوفيرَ؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَكانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُفْرَغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ؛ كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ؛ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ»، قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟ قَالَ: «مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ» متفق عليه.

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (3/ 195، ط. دار المعرفة): [قال الطيبي: قوله: «مِثْلُ أُحُدٍ»: تفسير للمقصود من الكلام لا للفظ القيراط، والمراد منه: أنَّه يرجع بنصيب كبير من الأجر؛ وذلك لأنَّ لفظ القيراط مُبْهَمٌ مِن وجهين: فبيَّن الموزون بقوله: «مِنَ الْأَجْرِ»، وبيَّن المقدار المراد منه بقوله: «مِثْلَ أُحُدٍ»، وقال الزين بن المنير: أراد تعظيم الثواب فَمَثَّلَهُ لِلْعَيَان بأعظم الجبال خَلقًا وأكثرها إلى النفوس المؤمنة حُبًّا] اهـ.

وقال الإمام القسطلاني في "إرشاد الساري" (2/ 428، ط. المطبعة الكبرى الأميرية): [ويجوز أن يكون على حقيقته؛ بأن يجعل الله تعالى عمله يوم القيامة جسمًا قَدْرَ أُحُدٍ ويُوزَن، وفي حديث واثلة عند ابن عدي: «كُتِبَ لَهُ قِيرَاطَانِ؛ أَخَفُّهُمَا فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَثْقَلُ مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ». فأفادت هذه الرواية بيان وجه التمثيل بجبل أُحُدٍ، وأنَّ المراد به زنة الثواب المُرَتَّب على ذلك العمل] اهـ.

صلاة الجنازة على أكثر من متوفى مرة واحدة وثوابها

هذا إذا كانت الصلاة منفردةً على جنازة واحدة؛ فإذا تعدَّدت الجنازات واتحدَت الصلاة عليها دفعة واحدة -لا سيما في ظل الظروف الاستثنائية- كان للمُصلي عليها قيراطٌ مِن الأجر عن كلِّ جنازة منها كما لو صلى عليها منفردة؛ لأنَّ الشرع الشريف قد ربط القيراط بوصفٍ هو الصلاة على الجنازة، وهذا الوصف حاصلٌ في كل ميتٍ يُصَلَّى عليه عند تعدُّدهمْ، فلا فرق بين أن يحصل دفعة أو دفعات، بالإضافة إلى أنَّ كل ميتٍ قد انتفع بصلاة المصلِّي عليه ودعائه له؛ فصحَّ له تعدد الأجر، وفضل الله أوسعُ مِن أن يُحْجَرَ أو يُمْنَعَ عن عباده.

وعلى ذلك نَصَّ غيرُ واحدٍ مِن المحققين على اختلاف مذاهبهم الفقهية:

قال شهاب الدين النفراوي في "الفواكه الدواني" (1/ 295، ط. دار الفكر): [لو تعدَّدت الأموات لَتَعَدَّدَ قيراط الصلاة والدفن بتعددهم، قال الفقيه أبو عمران وسيدي يوسف بن عمر: يحصل له بكلِّ ميتٍ قيراطٌ؛ لأنَّ كلَّ ميتٍ انتفع بدعائه وحضوره] اهـ.

وقال الشيخ العدوي في "حاشيته على شرح مختصر خليل" (2/ 135، ط. دار الفكر): [قال الجزولي: وانظر هل يحصل للمصلي على الجماعة دفعة واحدة من القراريط بعددهم؟ قال الفقيه أبو عمر: أن يحصل بكل ميتٍ قيراط واحد، ونحوه للشيخ سليمان في "شرح اللمع"] اهـ.

وقال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (2/ 54، ط. دار الكتب العلمية): [ولو تعدَّدت الجنائز واتحدت الصلاة عليها دفعة واحدة؛ هل يتعدّد القيراط بتعددها أو لا نظرًا لاتحاد الصلاة؟ قال الأذرعي: الظاهر: التعدد، وبه أجاب قاضي حماة البارزي، وهو ظاهر] اهـ.

وقال شهاب الدين الرملي في "فتاويه" (2/ 45، ط. المكتبة الإسلامية): [ويتعدّد القيراط بتعدد الجنائز وإن اتحدت الصلاة عليها؛ لأنَّ الشارع ربط القيراط بوصف، وهو حاصل في كلِّ ميتٍ؛ فلا فرق بين أن يحصل دفعة أو دفعات] اهـ.

وقال الشيخ السفاريني في "كشف اللثام شرح عمدة الأحكام" (3/ 390، ط. أوقاف الكويت): [فلو تعدَّدت الجنائز، واتحدت الصلاة عليها دفعة واحدة؛ هل تتعدّد القراريط بتعددها، أو لا تتعدد؛ نظرًا لاتحاد الظاهر الصلاة؟ الظاهر: التعدد، ونصّ عليه غير واحد، واستظهره الأذرعي مِن الشافعية] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فقد رتَّب الشرع الشريف الثواب العظيم والأجر الوفير لكل مَن صلَّى على الجنازة أو تَبِعَهَا؛ فإن تعدَّدت الجنائز واتحدت الصلاة عليها دفعةً واحدةً: كان للمصلي عليها قيراطٌ مِن الأجر والثواب عن كلِّ جنازة منها كما لو صلى عليها منفردة؛ لأنَّ الشرع قد ربط هذا الأجر والثواب بوصف الصلاة على الجنازة، وهو حاصلٌ في كلِّ ميتٍ يُصَلَّى عليه وإن تعدَّدت الجنائز، بالإضافة إلى أنَّ كلَّ ميتٍ قد انتفع بصلاة المصلِّي عليه ودعائه له؛ فحصل له تعدُّد الأجر، وفضل الله أوسعُ مِن أن يُحْجَرَ عليه أو يُمْنَعَ عن عباده.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

مَا حكم تقديم صلاة الجنازة على السنة الراتبة؟


هناك حديث لابن عمر رضي الله عنهما بمقتضاه يعتبر المرء مسافرًا إذا كان يبعد عن المنزل مسافة ميل، وأنا قد قرأت في أكثر من فتوى لكم أنه يجوز للمرء عند اختلاف الرأي أن يقلد من أجاز، فهل يجوز لي أن آخذ به في خصوص أقل مسافة للسفر وأقصر وأجمع الصلاة إذا كان محل عملي يبعد عن البيت بحوالي 15 كم؟


سائل يقول: عندي قطة أقوم بتربيتها، وقد درَّبتها على قضاء حاجتها في مكان مخصص، ولكنها عند خروجها من هذا المكان تقوم بتلويث البيت من أثر قدميها؛ فما مدى نجاسة بول القطة، وما حكم الصلاة في البيت حينئذٍ؟ 


ما حكم إحضار المقرئين في سرادقات العزاء؟ أفادكم الله.


سائل يسأل عن حكم قول المصلي للمصلي الذي بجواره "تَقَبَّلَ اللهُ"؟


ما حكم قول الله أكبر عند الرفع من الركوع؟ فبينما كنتُ أصلي أمس وعند الرَّفع من الركوعِ نسيتُ فقلت: "الله أكبر"، بدلًا من قول: "سمع الله لمن حمده"، فما حكم صلاتي؟ مع العلم أني تداركت الأمر وقلت هذا الذكر المطلوب بعدها.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 09 مايو 2025 م
الفجر
4 :28
الشروق
6 :5
الظهر
12 : 51
العصر
4:28
المغرب
7 : 38
العشاء
9 :4