تقييد ولي الأمر للمباح بقصد جمع الكلمة وضبط النظام العام

تقييد ولي الأمر للمباح بقصد جمع الكلمة وضبط النظام العام

هل يجوز لولي الأمر أن يقوم بتقييد الأمر المباح بهدف جمع كلمة الناس على رأي واحد ومن أجل ضبط النظام العام؟

حثَّ الشرع على وحدة الكلمة، وأكَّد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم على أهمية الوحدة، واجتناب الفُرْقَة في استجلاب عون الله تعالى وتوفيقه؛ فقال: «يَدُ اللهِ مع الجَماعةِ» رواه الترمذي وحسَّنه والنسائي في "سننهما" عن ابن عباس رضي الله عنهما.

وبيَّن صلى الله عليه وآله وسلم أنَّ الاجتماعَ خيرٌ من الفرقة، وأن الائتلاف خيرٌ من الاختلاف؛ فقال: «فَإِذَا رَأَيْتُمُ اخْتِلَافًا فَعَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ» رواه ابن ماجه في "السنن".

وقد جعل الشرع للحاكم تقييدَ المباح؛ بحيث لا تسوغ مخالفته فيما ألزم به من آراء مُخْتَلَفٌ فيها، فإذا ألزم بمذهب مُعَيَّن لا يسوغ الإفتاء أو القضاء بخلافه؛ ضبطًا للنظام العام، وجمعًا للكلمة؛ فقد نص الفقهاء على أنَّ قضاء القاضي بخلاف ما اشترطه عليه ولي الأمر في توليته؛ لفظًا أو عرفًا لا يصحّ؛ لأنَّ التولية حينئذٍ لا تشمله؛ كما في "الأشباه والنظائر" للإمام السيوطي (ص: 104-105، ط. دار الكتب العلمية).

ونقل الإمام القرطبي في "أحكام القرآن" (5/ 259، ط. دار الكتب المصرية) عن الإمام سهل بن عبد الله التُّستَري رحمه الله تعالى أنه قال: [أطيعوا السلطان في سبعة: ضرب الدراهم والدنانير، والمكاييل والأوزان، والأحكام، والحج، والجمعة، والعيدين، والجهاد] اهـ؛ فإلزامه بكل مَا من شأنه أن يُزِيل الشقاق والفرقة بين الناس هو من جملة الأحكام؛ لأنَّ فرقة الناس واجتماعهم إنما يكون بسبب هذه الأشياء. ومما سبق يُعلم الجواب عن السؤال.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا