تحذير الشرع الشريف من التعصب والتطرف الديني

تاريخ الفتوى: 15 مايو 2022 م
رقم الفتوى: 7065
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: جنايات
تحذير الشرع الشريف من التعصب والتطرف الديني

يقول السائل: أحد الأشخاص متعصّبٌ في بعض أمور الدين، ولا يقبل الرأي المخالف، ولا يقتصر على ذلك، بل يعادي صاحبه ويذمه؛ ممَّا يؤدي إلى إثارة الفتن بين الناس؛ فنرجو منكم بيان الرأي الشرعي الصحيح في ذلك؟

التعصُّب والتطرُّف الديني يُعَدُّ انحرافًا عن منهج الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، وهو من الأمور التي نهى عنها الشرع الشريف؛ لما يؤدي إليه من إثارة الفتن والقلاقل في الأوطان، وقد توعد مرتكبه بالعقوبة الدنيوية والأخروية، فدين الإسلام هو دين اليسر والسماحة والوسطية، وأحكامه لا تعرف التعصب والتطرف.

المحتويات

بيان المقصود بالتعصب الديني

يُقْصَد بـالتعصب الديني: التَّشدُّد في تطبيق أحكام الدِّيْن، وعدم قبول المخالف ورفضه ولو كان على صواب، كما أنَّه مصطلح لوصف التمييز على أساس الدين، إمَّا بدافع تعصب المرء لمعتقداته الدينية، أو التعصب بالممارسة ضد الآخر. ينظر: "التطرف والتعصب الديني، أسبابه والعوامل المؤدية إليه" لإسماعيل صديق عثمان (ص: 5، بحث منشور بالمجلة الليبية العالمية، العدد: 28).

تحذير الشرع الشريف من التعصب والتطرف الديني

هذا المفهوم هو أبعدُ ما يكون عن الإسلام؛ لأنَّ الإسلام هو دين اليسر والسماحة؛ حيث يقول المولى تبارك وتعالى: ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وقد أخرج الإمام البخاري في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا، وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ».

يقول العلامة ابن رجب الحنبلي في "فتح الباري" (1/ 149، ط. مكتبة الغرباء الأثرية): [ومعنى الحديث: النهيُ عن التشديد في الدين بأن يحمل الإنسان نفسه من العبادة ما لا يحتمله إلا بكلفة شديدة، وهذا هو المراد بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلا غَلَبَهُ» يعني: أن الدين لا يؤخذ بالمغالبة فمَن شادَّ الدين غلبه وقطعه] اهـ.

وقد نهى الشرع الشريف عن التعصُّب والتطرُّف الديني الذي يُؤدِّي إلى الفُرْقة بين الناس، ويحدث القلاقل والفتن بين أبناء المجتمع، ويزعزع أمن واستقرار الأوطان، فطريقة الإسلام في الدعوة إلى الله تعالى تعتمد على الإحسان إلى الآخرين، وعدم الانتقاص من المخالف؛ حيث يقول سبحانه: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ [النحل: 125].

يقول الإمام ابن عطية في "المحرر الوجيز" (3/ 432، ط. دار الكتب العلمية): [أمره الله تعالى أن يدعو إلى الله وشرعه بتلطُّفٍ، وهو أن يسمع المدعو حكمه، وهو الكلام الصواب القريب الواقع في النفس أجمل موقع، والموعظة الحسنة: التخويف والترجية والتلطف بالإنسان بأن يحلّه ويبسّطه ويجعله بصورة مَن يقبل الفضائل، ونحو هذا، فهذه حالة مَن يُدعَى، وحالة مَن يُجَادَل دون مخاشنة] اهـ.

ويقول الإمام البغوي في "معالم التنزيل في تفسير القرآن" (1/ 174-175، ط. دار إحياء التراث العربي): [﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ [البقرة: 143]، أي: عدلًا خيارًا، قال الله تعالى: ﴿قَالَ أَوۡسَطُهُمۡ﴾ [القلم: 28]، أي: خيرهم وأعدلهم، وخير الأشياء أوسطها، وقال الكلبي: يعني أهل دين وسط بين الغلو والتقصير؛ لأنهما مذمومان في الدين] اهـ.

وما يقوم به أصحاب الفكر المتطرف من تكفير الناس، ومعاداة غير المسلمين بالاعتداء عليهم وإيذائهم، سواء كان هذا الاعتداء جسديًّا كالضرب والقتل، أو معنويًّا كالسبِّ والشتم، أو إيقاع الظلم عليهم وعدم إعطائهم حقوقهم، كل هذا ممَّا حرَّمَه الشرع الشريف وتوعَّد مرتكبه بالعقوبة؛ قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ (الأحزاب: 58).

ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا» متفق عليه.

فالتعصب والتطرف الديني يُعَدُّ انحرافًا عن منهج الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم؛ والواجب على المسلم أن يبتعد عن طريق التعصب والتطرف، وأن يلتزم الطريق الوسطي الذي هو سِمَةُ هذه الأمة.

الخلاصة

بناء على ذلك: فإنَّ التعصُّب والتطرُّف الديني ليس فقط من الأمور التي نهى عنها الشرع الشريف كونه يؤدي إلى إثارة الفتن والقلاقل في الأوطان، بل تُوعِّد أيضًا مرتكبه بالعقوبة الدنيوية والأخروية، فدين الإسلام هو دين الوسطية، وأحكامه لا تعرف التعصب والتطرف.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما موقف الإسلام من النُّصب ونُصب الجندي المجهول؟


سائل يقول: أعيش في منطقة دائمًا تنقطع بها المياه ليلًا ولا تأتي إلا صباحًا وأحيانًا ظهرًا، ولدي قارورة مياه للشرب والاستعمال، وعندي بعض الأسئلة تتعلق بالتيمم وهي:

أولًا: ما مدى مشروعية التيمم عند وجود الماء مع الاحتياج إليه للمأكل والمشرب وعدم كفايته ليشمل الطهارة؟

ثانيًا: هل يلزمني عند انقطاع المياه في المناطق السكنية المعاصرة والعامرة والتي تتجاور وتتقارب فيها الشقق والمنازل أن أطلب الماء أولًا ممن يجاورونني من السكان، أم يشرع لي التيمم بمجرد فقدي الماء في خصوص بيتي؟

ثالثًا: هل يلزمني عند فقد الماء في الأماكن السكنية العامرة مع كثرة توافر المحلات التجارية وسهوله الحصول عليه أن أبادر أولًا بشراء الماء، أم يجوز لي التيمم مع تمكني من الشراء؟


ما حكم سداد ورثة الكفيل الدَّين المؤجل على الميت بالكفالة بمجرد وفاته؟ فإن رجلًا ضَمِنَ أخاه في سداد دَينٍ مؤجَّل، إلا أنَّه (الكفيل) توفاه الله قبل حلول موعد سداد الدَّين على أخيه (المدين) بخمسة أشهر، فهل يجب على ورثته سداد ذلك الدَّين من التركة بمجرد وفاته؟ علمًا بأن أخاه مُقِرٌّ بالدَّين وعازِمٌ على سداده في موعده بعد الأشهر الخمسة.


سائلة تقول: تزوَّجَت صديقتي منذ فترة ولم ترزق بأولاد، فكفلت هي وزوجها طفلًا، سنه الآن خمس سنوات، ثم حدث طلاق بينهما، وسؤالي لمن تكون حضانة الطفل المكفول؟ هل يكون معها؟ أم مع مطلقها؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرًا.


ما حكم صلاة المرأة في المكتب بحضرة الرجال من غير المحارم؟ فأنا أعمل موظفة في مكتب فيه رجال ونساء، ويدخل عليَّ وقت صلاة الفريضة فأصلي الصلاة في مكتبي في حضور الرجال؛ فهل تصح الصلاة؟ وهل يجوز لي أنْ أصليَ جالسة على الكرسي بحضرة الرجال من غير المحارم؟ وقد أخبرني بعض الزملاء أنَّ السادة المالكية أجازوا الصلاة من جلوس في هذه الحالة؟ فهل هذا صحيح؟


هل صحَّ أن الأرض الموقوفة للمسجد تمتد قدسيتها ومسجديتها إلى السموات السبع والأرضين السبع؟ والسؤال وارد من ماليزيا.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 09 مايو 2025 م
الفجر
4 :28
الشروق
6 :5
الظهر
12 : 51
العصر
4:28
المغرب
7 : 38
العشاء
9 :4