حكم مس المصحف المكتوب بطريقة برايل للمكفوفين بالنسبة للمحدث

حكم مس المصحف المكتوب بطريقة برايل للمكفوفين بالنسبة للمحدث

ما حكم مس المُحدِث لنسخة القرآن الكريم المكتوبة بطريقة برايل للمكفوفين؟

يجب على المسلم تعظيم القرآن الكريم، واحترامه، وتنزيهه، وصيانته، ومن مظاهر تعظيمه وصيانته أن لا يمسّه إلا طاهر؛ فلا يجوز مسه للمحدث سواء أكان حدثه حدثًا أكبر أم أصغر، والمصحف المكتوب بطريقة برايل للمكفوفين يأخذ الحكم ذاته؛ فتجب صيانته واحترامه، ويحرم مسه للمحدث على المختار من أقوال العلماء.

ومَن وجد في ذلك مشقة أو حرجًا، واحتاج إلى قراءة القرآن منه مباشرة؛ لضرورة حفظ، أو تعليم، أو صعوبة تحصيل مَنْ يعاونه على الطهارة، فله أن يستعمله حينئذٍ؛ تقليدًا لمن رخَّص في ذلك من فقهاء المالكية.

التفاصيل ....

المحتويات

بيان وجوب تعظيم القرآن الكريم

القرآن الكريم: هو كلام الله المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بواسطة سيدنا جبريل عليه السلام؛ للإعجاز بآية منه، المتعبد بتلاوته، المنقول إلينا بين دفتي المصحف نقلًا متواترًا. انظر: "البحر المحيط في أصول الفقه" للإمام الزركشي (2/ 178، ط. دار الكتبي)، و "روضة الناظر وجنة المناظر" للإمام ابن قدامة المقدسي (1/ 198، ط. مؤسسة الريّان).

ووجوب تعظيم القرآن الكريم، واحترامه، وتنزيهه، وصيانته، والتعامل معه بطريقة تختلف عن التعامل مع غيره من الكتب ممَّا أجمعت عليه الأمة، وهو أمر معلوم من الدين بالضرورة؛ قال الإمام النووي في "المجموع" (2/ 170، ط. المنيرية): [أجمعت الأمة على وجوب تعظيم القرآن على الاطلاق، وتنزيهه، وصيانته] اهـ.

حكم مس المصحف الشريف للمحدث والأدلة على ذلك

اعتبار الطهارة لمس المصحف الشريف من مظاهر هذا التعظيم والصيانة؛ فلا يجوز مس المصحف للمحدث سواء أكان حدثه حدثًا أكبر أم أصغر.

ويدل على هذا قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ۝ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ۝ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ۝ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الواقعة: 77-80].

والآية ظاهرة في تحريم مس المصحف لمَن لم يكن على طهارة؛ فقوله تعالى: ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ نهي، ولفظه وإن كان في صورة الخبر، فهو خبر لفظًا، نهي معنى؛ لأنّ خبر الباري سبحانه وتعالى لا يخالف الواقع، ونحن نشاهد مَن يمسه وهو على غير طهارة. وقد قال علماء البيان إن التعبير بالخبر عن النهي أبلغ من صريح الأمر والنهي؛ لأنَّ المتكلم لشدة تأكُّد طَلَبِه نَزَّلَ المطلوب منزلة الواقع لا محالة. انظر: "حاشية الدسوقي على شرح مختصر المعاني" (2/ 533، ط. المكتبة العصرية)، "شرح الكوكب المنير" للإمام ابن النجار (1/ 187، ط. مكتبة العبيكان).

كما أن الله تعالى قد وصفه بـ "التنزيل"، وهذا الوصف ظاهر في المصحف الذي بين أيدينا، فلا يحمل على غيره إلا بدليل صحيح صريح، والمتوضئ يقال له لغة: مطهر ومتطهر، ولا إشكال. انظر: "المجموع" (2/ 72).

ومن أدلة السُّنَّة: ما رواه مالك في "الموطأ" من حديث عمرو بن حزم رضي الله عنه، وفيه: «لا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إِلا طَاهِرٌ».

وما رواه الطبراني في "معجمه الكبير" عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إِلا طَاهِرٌ».

وما رواه الحاكم في "المستدرك" عن حكيم بن حزام رضي الله عنه، أنه لما بعثه النبي صلى الله عليه وآله وسلم واليًا إلى اليمن قال له: «لَا تَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا وَأَنْتَ طَاهِرٌ».

وأما حديث عمرو بن حزم رضي الله عنه: فهو جزء من كتابه المشهور، قال فيه الإمام أحمد: "لا شك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كتبه له". "الفتاوى الكبرى" للشيخ ابن تيمية (1/ 280، ط. دار الكتب العلمية).

وقال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (17/ 396، ط. وزارة الأوقاف المغربية): [وقد ذكرنا أن كتاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعمرو بن حزم إلى أهل اليمن في السنن، والفرائض، والديات كتاب مشهور عند أهل العلم معروف، يستغني بشهرته عن الإسناد] اهـ.

وقال فيه أيضًا (17/ 397): [والدليل على صحة كتاب عمرو بن حزم: تلقي جمهور العلماء له بالقبول] اهـ.

وأما حديث ابن عمر رضي الله عنه: فقال الإمام الجوزقاني في كتابه "الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير" (1/ 553، ط. دار الصميعي): [هذا حديث مشهور حسن] اهـ، وصححه الحافظ أبو محمد عبد الحق الإشبيلي كما في "البدر المنير" للحافظ ابن الملقن (2/ 503، ط. دار الهجرة بالرياض).

وقال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" (1/ 361، ط. دار الكتب العلمية): [وإسناده لا بأس به، ذكر الأثرم أن أحمد احتج به] اهـ.

وأما حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه: فقال فيه الحافظ ابن الملقن في "البدر المنير" (2/ 501): [وقد علمت أنه حديث معروف في كتب المُحَدِّثين، وَأَن الحاكِم صحَّح إسناده، وَأَن الْحَازِمِي حَسَّنَه، وَأَن الدَّارَقُطْنِيّ وثق رواته؛ فلا ينبغي الحكم عليه بالضعف] اهـ.

ولفظة "طاهر" حقيقة شرعية في الطاهر طهارة حسية، وقد علمنا هذا من غالب استعمال الشرع كما في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: 222]، وفيما رواه النسائي وابن ماجه في "سننيهما" عن أسامة الهذلي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ»؛ فإذا أطلق لفظ الطاهر انصرف إليه، ولا يصار إلى غيره من المعاني المذكورة إلا بدليل.

وهذا القول هو مذهب جمهور الفقهاء، قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر في "التمهيد" (17/ 397): [ولم يختلف فقهاء الأمصار بالمدينة والعراق والشام أن المصحف لا يمسّه إلا الطاهر على وضوء، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبي ثور وأبي عبيد، وهؤلاء أئمة الفقه والحديث في أعصارهم، وروي ذلك عن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وطاوس والحسن والشعبي والقاسم بن محمد وعطاء] اهـ.

وقال الإمام النووي في "المجموع" (2/ 72) إنه: [قول علي وسعد بن أبي وقاص وابن عمر رضي الله عنهم، ولم يُعرَف لهم مخالف في الصحابة] اهـ.

طريقة برايل للمكفوفين ونبذة تاريخية عنها

قد ظهرت طريقة مبتكرة في الأعصار الأخيرة لتساعد فاقدي حاسة الإبصار من المكفوفين على القراءة عن طريق حاسة اللمس؛ فيما عُرِف بـ"طريقة برايل"؛ نسبة إلى واضعها الفرنسي "لويس برايل" المتوفى سنة 1852م، وقد أصيب في واحدة من عينيه عندما كان عمره ثلاث سنوات، ثم فقد الإبصار في الأخرى بعدها بمدة، وقد اقتبس طريقته من ضابط بالجيش الفرنسي ابتكر طريقة لإيصال التعليمات والأوامر المكتوبة لأفراد الجيش في الظلام.

وطريقة "برايل" هذه عبارة عن مجموعة من الرموز، يتكون كل رمز فيها من عمودين، بكل عمود ثلاث نقاط بعضها يكون بارزًا؛ بحيث يستطيع الكفيفُ من خلال لمس الرمز بأنامله، وتحديد النقاط البارزة فيه قراءةَ المكتوب، ونطقه باللغة التي استعملت فيها هذه الطريقة.

وقد استعملت هذه الطريقة في اللغة العربية عام 1878م، وتم تحديد رموزها في مقابلة كل حرف من أحرف الهجائية العربية، فكل حرف في الهجائية العربية يدل عليه تكوين خاص من النقاط البارزة بكل رمز في هذه الطريقة.

وقد جاء الأستاذ محمد بن عمر الأنسي الشامي في أواخر القرن التاسع عشر؛ فعمل على تطوير طريقة برايل في اللغة العربية. انظر: بحث ماجستير مقدم لجامعة السانيا بالجزائر، بعنوان "التواصل التعليمي عند المعاقين بصريًّا" لجبور بشير (ص: 60، وما بعدها)، وانظر أيضًا: أبحاث ندوة طباعة القرآن الكريم ونشره التي عقدها مجمع الملك فهد عام 1433هـ.

وممَّا يَحْسُن ذكره أنَّ الإمام ابن حزم الظاهري [ت: 456 هـ] حكى عن والدِ مُؤَدِّب له أنه ابتكر مجسمات تعبر عن حروف الهجاء؛ ليُعَلِّم بها أحد أولاده الذي قد ابتلي بالعمى؛ فقال في كتابه: "التقريب لحدِّ المنطق" (ص: 192، ط. دار مكتبة الحياة): [ولقد أخبرني مؤدبي أحمد بن محمد بن عبد الوارث رحمه الله أن أباه صَوَّرَ لمولود كان له أعمى ولد أكمه حروف الهجاء أجرامًا من قير، ثم ألمسه إياها، حتى وقف على صورها بعقله وحسه، ثم ألمسه تراكبها وقيام الأشياء منها، حتى تشكل الخط، وكيف يستبان الكتاب، ويقرأ في نفسه، ورفع بذلك عنه غصة عظيمة] اهـ.

وكذلك الشيخ زين الدين الحنبلي الآمدي العابر، وكان من علماء القرن السابع، وكان ضرير البصر، ثبت أنه سبق بقرون إلى ابتكارٍ من جنس ما اخترعه برايل الفرنسي؛ حيث كان يستخدم بروزات معينة ترمز عنده إلى حروف وأرقام تجعله يهتدي إلى بيانات كتبه.

فقد ذكر الصلاح الصفدي في كتابه "نَكْتُ الهِميان في نُكَت العُميان" (ص: 207-208، ط. المطبعة الجمالية بمصر) أنه [كان يَتَّجِر في الكتب، وله كتب كثيرة جدًّا، وكان إذا طُلِب منه كتاب، وكان يعلم أنه عنده، نهض إلى خزانة كتبه، واستخرجه من بينها كأنه قد وضعه لساعته، وإن كان الكتاب عدة مجلدات، وطلب منه الأول مثلا أو الثاني أو الثالث أو غير ذلك أخرجه بعينه وأتى به، وكان يمس الكتاب أولًا، ثم يقول: يشتمل هذا الكتاب على كذا وكذا كراسة، فيكون الأمر كما قال، وإذا أَمَرّ يده على الصفحة، قال: عدد أسطر هذه الصحيفة كذا وكذا سطرًا، فيها بالقلم الغليظ كذا، وهذا الموضع كتب به في الوجهة فيها بالحمرة هذا، وهذا الموضع كتبت فيها بالحمرة، وإن اتفق أنها كتبت بخطين أو ثلاثة، قال: اختلف الخط من هنا إلى هنا، من غير إخلال بشيء ممَّا يمتحن به، ويعرف أثمان جميع كتبه التي اقتناها بالشراء؛ وذلك أنه كان إذا اشترى كتابًا بشيء معلوم، أخذ قطعة ورق خفيفة، وفتل منها فتيلة لطيفة، وصنعها حرفًا أو أكثر من حروف الهجاء لعدد ثمن الكتاب بحساب الجُمَّل، ثم يلصق ذلك على طرف جلد الكتاب من داخل، ويلصق فوقه ورقة بقدره لتتأبَّد، فإذا شَذَّ عن ذهنه كمية ثمن كتابٍ ما من كتبه مَسّ الموضع الذي عَلَّمه في ذلك الكتاب بيده، فيعرف ثمنه من تنبيت العدد الملصق فيه] اهـ.

الالتزام بالرسم العثماني في كتابة المصحف الشريف

الأصل أن القرآن الكريم يكتب بالحروف العربية برسمها العثماني، وهو خط مخصوص بالقرآن الكريم موافق للرسم الإملائي في معظمه، وقد خالفه في أشياء معروفة في علم رسم القرآن؛ ككتابة الصلاة "الصلوة"، والسماوات "السموت"، وغير ذلك.

قال الإمام الزركشي في "البرهان" (1/ 376، ط. عيسى الحلبي): [ولما كان خط المصحف هو الإمام الذي يعتمده القارئ في الوقف، والتمام، ولا يعدو رسومه، ولا يتجاوز مرسومه، قد خالف خط الإمام في كثير من الحروف، والأعلام، ولم يكن ذلك منهم كيف اتفق، بل على أمر عندهم قد تحقق، وجب الاعتناء به، والوقوف على سببه] اهـ.

وقال أبو البقاء العكبري في كتاب "اللباب في علل البناء والإعراب" (2/ 481، ط. دار الفكر): [ذهب جماعة من أهل اللغة إلى كتاب الكلمة على لفظها إلا في خط المصحف؛ فإنهم اتبعوا في ذلك ما وجدوه في الإمام والعمل على الأول] اهـ.

وقال الإمام الزمخشري في "الكشاف" (1/ 27، ط. دار الكتاب العربي): [وقد اتفقت في خط المصحف أشياء خارجة عن القياسات التي بنى عليها علم الخط والهجاء، ثم ما عاد ذلك بضير ولا نقصان؛ لاستقامة اللفظ، وبقاء الحفظ، وكان اتباع خط المصحف سنة لا تخالف، قال عبد اللَّه بن درستويه في كتابه: المترجم بـ"كتاب الكتاب" المتمم في الخط والهجاء: خطان لا يقاسان: خط المصحف؛ لأنه سنة، وخط العروض؛ لأنه يثبت فيه ما أثبته اللفظ، ويسقط عنه ما أسقطه] اهـ.

وعليه فالخطوط ثلاثة؛ خط المصحف، والخط الإملائي، وخط العروض، ومبناه على كتابة كل ما ينطق به.

بيان أن كتابة المصحف بالرسم العثماني أمرٌ توقيفيٌّ

خط المصحف لم يُبتَكر بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بل كتب به في حياته الشريفة، لكن المكتوب لم يكن مجموعًا في مصحف، وكان يكتب على الجلود والأكتاف -التي هي العظام المنبسطة كاللوح- وسعف النخل، ونحوها؛ لأن الورق لم يكن حينئذٍ، فالشأن فيه انبناؤه على التوقيف.

وقد روى البخاري في "صحيحه" عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: لما نزلت: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النساء: 95] قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «ادْعُوا فُلاَنًا»، فجاءه ومعه الدواة واللوح، أو الكتف.. الحديث.

وقد أخبر سبحانه وتعالى بأنه قد تكفل بحفظ كتابه؛ فقال: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: 9]، وقد تواترت قراءة: ﴿رَحْمَتَ﴾، و﴿نِعْمَتَ﴾، و﴿سُنَّتُ﴾، وأخواتها المشهورة بالتاء عند الوقف، وقراءة ﴿وَسَوْفَ يُؤْتِ﴾ في سورة النساء بكسر التاء وحذف الياء لغير الجازم كذلك، وقراءة ﴿يَدْعُ﴾ في سورة الإسراء و﴿يَمْحُ﴾ في سورة الشورى و﴿سَنَدْعُ﴾ في سورة العلق بحذف الواو في الأفعال الثلاثة لغير الجازم كذلك أيضًا؛ خلافًا للقياس العربي المشهور في ذلك كله، فلو لم يكن الرسم العثماني توقيفًا عَلَّمه جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، لكان خبره تعالى كاذبًا، وهو محال؛ أي: لو كان الرسم العثماني غير توقيفي؛ بأن كتبه الصحابة على ما تيسر لهم كما زعمه البعض، لزم أن يكون سبحانه وتعالى أنزل هذه الكلمات ﴿رَحْمَتَ﴾ وأخواتها بالهاء، و﴿سَوْفَ يُؤْتِ﴾ بالياء و﴿يَدْعُ﴾ وأختيها بالواو، ثم كتبها الصحابة لجهلهم بالخط يومئذ بالتاء وبحذف الياء والواو، ثم تبعتهم الأمة خطأ أربعة عشر قرنًا من الزمان، فتكون الأمة من عهده صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليوم مجمعة على إبدال حروف بأخرى في كلامه ليست منزلة من عنده، وعلى حذف حروف عديدة منه، وإذا كان ذلك كذلك كان خبره تعالى كاذبًا، وكَذِبُ خبرِه تعالى باطل، فبطل ما أدّى إليه، وهو كون رسم هذه الكلمات ونظائرها بلا توقيف نبوي، إذا بطل هذا ثبت نقيضه، وهو كون الرسم العثماني توقيفًا، وهو المطلوب. انظر: "سمير الطالبين" للشيخ الضباع (ص: 24-25، ط. عبد الحميد حنفي بمصر).

ويقرر أيضًا سيدي عبد العزيز الدباغ رضي الله عنه كلامًا نفيسًا في بيان إثبات توقيفية الرسم والرد على من زعم أنه مجرد اصطلاح؛ فيقول: [وأما قول من قال: إن الصحابة رضي الله عنهم هم الذين اصطلحوا على الرسم المذكور، فلا يخفى ما في كلامه -أي من البطلان-؛ لأن القرآن العزيز كُتِب في زمانه صلى الله عليه وآله وسلم، وبين يديه على هيئة من الهيئات، وحينئذٍ فلا يخلو ما اصطلح عليه الصحابة رضوان الله عليهم؛ إما أن يكون هو عين الهيئة –أي: التي التي كُتِبَت بين يدي النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم- أو غيرها، فإن كان عينها: بطل الاصطلاح؛ لأنه اختراع، وابتداع، وسبقية التوقيف تنافي ذلك، وتوجب الاتباع. فإن نسب اتباعهم حينئذ للاصطلاح كان بمنزلة مَن قال: إن الصحابة اصطلحوا على أن الصلوات خمس، وعلى أن عدد الركعات مثلًا أربع، وإن كان غير ذلك: فكيف يكون النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم كَتَب على هيئة، كهيئة الرسم القياسي مثلًا، والصحابة خالفوا وكتبوا على هيئة أخرى؟!

فلا يصحُّ ذلك لوجهين: أحدهما: نسبة الصحابة وأعلام الهدى رضي الله عنهم إلى المخالفة، وذلك مُحالٌ.

ثانيهما: أن سائر الأمة من الصحابة وغيرهم أجمعوا على أنه لا يجوز أن يزاد في القرآن حرف، ولا أن ينقص منه حرف. والكتابة أحد الوجودات الأربعة، وما بين الدفتين كلام الله، فإذا كان النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم كتب على هيئة.. والصحابة عاكسوه في ذلك وخالفوه، لزم أنّهم رضي الله عنهم -وحاشاهم من ذلك- تصرفوا في القرآن بالزيادة والنقصان، ووقعوا فيما أجمعوا هم وغيرهم على ما لا يحلُّ لأحدٍ فعلهُ، ولزم تطرُّق الشكِّ إلى جميع ما بين الدفتين؛ لأنا مهما جوزنا أن تكون فيه حروف زائدة على ما في علم النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى ما عنده، وأنها ليست بوحيٍ، ولا من عند الله، ولا نعلمها بعينها شككنا في الجميع. ولئن جوزنا لصحابيٍ أن يزيد في كتابته حرفًا ليس بوحيٍ، لزمنا أن نجوز لصحابي آخر نقصان حرف من الوحي؛ إذ لا فرق بينهما، وحينئذٍ تنحل عروة الإسلام بالكلية.

وإنما يصح أن يدعى الاصطلاح من الصحابة رضوان الله عليهم لو كانت كتابة القرآن العزيز إنما حدثت في عصرهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فثبت أن الرسم توقيفي لا اصطلاحي، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الآمر بكتابته على الهيئة المعروفة] اهـ. من "الإبريز" لسيدي أحمد بن المبارك السجلماسي (ص: 89، ط. دار الكتب العلمية).

مذهب العلماء في الالتزام بالرسم العثماني في كتابة المصحف الشريف

ذهب جمهور العلماء إلى وجوب الالتزام بالرسم العثماني في كتابة المصحف.

فسئل الإمام مالك رحمه الله هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناس من الهجاء؟ فقال: "لا، إلا على الكتبة الأولى". انظر "البيان والتحصيل" للإمام ابن رشد (18/ 354، ط. دار الغرب الإسلامي).

قال الإمام أبو عمرو الداني في كتابه "المقنع في رسم مصاحف الأمصار" (ص: 19، ط. مكتبة الكليات الأزهرية): [ولا مخالف له في ذلك من علماء الأمة، وبالله التوفيق] اهـ.

ونص الإمام أحمد على حرمة مخالفة خط عثمان في واو وياء وألف وغيرها. انظر: "شرح منتهى الإرادات" للعلامة البهوتي (1/ 78، ط. عالم الكتب).

قال الإمام برهان الدين الجعبري في "جميلة أرباب المراصد في شرح عقيلة أتراب القصائد" (1/ 380، ط. برنامج الكراسي البحثية بجامعة طيبة بالمدينة المنورة) -عند قول الإمام الشاطبي:

وقال مالك القرآنُ يكتَب بالــ ...كتابِ الأَوَّلِ لا مُسْتَحْدِثًا سُطِرا-:

[وهذا مذهب الأئمة الأربعة رضوان الله عليهم، وخَصَّ مالكًا لأنه حُكي فتياه، ومستندهم مستند الخلفاء الأربع رضوان الله عليهم] اهـ.

وقال الإمام البيهقي في "شعب الإيمان" (4/ 219، ط. مكتبة الرشد): [مَن كتب مصحفًا فينبغي أن يحافظ على الهجاء التي كتبوا بها تلك المصاحف، ولا يخالفهم فيها، ولا يغير ممَّا كتبوه شيئًا؛ فإنهم كانوا أكثر علمًا، وأصدق قلبًا ولسانًا، وأعظم أمانة منا، فلا ينبغي لنا أن نظن بأنفسنا استدراكًا عليهم ولا تَسَقُّطًا لهم] اهـ.

وقد ذكر بعض العلماء أنَّ الرسم فيه سر لا يعلمه إلا الله تعالى، وحاول الخوض في هذا الشيخ أبو العباس أحمد بن البناء المراكشي في كتاب: "عنوان الدليل في مرسوم خط التنزيل".

وجاء في كتاب "الإبريز" (ص: 87) عن سيدي عبد العزيز الدباغ رضي الله عنه أنه قال: [ما للصحابة ولا لغيرهم في رسم القرآن ولا شعرةٌ واحدةٌ، وإنما هو بتوقيف من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو الذي أمرهم أن يكتبوه على الهيئة المعروفة، بزيادة الأحرف ونقصانِها؛ لأسرارٍ لا تَهتدي إليها العقول، وما كانت العرب في جاهليتها، ولا أهل الإيمان من سائر الأمم في أديانهم يعرفون ذلك، ولا يهتدون بعقولهم إلى شيء منه، وهو سرٌّ من أسراره، خص الله به كتابه العزيز دون سائر الكتب السماوية، فلا يوجد شبه ذلك الرسم؛ لا في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في غيرهما من الكتب السماوية، وكما أن نظم القرآن معجزٌ، فرسمه أيضًا معجز] اهـ.

ونزيد فنقول: إن العلماء جعلوا موافقة رسم المصحف العثماني أحد الشروط التي تثبت بها قرآنية القراءة الواردة.

قال إمام القراء الإمام شمس الدين بن الجزري في كتابه: "منجد المقرئين ومرشد الطالبين" (ص: 18، ط. دار الكتب العلمية): [كل قراءة وافقت العربية مطلقًا، ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو تقديرًا وتواتر نقلها، هذه القراءة المتواترة المقطوع بها. ومعنى (العربية مطلقًا): أي ولو بوجه من الإعراب.. ومعنى (أحد المصاحف العثمانية): واحد من المصاحف التي وجهها عثمان رضي الله عنه إلى الأمصار.. ومعنى (ولو تقديرًا): ما يحتمله رسم المصحف.. ونعني بـ(التواتر): ما رواه جماعة، كذا إلى منتهاه، يفيد العلم من غير تعيين عدد؛ هذا هو الصحيح.. والذي جمع في زماننا هذه الأركان الثلاثة هو قراءة الأئمة العشرة التي أجمع الناس على تلقيها بالقبول، وهم: أبو جعفر، ونافع، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخَلَف، أخذها الخلف عن السلف إلى أن وصلت إلى زماننا، كما سنوضح ذلك، فقراءة أحدهم كقراءة الباقين في كونها مقطوعًا بها] اهـ.

وقال في "طيبة النشر في القراءات العشر":

فكلُّ ما وافَقَ وَجْهَ نَحْوِ ... وكان للرَّسْمِ احتمالا يَحوي

وصَحّ إسنادًا هو القرآنُ ... فهذه الثّلاثـةُ الأركان

حكم كتابة القرآن الكريم بطريقة برايل بالنقوش البارزة

ومع ذلك فلا مانع من كتابة القرآن الكريم بطريقة برايل بالنقوش البارزة؛ للحاجة إلى ذلك؛ بحيث إن الماسَّ لهذه النقوش يستدل بها على الحروف التي تقابلها بشكلها؛ وهو ما يُعرف بـ"الفوناتيك" (PHONETIC TRANSCRIPTION)؛ أي: الرسّم الصّوتي للآيات القرآنيّة؛ بمعنى أن تُكتب الآية أو السّورة بالنقوش البارزة، وتُنطق باللغة العربيّة بألفاظ القرآن بالضبط.

وقد ورد أن الفرس كتبوا لسلمان الفارسي رضي الله عنه بأن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية، فكانوا يقرأون ما كتب حتى لانت ألسنتهم. انظر: "المبسوط" للإمام السرخسي (1/ 37، ط. دار المعرفة).

قال العلامة البدر العيني الحنفي في "البناية شرح الهداية" (12/ 237، ط. دار الكتب العلمية): [وما كتب سلمان رضي الله تعالى عنه الفاتحة بالفارسية كان للضرورة لأهل فارس] اهـ.

وقد احتمل الإمام بدر الدين الزركشي الجواز إذا كانت الكتابة بغير القلم العربي يساعد مَن لا يُحسِن أن يقرأه بالعربية؛ فقال في "البرهان" (1/ 380): [هل يجوز كتابة القرآن بقلم غير العربي؟ هذا ممَّا لم أر للعلماء فيه كلامًا، ويحتمل الجواز؛ لأنه قد يحسنه من يقرؤه بالعربية، والأقرب المنع، كما تحرم قراءته بغير لسان العرب، ولقولهم: "القلم أحد اللسانين"، والعرب لا تعرف قلمًا غير العربي، قال تعالى: ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء: 195] اهـ.

ونظير ذلك ما نص عليه فقهاء الشافعية من جواز مخالفة طريقة القراءة المأثورة بتقطيع الحروف لحاجة التعلُّم؛ قال العلامة شهاب الدين بن قاسم العَبّادي في حاشيته على "تحفة المحتاج" للعلامة ابن حجر (6/ 160، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [الوجه: جواز تقطيع حروف القرآن في القراءة في التعليم؛ للحاجة إلى ذلك] اهـ.

وقد أفتى خاتمة المحققين الشيخ محمد بخيت المطيعي رحمه الله تعالى بجواز كتابة القرآن الكريم بغير العربية للعاجز عنها بشرط ألا يختلّ اللفظ ولا المعنى. "مجلة المنار" (6/ 274].

مدى وجوب تعظيم المصحف المكتوب بطريقة برايل وحرمة مسه للمحدث

إن المصحف المكتوب بطريقة برايل للمكفوفين يأخذ حكم المصحف العادي؛ من حيث وجوب صيانته، واحترامه، وحرمة مسه للمحدث؛ لأن النقوش البارزة في برايل؛ كالنقوش المرسومة في هيئة حروف في الرسم العثماني؛ من حيث إن كلًا منهما دال على كلام الله تعالى الذي هو المعنى القديم القائم بنفسه سبحانه وتعالى، فالمكتوب بطريقة برايل يؤدي وظيفة المكتوب بالرسم العربي العثماني في الدلالة على القرآن الكريم؛ لأنَّ القرآن يطلق ويراد به إمَّا المعنى القائم بالنفس، وإمَّا الألفاظ المسموعة؛ قال الإمام العراقي في "الغيث الهامع شرح جمع الجوامع" (ص: 105، ط. دار الكتب العلمية): [القرآن يطلق؛ ويراد به مدلول اللفظ، وهو المعنى القائم بالنفس، وهو محلّ نظر المتكلمين، وأخرى ويراد به الألفاظ الدالة على ما في النفس؛ ومنه قوله تعالى: ﴿فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ﴾ [التوبة: 6]. والمسموع هو العبارات، وهذا محلّ نظر الأصوليين والفقهاء والنحاة وغيرهم] اهـ.

فالقارئ لِمَا كُتِب بطريقة برايل أو الرسم العربي العثماني هو قارئ للقرآن الكريم من حيث نطقه بألفاظه المسموعة، وإن اختلف الدال عليها من حيث الرسم ووسيلة القراءة؛ حيث إن المصحف المكتوب بالرسم العثماني يقرأ بواسطة العين، والمكتوب بطريقة برايل يقرأ بواسطة اللمس بالأنامل.

آراء المذاهب الفقهية في مس المصحف المكتوب بحروف غير عربية للمحدث

قد ذهب الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أن المصحف لو كتب بحروف غير عربية حَرُمَ مَسُّه على المُحْدِث؛ من ذلك:

ما جاء في "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" (1/ 212، ط. دار الكتاب الإسلامي) للعلَّامة ابن نجيم الحنفي من قوله: [ولو كان القرآن مكتوبًا بالفارسية يحرم على الجنب والحائض مسه] اهـ.

وقول الإمام شهاب الدين القليوبي الشافعي في "حواشيه على شرح المحلي على المنهاج" (1/ 41، ط. دار الفكر): [ويجوز كتابته -أي: المصحف-، لا قراءته بغير العربية، ولها حكم المصحف في المسّ والحمل] اهـ.

وقال العلَّامة البجيرمي الشافعي في حاشيته المسماة بـ"تحفة الحبيب على شرح الخطيب الشربيني" (1/ 374، ط. دار الفكر): [وفائدة كتابته بغير العربية مع حرمة القراءة بها: أنه قد يحسنها مَن يقرؤه بالعربية؛ أي: ويحرم مسه وحمله والحالة ما ذكر؛ لأنه مسمياتها ودوالها إنما هو القرآن؛ لأنه لو قيل لمن كتبه بالهندي: انطق بما كتبه، نطق بلفظ القرآن] اهـ.

وقال الشيخ ابن تيمية الحنبلي في "مجموع فتاويه" (12/ 102، ط. مجمع الملك فهد): [لا نزاع بينهم أن المصحف إذا شُكِّل ونُقِّط وجب احترام الشكل والنقط، كما يجب احترام الحرف] اهـ.

أمَّا فقهاء السادة المالكيَّة فذهبوا إلى جواز مس المحدث للمصحف المكتوب بغير العربية إلحاقًا له بالتفسير، لا بالقرآن؛ حيث لم يعتبروا إلا القلم العربي في الدلالة على القرآن.

قال العلَّامة الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 125، ط. دار الفكر] مع "حاشية الدسوقي": [(ومَنَع حدثٌ): ‌أصغر ‌وكذا ‌أكبر، ‌وسيأتي ‌أي: ‌الوصف ‌القائم ‌بالشخص ثلاثة أمور، (صلاة) بجميع أنواعها، ومنها سجود التلاوة، (وطوافًا، ومس مصحف) كتب بالعربي لا بالعجمي]، قال العلَّامة الدسوقي معلقًا في "الحاشية": [قوله: (لا ‌بالعجمي)؛ أي: وأمَّا لو كتب ‌بالعجمي لجاز ‌للمحدث مسه؛ لأنَّه ليس بقرآن، بل هو تفسير للقرآن] اهـ.

وجاء في "الشرح الصغير" لسيدي الدردير (1/ 149، ط. دار المعارف) مع "حاشية الصاوي": [(ومنع الحدث صلاة، وطوافًا، ومس مصحف أو جزئه، وكَتْبِه، وحمله)]، فقال العلَّامة الصاوي في "حاشيته" عليه: [قوله: (كَتْبِه): أي بالعربي ومنه الكوفي، لا بالعجمي، فيجوز للمحدث مسه؛ لأنَّه ليس بقرآن، بل هو تفسير له. قال بعضهم: والأقرب منع كتبه بغير القلم العربي كما تحرم قراءته بغير لسان العرب؛ لقولهم: القلم أحد اللسانين، والعرب لا تعرف قلمًا غير العربي، وقد قال الله تعالى: ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء: 195] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ما سبق: فإنَّ الطهارة مُعتبرة لِمَسِّ المصحف الشريف، فلا يجوز مسه للمحدث مطلقًا، والمصحف المكتوب بطريقة برايل للمكفوفين يأخذ الحكم ذاته؛ فتجب صيانته واحترامه، ويحرم مسه للمحدث على المختار من أقوال العلماء.

ومَن وجد في ذلك مشقة أو حرجًا، واحتاج إلى قراءة القرآن منه مباشرة؛ لضرورة حفظ، أو تعليم، أو صعوبة تحصيل مَنْ يعاونه على الطهارة، فله أن يستعمله حينئذٍ؛ تقليدًا لمن رخَّص في ذلك من فقهاء المالكية.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا