أقوال العلماء في حكم إحياء ليلة النصف من شعبان

أقوال العلماء في حكم إحياء ليلة النصف من شعبان

نرجو منكم بيان أقوال العلماء في حكم إحياء ليلة النصف من شعبان.

المحتويات

 

نقل العمل في إحياء ليلة النصف من شعبان

نُقِل العمل على الاحتفال بليلة النصف من شعبان عن السلف الصالح وأهل مكة والشام:

قال العلامة ابن الحاجّ المالكي في "المدخل" (1/ 299، ط. دار التراث): [وكان السلف رضي الله عنهم يُعَظِّمونها -أي: ليلة النصف من شعبان-، ويُشَمِّرُون لها قبل إتيانها، فما تأتيهم إلا وَهُمْ متأهِّبون للقائها، والقيام بحرمتها على ما قد عُلِمَ من احترامهم للشعائر على ما تَقَدَّم ذِكْرُه؛ هذا هو التعظيم الشرعي لهذه الليلة] اهـ.

وقال العلامة الفاكهي في "أخبار مكة" (3/ 64، ط. دار خضر): [ذِكْرُ عمل أهل مكة ليلة النصف من شعبان واجتهادهم فيها لفضلها: وأهل مكة فيما مضى إلى اليوم؛ إذا كان ليلة النصف من شعبان خرج عامة الرجال والنساء إلى المسجد، فصلَّوا، وطافُوا، وأحيَوْا ليلتهم حتى الصباح بالقراءة في المسجد الحرام، حتى يختموا القرآن كله، ويُصلُّوا، ومَن صلَّى منهم تلك الليلة مائة ركعةٍ يقرأ في كل ركعة بـ﴿الْحَمْدُ﴾ -أي: الفاتحة-، و﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ عشر مرات، وأخذوا من ماء زمزم تلك الليلة، فشربوه، واغتسلوا به، وخبَّؤُوه عندهم للمرضى، يبتغون بذلك البركة في هذه الليلة، ويروى فيه أحاديث كثيرة] اهـ.

وقال الحافظ ابن رجب في "لطائف المعارف" (ص: 137، ط. دار ابن حزم): [وليلة النصف من شعبان: كان التابعون من أهل الشام؛ كخالد بن معدان ومكحول ولقمان بن عامر وغيرهم، يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادة، وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها] اهـ.

أقوال الفقهاء في حكم إحياء ليلة النصف من شعبان

وكذا نَصَّ فقهاء المذاهب المتبوعة على استحباب إحياء هذه الليلة وتعظيمها:

قال العلامة ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 56، ط. دار الكتاب الإسلامي): [ومن المندوبات: إحياء ليالي العشر من رمضان، وليلتي العيدين، وليالي عشر ذي الحجة، وليلة النصف من شعبان] اهـ.

وقال العلامة ابن الحاج المالكي في "المدخل" (1/ 299): [ولا شك أنها -أي: ليلة النصف من شعبان- ليلة مباركة عظيمةُ القدر عند الله تعالى.. وبالجملة: فهذه الليلة وإن لم تكن ليلةَ القدر فلها فضلٌ عظيمٌ وخيرٌ جسيمٌ] اهـ.

وقال الشيخ زروق في "شرحه على متن الرسالة" (2/ 988، ط. دار الكتب العلمية): [وحديثُ صومِ شعبانَ رواه مسلمٌ، ورَوَى غيرُ واحدٍ قيامَ ليلة النصف منه] اهـ.

وقال الإمام الشافعي في "الأم" (1/ 264، ط. دار المعرفة): [إنَّ الدعاء يستجاب في خمس ليالٍ: في ليلة الجمعة، وليلة الأضحى، وليلة الفطر، وأول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان] اهـ، ومن المعلوم أن من مظاهر الإحياء: الدعاء.

وقال العلامة القليوبي الشافعي في "حاشيته على شرح المنهاج" (1/ 359، ط. دار الفكر): [يُندَب إحياء ليلتي العيدين بذكرٍ أو صلاةٍ، وأَوْلَاها: صلاة التسبيح، ويكفي مُعظَمُها؛ وأَقَلُّهُ: صلاة العشاء في جماعة، والعزم على صلاة الصبح كذلك، ومثلهما: ليلة نصف شعبان، وأول ليلة من رجب، وليلة الجمعة؛ لأنها مَحَالُّ إجابة الدعاء] اهـ.

وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي في "لطائف المعارف" (ص: 137): [ولا يُعْرَف للإمام أحمد كلامٌ في ليلة نصف شعبان، ويتخرج في استحباب قيامها عنه روايتان من الروايتين عنه في قيام ليلتي العيد، فإنه في رواية لم يستحب قيامها جماعة؛ لأنه لم يُنْقَل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه، واستحبَّها في رواية؛ لفعل عبد الرحمن بن يزيد بن الأسود وهو من التابعين، فكذلك قيام ليلة النصف] اهـ.

قال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (1/ 437، ط. دار الكتب العلمية) مقررًا كلام ابن رجب: [قال شيخنا: قيام بعض الليالي كُلِّها مما جاءت به السنة (إلا ليلة عيد)؛ لحديث: «مَنْ أَحْيَا لَيْلَةَ الْعِيدِ أَحْيَا اللهُ قَلْبَهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» رواه الدارقطني في "علله"، وفي معناها: ليلة النصف من شعبان؛ ذكره ابن رجب في "اللطائف"] اهـ.

اعتناء العلماء ببيان فضل ليلة النصف من شعبان

وقد اعتنى العلماء بهذه الليلة المباركة؛ لما لها من الفضل، وزاد اعتناؤهم بها حتى أفردوا في فضلها وإحيائها وبيان خصائصها أجزاء حديثية ورسائل؛ منها: "ليلة النصف من شعبان وفضلها" للحافظ ابن الدبيثي صاحب "الذيل على تاريخ بغداد" [ت: 637هـ]، و"الإيضاح والبيان لما جاء في ليلتي الرغائب والنصف من شعبان" للإمام ابن حجر الهيتمي [ت: 974هـ]، و"التبيان في بيان ما في النصف من شعبان" للملا علي القاري [ت: 1014هـ]، و"فضائل ليلة النصف من شهر شعبان" للعلامة سالم السنهوري [ت: 1015هـ]، و"رسالة في فضل ليلة النصف من شهر شعبان" للعلامة محمد حسنين مخلوف [ت: 1355هـ]، و"حسن البيان في ليلة النصف من شعبان" للعلامة عبد الله بن الصديق الغماري [ت: 1413هـ]، و"ليلة النصف من شعبان في ميزان الإنصاف العلمي" للإمام الرائد الشيخ محمد زكي الدين إبراهيم [ت: 1419هـ]، وغيرها.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا