الاعتدال في الإنفاق والتحذير من البخل والإسراف

تاريخ الفتوى: 28 مارس 2023 م
رقم الفتوى: 7537
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الزكاة
الاعتدال في الإنفاق والتحذير من البخل والإسراف

نرجو منكم بيان كيف حث الشرع الشريف على الاعتدال في الإنفاق والتحذير من البخل والإسراف.

المقرر شرعًا أن على الإنسان أن يحقق الاتزان والاعتدال في شتى مناحي الحياة؛ فمع الأمر بالتصدق والإنفاق من الجميع في كل مصارف الخير -بما في ذلك الفقير-؛ إلا أن الإنسان مأمورٌ مع ذلك بأن يكون إنفاقه في تلك الوجوه على قدر من الوسطية والاعتدال؛ فلا يكون بخيلًا شحيحًا، وفي المقابل لا يبلغ في الإنفاق درجة السفه والإسراف مع حاجته وحاجة مَن يعول؛ قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ [البقرة: 143].
وقال تعالى: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا﴾ [الإسراء: 29].
قال الإمام الزمخشري في "الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل" (2/ 662، ط. دار الكتاب العربي): [هذا تمثيل لمنع الشحيح وإعطاء المسرف، وأمر بالاقتصاد الذي هو بين الإسراف والتقتير، ﴿فَتَقْعُدَ مَلُومًا﴾ فتصير ملومًا عند الله؛ لأن المسرف غير مرضي عنده وعند الناس، يقول المحتاج: أعطى فلانًا وحرمني] اهـ.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ» متفق عليه.
قال الحافظ ابن الجوزي الحنبلي في "شرح مشكل الصحيحين" (3/ 520، ط. دار الوطن): [اعلم أن الصدقة نافلة، وإغناء النفس والأهل واجب، فإذا أُغنوا حسنت الصدقة بعد ذلك، فهذا معنى قوله: «وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ». فإن قيل: فكيف الجمع بين هذا وبين قوله: «أفضل الصدقة جهد مقل»؟
فالجواب: من وجهين: أحدهما: أن يكون جهد المقل بعد إغناء من يلزم إغناؤه، فكأنه يستسلُّ من فواضل الغنى شيئًا فيتصدق به] اهـ.
وفي لفظ آخر عند البخاري في "صحيحه": «لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى».
قال الإمام ابن بطال في "شرحه على صحيح البخاري" (3/ 428، ط. مكتبة الرشد): [وقوله: «لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى» أي: لا صدقة إلا بعد إحراز قوته وقوت أهله؛ لأن الابتداء بالفرائض قبل النوافل أولى، وليس لأحد إتلاف نفسه وإتلاف أهله بإحياء غيره، وإنما عليه إحياء غيره بعد إحياء نفسه وأهله، إذ حق نفسه وحق أهله أوجب عليه من حق سائر الناس، ولذلك قال: «وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ»، وقال لكعب: «أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك»] اهـ.
ومقتضى ذلك أن التوازن والاعتدال في الإنفاق في سبيل الله أمر من الفضيلة والحكمة، وسمة من وسطية شريعتنا الغراء.
قال الإمام الرازي في "مفاتيح الغيب" (6/ 402، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال الحكماء: الفضيلة بين طرفي الإفراط والتفريط، فالإنفاق الكثير هو التبذير، والتقليل جدا هو التقتير، والعدل هو الفضيلة وهو المراد من قوله: ﴿قُلِ الْعَفْوَ﴾ [البقرة: 219]، ومدار شرع محمد صلى الله عليه وآله وسلم على رعاية هذه الدقيقة؛ فشرع اليهود مبناه على الخشونة التامة، وشرع النصارى على المسامحة التامة، وشرع محمد صلى الله عليه وآله وسلم متوسط في كل هذه الأمور، فلذلك كان أكمل من الكل] اهـ.
وعلى الإنسان إذن أن يرتب بين الأولويات، وأن يفرق بين ما هو ضروري وما هو تحسيني؛ فإذا ما غطى الإنسان الاحتياجات الضرورية له ولمَن يعول: فلا مانع له من أن يساهم في النفع المجتمعي.
والشرع الشريف لم يلزم الإنسان بإخراج زكاة المال ما لم يبلغ ماله النصاب المحدد شرعًا -وهو يعادلُ خمسةً وثمانين جرامًا من الذهب عيار واحد وعشرين- وهو ما يتفق مع ما قرَّرناه من تقديم حق النفس ومن وجبت نفقته؛ وقد حثَّ ربُّ العزة سبحانه وتعالى عباده على الإنفاق في سبيله كل بحسب قدرته واستطاعته، وامتدح فاعل ذلك بقوله سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ [الحشر: 9].
وفي الحديث الشريف الذي أخرجه أبو داود في "سننه" أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما سئل عن أفضل الصدقة، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «جَهْدُ الْمُقِلِّ»؛ أي الفقير.
قال العلامة الشيرازي الحنفي في "المفاتيح في شرح المصابيح" (2/ 549، ط. دار النوادر): [(الجهد) بضم الجيم: الطاقة والاستطاعة، و(المُقِلُّ): الفقير؛ يعني: أفضلُ الصدقة ما قَدرَ عليه الفقيرُ أن يعطيَه المسكينَ] اهـ. ومما ذكر يُعلم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

سائل يقول: ورد عن سيدنا أنس رضي الله عنه أنه قال: "نَهَى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ". فما معنى النهي الوارد في هذا الحديث عن صبر البهائم؟


لحبي الشديد لأمي أريد أن أقوم بعمل خير لها بعد وفاتها؛ فهل الأفضل أن أصوم شهرًا من كل عام وأهب ثوابه لأمي أو أطعم ثلاثين مسكينًا عن الشهر وأهب ثوابها لها؟ وهل يشترط إطعام ثلاثين بالعدد أو أكبر عدد من الأُسَر؟ وهل يجوز تحديد مبلغ من مالي أخرجه كل شهر وأهب ثوابه لها؟ وما هو نصاب زكاة المال؟


ما ضابط نشوز الزوجة، وما الذي يترتب عليه؟


هل يجوز للحاكم شرعًا أن يُحَدِّد الأسعار إذا قام التجارُ ببيع السلع الضرورية لأشخاصٍ معينين ومنعها عن عامة الناس وذلك بقصد الاحتكار؟


نحن جمعية خيرية تقوم بجمع التبرعات وزكاة المال والصدقات وزكاة عيد الفطر، وتقوم الجمعية بجمع كثير من الأموال، وخاصة في الأيام الأخيرة من شهر رمضان، مما يجعل هناك قليلًا من الوقت لتوزيعها على من يستحقها. فما هو حكم الدين في توزيع زكاة الفطر في أيامٍ بعد شهر رمضان لِتَصِلَ إلى مستحقيها؟


يقول السائل: امرأة توفيت عن إخوتها لأبيها ثلاث إناث وذكر، وتركت ما يورث عنها شرعًا، فهل تكفينها وتجهيزها حتى دفنها واجب في تركتها، أو على الورثة؟ وما هو اللازم شرعًا في التكفين والتجهيز حتى الدفن؟ وهل إذا صرف أحد الورثة من ماله في التجهيز والتكفين زيادةً عمَّا هو لازم لها حسب أمثالها، وكان ذلك بدون إذن الورثة، وكذا ما صرفه في غير التجهيز والتكفين مثل أجرة وتكاليف مكان العزاء؛ من مأكل ومشرب وغير ذلك، بدون إذن باقي الورثة أيضًا، هل يلزم ذلك الورثة أو لا يلزمهم ويكون متبرعًا؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 09 مايو 2025 م
الفجر
4 :28
الشروق
6 :5
الظهر
12 : 51
العصر
4:28
المغرب
7 : 38
العشاء
9 :4