حكم أكل الناذر من النذر المعين للفقراء والمساكين

تاريخ الفتوى: 14 مارس 2023 م
رقم الفتوى: 7511
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الذبائح
حكم أكل الناذر من النذر المعين للفقراء والمساكين

ما حكم أكل الناذر من النذر المعين للفقراء والمساكين؟ حيث نذر رجلٌ إن نجح ولده هذا العام فسوف يذبح شيئًا ويوزعه على الفقراء والمحتاجين. فهل يجوز له الأكل من هذا النذر؟

إذا نذر الإنسان نذرًا بأنه سوف يذبح شيئًا لله ويوزعه على الفقراء والمحتاجين، وعلَّقه على أمرٍ وتحقق ذلك الأمر؛ فإنه يجب عليه الوفاء بنذره؛ ولكونه قد عَيَّنَ هذا النذر للفقراء والمساكين، فإنه لا يجوز له أن يأكل منه، وإنما يُوَزِّعه كلَّه على الفقراء والمساكين والمحتاجين.

المحتويات

 

بيان مفهوم النذر

النذر في اللغة: بمعنى النَّحْب والإيجاب، وقيل لَهُ (نَذْر)؛ لأَنه نُذِرَ فيه أَي: أَوجب، من قولك نَذَرتُ على نفسي أَي: أوجبت؛ كما في "لسان العرب" للعلامة جمال الدين ابن منظور (5/ 200، ط. دار صادر).

وفي الشرع: عبارة عن إِيجاب المرءِ فِعْلَ الْبِرِّ على نفسه؛ كما في "الاستذكار" للإمام ابن عبد البر (5/ 173، ط. دار الكتب العلمية).

حكم الوفاء بالنذر والأدلة على ذلك

قد أوجب الشرع الشريف على المُكلَّف أن يفي بنذر الطاعة عند القدرة عليه، وشدد على الوفاء به، وعلى ذلك تضافرت الأدلة من الكتاب والسنة.

فمن الكتاب: قول الله تعالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ﴾ [البقرة: 270]، وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29]، وقوله تعالى في بيان صفات الأبرار: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا﴾ [الإِنسان: 7].

ومن السنة: ما أخرجه الشيخان في "صحيحيهما" عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: «فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ».

وأخرج الإمام البخاري في "صحيحه" عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ».

قال الإمام ابن بطال في "شرحه على صحيح البخاري" (6/ 156-157، ط. مكتبة الرشد) عند شرح حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: [النذر في الطاعة واجب الوفاء به عند جماعة الفقهاء لمن قدر عليه، وإن كانت تلك الطاعة قبل النذر غير لازمة له فنذره لها قد أوجبها عليه؛ لأنه ألزمها نفسه لله تعالى فكل من ألزم نفسه شيئًا لله فقد تعين عليه فرض الأداء فيه، وقد ذم الله من أوجب على نفسه شيئًا ولم يف به؛ قال تعالى: ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ﴾ الآية] اهـ.

ولا خلاف أنَّ النذر بالطاعة يلزم الوفاء به ولا كفارة فيه، واتفقوا أنَّ من نذر معصية فإنه لا يجوز له الوفاء بها"؛ كما قال الإمام ابن القطَّان في "الإقناع في مسائل الإجماع" (1/ 375، ط. دار الفاروق).

حكم أكل الناذر من النذر المعين للفقراء والمساكين 

قد ذهب جمهور الفقهاء؛ من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة: إلى أنَّ مَن نذر شيئًا وعيَّنهُ للفقراء والمساكين؛ فإنه لا يجوز له أن يأكل منه، على تفصيلٍ بينهم في ذلك.

فأما الحنفية والحنابلة: فقد منعوا الأكل من النذر مطلقًا؛ سواء كان النذر معيَّنًا للفقراء والمساكين أو غير معيَّن، وسواء كان نذرَ مجازاةٍ أو غيرَ مجازاةٍ، وعَلَّلَ الحنفيةُ المنعَ مِن الأكل منه: بأنه دمُ صدقةٍ وجبت عليه؛ فلا يجوز أن يأكل منها.

قال علاء الدين الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 226، ط. دار الكتب العلمية): [ولا يجوز له أن يأكل من دم النذر شيئًا. وجملة الكلام فيه: أن الدماء نوعان: نوعٌ يجوز لصاحب الدم أن يأكل منه؛ وهو دم المتعة والقران، والأضحية، وهدي التطوع إذا بلغ محله، ونوعٌ لا يجوز له أن يأكل منه؛ وهو دم النذر والكفارات، وهدي الإحصار، وهدي التطوع إذا لم يبلغ محله؛ لأن الدم في النوع الأول دمُ شكرٍ فكان نسكًا؛ فكان له أن يأكل منه، ودم النذر دمُ صدقةٍ، وكذا دم الكفارة في معناه؛ لأنه وجب تكفيرًا لذنبٍ] اهـ.

وقال الإمام الخرقي الحنبلي [ت: 334هـ] في "مختصره" (ص: 63، ط. دار الصحابة): [ولا يأكل من كل واجبٍ إلا مِن هدي التمتع] اهـ.

قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 465، ط. مكتبة القاهرة) شارحًا عليه: [ولعل الخرقي ترك ذكر القرآن؛ لأنه متعة، واكتفى بذكر المتعة؛ لأنهما سواءٌ في المعنى؛ فإن سببهما غير محظور، فأَشْبَهَا هدي التطوع، وهذا قول أصحاب الرأي. وعن أحمد: أنه لا يأكل مِن المنذور وجزاء الصيد، ويأكل مما سواهما؛ وهو قول ابن عمر رضي الله عنهما، وعطاء، والحسن، وإسحاق؛ لأن جزاء الصيد بدلٌ، والنذر جعله لله تعالى، بخلاف غيرهما] اهـ.

وقال الإمام أبو الخطَّاب الكلوذاني الحنبلي [ت: 510هـ] في "الهداية" (ص: 202، ط. مؤسسة غراس): [ولا يأكل من الدماء الواجبة إلا من هدي التمتع والقران، وعنه: يأكل من الجميع إلا من النذر وجزاء الصيد] اهـ.

وأما المالكية: فقد منعوا الأكل من النذر المعيَّن الذي صرفه الناذر لصنفٍ معين من الناس؛ لأنه بالتعيين يتأكد في حقِّ مَن تَعَيَّن له، فإذا أكل الناذر منه فقد أكل ممَّا لا يحل له الأكل منه.

جاء في "المدونة" (1/ 410، ط. دار الكتب العلمية): [قال مالك: يؤكل من الهدي كله، إلا فدية الأذى، وجزاء الصيد، وما نذره للمساكين] اهـ.

وقال الشيخ عليش في "فتح العلي المالك" (1/ 207، ط. دار المعرفة): [وسئل سيدي أحمد الدرديري بما نصه: وهل يجوز لمَن نذر لله أو لولي شاة الأكل منها وإطعام الغني، أو لا، أو كيف الحال؟ فأجاب بما نصه: "الحمد لله، النذر إنْ عَيَّنَهُ للفقراء والمساكين بلفظه أو نيته: فليس له أن يأكل منه، وإن أطلق: جاز الأكل، وليس له أن يطعم منها الأغنياء، والله أعلم، فَتَأَمَّلْهُ"] اهـ.

وأما الشافعية: فإنهم منعوا في الجملة أكل الإنسان مِن كل ما وجب عليه، وإن اختلفوا في بعض الصور، غير أنهم نصُّوا على عدم جواز أكل الناذر مِن نذر المجازاة، وهو ما علَّقه على حصول شيءٍ أو عدم حصوله -كما في مسألتنا-؛ سواء كان المنذور به معيَّنًا في الذمة؛ كتعيينه ذبيحةً بعينها، أو مرسلًا من غير تعيين.

قال الإمام النووي في "المجموع" (8/ 417، ط. دار الفكر): [وإنْ نَذَرَ نَذْرَ مجازاةٍ؛ كتعليقِهِ التزام الهدي أو الأضحية بشفاء المريض ونحوه: لم يجز الأكل منه أيضًا كجزاء الصيد. ومقتضى كلام الأصحاب: أنه لا فرق بين كون الملتزَم معيَّنًا أو مرسلًا في الذمة] اهـ.

وقال شمس الدين الرملي في "حاشيته على أسنى المطالب" (1/ 545، ط. دار الكتاب العربي): [وبالجملة: فالمذهب منع الأكل من الواجبة مطلقًا؛ كما لا يجوز له أن يأكل من زكاته أو كفارته شيئًا] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإذا أكرم الله تعالى هذا الرجل المذكور بنجاح ولده في العام الذي قصده؛ فإنه يجب عليه أن يذبح وفاءً بنذره الذي عَلَّقَهُ على هذا النجاح؛ ولكونه قد عَيَّنَ هذا النذر للفقراء والمساكين، فإنه لا يجوز له أن يأكل منه، وإنما يُوَزِّعه كلَّه على الفقراء والمساكين.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم صيام أيام التشريق للمتمتع؟ حيث إن هناك بعض الحجاج يحُجُّون متمتعين ولا يقدرون على شراء هدي التمتع، ويريدون أن يصوموا عِوَضًا عن الهدي ثلاثة أيام في الحج، فهل يجوز صيام هذه الأيام الثلاثة في أيام التشريق؛ الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة؟


هل صحيح أن الأضحية من البقر والجاموس إذا كانت سِنُّها أكثر من سنةٍ وأقل من سنتين تُجزئ كأضحية؛ بشرط ألا يقل وزنها عن 300 كيلو جرام قائمًا. نرجو التفضل بالإفادة عن مدى صحة ذلك، وإذا كان صحيحًا فما هو العدد الذي تُجزئ عنه الأضحية بهذا الوضع؟


ما حكم ذبح الأضحية ليلًا في أيام التشريق؟ حيث اعترض عليَّ بعض الأصدقاء في العام الماضي، وقال لي بأنه لا يصح ذبح الأضحية ليلًا، فهل هذا صحيح أو لا؟ بحيث أتمكن من فعل ما هو موافق لأحكام الشرع الحنيف في هذا العام، علمًا بأن هذا الوقت هو الذي يكون مناسبًا لي في الأغلب.


سائل يقول: نرجو بيان معنى: "المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة" المذكورة في الآية الثالثة من سورة المائدة؟


جمعية خيرية بصدد إنشاء مشروع تحت اسم مشروع الأضحية الذي يهدف إلى قيام الجمعية بذبح الأضاحي نيابةً عن الراغبين في ذلك من مصر ودول العالم كافة وتوزيعها على الفئات غير القادرة التي تقوم الجمعية بدراسة حالاتها والمتوافرة بقاعدة بياناتها. ولذا نرجو إفادتنا في الآتي:
1- هل يجوز توكيل شخصية معنوية للقيام بالذبح والتوزيع نيابة عن الشخص الراغب في ذلك؟
2- ما هي الصيغة الشرعية لهذا التوكيل؟
3 - بناء على دراسة الأسعار تم تحديد مبلغ ثمانمائة وخمسين جنيهًا مصريًّا أو مائة وخمسين دولارًا أمريكيًّا قيمة الأضحية شاملة الذبح والسلخ والتقطيع والتغليف والنقل والتوزيع وغيره، وذلك على أساس كبش واحد سِنُّه سنة وذلك للفرد الواحد، أو عجل سِنُّه سنة لسبعة مُضَحِّين:
أ- ففي حالة زيادة التكلفة عن هذا المبلغ: هل يجوز أن يتم تعويض زيادة التكلفة بتقليل عدد الأضاحي؟
ب- وفي حالة نقص التكلفة هل يجوز استخدام الفائض في مصاريف خيرية أخرى غير الأضحية تذهب للمستحقين في شكل طعام؟
4 - في حالة نفوق بعض الرؤوس قبل ذبحها فماذا نفعل؟
5 - ما هو موعد بداية الذبح ونهايته؟
6 - في حالة وجود فرق في التوقيت بين مكان المضحي ومكان الذبح فما هو حكم الشرع في ذلك؟
7 - هل تشترط فترة زمنية محددة للتوزيع بعد الذبح؟
8 - هل يجوز توزيع الأضحية بكاملها على الفقراء والمحتاجين دون الأكل منها أو إهداء جزء منها للأقارب والمعارف؟


ما حكم عمل العقيقة في غير بلد العاق؟ حيث ظهرت في الآونة الأخيرة بعض الجمعيات الخيرية التي تقوم بالترويج لعمل العقيقة في بعض الدول الإفريقية الفقيرة بالإنابة عمَّن يرغب، وذلك بعد تحصيل ثمنها من القائم بالعقيقة، علمًا بأن ثمنها هناك يكون أرخص من ثمنها المحلي؛ فنرجو الإفادة عن حكم ذلك شرعًا.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 09 مايو 2025 م
الفجر
4 :28
الشروق
6 :5
الظهر
12 : 51
العصر
4:28
المغرب
7 : 38
العشاء
9 :4