حكم بيع محصول التمر قبل حصاده

حكم بيع محصول التمر قبل حصاده

سائل يقول: أمتلك مزرعة نخيل فيأتي أحد الأشخاص في بداية الموسم فيتفق معي على أن يشتري مني الثمرة، ويدفع لي ثمنها، على أن أتحمل كلَّ تكاليف الزرع، ويتم تحديد موعد للتسليم، وفي الموعد المحدد أسلمه المحصول المتفق عليه؛ فما حكم هذه المعاملة شرعًا؟

هذه المعاملة صحيحة شرعًا ولا حرج فيها، سواء تم التعاقد فيها قبل ظهور الثمر على النخيل (في بداية الموسم)، وحينئذٍ تكون من قبيل السَّلَم؛ والذي يَتِمُّ فيه الاتفاق على المبيع (وهو التمر) ووصفه بما ينفي الجهالة عنه، فإذا حَلَّ الوقت وكانت الثمار مطابقةً للشروط والمواصفات التي اتفق عليها الطرفان مِن قَبْل؛ استَحَق المشتري الثَّمَر بمقتضى المطابقة للمواصفات والشروط، مع اشتراط أن يكون أجَلُ تسليم المبيع فيه معلومًا للمتعاقدين؛ إما حقيقة أو حكمًا.

وسواء كانت الثمرة عند التعاقد قد ظهرت على النخيل لكن لم يبدُ صلاحها، فيجوز التعاقد عليها أيضًا بشرط أن يكون ذلك بلا شرط، وأن يكون الثمر منتفعًا به في الحال أو المآل، أو بشرط القطع؛ خاصة فيما يُتَّخذ لأغراضٍ أخرى غير التمر الناضج.

التفاصيل ....

المحتويات

 

تصور عملية نمو ونضج ثمار التمر ومراحلها

من المعلوم أن لثمار النخل ومراحل نضوج البلح أسماء نظمها العلامة بدر الدين القرافي [ت: 1009هـ] بقوله في "توالي المِنح في أسماء ثمار النخل ورتب البلح" (ص: 550، عدد 19 -مجلة كلية العلوم الإسلامية -جامعة بغداد):

[وأسما ثمار النخل في العدِّ سبعةٌ *** حكاها بليغٌ طيَّبَ اللهُ مثواهُ

فطلعٌ وكافورٌ خلالٌ مرتبًا *** كذا بلحٌ بُسرٌ وقد طاب حلواهُ

كذا رطبٌ تمرٌ به تمَّ أمرُها *** وأهل اللغا قالوه لا تعدُ فحواهُ] اهـ.

وهي مسميات لمراحل تطور ثمار النخيل تقترن بخصائص وجودية مميزة مثل الشكل والحجم واللون، والمرجع في تحديدها وتوصيفها للمختصين والمزارعين، ومن المعلوم عند المتخصصين وأصحاب الخبرة في زراعة النخيل: أنَّ التمور يختلف موعد ظهورها باختلاف نوع النخيل وطبيعة المكان المزروع فيه ومناخه، وأن ثمرة البلح تعتبر مكتملة النمو عند بلوغھا مرحلة البسر -وهي مرحلة التلوین-، وتختلف الدرجة المناسبة للقطف باختلاف الصنف؛ فهناك بعض الأصناف تُقطَفُ ثمارها في مرحلة البسر مثل أصناف الزغلول والسماني، وهناك أصناف تصبح صالحة للاستھلاك عند وصولھا مرحلة الرطب مثل الحياني والسيوي؛ كما أنَّ هناك أصنافًا من الثمار الرطبة یمكن قطفھا في مرحلة البسر (اكتمال النمو) ويتم ترطیبھا صناعیًّا، وهناك أيضًا أصناف جافة ونصف جافة یمكن قطفھا قبل بلوغھا مراحل النضج النھائیة لتجنب ظروف غیر ملائمة؛ كسقوط الأمطار، أو تقلیل نفقات الجمع بتقلیل عدد مرات القطف، ونحو ذلك، ويُتعامل معها صناعیًّا، فقد لا یساعد مناخ بعض المناطق على إنضاج ثمار البسر على الأشجار فیتم قطع السباطات وھي ما زالت في دور البسر، ومن السھل تحویل الثمار التي في نھایة طور البسر أو بدایة طور الرطب إلى رطب بعدة طرق صناعیًّا؛ إمَّا بتعريضها للشمس، أو باستخدام الخل بتركيز ٦ ٪ مع وضعھا في غرفة محكمة لمدة يومٍ إلى يومين. ينظر: "زراعة وإنتاج نخيل البلح" نشرة رقم (929) لسنة (2004م)، الصادرة عن الإدارة المركزية للإرشاد الزراعي- مركز البحوث الزراعية المصري (ص: 24-25).

وبالرجوع إلى الخبراء في معرفة بداية مواسم قطف ثمار التمر ونهايتها: أفادوا أنَّه بعد انتهاء موسم الحصاد وجمع التمر، يبدأ المزارعون في تقليم النخل، وبعدها بمدة تبدأ عملية تصليح النخل (أي شق التمر)، وبعد ذلك يبدأ التمر بالظهور باللون الأخضر قبل أن يبدو صلاحه بالاحمرار أو الاصفرار، وفي هذه الفترة من الممكن أن يأتِيَ شخص يُقَيم النخل يعني: يقدر بخبرته الكميات التي على النخلة الواحدة، وعلى مجموع التقييم أو الخَرْص يكون التعاقد، وغالبًا ما يكون التعاقد على أنَّ أجرة التقليم والتصليح والجمع والمقوِّم وما إلى ذلك: تكون على صاحب النخل.

مذاهب الفقهاء في حكم بيع محصول التمر قبل حصاده

عملية جني ثمار التمر وإن كانت تتم غالبًا قبل النضوج إلَّا أنها لا تحدث إلَّا بعد اكتمال النمو، وأنَّ التعاقد عليها إمَّا أن يتم قبل ظهور الثمار (أي: بعد عملية التقليم)، وإمَّا أن يكون بعد ظهور الثمار باللون الأخضر (أي: في مرحلة البسر).

فالصورة الأولى -التي يحصل فيها التعاقد في بداية الموسم وقبل ظهور الثمار- تُكيَّف على أنها عقدُ سَلَمٍ، الذي هو شراء آجِلٍ بعاجِلٍ، وهو عبارة عن بيع شيءٍ موصوف في الذمة ببدلٍ يُعطى عاجلًا، وهذه خاصته المتفق عليها، وقد سُمي سَلَمًا لتسليم رأس المال في المجلس، وسَلَفًا لتقديم رأس المال؛ كما في "رد المحتار" للعلامة ابن عابدين الحنفي (5/ 209، ط. دار الكتب العلمية)، و"مغني المحتاج" للإمام الخطيب الشربيني الشافعي (3/ 3-4، ط. دار الكتب العلمية)، و"كشاف القناع" للعلامة البُهُوتِي الحنبلي (3/ 285، ط. دار الكتب العلمية).

وطريقة السَّلَم في هذه الصورة: أَنْ يتِمَّ الاتفاق على المبيع ووصفه بما ينفي الجهالة عنه، فإذا حَلَّ الوقت وكانت الثمار مطابقةً للشروط والمواصفات التي اتفق عليها الطرفان مِن قَبْل؛ استَحَق المشتري الثَّمَر بمقتضى المطابقة للمواصفات والشروط، وإلَّا وجب على البائع توفير ما يُوفِّي بما اتفق عليه من المواصفات.

والأصل في مشروعية السَّلَم: قولُه تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ [البقرة: 282]، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: "نَزَلَتْ فِي السَّلَمِ".

وما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ، فَقَالَ: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ».

وقد ثبت الإجماع على مشروعية السَّلَم لحاجة الناس إليه؛ كما أفاده الإمام الكمال بن الهمام في "فتح القدير" (7/ 71، ط. دار الفكر).

قال الإمام ابن قُدَامَة الحنبلي في "المغني" (4/ 207، ط. مكتبة القاهرة): [ولأن بالناس حاجة إليه؛ لأن أرباب الزروع والثمار والتجارات يحتاجون إلى النفقة على أنفسهم وعليها لتَكْمُل، وقد تُعْوِزُهُم النفقة، فجوز لهم السَّلَم ليرتفقوا ويرتفق المسلم بالاسترخاص] اهـ.

والسَّلَم عند جماهير أهل العلم جائزٌ في كلِّ مالٍ يجوز بَيْعُهُ وَتُضْبَطُ صِفَاتُهُ، أما ما لا يمكن ضبط صفاته من الأموال فلا يصح السَّلَم فيه؛ لأنه يُفضِي إلى المنازعة والمشاقة، وعدمها مطلوبٌ شرعًا.

قال الإمام ابن بَطَّال في "شرح صحيح البخاري" (6/ 365، ط. مكتبة الرشد): [أجمع العلماء أنه لا يجوز السَّلَم إلا في كيل معلوم أو وزن معلوم فيما يكال أو يوزن، وأجمعوا أنه إن كان السَّلَم فيما لا يكال ولا يوزن فلا بد فيه من عددٍ معلوم، وأجمعوا أنه لا بد من معرفة صفة الشيء المُسْلَم فيه] اهـ.

فإن قيلَ: إنَّ هذا البيع يعتبر بيع معدوم، وقد نهى الشرعُ الشريف عن بيع المعدوم؛ فقد روى أصحاب "السنن" عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه أنه قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، يَأْتِينِي الرَّجُلُ فَيُرِيدُ مِنِّي الْبَيْعَ لَيْسَ عِنْدِي، أَفَأَبْتَاعُهُ لَهُ مِنَ السُّوقِ؟ فَقَالَ: «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ». فدل الحديث على عموم النهي عن بيع أي شيء قبل قبضه وحيازته، وقبل تحقق القدرة الفعلية على تسليمه، ويدخل في هذا من باب أولى بيع المعدوم.

وفي رواية: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَشْتَرِي بُيُوعًا، فَمَا يَحِلُّ لِي مِنْهَا وَمَا يُحَرَّمُ عَلَيَّ؟ قَالَ: «فَإِذَا اشْتَرَيْتَ بَيْعًا فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ» أخرجها الإمام أحمد في "مسنده".

قُلنـا: لا تعارض بين النهي عن بيع المعدوم، وبين جواز السلف في كيلٍ معلومٍ إلى أجلٍ معلوم؛ قال الإمام الشافعي في "الأم" (5/ 174، ط. دار المعرفة): [إذا احتمل الحديثان أن يُستعملا لم يُطرح أحدهما بالآخر.. نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حكيم بن حزام رضي الله عنه عن بيع ما ليس عنده، وأرخص في أن يسلف في الكيل المعلوم إلى أجل معلوم] اهـ.

وإن قيل: لا يصح السَّلَم في خصوص البلح حتى يصلح ويؤكل منه؛ فقد أخرج البخاري عن أبي البختري قال: سألت ابن عمر عن السَّلَم في النخل قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن بيع النخل حتى يصلح.. الحديث". وسألت ابن عباس رضي الله عنهما عن السَّلَم في النخل فقال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن بيع النخل حتى يؤكل منه، أو يأكل منه وحتى يوزن"، وبذلك "ثبت عن هذين الصحابيين الكبيرين في العلم والتتبع أنهما فهما من نهيه عن بيع النخل حتى يصلح بيع السَّلَم، فقد دلَّ الحديث على اشتراط وجوده وقت العقد، والاتفاق على اشتراطه عند المحل" كما في "فتح القدير" للكمال ابن الهمام (7/ 82).

قلنـا: التكييف المختار في صحة هذه المعاملة على أنها سَلمٌ قائمٌ على الاعتبار بأن ثمر النخيل (محل التعاقد) مأمون الوجود في وقت طلبه بحسب العادة، وهو وقت الحصاد أو القطع، مع قدرة صاحب النخيل على تسليمه حينئذٍ، ولا خلاف في اشتراطها -أي القدرة على التسليم-.

والدليل على ذلك: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجد أهل المدينة المنورة يُسْلِفون في الثمار السَّنَة والسنتين وأكثر، والمراد به التعاقد على ثمرٍ غير موجود، فذكر صلى الله عليه وآله وسلم شرط السَّلَم ولم يذكر الموجود حيث قال: "مَن أسلم فليسلم في كيلٍ معلوم، ووزنٍ معلوم إلى أجلٍ معلوم".

بمعنى أن الطرفين عندما يتفقان على بيع وشراء ثمرة البلح في بداية الموسم -كما هي مسألتنا- يقع اتفاقهما بحسب العرف على شيء مضبوط بالوصف، مأمون الوجود، ومقدور على تسليمه وقت طلبه؛ ومن ثَمَّ جاز كالموجود عند العقد؛ لأن "القدرةَ تُراد لوقتِ المطالبة عند المحلِّ، ولا مطالبة قبل المحلِّ فلا تعتبر القدرة فيه.. فإذا باع غائبًا صح مع احتمال تلفه لكن القدرة عليه مستبقية، فاستصحب فيها الحال"؛ كما قال العلامة أبو شجاع ابن الدَّهان في "تقويم النظر" (2/ 353، ط. مكتبة الرشد).

وما قررناه هو ما قرره فقهاء المالكية والشافعية ومَن وافقهم:

قال الإمام السيوطي في "مصباح الزجاجة" (ص: 165، ط. قديمي كتب خانة-كراتشي): [قوله: "في السلم" يعني هل يجوز السَّلَم إلى مَن ليس عنده المُسْلَم فيه في تلك المدة.. وقال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور: يجوز السَّلَم فيما هو معدوم في أيدي الناس إذا كان مأمون الوجود عند حلول الأجل في الغالب فإن كان ينقطع لم يجز عيني] اهـ.

وقال القاضي عبد الوهاب المالكي في "عيون المسائل" (ص: 421، ط. دار ابن حزم): [يجوز السَّلَم فيما هو معدوم عند العقد، إذا كان مأمون الوجود عند محله، وبه قال الشَّافعيُّ وأحمد وإسحاق] اهـ.

وقال إمام الحرمين الجويني الشافعي في "نهاية المطلب" (6/ 34، ط. دار المنهاج) -شارحًا قول الماتن "ويكون المُسْلَم فيه مأمونًا في مَحِلِّه.. إلى آخره"-: [أراد بذلك أنَّ المُسْلَم فيه ينبغي أن يكون بحيث يغلب وجوده في العادة عند المحل المشروط] اهـ.

ومن المقرر أنه يشترط لصحة عقد السَّلَم أن يكون أجَلُ تسليم المبيع فيه معلومًا للمتعاقدين؛ وذلك منعًا للجهالة، وإلا فسد العقدُ، وهذا الشرط محلُّ اتفاق بين الفقهاء.

قال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (5/ 212، ط. دار الكتب العلمية) في بيان شروط عقد السَّلَم: [ومنها: أن يكون السَّلَم مؤجلًا بأجل معلوم، فإن كان مجهولًا فالسَّلَمُ فاسدٌ] اهـ.

وقال العلامة الخَرَشي المالكي في "شرحه لمختصر خليل" (5/ 210، ط. دار الفكر): [أن يضرِبَا للسَّلَم بمعنى المُسْلَم فيه أجلًا معلومًا.. فالأجل المجهول غيرُ مفيدٍ بل مفسدٌ للعقد] اهـ.

وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي الشافعي في "المهذب" (2/ 76، ط. دار الكتب العلمية): [فإن أسلم في المؤجَّل وجب بيان أجل معلوم] اهـ بتصرف يسير.

وقال الإمام ابن قُدَامَة الحنبلي في "المغني" (4/ 219): [لا بُدَّ في السَّلم من كون الأجل معلومًا] اهـ.

وكون أجل التسليم معلومًا للمتعاقدين لا يخلو من إحدى حالتين:

الأولى: أن يكون معلومًا لهما بتحديد يومٍ معينٍ أو شهرٍ معينٍ ونحو ذلك.

الثانية: أن يكون معلومًا لهما بالعرف؛ كتسليم الزرع عِنْدَ حَصَادِه أو قطعه مثلًا -كما هي مسألتنا-.

ولا خلاف بين الفقهاء في صحة عقد السَّلَم في الحالة الأولى التي يكون أجل التسليم فيها معلومًا للمتعاقدين بتحديد يومٍ معينٍ أو شهرٍ معينٍ ونحو ذلك.

أما الأجل الذي قد يتغير؛ كحصاد الزرع ونحوه في الحالة الثانية فمفسدٌ للعقد عند جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة في معتمد مذهبهم.

قال الإمام الطحاوي الحنفي في "مختصره" (ص: 86، ط. لجنة إحياء المعارف النعمانية): [ولا يجوز السَّلَم ولا آجال البياعات إلى الحصاد والدياس] اهـ.

وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي الشافعي في "المهذب" (2/ 76): [والأجل المعلوم ما يعرفه الناس؛ كشهور العرب، وشهور الفُرْس، وشهور الروم، وأعياد المسلمين، والنيروز، والمهرجان، فإن أسلم إلى الحصاد.. لم يصح؛ لأن ذلك غير معلوم لأنه يتقدم ويتأخر، وإن جعله إلى شهر ربيعٍ أو جمادى صح، وحُمِلَ على الأول منهما] اهـ.

وقال الإمام ابن قُدَامَة الحنبلي في "المغني" (4/ 219): [لا بد من كون الأجل معلومًا.. فأما كيفيته فإنه يحتاج أن يعلمه بزمانٍ بعينه لا يختلف] اهـ.

بينما ذهب فقهاء المالكية، والإمام أحمد في روايةٍ، وأبو ثور، وابن أبي ليلى، إلى: جواز الاتفاق على أجلٍ يكون معلومًا للمتعاقدين بالعُرْفِ؛ كأن يكون لهما عادةٌ بوقت التسليم أو حصاد الزرع ونحوهما من الآجال التي قد تتغير مع كونها معلومةً محققة الوقوع.

قال الإمام الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (3/ 205، ط. دار الفكر، ومعه "حاشية الدسوقي") في شروط السَّلَم: [(و) الشرطُ الثالثُ: (أن يؤجل) أي: السَّلَم، بمعنى المُسْلَم فيه (بمعلوم)، أي: بأجل معلومٍ للمتعاقدين ولو حُكمًا؛ كمن لهم عادة بوقت القبض، وإلا فَسَدَ] اهـ.

قال العلامة الدسوقي مُحَشِّيًا عليه: [قوله: (كمن لهم عادة بوقت القبض) أي: فلا يحتاج لضرب الأجل، وذلك كأرباب المزارع وأرباب الألبان وأرباب الثمار، فإنَّ عادة الأُول القبض عند حصاد الزرع وعادة مَن بعدهم الوفاء بدفع ما عليهم زمن الربيع وزمن جذِّ الثمار] اهـ.

وقال الإمام ابن قُدَامَة الحنبلي في "المغني" (4/ 219) في أحكام السَّلَم: [ولا يصح أن يؤجله بالحصاد والجِذاذ وما أشبهه.. وعن أحمد رواية أخرى أنه قال: أرجو أن لا يكون به بأس، وبه قال مالك وأبو ثور، وبه قال ابن أبي ليلى] اهـ.

ومذهب المالكية ومَن وافقهم هو المختار للفتوى؛ لمناسبة ما اعتاد عليه الناس في بيع ثمار البلح على هذه الصفة وحاجتهم إليه، وتحقيقًا لمقاصد الشرع الشريف من تشريع السَّلَم؛ حيث إن "السَّلَم خرج على خلاف الأصل وإنما جُوِّز لموضع الارتفاق؛ لأن السَّلَم يرغب في تقديم الاسترخاص في المُسْلَم فيه؛ وليكون في ذمة المُسْلَم إليه إلى أجلٍ يُرجى عنده حوالة الأسواق، والمُسْلَم إليه يرغب لموضع النسيئة وارتفاقه بالثمن إلى ذلك الأجل، وإذا لم يُشترط الأجل زال هذا المعنى" كما قال الإمام أبو الحسن علي بن سعيد الرجراجي في "مناهج التحصيل" (6/ 94، ط. دار ابن حزم).

أمَّا الصورة الثانية (التي يتم البيع فيها بعد ظهور الثمر وقبل نضوجه) فيجري فيها ما قرره الفقهاء في بيع الثمارِ قبل بدوِّ صلاحها وأحكامه وما يندرج تحته وما لا يندرج على اختلافٍ وتفصيلٍ بينهم.

وقد وردَ في الشرع الشريف النهي عن بيع الثمار قبل بُدُوِّ صلاحها؛ وهو ما رواه الشيخان عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا"؛ غير أنَّ ظاهر النهي إنَّما يتعلَّق بأول ظهور الثَّمَرِ وبدايته، وإن لم تطب الثمرة، وليس المراد كمال النضج؛ كما هو مذهب الحنفية، وهو ما يُفهم من لفظ الحديث: «حتى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا»، فلم يقل: "حتى يتم صلاحها".

فقد حمل فقهاء الحنفية النهي عن بيع الثمار قبل بُدُوِّ صلاحها على ما قبل ظهور الثمر، بشرط الترك على الشجر، وهذا لا خلاف في منعه، وعلى ما بعد ظهوره، بشرط القطع؛ وهذا لا خلاف في جوازه، وقد أخرج الإمام مسلم في "صحيحه" عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا تَبْتَاعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، وَتَذْهَبَ عَنْهُ الْآفَةُ»، ووجه الدلالة من هذا الحديث: أن العلة التي علَّل بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهيه عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها هي خوف الآفة على الثمر، ومع وجود القطع فإن هذه العلة غير متحققة، والأحكام تدور مع عللها وجودًا وعدمًا.

قال الإمام الكمال ابن الهُمَام في "فتح القدير" (6/ 287): [لا خلاف في عدم جواز بيع الثمار قبل أن تظهر، ولا في عدم جوازه بعد الظهور قبل بُدُوِّ الصلاح بشرط الترك، ولا في جوازه قبل بُدُوِّ الصلاح بشرط القطع فيما ينتفع به، ولا في الجواز بعد بدو الصلاح، لكن بدو الصلاح عندنا أن تؤمن العاهة والفساد] اهـ.

وقال الإمام ابن نُجَيْم الحنفي في "البحر الرائق" (5/ 325، ط. دار الكتاب الإسلامي) في بيان أوجه حَمل حديث النهي عن بيع الثمر قبل بدو الصلاح: [أجاب عنه الإمامُ الحلواني كما في "الخانية": أنه محمولٌ على ما قبل الظهور، وغيره على ما إذا كان بشرط الترك، فإنهم تركوا ظاهره؛ فأجازوا البيع قبل بدو الصلاح بشرط القطع، وهي معارضةٌ صريحةٌ لمنطوقه؛ فقد اتفقنا على أنه متروكُ الظاهر، وهو لا يحل إن لم يكن لموجب، وهو عندهم: تعليله عليه الصلاة والسلام بقوله: «أرأيتَ إن منع اللهُ الثمرةَ؛ فبِمَ يَستَحِلُّ أحدُكُم مالَ أخيه»، فإنه يستلزم أن معناه أنه نهى عن بيعها مدركةً قبل الإدراك؛ لأن العادة أن الناس يبيعون الثمار قبل أن تقطع، فنهى عن هذا البيع قبل أن توجد الصفة المذكورة، فصار محل النهي: بيع الثمرة قبل بدو الصلاح بشرط الترك إلى أن يبدو الصلاح، والبيع بشرط القطع لا يُتَوَهَّمُ فيه ذلك، فلم يكن متناوَلًا للنهي، وإذا صار محله: بيعها بشرط تركها إلى أن تصلح؛ فقد قضينا عهدة هذا النهي؛ فإنا قد قُلنا بفساد هذا البيع، فبقي بيعُها مطلقًا غيرَ متناوَلٍ للنهي بوجهٍ من الوجوه] اهـ.

بينما ذهب جمهور الفقهاء إلى أنَّ النضج في كل ثمرٍ بحسبه، وجماع ذلك: أن تظهر في الثمر صفة الطيب؛ كما قال الإمام ابن رشد المالكي في "بداية المجتهد" (3/ 170، ط. دار الحديث)، والإمام النووي الشافعي في "المجموع" (11/ 440، ط. دار الفكر)، والإمام ابن قُدَامَة الحنبلي في "المغني" (4/ 69، ط. مكتبة القاهرة).

غير أنَّهم فرَّقوا في بيع هذه الثَّمار بين ثلاث صور:

الأولى: البيع بعد ظهور الثمار قبل بُدُوِّ الصلاح بشرط القطع: فاتفقوا على جوازها؛ لما رواه الإمام مسلم في "صحيحه" بسنده إلى ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا تَبْتَاعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَتَذْهَبَ عَنْهُ الْآفَةُ»، ووجه الدلالة: أن العلة التي علَّل بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهيه عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها هي خوف الآفة على الثمر، ومع وجود القطع فإن هذه العلة غير متحققة، والأحكام تدور مع عللها وجودًا وعدمًا.

قال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار" (4/ 555): [قال في "الفتح": لا خلاف في عدم جواز بيع الثمار قبل أن تظهر، ولا في عدم جوازه بعد الظهور قبل بُدُوِّ الصلاح بشرط الترك، ولا في جوازه قبل بُدُوِّ الصلاح بشرط القطع فيما ينتفع به، ولا في الجواز بعد بدو الصلاح] اهـ.

وبهذا الشرط نصَّ جماعة من فقهاء المالكية والإمام أحمد في رواية على جواز بيع التمر بخصوصه قبل بدوِّ صلاحه:

قال العلامة ابن عرفة المالكي في "المختصر الفقهي" (6/ 169، ط. مؤسسة الخبتور): [وقال ابن رُشْد: في أثناء أول مسألة من سماع ابن القاسم من جامع البيوع: لا يجوز بيع البلح قبل زهوه إلا بشرط القطع، فإن وقع مسكوتًا عليه فُسِخ، إلا أن يقطعه المشتري قبل أن يعثر عليه؛ لأن بقطعه يتبين أنه اشتراه على القطع، على هذا يحمل ما في البيوع الفاسدة من "المدَوَّنة"] اهـ.

وجاء في "التعليقة الكبيرة" للقاضي أبي يَعْلَى الفَرَّاء الحنبلي (3/ 321-322، ط. دار النوادر): [إذا باع الثمرة قبل بُدوِّ صلاحها: لم يجز، إلا أن يشترط قطعها، نص على هذا في رواية ابن القاسم وسندي: لا بأس أن يشتري البلح ليقطعه، والحصرم إذا كان يقطعه، كذلك نقل أبو طالب عنه: يجوز أن يبيع البلح على أن يصرمه] اهـ.

والثانية: البيع بعد الظهور قبل بُدُوِّ الصلاح بشرط الترك: وهذه الصورة قد أجمع الفقهاء على بطلانها؛ لأنه شرطٌ لا يقتضيه العقد، ولأنه شغلٌ لملك الغير؛ قال الإمام ابن قُدَامَة في "المغني" (4/ 63): [وإذا اشترى الثمرة دون الأصل ولم يبد صلاحها على الترك إلى الجزاز؛ لم يَجُزْ. وإن اشتراها على القطع؛ جاز. لا يخلو بيع الثمرة قبل بدو صلاحها من ثلاثة أقسام: أحدها: أن يشتريها بشرط التبقية؛ فلا يصح البيع إجماعًا؛ «لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها؛ نهى البائع والمبتاع» متفقٌ عليه. النهي يقتضي فساد المنهي عنه. قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على القول بجملة هذا الحديث] اهـ.

والثالثة: البيع بعد الظهور قبل بُدُوِّ الصلاح بغير شرطٍ -أي بيعًا مطلقًا-: وهي محل الخلاف بين الفقهاء:

فذهب جمهور الفقهاء إلى القول بمنع هذه الصورة من التعامل؛ أخذًا بظاهر النصوص الواردة، واحترازًا عن الوقوع في الغرر، ومنعًا للنزاع والشقاق بين المتعاملين:

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (4/ 396، ط. دار المعرفة): [(نهى البائعَ والمشتري)؛ أما البائع: فلِئَلَّا يأكل مالَ أخيه بالباطل، وأما المشتري: فلِئَلَّا يضيع ماله ويساعد البائع على الباطل، وفيه أيضًا قطع النزاع والتخاصم، ومقتضاه جواز بيعها بعد بُدُوِّ الصلاح مطلقًا؛ سواء اشترط الإبقاء أم لم يشترط؛ لأن ما بعد الغاية مخالفٌ لما قبلها، وقد جعل النهي ممتدًّا إلى غاية بُدُوِّ الصلاح، والمعنى فيه أن تؤمن فيها العاهةُ وتغلب السلامةُ فيثق المشتري بحصولها، بخلاف ما قبل بُدُوِّ الصلاح؛ فإنه بصدد الغرر.. وإلى الفرق بين ما قبل ظهور الصلاح وبعده ذهب الجمهور، وعن أبي حنيفة: إنما يصح بيعها في هذه الحالة حيث لا يشترط الإبقاء، فإنْ شرطه لم يصح البيع] اهـ.

وذهب الحنفية إلى القول بجوازها، وحملوا النهي على ما قبل ظهور الثمر بشرط الترك على الشجر، وعلى ما بعد ظهوره بشرط القطع؛ وهذا لا خلاف في منعه.

قال الإمام ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" (5/ 325، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وأجاب عنه -أي عن الحديث الوارد بالنهي- الإمامُ الحلواني كما في "الخانية": أنه محمولٌ على ما قبل الظهور، وغيره على ما إذا كان بشرط الترك، فإنهم -أي الجمهور- تركوا ظاهره -أي الحديث-؛ فأجازوا البيع قبل بدو الصلاح بشرط القطع، وهي معارضةٌ صريحةٌ لمنطوقه؛ فقد اتفقنا -أي الحنفية والجمهور- على أنه متروكُ الظاهر، وهو لا يحل إن لم يكن لموجب، وهو عندهم: تعليله عليه الصلاة والسلام بقوله: «أرأيتَ إن منع اللهُ الثمرةَ؛ فبِمَ يَستَحِلُّ أحدُكُم مالَ أخيه»، فإنه يستلزم أن معناه أنه نهى عن بيعها مدركةً -أي على أنها قد أدركت الصلاح- قبل الإدراك -أي قبل أن تدركه حقيقةً-؛ لأن العادة أن الناس يبيعون الثمار قبل أن تقطع، فنهى عن هذا البيع قبل أن توجد الصفة المذكورة، فصار محل النهي بيع الثمرة قبل بدو الصلاح بشرط الترك إلى أن يبدو الصلاح، والبيع بشرط القطع لا يُتَوَهَّمُ فيه ذلك، فلم يكن متناولًا للنهي، وإذا صار محله بيعها بشرط تركها إلى أن تصلح فقد قضينا عهدة هذا النهي؛ فإنا قد قُلنا بفساد هذا البيع، فبقي بيعُها مطلقًا غيرَ متناولٍ للنهي بوجهٍ من الوجوه] اهـ.

وقال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار" (4/ 555): [والخلاف إنما هو في بيعها قبل بُدُوِّ الصلاح على الخلاف في معناه لا بشرط القطع: فعند الشافعي ومالكٍ وأحمد: لا يجوز. وعندنا: إن كان بحالٍ لا ينتفع به في الأكل ولا في علف الدواب؛ فيه خلافٌ بين المشايخ، قيل: لا يجوز، ونسبه قاضيخان لعامة مشايخنا. والصحيح: أنه يجوز؛ لأنه مالٌ منتفعٌ به في ثاني الحال إن لم يكن منتفعًا به في الحال -بمعنى أنه مالٌ متقوَّم-] اهـ.

ومن خلال ما سبق يتبين أن الحنفية قد اشترطوا لجواز هذه الصورة شرطين:

أحدهما: أن يكون البيع مطلقًا بلا شرط؛ فلا يشترط البائعُ على المشتري قطع الثمار في الحال عند الشراء، ولا يشترط المشتري على البائع ترك الثمار في الأشجار إلى تمام النضج.

والآخر: أن يكون الثمر منتفعًا به في الحال أو المآل؛ سواء في الأكل أو علف الدواب أو غير ذلك، حتى يصدق عليه أنه مالٌ متقوَّم.

المختار للفتوى في هذه المسألة

على ذلك: فلا مانع شرعًا من التعاقد بيعًا وشراءً على ثمار البلح بعد ظهورها على النخل قَبْل النضج بشرط القطع، أو بشرطيه عند فقهاء الحنفية، وهو المختار في الفتوى، خاصة مع ما قرره المتخصصون من سھولة تحویل ثمار البلح من طور البسر إلى رطب ناضجة بعدة طرق صناعیًّا؛ إمَّا بتعريضها للشمس، أو باستخدام الخل بتركيز ٦٪ مع وضعھا في غرفة محكمة لمدة يوم إلى يومين أو نحو ذلك؛ كما سبق بيانه في نشرة "زراعة وإنتاج نخيل البلح".

بيان كيفية القبض في الزروع والثمار

فإن قيلَ: إنَّ ثمر البلح يكون في حيازة البائع وقت التعاقد.

قُلنـا: لا يؤثِّر ذلك على صحة التعاقد (بيعًا وشراءً) لأنَّ البائع يخلي بينه وبين الثمرِ بالقبض، وجمهور الفقهاء على أنَّ قبض الزروع أو الثمار يحصل بالتخلية:

قال العلَّامة ابن عابدين الحنفي في حاشيته "ردّ المحتار" (4/ 562): [ويصح تسليم ثمار الأشجار وهي عليها بالتخلية، وإن كانت متصلة بملك البائع] اهـ.

وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (2/ 108، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(ويتسلط المشتري على) التصرف في (الثمرة بتخلية البائع) بينه وبينها لحصول القبض بها] اهـ.

وقال سلطان العلماء العز بن عبد السلام في "قواعد الأحكام" (2/ 84، ط. الكليات الأزهرية): [الثمار على الأشجار إذا أينعت وبدا صلاحها: الأصح أن تخليتها قبض لها] اهـ.

وقال العلَّامة الرُّحيباني الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (3/ 202، ط. المكتب الإسلامي): [(ولمشتر بيعه) أي: الثمر الذي بدا صلاحه، والزرع الذي اشتد حبه (قبل جذه)؛ لأنَّه مقبوض بالتخلية، فجاز التصرف فيه كسائر المبيعات] اهـ.

الخلاصة

بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن هذه المعاملة صحيحة شرعًا ولا حرج فيها، سواء تم التعاقد فيها قبل ظهور الثمر على النخيل (في بداية الموسم)، وحينئذٍ تكون من قبيل السَّلَم؛ والذي يَتِمُّ فيه الاتفاق على المبيع (وهو التمر) ووصفه بما ينفي الجهالة عنه، فإذا حَلَّ الوقت وكانت الثمار مطابقةً للشروط والمواصفات التي اتفق عليها الطرفان مِن قَبْل؛ استَحَق المشتري الثَّمَر بمقتضى المطابقة للمواصفات والشروط، مع اشتراط أن يكون أجَلُ تسليم المبيع فيه معلومًا للمتعاقدين؛ إما حقيقة أو حكمًا.

وسواء كانت الثمرة عند التعاقد قد ظهرت على النخيل لكن لم يبدُ صلاحها، فيجوز التعاقد عليها أيضًا بشرط أن يكون ذلك بلا شرط، وأن يكون الثمر منتفعًا به في الحال أو المآل، أو بشرط القطع؛ خاصة فيما يُتَّخذ لأغراضٍ أخرى غير التمر الناضج، كما سبق بيانه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا