بيان صفة إحرام الرجل والمرأة

بيان صفة إحرام الرجل والمرأة

ما صفة إحرام الرجل والمرأة؟

المواصفات المطلوبة شرعًا في ملابس الإحرام للرجل ألَّا يكون المَلبوس مُحِيطًا مُفَصَّلًا على العُضو؛ كالقميص والسراويل، وما لم يكن كذلك فلَا بأس بلُبس المُحرِم له؛ كالساعة والرِّداء والإزار مِمَّا يُلَفُّ على الجسم ولَا يُفَصِّل العُضو، أمَّا المرأة فتلبس ملابسها المعتادة الساترة لجميع جسدها من شعر رأسها حتى قدميها، ولا تكشف إلا وجهها وكفيها، ويسن للرجل والمرأة ارتداء الأبيض الجديد.

التفاصيل ....

المحتويات

 

بيان المراد بالإحرام

الإحرام: هو نية الدخول في النسك أو التزام حُرُمات مخصوصة، والـمُحْرِم: هو مريد الإحرام المتلبس به، والإحرام ركن من أركان الحج والعمرة؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»، متفق عليه. يُنظر: "حاشية ابن عابدين على الدر المختار" (2/ 479، ط. دار الفكر)، و"عمدة السالك وعدة الناسك" لابن النقيب الشافعي (ص: 147)، و"حاشية البيجوري على شرح ابن قاسم" (1/ 312، ط. دار إحياء الكتب العربية).

بيان صفة إحرام الرجل والمرأة

للإحرام أحكام: منها ما يتعلق بملابس المحرم وما يرتديه؛ حيث إن المحرم يُمْنَع من لبس الثياب المخيطة المعتادة في الإحرام، وتختلف ملابس الإحرام للرجل عن المرأة، وتفصيل ذلك على النحو الآتي:

فأمَّا ملابس الإحرام للرجل فهي:

إزار: وهو ثوبٌ يُحيط بالنصف الأسفل من البدن من قماش لا يشف عن العورة "كالبشكير"، يلفه المحرم على وسطه ليستر به ما بين سرته إلى ما دون ركبته، وأفضله: الجديد الأبيض.

ورداء: وهو ثوب يستر به النصف الأعلى من الجسد ما فوق سرته إلى كتفيه فيما عدا رأسه ووجهه، وأفضله: الجديد الأبيض.

ونعل: يلبسه المحرم في رجليه يظهر منه الكعب، والمراد بالكعب: العظم الناشز المرتفع في جانب القدم عند ملتقى الساق والقدم، ولكلِّ قدمٍ كعبان عن يمنتها ويسرتها. ينظر: "المصباح المنير في غريب الشرح الكبير" للفيومي (2/ 534، ط. المكتبة العلمية).

وأمَّا المرأة فتلبس ملابسها المعتادة الساترة لجميع جسدها من شعر رأسها حتى قدميها، ولا تكشف إلَّا وجهها وكفيها، وأن تكون ملابسها واسعة لاتصف الجسد ولا تلفت النظر، والمستحب في ذلك كله: الأبيض.

الأصل في ملابس إحرام الرجل والمرأة، ونصوص الفقهاء في ذلك

الأصل في ملابس إحرام الرجل والمرأة: ما رواه البخاري في "صحيحه" من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: "انطلق النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المدينة بعد ما ترجل، وادهن ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه".

وما رواه ابن خزيمة في "صحيحه" عن ابن عمر رضي الله عنهما، أَنَّ رجلًا نادى، فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يجتنب المحرم من الثياب؟ فقال: «لَا تَلْبَسُوا السَّرَاوِيلَ، وَلَا الْقُمُصَ، وَلَا الْبُرْنُسَ، وَلَا الْعِمَامَةَ، وَلَا ثَوْبَ مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ، وَلَا وَرْسٌ، وَلْيُحْرِمَ أَحَدُكُمْ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا إِلَى الْكَعْبَيْنِ».

وما رواه أبو داود في "سننه" عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «نَهَى النِّسَاءَ فِي إِحْرَامِهِنَّ عَنِ القُفَّازَيْنِ وَالنِّقَابِ، وَمَا مَسَّ الْوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ مِنَ الثِّيَابِ، وَلْتَلْبَسْ بَعْدَ ذَلِكَ مَا أَحَبَّتْ مِنْ أَلْوَانِ الثِّيَابِ مُعَصْفَرًا أَوْ خَزًّا أَوْ حُلِيًّا أَوْ سَرَاوِيلَ أَوْ قَمِيصًا أَوْ خُفًّا».

والأصل في استحباب الثياب البيضاء للرجل والمرأة: ما رواه ابن حبان في "صحيحه"، وأصحاب السنن من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمِ الْبَيَاضَ».

وعلى ذلك تواردت نصوص الفقهاء:

قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (4/ 3، ط. دار المعرفة): [الـمُحْرِم ممنوع من لبس المخيط، ولا بد له من ستر العورة، فتعين للستر الارتداء والائتزار، والجديد والغسيل في هذا المقصود سواء غير أن الجديد أفضل] اهـ.

وقال القاضي عبد الوهاب المالكي في "شرح الرسالة" (2/ 110، ط. دار ابن حزم): [قال رحمه الله: "ويتجرد من مخيط الثياب". قال القاضي رضي الله عنه: وذلك لأن المحرم ممنوع من لبس المخيط من الثياب؛ فلذلك وجب إذا أراد الإحرام أن يتجرد منه] اهـ.

وقال الإمام الروياني الشافعي في "بحر المذهب" (3/ 419، ط. دار الكتب العلمية): [قال: ويتجرد ويلبس إزارا ورداء أبيضين. إذا فرغ من الاغتسال تجرد عن الثياب المخيطة، وذاك ما يخاط على قدر الملبوس عليه، مثل: القميص والسراويل والجبة، ونحو ذلك، ويلبس ما ليس بمخيط، وهو ما لا جيب له ولا كمين؛ كالإزار، والرداء، ويجب عليه كشف رأسه، فلا يلبس عليه مخيطًا، ولا غيره.. وإذا لبس الإزار، وهو المئزر والرداء يستحب أن يكون الأبيض؛ لأنه أحب الثياب إلى الله تعالى. قال: والجديد أحبُّ إليَّ من المغسول، فإن لم يكن جديدًا ليس مغسولًا، ويلبس نعلين، فإن لم يجد مشى حافيًا إلَّا أن يريد الترخيص فيذكر حكمه] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 257، ط. مكتبة القاهرة): [الـمُحْرِم ممنوع من لبس المخيط في شيء من بدنه، يعني بذلك ما يخاط على قدر الملبوس عليه؛ كالقميص والسراويل، ولو لبس إزارًا موصلًا، أو اتشح بثوبٍ مخيطٍ، جاز. ويستحب أن يكونا نظيفيْن؛ إما جديدين، وإما غسيلين؛ لأننا أحببنا له التنظف في بدنه، فكذلك في ثيابه؛ كشاهد الجمعة، والأولى أن يكونا أبيضين] اهـ.

الخلاصة

بناء على ما سبق: فإنَّ المواصفات المطلوبة شرعًا في ملابس الإحرام للرجل ألَّا يكون المَلبوس مُحِيطًا مُفَصَّلًا على العُضو؛ كالقميص والسراويل، وما لم يكن كذلك فلَا بأس بلُبس المُحرِم له؛ كالساعة والرِّداء والإزار مِمَّا يُلَفُّ على الجسم ولَا يُفَصِّل العُضو، أمَّا المرأة فتلبس ملابسها المعتادة الساترة لجميع جسدها من شعر رأسها حتى قدميها، ولا تكشف إلا وجهها وكفيها، ويسن للرجل والمرأة ارتداء الأبيض الجديد.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا