الرئيسية >المركز الإعلامي > التكفير معناه وضوابطه

التكفير معناه وضوابطه

التكفير معناه وضوابطه

التكفير متعلق بإنزال أحكام الكفر، ولذا فعلينا أن نُعرِّف الكفر أولًا؛ لأنه من المقرر أن الحكم على شيء فرع عن تصوره.
تعريف الكفر: الكُفْرُ لغة: نقيض الإيمان، وللكفر معانٍ أخرى كجحود النعمة، وغير ذلك، وهي مذكورة في المعاجم، يقال: كَفَرَ بالله (من باب نصر) يَكْفُر كُفْرًا وكُفُورًا وكُفْرانًا، فهو كَافِر، والجمع: كُفَّارٌ، وكَفَرةٌ. وهو: كَفَّارٌ أيضًا، وهو: كَفُور، والجمع: كُفُرٌ. وهي: كافرة، والجمع: كَوَافِر. انظر: "لسان العرب" مادة (ك ف ر)، و"المعجم الوسيط" مادة (ك ف ر).
قال الراغب الأصفهاني في "مفردات ألفاظ القرآن" (1/ 435): [ويقال: (كفر فلان) إذا اعتقد الكفر، ويقال ذلك: إذا أظهر الكفر وإن لم يعتقد؛ ولذلك قال تعالى: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ﴾ [النحل: 106] اهـ.
والكُفْر شرعًا: [إنكار ما علم ضرورةً أنَّه من دين سيدنا محمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم كإنكار وجود الصَّانع، ونبوَّته صلى الله عليه وآله وسلم وحرمة الزِّنا ونحو ذلك] اهـ. ينظر: "المنثور في القواعد الفقهية" (3/ 84).
قال الإمام الغزالي في "الاقتصاد في الاعتقاد" (ص: 156): [كل حكم شرعي يدعيه مدعٍ فإما أن يعرفه بأصل من أصول الشرع من إجماع أو نقل أو بقياس على أصل، وكذلك كون الشخص كافرًا إما أن يدرك بأصل أو بقياس على ذلك الأصل، والأصل المقطوع به أن كل من كذَّب محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم فهو كافر] اهـ.
وقال أيضًا في "فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة" (ص: 88-89): [اعلم أن شرح ما يكفر به وما لا يكفر به يستدعي تفصيلًا طويلًا يفتقر إلى ذكر كل المقالات والمذاهب، وذكر شبهة كل واحد ودليل ووجه بعده عن الظاهر، ووجه تأويله، وذلك لا يحويه مجلدات، ولا تتسع لشرح ذلك أوقاتي، فاقنع الآن بوصية وقانون:
أما الوصية: فأن تكف لسانك عن أهل القبلة ما أمكنك، ما داموا قائلين: لا إله إلا الله محمد رسول الله، غير مناقضين لها، والمناقضة: تجويزهم الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعذر، أو غير عذر، فإن التكفير فيه خطر، والسكوت لا خطر فيه.
أما القانون: فهو أن تعلم أن النظريات قسمان: قسم يتعلق بأصول القواعد، وقسم يتعلق بالفروع... إلى أن قال: لا تكفير في الفروع أصلًا، إلا في مسألة واحدة، وهي أن ينكر أصلًا دينيًّا علم من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالتواتر، لكن في بعضها تخطئة، كما في "الفقهيات"، وفي بعضها تبديع، كالخطأ المتعلق بالإمامة وأحوال الصحابة] اهـ.
وجاء في "المعيار المعرب" (12/ 74) للونشريسي: [قال الأبياري وغيره: وضابط ما يكفر به ثلاثة أمور؛ أحدها: ما يكون نفس اعتقاده كفرًا كإنكار الصانع وصفاته التي لا يكون إلا صانعًا بها، وجحد النبوءة.
الثاني: صدور ما لا يقع إلا من كافر.
الثالث: إنكار ما علم من الدين ضرورة؛ لأنه مائل إلى تكذيب الشارع. وهذا الضابط ذكره الشيح عز الدين بن عبد السلام في "قواعده"، والقرافي في "قواعده" وغيرهم] اهـ.
وقال الإمام القرافي في "أنوار البروق في أنواع الفروق" (4/ 115): [وأصل الكفر إنما هو انتهاك خاص لحرمة الربوبية، إما بالجهل بوجود الصانع، أو صفاته العلية، أو جحد ما علم من الدين بالضرورة] اهـ.
لا يكفر المسلم بذنب فعله:
من أصول عقيدة المسلمين أنهم لا يكفرون أحدًا من المسلمين بذنب، ولو كان من كبائر الذنوب -في ما دون الشرك- قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 48]، فإنهم لا يحكمون على مرتكبها بالكفر، وإنما يحكمون عليه بالفسق ونقص الإيمان ما لم يستحله؛ لأن أصل الكفر هو التكذيب المتعمد، وشرح الصدر له، وطمأنينة القلب به، وسكون النفس إليه. قال تعالى: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النحل: 106].
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «ثَلاثَةٌ مِنْ أَصْلِ الإِيمَانِ: الْكَفُّ عَمَّنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَلا تُكَفِّرْهُ بِذَنْبٍ، وَلا تُخْرِجْهُ مِنَ الإِسْلامِ بِعَمَلٍ..» أخرجه أبو داود في "سننه" (كتاب الجهاد) حديث (2534)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (2/ 189).
قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (1/ 150): [اعلم أن مذهب أهل الحق أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب، ولا يكفر أهل الأهواء والبدع -الخوارج، المعتزلة، الرافضة، وغيرهم-، وأن من جحد ما يعلم من دين الإسلام ضرورة حكم بردته وكفره، إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة ونحوه ممن يخفى عليه، فيعرف ذلك، فإن استمرَّ حكم بكفره، وكذا حكم من استحلَّ الزنا أو الخمر أو القتل أو غير ذلك من المحرمات التي يعلم تحريمها ضرورة] اهـ.
وقال الشيخ ابن تيمية‏ في "مجموع الفتاوى" (3/ 282): ‏[ولا يجوز تكفير المسلم بذنب فعله، ولا بخطأ أخطأ به، كالمسائل التي تنازع فيها أهل القبلة، فإن الله تعالى قال‏: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ﴾ [البقرة: 285]، وقد ثبت في "الصحيح" أن الله تعالى أجاب هذا الدعاء وغفر للمؤمنين خطأهم] اهـ.
تعريف التكفير: التَّكْفِير تفعيل من الكُفْر، وهو مصدر كَفَّر، يقال: كفَّره (بالتشديد) تكفيرًا: نَسَبَه إلى الكفر.
حكم التكفير:
الوصف بالكفر دائر بين حكمين؛ أحدهما: التحريم، وذلك إذا كان من يوصف بالكفر مسلمًا باقيًا على إسلامه، ولم يقم الدليل على كفره؛ لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ [النساء: 94]، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَلَّى صَلاتَنَا، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا، فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، فَلاَ تُخْفِرُوا اللهَ فِي ذِمَّتِهِ» أخرجه البخاري في "صحيحه"، (كتاب الصلاة) حديث (393).
وقوله: «أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ، وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ» أخرجه البخاري في "صحيحه" (كتاب الأدب) حديث رقم (6172)، ومسلم في "صحيحه" واللفظ له (كتاب الإيمان) حديث رقم (225).
ثانيهما: الوجوب، إذا كان وصف الكفر صادرًا ممن هو أهل له من المفتين والقضاة، وكان من وصف به مستحقًّا له ممن توافر فيه شروط الكفر سابقة الذكر.
التكفير مسألة فقهية من اختصاص أهل الفتوى والقضاء:
التكفير مسألة فقهية، بمعنى أنها حكم شرعي يوصف به فعل من كان مكلفًا بالشرع، قال الإمام الغزالي رضي الله عنه في "الاقتصاد في الاعتقاد" (ص: 155): [إن هذه مسألة فقهية، أعني الحكم بتكفير من قال قولًا وتعاطى فعلًا، فإنها تارة تكون معلومة بأدلة سمعية، وتارة تكون مظنونة بالاجتهاد، ولا مجال لدليل العقل فيها البتة، ولا يمكن تفهيم هذا إلا بعد تفهيم قولنا: إن هذا الشخص كافر والكشف عن معناه، وذلك يرجع إلى الإخبار عن مستقره في الدار الآخرة وأنه في النار على التأبيد، وعن حكمه في الدنيا وأنه لا يجب القصاص بقتله ولا يمكن من نكاح مسلمة ولا عصمة لدمه وماله، إلى غير ذلك من الأحكام] اهـ.
وقال أيضًا في "فيصل التفرقة" (ص: 78-79): [الكفر حكم شرعي، كالرق والحرية مثلًا؛ إذ معناه إباحة الدم والحكم بالخلود في النار، ومدركه شرعي فيدرك إما بنص وإما بقياس على منصوص] اهـ.
وقال أيضًا (ص: 98): [قد ظن بعض الناس أن مأخذ التكفير من العقل لا من الشرع وأن الجاهل بالله كافر، والعارف به مؤمن. فيقال له: الحكم بإباحة الدم والخلود في النار حكم شرعي لا معنى له قبل ورود الشرع] اهـ.
وقال الإمام السبكي في "الفتاوى" (2/ 586، ط. دار المعارف): [التكفير حكم شرعي سببه جحد الربوبية أو الوحدانية أو الرسالة أو قول أو فعل حكم الشارع بأنه كفر وإن لم يكن جحدًا] اهـ.
وقال العلامة الشهرستاني "الملل والنحل" (1/ 200): [وللأصوليين خلاف في تكفير أهل الأهواء مع قطعهم بأن المصيب واحد بعينه؛ لأن التكفير حكم شرعي، والتصويب حكم عقلي] اهـ.
يجب على المفتين والقضاة الاحتياط في إنزال حكم الكفر المعين:
على الرغم من أن قضية إنزال حكم الكفر خاصة بالمفتين والقضاة إلا أن العلماء لم يفُتهم أن ينبهوا على الاحتياط في هذا الشأن؛ لذلك تضافرت أدلة الشرع الشريف على وجوب الاحتياط في تكفير المسلم، قال تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ [النساء: 94]، فحذرهم من التسرع في التكفير، وأمرهم بالتثبت في حق من ظهرت منه علامات الإسلام في موطن ليس أهله بمسلمين.
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: «..ومَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ أَوْ قَالَ عَدُوَّ اللهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِلَّا حَارَ -رجعت عليه- عَلَيْهِ» أخرجه مسلم في "صحيحه" (كتاب الإيمان) حديث (226).
وعليه: فلا ينبغي التسرع في تكفير المسلم متى أمكن حمل كلامه على محمل حسن، وما يشك في أنه كفر لا يحكم به، فإن المسلم لا يخرجه عن الإيمان إلا جحود ما أدخله فيه؛ إذ الإسلام الثابت لا يزول بالشك، وقد تتابعت كلمات العلماء على تقرير هذا الأمر، نذكر منها ما يلي:
قال الإمام الغزالي في "فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة" (ص: 90): [ولا ينبغي أن يظن أن التكفير ونفيه ينبغي أن يدرك قطعًا في كل مقام، بل التكفير حكم شرعي يرجع إلى إباحة المال وسفك الدم، والحكم بالخلود في النار، فمأخذه كمأخذ سائر الأحكام الشرعية فتارة يدرك بيقين، وتارة بظن غالب، وتارة يتردد فيه. ومهما حصل تردد، فالوقف فيه عن التكفير أولى، والمبادرة إلى التكفير إنما تغلب على طباع من يغلب عليهم الجهل] اهـ.
وقال أيضًا في "الاقتصاد في الاعتقاد" (ص: 157): [والذي ينبغي أن يميل المحصِّلُ إليه الاحترازُ من التكفير ما وجد إليه سبيلًا، فإن استباحة الأموال والدماء من المصلين إلى القبلة، المصرحين بقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، خطأ، والخطأ في ترك تكفير ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك محجمة من دم امرئ مسلم، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الإِسْلامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ»] اهـ. أخرجه البخاري في "صحيحه" (كتاب الإيمان) حديث رقم (25)، ومسلم في "صحيحه" (كتاب الإيمان) حديث رقم (134).
وقال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار على الدر المختار" (4/ 229-230): [لَا يُفْتَى بِكُفْرِ مُسْلِمٍ أَمْكَنَ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى مَحْمَلٍ حَسَنٍ أَوْ كَانَ فِي كُفْرِهِ خِلَافٌ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ رِوَايَةً ضَعِيفَةً] اهـ.
وجاء في "جامع الفصولين" وفي "البحر الرائق" (5/ 134): [روى الطحاوي عن أصحابنا لا يخرج الرجل من الإيمان إلا جحود ما أدخله فيه، وما يشك في أنه ردة لا يحكم به؛ إذ الإسلام الثابت لا يزول بالشك مع أن الإسلام يعلو وينبغي للعالم إذا رفع إليه هذا ألا يبادر بتكفير أهل الإسلام. وفي "الفتاوى الصغرى": الكفر شيء عظيم، فلا أجعل المؤمن كافرًا متى وجدت رواية أنه لا يكفر. وفي "الخلاصة" وغيرها: إذا كان في المسألة وجوه توجب التكفير ووجه واحد يمنع التكفير فعلى المفتي أن يميل إلى الوجه الذي يمنع التكفير تحسينًا للظَّنِّ بالمسلم. زاد في "البزازية": إلا إذا صرح بإرادة موجب الكفر فلا ينفعه التأويل حينئذٍ. وفي "التتارخانية": لا يكفر بالمحتمل لأن الكفر نهاية في العقوبة فيستدعي نهاية في الجناية ومع الاحتمال لا نهاية] اهـ.
وقال الإمام ابن حجر الهيتمي في "تحفة المحتاج" (9/ 88): [ينبغي للمفتي أن يحتاط في التكفير ما أمكنه لعظيم خطره وغلبة عدم قصده سيما من العوام] اهـ.
ومما ذكر يتبين لنا حقيقة التكفير، وحكمه، وضوابطه، وتبين لنا أنه وظيفة القاضي والمفتي، ولا يجوز لغيرهما التجرؤ والافتيات عليهما فيه، لما في ذلك السلوك من المخاطر الشديدة، على الفرد والمجتمع.
والله سبحانه وتعالى وأعلم.

اقرأ أيضا

التكفير معناه وضوابطه

التكفير متعلق بإنزال أحكام الكفر، ولذا فعلينا أن نُعرِّف الكفر أولًا؛ لأنه من المقرر أن الحكم على شيء فرع عن تصوره.
تعريف الكفر: الكُفْرُ لغة: نقيض الإيمان، وللكفر معانٍ أخرى كجحود النعمة، وغير ذلك، وهي مذكورة في المعاجم، يقال: كَفَرَ بالله (من باب نصر) يَكْفُر كُفْرًا وكُفُورًا وكُفْرانًا، فهو كَافِر، والجمع: كُفَّارٌ، وكَفَرةٌ. وهو: كَفَّارٌ أيضًا، وهو: كَفُور، والجمع: كُفُرٌ. وهي: كافرة، والجمع: كَوَافِر. انظر: "لسان العرب" مادة (ك ف ر)، و"المعجم الوسيط" مادة (ك ف ر).
قال الراغب الأصفهاني في "مفردات ألفاظ القرآن" (1/ 435): [ويقال: (كفر فلان) إذا اعتقد الكفر، ويقال ذلك: إذا أظهر الكفر وإن لم يعتقد؛ ولذلك قال تعالى: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ﴾ [النحل: 106] اهـ.
والكُفْر شرعًا: [إنكار ما علم ضرورةً أنَّه من دين سيدنا محمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم كإنكار وجود الصَّانع، ونبوَّته صلى الله عليه وآله وسلم وحرمة الزِّنا ونحو ذلك] اهـ. ينظر: "المنثور في القواعد الفقهية" (3/ 84).
قال الإمام الغزالي في "الاقتصاد في الاعتقاد" (ص: 156): [كل حكم شرعي يدعيه مدعٍ فإما أن يعرفه بأصل من أصول الشرع من إجماع أو نقل أو بقياس على أصل، وكذلك كون الشخص كافرًا إما أن يدرك بأصل أو بقياس على ذلك الأصل، والأصل المقطوع به أن كل من كذَّب محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم فهو كافر] اهـ.
وقال أيضًا في "فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة" (ص: 88-89): [اعلم أن شرح ما يكفر به وما لا يكفر به يستدعي تفصيلًا طويلًا يفتقر إلى ذكر كل المقالات والمذاهب، وذكر شبهة كل واحد ودليل ووجه بعده عن الظاهر، ووجه تأويله، وذلك لا يحويه مجلدات، ولا تتسع لشرح ذلك أوقاتي، فاقنع الآن بوصية وقانون:
أما الوصية: فأن تكف لسانك عن أهل القبلة ما أمكنك، ما داموا قائلين: لا إله إلا الله محمد رسول الله، غير مناقضين لها، والمناقضة: تجويزهم الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعذر، أو غير عذر، فإن التكفير فيه خطر، والسكوت لا خطر فيه.
أما القانون: فهو أن تعلم أن النظريات قسمان: قسم يتعلق بأصول القواعد، وقسم يتعلق بالفروع... إلى أن قال: لا تكفير في الفروع أصلًا، إلا في مسألة واحدة، وهي أن ينكر أصلًا دينيًّا علم من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالتواتر، لكن في بعضها تخطئة، كما في "الفقهيات"، وفي بعضها تبديع، كالخطأ المتعلق بالإمامة وأحوال الصحابة] اهـ.
وجاء في "المعيار المعرب" (12/ 74) للونشريسي: [قال الأبياري وغيره: وضابط ما يكفر به ثلاثة أمور؛ أحدها: ما يكون نفس اعتقاده كفرًا كإنكار الصانع وصفاته التي لا يكون إلا صانعًا بها، وجحد النبوءة.
الثاني: صدور ما لا يقع إلا من كافر.
الثالث: إنكار ما علم من الدين ضرورة؛ لأنه مائل إلى تكذيب الشارع. وهذا الضابط ذكره الشيح عز الدين بن عبد السلام في "قواعده"، والقرافي في "قواعده" وغيرهم] اهـ.
وقال الإمام القرافي في "أنوار البروق في أنواع الفروق" (4/ 115): [وأصل الكفر إنما هو انتهاك خاص لحرمة الربوبية، إما بالجهل بوجود الصانع، أو صفاته العلية، أو جحد ما علم من الدين بالضرورة] اهـ.
لا يكفر المسلم بذنب فعله:
من أصول عقيدة المسلمين أنهم لا يكفرون أحدًا من المسلمين بذنب، ولو كان من كبائر الذنوب -في ما دون الشرك- قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 48]، فإنهم لا يحكمون على مرتكبها بالكفر، وإنما يحكمون عليه بالفسق ونقص الإيمان ما لم يستحله؛ لأن أصل الكفر هو التكذيب المتعمد، وشرح الصدر له، وطمأنينة القلب به، وسكون النفس إليه. قال تعالى: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النحل: 106].
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «ثَلاثَةٌ مِنْ أَصْلِ الإِيمَانِ: الْكَفُّ عَمَّنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَلا تُكَفِّرْهُ بِذَنْبٍ، وَلا تُخْرِجْهُ مِنَ الإِسْلامِ بِعَمَلٍ..» أخرجه أبو داود في "سننه" (كتاب الجهاد) حديث (2534)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (2/ 189).
قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (1/ 150): [اعلم أن مذهب أهل الحق أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب، ولا يكفر أهل الأهواء والبدع -الخوارج، المعتزلة، الرافضة، وغيرهم-، وأن من جحد ما يعلم من دين الإسلام ضرورة حكم بردته وكفره، إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة ونحوه ممن يخفى عليه، فيعرف ذلك، فإن استمرَّ حكم بكفره، وكذا حكم من استحلَّ الزنا أو الخمر أو القتل أو غير ذلك من المحرمات التي يعلم تحريمها ضرورة] اهـ.
وقال الشيخ ابن تيمية‏ في "مجموع الفتاوى" (3/ 282): ‏[ولا يجوز تكفير المسلم بذنب فعله، ولا بخطأ أخطأ به، كالمسائل التي تنازع فيها أهل القبلة، فإن الله تعالى قال‏: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ﴾ [البقرة: 285]، وقد ثبت في "الصحيح" أن الله تعالى أجاب هذا الدعاء وغفر للمؤمنين خطأهم] اهـ.
تعريف التكفير: التَّكْفِير تفعيل من الكُفْر، وهو مصدر كَفَّر، يقال: كفَّره (بالتشديد) تكفيرًا: نَسَبَه إلى الكفر.
حكم التكفير:
الوصف بالكفر دائر بين حكمين؛ أحدهما: التحريم، وذلك إذا كان من يوصف بالكفر مسلمًا باقيًا على إسلامه، ولم يقم الدليل على كفره؛ لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ [النساء: 94]، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَلَّى صَلاتَنَا، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا، فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، فَلاَ تُخْفِرُوا اللهَ فِي ذِمَّتِهِ» أخرجه البخاري في "صحيحه"، (كتاب الصلاة) حديث (393).
وقوله: «أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ، وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ» أخرجه البخاري في "صحيحه" (كتاب الأدب) حديث رقم (6172)، ومسلم في "صحيحه" واللفظ له (كتاب الإيمان) حديث رقم (225).
ثانيهما: الوجوب، إذا كان وصف الكفر صادرًا ممن هو أهل له من المفتين والقضاة، وكان من وصف به مستحقًّا له ممن توافر فيه شروط الكفر سابقة الذكر.
التكفير مسألة فقهية من اختصاص أهل الفتوى والقضاء:
التكفير مسألة فقهية، بمعنى أنها حكم شرعي يوصف به فعل من كان مكلفًا بالشرع، قال الإمام الغزالي رضي الله عنه في "الاقتصاد في الاعتقاد" (ص: 155): [إن هذه مسألة فقهية، أعني الحكم بتكفير من قال قولًا وتعاطى فعلًا، فإنها تارة تكون معلومة بأدلة سمعية، وتارة تكون مظنونة بالاجتهاد، ولا مجال لدليل العقل فيها البتة، ولا يمكن تفهيم هذا إلا بعد تفهيم قولنا: إن هذا الشخص كافر والكشف عن معناه، وذلك يرجع إلى الإخبار عن مستقره في الدار الآخرة وأنه في النار على التأبيد، وعن حكمه في الدنيا وأنه لا يجب القصاص بقتله ولا يمكن من نكاح مسلمة ولا عصمة لدمه وماله، إلى غير ذلك من الأحكام] اهـ.
وقال أيضًا في "فيصل التفرقة" (ص: 78-79): [الكفر حكم شرعي، كالرق والحرية مثلًا؛ إذ معناه إباحة الدم والحكم بالخلود في النار، ومدركه شرعي فيدرك إما بنص وإما بقياس على منصوص] اهـ.
وقال أيضًا (ص: 98): [قد ظن بعض الناس أن مأخذ التكفير من العقل لا من الشرع وأن الجاهل بالله كافر، والعارف به مؤمن. فيقال له: الحكم بإباحة الدم والخلود في النار حكم شرعي لا معنى له قبل ورود الشرع] اهـ.
وقال الإمام السبكي في "الفتاوى" (2/ 586، ط. دار المعارف): [التكفير حكم شرعي سببه جحد الربوبية أو الوحدانية أو الرسالة أو قول أو فعل حكم الشارع بأنه كفر وإن لم يكن جحدًا] اهـ.
وقال العلامة الشهرستاني "الملل والنحل" (1/ 200): [وللأصوليين خلاف في تكفير أهل الأهواء مع قطعهم بأن المصيب واحد بعينه؛ لأن التكفير حكم شرعي، والتصويب حكم عقلي] اهـ.
يجب على المفتين والقضاة الاحتياط في إنزال حكم الكفر المعين:
على الرغم من أن قضية إنزال حكم الكفر خاصة بالمفتين والقضاة إلا أن العلماء لم يفُتهم أن ينبهوا على الاحتياط في هذا الشأن؛ لذلك تضافرت أدلة الشرع الشريف على وجوب الاحتياط في تكفير المسلم، قال تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ [النساء: 94]، فحذرهم من التسرع في التكفير، وأمرهم بالتثبت في حق من ظهرت منه علامات الإسلام في موطن ليس أهله بمسلمين.
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: «..ومَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ أَوْ قَالَ عَدُوَّ اللهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِلَّا حَارَ -رجعت عليه- عَلَيْهِ» أخرجه مسلم في "صحيحه" (كتاب الإيمان) حديث (226).
وعليه: فلا ينبغي التسرع في تكفير المسلم متى أمكن حمل كلامه على محمل حسن، وما يشك في أنه كفر لا يحكم به، فإن المسلم لا يخرجه عن الإيمان إلا جحود ما أدخله فيه؛ إذ الإسلام الثابت لا يزول بالشك، وقد تتابعت كلمات العلماء على تقرير هذا الأمر، نذكر منها ما يلي:
قال الإمام الغزالي في "فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة" (ص: 90): [ولا ينبغي أن يظن أن التكفير ونفيه ينبغي أن يدرك قطعًا في كل مقام، بل التكفير حكم شرعي يرجع إلى إباحة المال وسفك الدم، والحكم بالخلود في النار، فمأخذه كمأخذ سائر الأحكام الشرعية فتارة يدرك بيقين، وتارة بظن غالب، وتارة يتردد فيه. ومهما حصل تردد، فالوقف فيه عن التكفير أولى، والمبادرة إلى التكفير إنما تغلب على طباع من يغلب عليهم الجهل] اهـ.
وقال أيضًا في "الاقتصاد في الاعتقاد" (ص: 157): [والذي ينبغي أن يميل المحصِّلُ إليه الاحترازُ من التكفير ما وجد إليه سبيلًا، فإن استباحة الأموال والدماء من المصلين إلى القبلة، المصرحين بقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، خطأ، والخطأ في ترك تكفير ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك محجمة من دم امرئ مسلم، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الإِسْلامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ»] اهـ. أخرجه البخاري في "صحيحه" (كتاب الإيمان) حديث رقم (25)، ومسلم في "صحيحه" (كتاب الإيمان) حديث رقم (134).
وقال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار على الدر المختار" (4/ 229-230): [لَا يُفْتَى بِكُفْرِ مُسْلِمٍ أَمْكَنَ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى مَحْمَلٍ حَسَنٍ أَوْ كَانَ فِي كُفْرِهِ خِلَافٌ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ رِوَايَةً ضَعِيفَةً] اهـ.
وجاء في "جامع الفصولين" وفي "البحر الرائق" (5/ 134): [روى الطحاوي عن أصحابنا لا يخرج الرجل من الإيمان إلا جحود ما أدخله فيه، وما يشك في أنه ردة لا يحكم به؛ إذ الإسلام الثابت لا يزول بالشك مع أن الإسلام يعلو وينبغي للعالم إذا رفع إليه هذا ألا يبادر بتكفير أهل الإسلام. وفي "الفتاوى الصغرى": الكفر شيء عظيم، فلا أجعل المؤمن كافرًا متى وجدت رواية أنه لا يكفر. وفي "الخلاصة" وغيرها: إذا كان في المسألة وجوه توجب التكفير ووجه واحد يمنع التكفير فعلى المفتي أن يميل إلى الوجه الذي يمنع التكفير تحسينًا للظَّنِّ بالمسلم. زاد في "البزازية": إلا إذا صرح بإرادة موجب الكفر فلا ينفعه التأويل حينئذٍ. وفي "التتارخانية": لا يكفر بالمحتمل لأن الكفر نهاية في العقوبة فيستدعي نهاية في الجناية ومع الاحتمال لا نهاية] اهـ.
وقال الإمام ابن حجر الهيتمي في "تحفة المحتاج" (9/ 88): [ينبغي للمفتي أن يحتاط في التكفير ما أمكنه لعظيم خطره وغلبة عدم قصده سيما من العوام] اهـ.
ومما ذكر يتبين لنا حقيقة التكفير، وحكمه، وضوابطه، وتبين لنا أنه وظيفة القاضي والمفتي، ولا يجوز لغيرهما التجرؤ والافتيات عليهما فيه، لما في ذلك السلوك من المخاطر الشديدة، على الفرد والمجتمع.
والله سبحانه وتعالى وأعلم.

اقرأ أيضا