13 مارس 2025 م

مفتي الجمهورية في حديثه الرمضاني مع الإعلامي حمدي رزق: ·الحوار الراقي هو الوسيلة المُثلى لمواجهة تحدِّيات الأمة.. وغيابه سبب رئيسي لمعاناة البشرية

مفتي الجمهورية في حديثه الرمضاني مع الإعلامي حمدي رزق:  ·الحوار الراقي هو الوسيلة المُثلى لمواجهة تحدِّيات الأمة.. وغيابه سبب رئيسي لمعاناة البشرية

أكَّد فضيلةُ الأستاذ الدكتور نظير عياد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- أن الحوار الراقي يمثِّل الوسيلة المُثْلى للتغلُّب على التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية، مشيرًا إلى أن غياب لغة الحوار كان ولا يزال أحد الأسباب الرئيسية للشقاء الذي تعانيه البشرية.

وأوضح فضيلته خلال لقائه الرمضاني اليومي مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج "اسأل المفتي" على فضائية صدى البلد، أن الحوار البنَّاء القائم على المشتركات الإنسانية والدينية يسهم في تقليل الفجوة بين الشعوب والثقافات، مستدلًّا في ذلك بوثيقة المدينة المنورة التي أرسى بها النبي صلى الله عليه وسلم مبادئ العيش المشترك والتآخي بين مختلف الطوائف، وكذلك بوثيقة الأخوة الإنسانية التي تم توقيعها في العصر الحديث، والتي دعت إلى التقارب بين أتباع الأديان المختلفة على أساس القيم المشتركة.

وأشار مفتي الجمهورية إلى أن الحاجة إلى الحوار لا تقتصر على العلاقات بين المسلمين وغيرهم، بل تمتد أيضًا إلى الحوار الإسلامي–الإسلامي، لما له من دَور كبير في تصحيح صورة الإسلام والمسلمين، ومواجهة حملات الطعن والتشويه التي تتعرض لها الشريعة الإسلامية. ولفت النظر إلى أن حالة التنازع والاختلاف بين بعض المسلمين قد أسهمت في إضعاف الأمة وتمكين أعدائها من التلاعب بها، وهو ما يستدعي ضرورة البحث عن نقاط الالتقاء والتفاهم لتعزيز وَحدة الصف الإسلامي.

وتناول فضيلة المفتي الدعوة التي أطلقها الأزهر الشريف، بقيادة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، خلال مؤتمر "حوار الشرق والغرب" الذي عُقد في مملكة البحرين عام 2022، والتي ركزت على أهمية الحوار الإسلامي–الإسلامي باعتباره خطوة ضرورية لمواجهة التحديات التي تحيط بالأمة. وأضاف أن هذه المبادرة جاءت إدراكًا لخطورة الواقع الراهن، حيث تتعدد الجهات التي تسعى إلى تعميق الخلافات داخل الأمة، وهو ما يتطلب تحركًا جادًّا لتوحيد الجهود بدلًا من تركيزها على النزاعات والخلافات.

وفي سياق حديثه، استشهد فضيلة المفتي بالآيات القرآنية التي تؤكد وَحْدَة الأمة الإسلامية وأهمية تماسكها، ومنها قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143]، وقوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]، وقوله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 92]. وأكد أن هذه النصوص القرآنية تضع على عاتق المؤسسات الدينية والعلمية مسؤولية كبيرة في تعزيز الوحدة بين المسلمين ونبذ الفرقة.

كما تطرَّق فضيلته إلى المؤتمر الذي عُقد تحت عنوان "الحوار الإسلامي–الإسلامي"، والذي حظيَ باهتمام كبير؛ نظرًا لما طرحه من قضايا جوهرية تتعلق بتوحيد الجهود الإسلامية والبحث عن النقاط المشتركة بين مختلف المذاهب والتوجهات الفكرية داخل الأمة.

وبيَّن أن هذا المؤتمر توصل إلى نتائج مهمة، أبرزها التأكيد على ضرورة الترفع عن الخلافات الفرعية التي لا تمس الأصول، وضرورة أن يعذر بعضنا بعضًا فيما نختلف فيه، مع التركيز على مجالات الاتفاق الكثيرة.

وأوضح الدكتور نظير عياد أن الدعوة إلى الحوار وتحقيق التقارب بين المسلمين تستند إلى مجموعة من الأسس، أهمها العودة إلى مفهوم الأخوة الإسلامية الصادقة، التي تقتضي منع التنازع والتكفير والتبديع، لافتًا إلى خطورة هذه الظواهر التي تؤدي إلى التعدي على المعتقدات، ثم على الأنفس والأعراض والأموال. وأكد أن أخطر ما يواجه الأمة اليوم هو محاولات زرع الفُرقة بين أبنائها؛ مما يحتِّم ضرورة التكاتف لمواجهة هذه التحديات بوعي ومسؤولية.

وأضاف فضيلته أن المؤتمر الإسلامي–الإسلامي جاء ليجمع بين أقطاب الأمة الإسلامية على اختلاف مشاربهم الفكرية ومذاهبهم الفقهية، في محاولة للوصول إلى رؤية مشتركة حول كيفية مواجهة التحديات الراهنة. وأوضح أن المشاركين في المؤتمر أجمعوا على أن الأمة تواجه أخطارًا متعددة، وأن السبيل الوحيد للخروج منها هو التمسك بوحدة الصف والتعاون المشترك، مستشهدًا بقوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103].

وأشار فضيلة المفتي إلى أنَّ جلسات المؤتمر ناقشت العديد من القضايا المهمة التي ترتبط بشكل مباشر بمسألة التنازع والاختلاف داخل الأمة الإسلامية، مؤكدًا أن هذه الظاهرة كانت سببًا رئيسيًّا في تمكين الأعداء من التلاعب بمقدرات المسلمين وإضعاف قوتهم. وشدد على أن التحاور والاستماع إلى وجهات النظر المختلفة يساعد على تصحيح المفاهيم المغلوطة، ويعيد الناس إلى جادة الصواب، بعيدًا عن سوء الظن أو إطلاق الأحكام الجائرة.

وفي سياق حديثه عن أهمية الحوار، استشهد فضيلته بموقف النبي صلى الله عليه وسلم حين جاءه شاب يطلب منه الإذن بارتكاب الفاحشة، فتعامل معه النبي بحكمة وروية، حيث لم يواجهه بالرفض القاطع، بل حاوره وسأله: "أترضاه لأمك؟ أترضاه لأختك؟ أترضاه لعمتك؟" وفي كل مرة كان الشاب يجيب بالنفي، حتى اقتنع تمامًا بعدم مشروعية هذا الفعل وابتعد عنه. وأكد المفتي أن هذا النموذج النبوي في إدارة الحوار ينبغي أن يكون منهجًا لجميع المسلمين في التعامل مع الخلافات، حيث يعتمد على الحكمة والموعظة الحسنة، كما جاء في قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: 125].

وشدَّد مفتي الجمهورية على ضرورة تعزيز ثقافة الحوار داخل المجتمع الإسلامي، ليس فقط على مستوى القيادات الدينية والعلمية، بل أيضًا على مستوى الأفراد والعامة، مؤكدًا أن التحديات التي تواجه الأمة تتطلب تضافر الجهود والعمل المشترك لتحقيق وحدة الصف ونبذ الفرقة والخلاف. وأضاف أن الحوار هو السبيل الوحيد لتحقيق البناء والتقدم، داعيًا الجميع إلى الالتزام بالمبادئ الإسلامية التي تدعو إلى التآخي والتراحم والتسامح.

وفي ختام الحلقة، أجاب فضيلة مفتي الجمهورية، على أسئلة المشاهدين المتعلقة بأحكام الزكاة، منها سؤال حول جواز توجيه الزكاة لمساعدة المتضررين في غزة، فقد أكد فضيلة المفتي أنه لا مانع من ذلك، خاصة في ظل الأزمات الإنسانية، إذ يعدُّ هذا نوعًا من التكافل الاجتماعي، بشرط أن يحدد المتصدق أو المزكي أن هذه الأموال من زكاة ماله.

وأوضح فضيلته في ردِّه على سؤال إحدى السيدات حول جواز إخراج الزكاة لوالدها المحتاج، أنه يجوز للمرأة أن تعطي والدها من زكاة مالها؛ نظرًا لعدم الْتزامها بالإنفاق عليه شرعًا، إلا أن الأولى والأفضل أن يكون ذلك من باب الإحسان إليه دون اعتبارها من الزكاة، مؤكدًا أن الله تعالى قد وسَّع عليها في هذا الأمر.

وفي ردِّه عن سؤال حول وجوب الزكاة على الوديعة المخصصة لتزويج الأبناء، أشار فضيلته إلى أن الزكاة تتعلق بتحقق شروطها، ومنها بلوغ النصاب وحوَلان الحول، حتى لو كان المال مخصصًا لغرض معين، مشيرًا إلى أن بعض العلماء ناقشوا مسألة الفائض عن الحاجة، إلا أن الأولى الخروج من الخلاف والالتزام بإخراج الزكاة عند تحقق الشروط الشرعية.

وفيما يتعلق بارتباط الزكاة بالموقع الجغرافي، أوضح فضيلته أن المسألة فيها سَعة، حيث يمكن البدء بالمحتاجين في نطاق السكن، أو إرسالها للأقارب، مشيرًا إلى أن القاعدة الشرعية تفضل أن يكون الأقربون أولى بالمعروف، مع التأكيد على أن جواز نقل الزكاة لا يقتصر فقط على حدود الدولة.

وحول زكاة المشروعات، أوضح فضيلة المفتي أن الزكاة تُخرج على المال كله وَفْقَ الضوابط الشرعية، مع استثناء الأمور الضرورية كالمسكن والسيارة، مؤكدًا أنه إذا بلغ المالُ النصابَ في المشروع، وجب إخراج زكاته وَفْقًا للأحكام الشرعية.

واختتم فضيلة المفتي حديثه بالتأكيد على أن الزكاة ركن من أركان الإسلام، جاءت لتحقيق التكافل والعدالة الاجتماعية، وأنها تتميز بالثبات والمرونة معًا، مما يجعلها صالحة لكل زمان ومكان، مشيرًا إلى ضرورة النظر في كل مسألة وَفْقًا للضوابط الشرعية المقررة.

أما بشأن المصارف الشرعية للزكاة، فقد أوضح فضيلته أن مصارف الزكاة محددة في القرآن الكريم، إلا أنه يمكن الاستفادة من المصارف التي لم تعد قائمة اليوم وتوجيهها لمجالات أخرى تدخل تحت مصرف "وفي سبيل الله"، مع ضرورة الالتزام بالضوابط الشرعية المحددة، مع مراعاة المصالح العامة للناس والدولة.

يتقدَّم فضيلة أ.د. نظير محمد عياد -مفتي الجمهورية، رئيسُ الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، الذي يوافق الخامس والعشرين من نوفمبر من كل عام، بتحية تقدير وإجلال لكل امرأة تُناضِل من أجل حقِّها في حياة كريمة، ولكل جهة تبذل جهدًا في تعزيز الوعي المجتمعي بمخاطر العنف ضد المرأة، وتعمل على حمايتها بوصفها شريكًا أصيلًا في بناء المجتمع وصياغة نهضته.


أكد فضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الحديث عن العلاقة بين العقيدة والسلوك ليس من باب الترف الفكري أو التكرار لقضايا مألوفة، بل يمثل ضرورة حياتية وفريضة دينية تفرضها طبيعة العصر الذي نعيشه، حيث تتزاحم المؤثرات الفكرية وتنتشر الاتجاهات الإلحادية والشاذة والدعوات المنفلتة التي تسعى إلى السخرية من الدين أو التقليل من شأنه، وهي اتجاهات تستهدف منظومة الأخلاق بالأساس، مما يجعل الجمع بين الجانب النظري الذي تمثله العقيدة والجانب التطبيقي الذي يجسده السلوك ضرورة ملحة لبناء الوعي وحماية المجتمع.


تؤكد دار الإفتاء المصرية أن ما يُعرف بـ«البِشْعَة» – وهي دعوى معرفة البراءة أو الإدانة عبر إلزام المتَّهَم بِلَعْق إناءٍ نُحاسي مُحمّى بالنار حتى الاحمرار – لا أصل لها في الشريعة الإسلامية بحالٍ من الأحوال، وأن التعامل بها محرَّم شرعًا؛ لما تنطوي عليه من إيذاء وتعذيب وإضرار بالإنسان، ولما تشتمل عليه من تخمينات باطلة لا تقوم على أي طريق معتبر لإثبات الحقوق أو نفي التهم، موضحة أن الشريعة الإسلامية رسمت طرقًا واضحة وعادلة لإثبات الحقوق ودفع التُّهَم، تقوم على البَيِّنات الشرعية المعتبرة، وفي مقدمتها ما وَرَد في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «البَيِّنةُ على مَنِ ادَّعى، واليَمِينُ على مَن أَنْكَرَ» ، وهي قواعد راسخة تَحفظ للناس حقوقهم، وتُقيم ميزان العدل بعيدًا عن الأساليب التي تُعرِّض الإنسان للضرر أو المهانة.


تُنظِّم دارُ الإفتاءِ المصرية يوم الأحد القادم الموافق ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٥م احتفالًا رسميًّا بمناسبة مرور مئةٍ وثلاثين عامًا على تأسيسها في ٢٣ نوفمبر ١٨٩٥م، وذلك بقاعة الاحتفالات بمبنى الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء، وبحضور نخبة من كبار الشخصيات الدينية والتنفيذية، وفي مقدمتهم المفتون السابقون وأسر المفتين الراحلين.


يتقدَّم فضيلة أ.د. نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، بخالص العزاء والمواساة إلى أسر المعتمرين الهنود الذين وافتهم المنية على مشارف المدينة المنورة أثناء رحلتهم المباركة لأداء مناسك العمرة.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 13 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :9
الشروق
6 :42
الظهر
11 : 49
العصر
2:38
المغرب
4 : 56
العشاء
6 :19