23 مارس 2025 م

مفتي الجمهورية في حديثه الرمضاني مع الإعلامي حمدي رزق: · حب الحياة مبدأ إسلامي أصيل والتفاؤل صفة المؤمن الحقيقي

مفتي الجمهورية في حديثه الرمضاني مع الإعلامي حمدي رزق:  · حب الحياة مبدأ إسلامي أصيل والتفاؤل صفة المؤمن الحقيقي

أكد فضيلة الأستاذ الدكتور نظير عياد- مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- أن حب الحياة والتفاؤل مبدآن إسلاميان أصيلان، وأن الإسلام جاء ليكرِّس هذه النظرة الإيجابية للحياة ويحث الإنسان على إعمار الأرض، مشيرًا إلى أن المسلم مطالب بأن ينظر إلى الحياة نظرة إيجابية قائمة على استيعاب مقاصد الاستخلاف في الأرض وغاية الخلق التي حددها القرآن الكريم.

وأوضح فضيلته خلال لقائه الرمضاني اليومي مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج "اسأل المفتي" على فضائية صدى البلد، أن التأمل في النصوص القرآنية يكشف عن مقصدين أساسيين للحياة الإنسانية، الأول هو الاستخلاف الذي جاء في قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30]، والثاني هو غاية الخلق التي حددها سبحانه بقوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].

وأشار إلى أن المسلم الذي يستوعب هذين المبدأين يعيش حياته برؤية واسعة، تتجاوز الضيق والاضطراب الذي قد يعيشه بعض الناس بسبب النظرة المحدودة أو الاعتقادات الظالمة والجائرة تجاه الحياة.

وأضاف مفتي الجمهورية أن بعض الفئات قد تتبنى رؤية متشائمة للحياة، سواء بسبب مفاهيم خاطئة أو اعتقادات سائدة قبل الإسلام، كما ورد في قوله تعالى: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: 24]، لكن الإسلام أكَّد أن الحياة لا تنتهي بالموت، بل هناك حياة أخرى أكثر خلودًا وأهمية، مصداقًا لقوله تعالى: {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 64].

وأشار فضيلته إلى أن السعي في هذه الحياة بإيجابية هو جزء من العقيدة الإسلامية، حيث حفلت النصوص الشرعية بالدعوة إلى التفاؤل والعمل الجاد، ومن ذلك ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه: «اغتنم خمسًا قبل خمس -ومنها- حياتك قبل موتك»، حيث اعتبر الحياة مقدمة للمصير الأخروي، وهي المحطة الأولى التي تحدد ما بعدها.

وفي سياق متصل، شدد فضيلة المفتي على أن التفاؤل وحب الحياة أمران متلازمان في الإسلام، لأن المسلم صاحب رسالة ومهمة، والله تعالى يقول: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61]؛ مما يدل على أن تعمير الأرض والاستفادة مما فيها من موارد ومعارف هو جزء من التكليف الشرعي. وبيَّن أن حب الحياة والتفاؤل يمنح الإنسان القدرة على تجاوز الصعوبات، ويعينه على وضع الأمور في نصابها الصحيح، فلا يبالغ في تقدير الأزمات، ولا يتهاون في السعي لحلها.

وضرب فضيلته مثالًا عمليًّا على أهمية التفاؤل وقوة الإيمان في مواجهة المحن، مشيرًا إلى أحداث غزوة بدر، حيث كان المسلمون قلة في العدد والعدة، لكن قوة الإيمان والتفاؤل بنصر الله كانا العامل الحاسم في تحقيق النصر. وأكد أن الأمر ذاته تكرر في حرب أكتوبر 1973، حيث استلهم الجنود من إيمانهم بالله العزيمة والقوة التي مكَّنتهم من تحقيق النصر ورفع راية العزة والكرامة للأمة العربية والإسلامية.

كما أشار إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان محبًّا للفأل، وكان دائم البشارة والتفاؤل، وكان يحرص على بث الأمل في نفوس أصحابه، وهو ما انعكس في أحاديثه وسيرته العطرة. وقال فضيلته: "الإسلام يزرع في المؤمن اليقين بأن كل ما يصيبه خير، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له».

كما تحدث فضيلته عن أن النظرة المتفائلة للحياة تجعل الإنسان أكثر إيمانًا وثقة برحمة الله، وتمنحه القوة لعبور الأزمات، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي غرس في المؤمن قيم التوكل على الله واليقين بأن الأمور كلها بيده سبحانه: «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك».

وأكد أن المسلم الذي يحمل هذه العقيدة في قلبه لا يعرف اليأس ولا يسمح للقنوط أن يتسلل إليه، بل يظل واثقًا بأن رحمة الله واسعة، وأن الأمل والتفاؤل من صميم الإيمان، مصداقًا لقوله تعالى: {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87].

في ختام الحلقة، أجاب فضيلة الأستاذ الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، على أسئلة المشاهدين، من بينها سؤال حول تشاؤم بعض الناس من أرقام معينة أو بعض الحيوانات، مثل القطة السوداء، وغيرها. وأوضح فضيلته أن هذه المعتقدات ترتبط بالأعراف والعادات وليست مستندة إلى أي دليل شرعي، مؤكدًا أنه ينبغي على الإنسان ألا ينشغل بها أو يهتم بها، لأن الانشغال بها قد يرسخ لديه اعتقادًا خاطئًا بأن أي مكروه يصيبه هو بسبب هذه الأمور، وهو ما نهت عنه الشريعة الإسلامية.

وفي معرض حديثه عن صحيح البخاري وما يتعرض له من انتقادات من حين لآخر، أكد فضيلة المفتي أن هذه الحملات ليست جديدة، بل تعود إلى قرون طويلة، مشيرًا إلى أن استمرارها يؤكد مكانة الإمام البخاري وعظمة مصنفه الذي حظي بقَبول الأمَّة منذ تأليفه وحتى يومنا هذا. وأضاف أن الإمام البخاري كان من كبار الأئمة الذين قدموا خدمات جليلة للإسلام، حيث جمع الأحاديث النبوية وَفْقَ شروط دقيقة، حتى بات كتابه "أصح الكتب بعد القرآن الكريم".

وأشار فضيلته إلى أن الهجوم على صحيح البخاري هو في الحقيقة هجوم على السُّنَّة النبوية بأكملها، وأن التشكيك في رواة الحديث، الذين كان بعضهم من كتَّاب الوحي، يمثل محاولة غير مباشرة للطعن في القرآن الكريم.

وفي حديثه عن الأحاديث المتواترة وأحاديث الآحاد، أوضح فضيلة المفتي أن العلماء قسموا الحديث إلى متواتر وآحاد، مشيرًا إلى أن الأحاديث المتواترة قليلة في السُّنَّة النبوية، بينما يشكل حديث الآحاد الجزء الأكبر من الروايات التي نقلت تفاصيل الدين، من أحكام الطاعة والعبادة والمعاملات. وأكد أن إنكار حديث الآحاد يعني عمليًّا إنكار جزء كبير من الدين، لأنه المصدر الأساسي لتفصيل وبيان الأحكام التي وردت مجملة في القرآن الكريم، مثل أحكام الصلاة والصيام والزكاة وغيرها.

وفيما يتعلق بتجديد تناول السُّنَّة النبوية في ضوء مستجدات العصر، شدد فضيلة المفتي على أن الاستفادة من النُّظم الحديثة والتقنيات الرقْمية في عرض السُّنة والتعريف بها أمر مطلوب، موضحًا أن المنصات الإلكترونية ووسائل الإعلام الحديثة يمكن أن تساهم في تقديم السُّنَّة النبوية بصورة أكثر تفاعلية ووضوحًا. ومع ذلك، أكد أن التعامل مع السُّنة طوال القرون الماضية كان مضبوطًا بضوابط علمية دقيقة، ولم يظهر ما يثبت وجود خلل في منهجية التوثيق والنقل.

وحول حكم اعتكاف المرأة في المسجد، أشار فضيلة المفتي إلى أن هذه المسألة خلافية بين الفقهاء، حيث يرى بعضهم جواز اعتكاف المرأة في المسجد استنادًا إلى قوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾، فيما يرى آخرون أن الأولى أن يكون اعتكافها في بيتها، موضحًا أن الفتوى المعتمدة تقضي بأن الاعتكاف يكون في المسجد.

التقى فضيلة أ.د نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، اليوم الخميس، سماحة الشيخ أحمد فواز بن فاضل، مفتي ماليزيا، في إطار الزيارة الرسمية التي يقوم بها فضيلته إلى العاصمة الماليزية كوالالمبور؛ للمشاركة في القمة الدولية الثانية للقيادات الدينية.


إسهامًا في تعزيز التكامل بين الجهود الدينية والوطنية لخدمة المجتمع ومواجهة التحديات الراهنة، شارك فضيلة الأستاذ الدكتور نظير عياد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم- في عدة زيارات تفقدية مهمة تعكس تنسيقًا رفيع المستوى مع مؤسسات الدولة، خلال عام من توليه منصب الإفتاء، حيث حضر افتتاح وتفقُّد عدد من المساجد الكبرى، منها مسجد "العلي العظيم" بألماظة بمشاركة رئيس الوزراء، ومسجد النور بمحافظة الجيزة. كما أدى فضيلته صلاة الجمعة بالمسجد الإبراهيمي في دسوق عقب افتتاح المرحلة الأولى من تطوير ساحته، وألقى أول خطبة جمعة من رحاب "مسجد مصر الكبير" بالمركز الثقافي الإسلامي بالعاصمة الإدارية الجديدة بعد ضمه دعويًّا وعلميًّا إلى وزارة الأوقاف، كذلك شارك في زيارة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر د. أحمد الطيب لبيت الزكاة والصدقات المصري.


"ارحموا عجزَ أهلِ غزَّة".. مفتي الجمهورية يوجِّه نداءً إنسانيًّا إلى أصحاب الضمائر الحيَّة في الشرق والغرب- لا بدَّ من بناء نماذج شرعية للذكاء الاصطناعي بإشرافٍ علميٍّ ومقاصديٍّ صارم ولا مكان للآلة في مقام الفتوى الشرعية ما لم تضبطها مقاصد الشريعة- إذا انفصل الذكاء الاصطناعي عن القيم تحوَّل إلى أداة قمعٍ وعدوان.. وعلى المؤسسات الدينية أن تتصدر المشهد- على العلماء أن يقودوا العَلاقة بين النصِّ والآلة.. والمؤسسات الدينية مطالبة ببناء ميثاق أخلاقي للتعامل مع الذكاء الاصطناعي- غزَّة ليست مجرد مأساة إنسانية بل اختبار فقهي وأخلاقيٌّ يفضح صمتَ الضمير العالمي وانفصال التِّقْنية عن القِيَم - ما يحدث في غزة يكشف خطورة تسليح الذكاء الاصطناعي دون ضوابط .. والفتوى التي تصمت عن غزة تفقد روحها- على علماء الأمة أن يدركوا أن نصرة غزة ليست خيارًا سياسيًّا، بل فريضةٌ وواجب أخلاقيٌّ- مصر تؤدي واجبها تجاه فلسطين بوعي وشرف رغم حملات التشويه.. والقيادة المصرية تتمسك بالحق الفلسطيني بصلابة تاريخية


• "المفتي الرشيد" لم يعد خيارًا تطوعيًا بل ضرورة شرعية في زمن العولمة الرقمية•مؤتمر دار الإفتاء المصرية له أهمية كبيرة في تحقيق التكامل بين الشرع والتقنية• "الفتاوى المؤتمتة غير المنضبطة" تحدٍ كبير للمفتين في عصر الذكاء الاصطناعي


الْتقى فضيلة الأستاذ الدكتور نظير عياد -مفتي جمهورية مصر العربية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- بالدكتور إيلدار علاء الدينوف مفتي موسكو، وذلك على هامش مؤتمر الإفتاء العاشر الذي عُقد بالقاهرة خلال يومَي 12 و13 أغسطس الجاري.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 16 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :12
الشروق
6 :40
الظهر
12 : 50
العصر
4:19
المغرب
6 : 59
العشاء
8 :17