14 أكتوبر 2025 م

في كلمته لطلاب الجامعات بمعهد إعداد القادة مفتي الجمهورية يؤكد: الأمة تواجه حربًا فكرية تستهدف القضاء على الهوية الدينية والوطنية مما يفرض ضرورة الوعي بالمخاطر وإعداد أجيال قادرة على المواجهة والبناء

في كلمته لطلاب الجامعات بمعهد إعداد القادة مفتي الجمهورية يؤكد:  الأمة تواجه حربًا فكرية تستهدف القضاء على الهوية الدينية والوطنية مما يفرض ضرورة الوعي بالمخاطر وإعداد أجيال قادرة على المواجهة والبناء

أكد فضيلة أ.د. نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن تجديد الخطاب الديني وبناء الوعي يمثلان ركيزتين أساسيتين لتحقيق الأمن الفكري وصيانة الهوية الوطنية والإنسانية، مشددًا على أن التجديد ليس خروجًا عن الأصول، ولا تفلتًا من الثوابت، وإنما هو تفعيل للعقل المستنير في فهم النصوص ومواكبة الواقع، بما يحقق مقاصد الشريعة ويحفظ استقرار المجتمعات ويصون هويتها من العبث والتزييف.

جاء ذلك خلال اللقاء الذي نظمه معهد إعداد القادة بحضور الأستاذ الدكتور كريم همام، مدير المعهد ومستشار وزير التعليم العالي والبحث العلمي للأنشطة الطلابية، والإعلامي الدكتور خالد سعد كبير مذيعي القناة الأولى وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وعدد من رؤساء الجامعات وعمداء الكليات وأعضاء هيئة التدريس ووفود طلابية من مختلف الجامعات المصرية، في لقاءٍ اتسم بالثراء الفكري والحوار البنّاء الذي يجسّد روح التواصل بين العلماء والشباب.

وفي مستهل كلمته، استعرض فضيلة المفتي أبرز المحطات المؤثرة في مسيرته العلمية والإنسانية، موضحًا أن نشأته الريفية في كنف والدين كريمين كانت البداية الحقيقية لتكوينه العلمي والخلقي، حيث تفتّحت مداركه بين رحاب المسجد، وتشرّب من بيئته الريفية قيم البساطة والصدق والاعتماد على النفس. وأكد أن الفضل بعد الله تعالى يعود إلى والديه في غرس القيم الأصيلة في نفسه، ثم تحدث عن مرحلة عمله معيدًا بالجامعة، وتأثره بأستاذيه الجليلين الدكتور حامد علي الخولي والدكتور محمود عثمان، اللذين شكّلا في حياته نموذجين راسخين في العلم والقدوة، ثم  التواصل الذي جمعه بفضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب،  شيخ الأزهر، الذي كان له أثر عميق في مسيرته ورؤيته للتجديد والفكر الإسلامي.

وأوضح فضيلته أن تجديد الخطاب الديني في عصر الذكاء الاصطناعي لم يعد ترفًا فكريًّا، بل أصبح ضرورة حضارية لحفظ الدين وصيانة العقول، مؤكدًا أن الخطاب الديني ليس جمودًا عند ظاهر النصوص دون فهم ولا انسلاخًا عن الدين تحت دعوى المعاصرة، بل هو توازن دقيق بين الثابت والمتغير؛ فالإسلام عقيدة وعبادة وأخلاق، وكلها تحتاج إلى عرض رشيد يواكب لغة العصر وأدواته، ويستفيد من منجزاته دون أن يهدم النص أو يغيّر جوهر الدين. وأضاف أن العلم الصادق يقود إلى الإيمان، وأن العقل والدين جناحان لا تقوم الحياة بدونهما، مستشهدًا بقوله تعالى «وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا» [الإسراء: 85].

مشيرًا  إلى أن الإنسان مهما بلغ من العلم يظل بحاجة إلى الإيمان الذي يمنحه التوازن والسكينة.

وفي حديثه عن الأمن الفكري، شدّد فضيلة المفتي، على أن حماية الفكر من الانحراف والانغلاق ضرورة كبرى لبناء الأوطان، فالأمن الفكري ـ كما قال ـ يبني ولا يهدم، ويغرس الطمأنينة والاستقرار في النفوس، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب» موضحًا أن الفكر المنحرف مصدر اضطراب وهدم، بينما الفكر المستنير سبيل إلى الرشاد والسلام الاجتماعي.

وتناول فضيلته دور الشباب في حماية الفكر الديني وبناء الشخصية الوطنية، مؤكدًا أن الشباب هم طاقة الأمة وسر نهضتها، وأن الأنشطة الطلابية تمثل وسيلة فاعلة لتنمية الوعي وتعزيز الثقة بالذات وبالقدرات، مشيرًا إلى أهمية إحياء دور المؤسسات الدينية في التثقيف والتوجيه، موضحًا أن دار الإفتاء المصرية تنظم العديد من الدورات التدريبية الموجهة للشباب، تتناول قضايا علم النفس والاجتماع والتطرف الفكري، مبينًا أن التطرف لا يقتصر على الدين وحده، بل يمتد إلى التطرف المضاد الذي يسعى إلى تفريغ الدين من مضمونه وقيمه الأصيلة.

وفي الجلسة الحوارية، استمع فضيلة المفتي إلى أسئلة الطلاب، موضحًا الفرق بين التبليغ والدعوة والفتوى، مبينًا أن المبلّغ عن الله لا بد أن يمتلك أدوات العلم والرؤية والبصيرة، فقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بلغوا عني ولو آية» لا يعني النقل دون فقه أو وعي، بل يتطلب سلوكًا راقيًا وقدوة حسنة. كما دعا إلى التعامل الواعي مع وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها سلاحًا ذا حدين، يمكن أن يكون منبرًا للخير كما يمكن أن يتحول إلى أداة للانحراف والتضليل، مؤكدًا أهمية الثقة في المؤسسات الدينية والوطنية، ومحذرًا من حملات التشكيك التي تستهدف النيل منها بزعم تبعيتها، قائلاً إن من يطعن في المؤسسات الدينية إنما يفعل ذلك لأنه يرفض الاعتدال، ولا يرى إلا فكره الضيق وأهواءه الشخصية.

وفي حديثه عن السلام الإنساني، ثمّن فضيلته الجهود الوطنية والعالمية المبذولة في صناعة السلام، معتبرًا أن السلام ليس شعارًا يُرفع، بل فنٌّ وإرادة تتطلب عملًا مستمرًّا وصبرًا طويلًا، داعيًا الله تعالى أن يبارك في كل من يسعى إلى إحلاله وترسيخه. كما أكد أن العالم المعاصر يواجه أزمة أخلاقية خانقة، وأن إصلاح الأخلاق هو المدخل الحقيقي لإصلاح المجتمع بأسره، مشددًا على ضرورة إدراج مادة القيم والأخلاق في المناهج الدراسية لترسيخ السلوك القويم في نفوس الناشئة.

وأكد فضيلة المفتي أن الأمة تواجه حربًا فكرية شرسة تستهدف القضاء على الهوية الدينية والوطنية والتاريخية واللغوية، محذرًا من الذوبان والانفصال عن الجذور، داعيًا إلى الاعتزاز بالهوية المصرية والعربية والإسلامية ومقاومة محاولات تفكيكها، ومشيرًا إلى أن بعض الجهات تحاول التقليل من قيمة الوطن والدين والتاريخ، في حين أن الحفاظ على هذه الثوابت هو الضمان الحقيقي للأمن الفكري والاجتماعي. وأضاف أن العقل والعلم والدين إذا اجتمعوا صلح الفكر واستقام الوعي، مؤكدًا أن الحرب الفكرية الراهنة أخطر من أي حرب مادية لأنها تستهدف العقول والضمائر قبل الأجساد.

وفي ختام كلمته، وجَّه فضيلة المفتي نصيحة أبوية للشباب بألا ينخدعوا بالمظاهر الزائفة أو ما يسمى “التدين المغشوش”، داعيًا إلى تحرّي الصدق في طلب العلم والأخذ من المصادر الموثوقة، وتوقير الوالدين، وتعظيم القدوة الحسنة، والحذر من الانسياق وراء الشائعات والمحتوى الهابط عبر وسائل التواصل الاجتماعي مهما حظي من انتشار، مؤكدًا أن العلاقة الصادقة بالله هي الحصن المنيع من الفتن والانحرافات، مصداقًا لقوله تعالى: «إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا» [الأنفال: 29].

من جانبه، رحّب الأستاذ الدكتور كريم همام بفضيلة مفتي الجمهورية، مثمنًا الدور الرائد لدار الإفتاء المصرية في نشر العلم وترسيخ القيم وبناء الوعي الوطني والفكر المستنير، ومشيدًا بجهود فضيلة المفتي المشهودة في خدمة الدين والفكر والوطن، وقدّم في ختام اللقاء درع المعهد؛ تقديرًا لعطائه وجهوده المخلصة في خدمة الفكر والدين والوطن.

استقبل أ.د. أيمن رشاد الشهابي، محافظ دمياط، اليوم الاثنين، فضيلة أ.د. نظير محمد عياد مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، في زيارة رسمية تهدف إلى تعميق أواصر التعاون المشترك بين محافظة دمياط، ودار الإفتاء المصرية، ومناقشة سبل دعم العمل الدعوي والمجتمعي في المحافظة، بما يحقق رسالة الإفتاء في خدمة المواطن المصري وتعزيز وعيه وبناء استقراره النفسي والأسري، كما يقوم فضيلته بإلقاء كلمة في الندوة العلمية التي تعقدها جامعة دمياط.


أكد فضيلة أ.د نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن التراث الإسلامي يشكّل أساسًا راسخًا للاجتهاد في إصدار الفتاوى، وأن الإفادة منه ضرورة لتحقيق مصالح الأمة في ظل التحديات المعاصرة، موضحًا أن التعامل مع التراث يجب أن يكون بمنهج علمي يقوم على التوازن والاعتدال دون إفراط ولا تفريط، إذ يمثل حصيلة فكرية ضخمة خلفها الأئمة والعلماء والمفكرون عبر العصور.


استطلعَت دارُ الإفتاءِ المصريةُ هلالَ شهرِ جمادى الأولى لعام ألفٍ وأربعمائةٍ وسبعة وأربعين هجريًّا بعد غروب شمس يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من شهر ربيع الآخر لعام ألفٍ وأربعمائةٍ وسبعة وأربعين هجريًّا، الموافق الواحد والعشرين من شهر أكتوبر لعام ألفين وخمسة وعشرين ميلاديًّا بواسطة اللِّجان الشرعيةِ والعلميةِ المنتشرةِ في أنحاء الجمهورية.


نظم مركز التدريب بدار الإفتاء المصرية سلسلة من المحاضرات المتخصصة ضمن برنامج تدريب الباحثين الشرعيين تحت عنوان "مهارات صياغة الفتوى الشرعية"، والتي شملت عددًا من الموضوعات العلمية والمهنية الهادفة إلى رفع كفاءة الباحثين وتمكينهم من أدوات الصياغة الإفتائية المعاصرة.


شارك فضيلة الدكتور محمود شلبي، مدير إدارة المراجعة الشرعية وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، نيابةً عن فضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، في فعاليات الملتقى الدولي للمذهب المالكي في نسخته السابعة عشرة، الذي انعقد في ولاية عين الدفلى بالجمهورية الجزائرية تحت عنوان: "منظومة الزكاة في المذهب المالكي: الأبعاد الحضارية والتنموية في ظل التحديات المعاصرة"، وذلك خلال الفترة من 21 إلى 23 أكتوبر 2025م، بمشاركة نخبة من العلماء والباحثين من مختلف الدول العربية والإسلامية.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 04 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :4
الشروق
6 :36
الظهر
11 : 45
العصر
2:36
المغرب
4 : 55
العشاء
6 :17