01 يناير 2017 م

مثل ما بعث الله به رسوله من الهدى والعلم

مثل ما بعث الله به رسوله من الهدى والعلم


عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا، فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ، فَأَنْبَتَتِ الْكَلأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أخرى، إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً، وَلاَ تُنْبِتُ كَلأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقِهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ، فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ»

يبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف أن الْهُدَى الَّذِي جَاءَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يشبه الغيث، والْأَرْضَ إزاء هذا الغيث على ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ، وَكَذَلِكَ النَّاسُ إزاء الهدي النبوي المرسل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالنوع الأول من الأرض: ينتفع بالمطر فيحيا بعد أن كان ميتا، وينبت الكلأ فينتفع به الناس، والدواب بالشرب والرعي والزرع وغيرها، ومثل هذا النوع الأول من الناس وهو الذي يبلغه الهدي والعلم، فيحفظ ويحيا قلبه ويعمل به ويعلمه غيره، فينتفع وينفع الناس، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً﴾ [فصلت: 33]، وقال تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ﴾ [النحل: 125] .

والنوع الثاني من الأرض: ما لا تقبل الانتفاع في نفسها لكن فيها فائدة هي إمساك الماء لغيرها، فينتفع به الناس والدواب وهي لا تنتفع، ومثل هذا النوع الثاني من الناس لهم قلوب حافظة لكن ليست لهم أذهان ثاقبة ولا رسوخ لهم في العلم، يستنبطون به المعاني والأحكام فهم يحفظون حتى يجيء أهل النفع والانتفاع فيأخذه منهم، فهؤلاء نفعوا الناس بعلمهم وما انتفعوا، ويقبح بالعالم أن ينفع الناس بعلمه فيعملوا به وهو لا ينتفع به ولا يعمل به، بل ينبغي أن يكون فعله موافقاً لقوله، فإذا مر بشيء عمل به، وإذا نهى عن شيء انتهى عنه قبل غيره.

وقد دلت الأخبار من الكتاب والسنة على ذم من علم الناس ولم يعمل بعلمه، قال الله تعالى: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ [البقرة: 44]، وقال تعالى: ﴿كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ [الصف: 3]، وقال تعالى في قصة شعيب: ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ [هود: 88].

أما النوع الثالث من الأرض: هو السباخ التي لا تنبت، فهي لا تنتفع بالماء، ولا تمسكه لينتفع به غيرها، ومثلُ هذا النوع النوعُ الثالث من الناس، وهم الذين ليست لهم قلوب حافظة ولا أفهام واعية، فإذا سمعوا العلم لا ينتفعون ولا يحفظون لينفعوا غيرهم.

فالحاصل: أن النوع الأول للمنتفع النافع، والنوع الثاني للنافع غير المنتفع، والثالث لغير النافع والمنتفع، وأعلى هذه الأنواع النوع الأول وهو المنتفع النافع.
صلى الله على النبي الهادي، سيدنا ومولانا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم.
 

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَقَالَ: «يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ» (رواه الترمذي وقال عقبه: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ). يحتوي هذا الحديث على مجموعة من الوصايا والمواعظ الخطيرة القدر، الجامعة من الأحكام والحِكَم والمعارف ما يفوق الحصر. فكانت أولى المواعظ كالتالي: (احفظ اللَّه) بحفظ فرائضه وحدوده، وملازمة تقواه، واجتناب نهيه وما لا يرضاه (يحفظك) في نفسك وأهلك ودنياك ودينك، وهذا من أبلغ


مبدأ إنزال الناس منازلهم يحتوي على أقصى درجات الحكمة في التعامل مع الناس، وهو طريق إلى كسبهم في صف الحقِّ والحقيقة، وكما يكون تحقيق هذا المبدأ بالكلام يكون تحقيقه بالفعل، وإليك هذا الشاهد النبوي العظيم في إنزال الناس منازلهم قولًا وفعلًا، والذي كان سببًا في إسلام عدي بن حاتم. قال ابن هشام رحمه الله: قال عدي بن حاتم: [فخرجت حتى أقدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة، فدخلت عليه وهو في مسجده فسلمت عليه، فقال: «مَنِ الرجل؟» فقلت: عدي بن حاتم، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فانطلق بي إلى بيته، فوالله إنه لعامدٌ بي إليه إذ لقيَته امرأة


عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لَأُحِبُّ هَذَا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «أَعْلَمْتَهُ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «أَعْلِمْهُ» قَالَ: فَلَحِقَهُ، فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللهِ، فَقَالَ: أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ. رواه أبو داود.


عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم؟


أخرج البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا.. لاَ كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ، ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾». وقد ذكروا في سبب ورود هذا الحديث ما أخرجه الترمذي وصححه، والنسائي عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: ذَكَرُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ نَوْمَهُمْ عَنِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي اليَقَظَةِ، فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ صَلاَةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا».


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 55
العصر
4:31
المغرب
7 : 58
العشاء
9 :31