الإثنين 15 ديسمبر 2025م – 24 جُمادى الآخرة 1447 هـ
01 يناير 2017 م

قلة الطيب من كل شيء في مقابل الخبيث

قلة الطيب من كل شيء في مقابل الخبيث


 جاء عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّمَا النَّاسُ كَالإِبِلِ المِائَةِ، لاَ تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً».

يبين الحديث الشريف أن الكامل في الخير والزهد في الدنيا مع رغبته في الآخرة والعمل لها قليل، كما أن الراحلة النجيبة نادرة في الإبل الكثيرة، أو أننا لا نكاد نجد الْمَرْضِيَّ الْأَحْوَال مِنَ النَّاسِ الْكَامِل الْأَوْصَاف الْحَسَن الْمَنْظَر الْقَوِي عَلَى الْأَحْمَالِ وَالْأَسْفَارِ الذي يصلح للصحبة فيعاون صاحبه ويلين له جانبه كما أننا لا نكاد نجد فيما ما يقارب المائة من الإبل الراحلة التي تسافر بين البلاد البعيدة والتي تصلح للركوب وتكون طيئة سهلة الانقياد. لا نكاد نجد الإنسان الذي يملك الإخلاص الكافي بحيث كلما وقع وتكفأ على وجهه قام وأكمل المسير، وترك الولولة والبكاء على اللبن المسكوب.

جاء عن العارف أبي السعود الجارحي أنه قال لأحد مريديه: منذ 30 سنة وأنا أدل الناس على الله؛ فلم أجد إلا من قال لي: الأمير ظلمني … التجار أخذوا مالي … امرأتي هجرتني … وما وجدت من يسألني عن الله حقًّا. وما يقوله هذا العارف: يقصد عند التمحيص؛ فالناس في العادة والأعم الأغلب عندما يطلبون في جد من الأمر يأتون سراعًا ويقولون نحن لها، وعند أول اختبار يظهر منهم التقصير.

قال ابن عجيبة: قد جرت عادته تعالى بكثرة الخبيث من كل شيء، وقلة الطيب من كل شيء، قال تعالى: ﴿وَقَلِيلٌ ما هُمْ [ص: 24] ، ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سَبَأٍ: 13] ، وفي الحديث الصحيح: «النَّاسُ كإبلٍ مِائةٍ لا تكادُ تَجِدُ فيها رَاحِلةَ»، وقال الشاعر:


إنّي لأفتَحُ عَينِيَ حِينَ أفتَحُها ... عَلَى كَثِيرٍ ولكن لا أرى أحَدا


فأهل الصفا قليل في كل زمان".

يقول الفخر الرازي: حَيْثُ يُوصَفُ أهل الهدى بِالْقِلَّةِ إِنَّمَا يُوصَفُونَ بِهَا بِالْقِيَاسِ إِلَى أَهْلِ الضَّلَالِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْقَلِيلَ مِنَ الْمَهْدِيِّينَ كَثِيرٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَإِنْ قَلُّوا فِي الصُّورَةِ.

قال الراغب: "المراد أنك ترى واحدًا كعشرة آلاف، وترى عشرة آلاف دون واحد.


وَلم أرَ أَمْثَال الرِّجَال تَفَاوتًا ... من النَّاس حَتَّى عُدَّ ألفٌ بِوَاحِد


قال بعضهم: "خص ضرب المثل بالراحلة؛ لأن أهل الكمال جعلهم الحق تعالى حاملين عن أتباعهم المشاق، مذللة لهم الصعاب في جميع الآفاق؛ لغلبة الحنو عليهم والإشفاق".

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ، فَحُجُّوا»، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وآله وَسَلَّمَ: «لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ»، ثُمَّ قَالَ: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ» متفق عليه.


عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَنْشَأُ نَشْءٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ قُطِعَ» قَالَ ابْنُ عُمَرَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ قُطِعَ، أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ مَرَّةً، حَتَّى يَخْرُجَ فِي عِرَاضِهِمُ الدَّجَّالُ» رواه ابن ماجه في "سننه"، قال البوصيري في "الزوائد": [إسناده صحيح، وقد احتج البخاري بجميع رواته] اهـ.


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» رواه مسلم.


عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الحَيَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْهُ، فَإِنَّ الحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ» رواه البخاري. الحياء من أعظم الفضائل التي يتحلى بها الإنسان، بل هو مصدر للفضائل الأخرى، وقد تعددت الأحاديث التي أوصى فيها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بهذه الفضيلة العظيمة وهذا الخلق السامي.


فأما البر: فهي اللفظة الجامعة التي ينطوي تحتها كل أفعال الخير وخصاله، وجاء تفسيره في الحديث بأنه حسن الخلق، وعُبَّر عنه في حديث آخر لوابصةَ بأنه ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، وهذا الاختلاف في تفسيره لبيان أنواعه. فالبرُّ مع الخَلْق إنما يكون بالإحسان في معاملتهم، وذلك قوله: «البرُّ حسن الخلق»، وحسن الخلق هو بذل الندى، وكفُّ الأذى، والعفو عن المسيء، والتواصل معهم بالمعروف، كما قال ابن عمر رضي الله عنه: "البرُّ شيء هيِّن: وجه طليق، وكلام ليِّن".


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :43
الظهر
11 : 50
العصر
2:38
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :20