ألقى فضيله الأستاذ الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، محاضرة بعنوان "مواجهة الإرهاب ونبذ العنف" بحضور الدكتور ماجد القمري رئيس جامعة كفر الشيخ، وعدد من أعضاء هيئة التدريس، وعدد من الطلاب بقاعة المؤتمرات بمبنى التطوير بجامعة كفر الشيخ.
وقال الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية، إن الدين أمانة، ويجب أن يكون الشخص المنوط به الإفتاء مؤهلًا وقادرًا على الرد الصحيح في المسائل المطروحة عليه، موضحًا أن دار الإفتاء المصرية تتمتع بثقة كبيرة في الداخل والخارج.
وأعلن مفتي الديار المصرية، أنه تم التقدم بمشروع قانون إلى مجلس النواب لتنظيم الإفتاء للقضاء على الفتاوى العشوائية التي تصدر من غير المتخصصين، مشيرًا إلى أن دار الإفتاء تصدر 2000 فتوى يوميًّا عبر الوسائل المختلفة، ويتفاعل أكثر من 5 ملايين شخص مع صفحة الإفتاء على موقع "فيس بوك"، ويتم استقبال الفتاوى بعدد 11 لغة.
وأضاف فضيلته، أن دار الإفتاء المصرية تمتلك وسائل مختلفة لمواجهة الأفكار المتطرفة والجماعات الإرهابية، موضحًا أن الجماعات الإرهابية أخرجت الآيات القرآنية التي يبررون أفعالهم بها عن سياقها بصورة غير صحيحة، مشيرًا إلى أنهم فسروا كلمة الجهاد بمنظور ضيق وبعيد عن معناه الحقيقي.
وقال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، إن إنشاء معهد للنانو تكنولوجي بجامعة كفر الشيخ طفرة وإضافة للدور الذي تقوم به مصر، فمصر رائدة في الشأن الديني لوجود الأزهر الذي يؤدي دوره طوال ألف وستين سنة، كأقدم الجامعات على مستوى العالم، مؤكدًا أننا نسافر خارج مصر ونلحظ الحضور الأزهري في الجامعات العالمية، ومؤكدًا أن دار الإفتاء المصرية هي البيت الثاني في الريادة المصرية بعد الأزهر الشريف منذ إنشائها، ولدار الإفتاء تراثًا من الخبرة المتراكمة.
وأضاف مفتي الجمهورية: نحن أمام قضية خطيرة؛ "قضية الإرهاب"، فعندما نسمع عن أن البعض من أبنائنا يتساقط يثير ذلك عددًا من التساؤلات، والسؤال الذي يجب أن نبحث فيه: ما الداعي لاعتناق المتطرف تلك الأفكار الهدامة؟ لذا نحن نحتاج للغوص في أعماق الإنسان المتطرف لنتوصل لدراسة حقيقة تُنبئ عن عقلية ذلك الإنسان وما السبب الذي يجعله يتبنى العمليات الإرهابية؟ والنص الشرعي دعانا للتمتع بالحياة بما لا تحريم فيه، والشباب أكثر من 40% من سكان مصر فلا بد من مخاطبتهم ليدركوا الحقيقة.
وقال مفتي الجمهورية، إنه يجب فهم الآيات القرآنية في سياقها، فقوله تعالى:﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: 36]، لم تأمر بقتل المشركين كافة، ولكنها مقتصرة على المشركين الذين نقضوا عهدهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وهناك من فهم الآيات من خلال نزعها من السياق وعدم إدراك اللغة في الآية، ففهموا قتال المشركين كافة على غير الحقيقة.
وأضاف مفتي الجمهورية: الجهاد لا يقتصر على القتال، ولكن له مفهوم أعم، فالجهاد معناه الجهاد في العمل، وبذل الجهد في كل مناحي الحياة، ولكن البعض اختزل الكلمة في القتال فقط، وليتهم قصروه على القتال فقط، بل إنهم فسروا الجهاد حسب أمزجتهم!
وقال فضيلة مفتي الجمهورية: إن الإسلام دين الرحمة، وهناك وقف للكلاب الضالة في مصر لإطعامها ورعايتها، والإسلام شدَّد على توفير المسكن والملبس والرعاية للأبناء والآباء والأمهات، فالإسلام يحرم القتل، فكيف يعتنق هؤلاء اتجاه القتل والتخريب؟!
وقال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية: إن دار الإفتاء تستخدم التقدم التكنولوجي وهو الاستخدام الأمثل للتعامل مع الشباب المستخدم لوسائل التكنولوجيا، فلديها صفحة على موقع الــ "فيس بوك" يشترك بها 5 مليون و 106 آلاف مشترك، يتفاعلون مع الصفحة أسبوعيًّا، وهناك صفحة باللغة الإنجليزية، واللغة الفرنسية، وخاطبنا الأوروبيين، وكل العالم من خلال تلك الصفحات، مؤكدين أن المسلمين ضحايا لإلصاق تهمة الإرهاب بهم، فالمخربون ليسوا بمسلمين، فنحن معمرون ولسنا مخربين، مشيرًا إلى أن دار الإفتاء وجدت تفاعلًا مع الشباب الأجانب، وحركنا الماء الراكد وتفاعلنا من الشباب من خلال تلك الصفحات.
وأضاف فضيلة مفتي الجمهورية: أنشأنا صفحة "داعش تحت المجهر"، وهناك مجلة "بصيرة"، تصدر باللغة الإنجليزية ترد على مجلة داعش "دابق" باللغة الإنجليزية، ونجحنا في التفاعل مع الشباب، فهم مستقبل مصر، وعليهم إدراك المسئولية الملقاة على عاتقهم مستقبلًا.
وقال فضيلته أيضًا: إن دار الإفتاء تصدر ألفَي فتوى في اليوم الواحد ما بين فتوى شفوية، ومكتوبة، وعبر البريد الإلكتروني، وتطبيق دار الإفتاء المصرية على الهاتف الذكي به أيقونة لإرسال سؤال يتم الرد عليه بعد ساعتين أو ثلاثة، وهذا دليل على الثقة بين مؤسسة الدولة -دار الإفتاء- وبين الشعب والعالم بأكمله.
وأكد فضيلته على أن الإجابة على الأسئلة الموجهة لدار الإفتاء من كافة لغات العالم بــ 11 لغة، وأدخلنا اللغة الإسبانية لانتشارها، ولدينا إدارة للترجمة وأغلب المترجمين من أبناء الدول نفسها؛ لترجمة الأسئلة والأجوبة ولفهمهم وإدراكهم سياق الكلمات والمعاني.
وقال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية: إن الرسول صلى الله عليه وسلم درب أصحابه على كيفية فهم الواقع وإنزال الحكم الشرعي على الواقع المتغير، ورحل الرسول صلى الله عليه وسلم وجاء أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، ثم حدثت الفتنة الكبرى في زمن سيدنا علي رضي الله عنه، ونشأ الخوارج، وبعد أكثر من ألف سنة عادت الفكرة وإن مات أصحابها، واعتنقوا فكرة التخريب والتدمير، ولم يثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم ضرب امرأة، أو طفلًا، أو خادمًا. ولا يجوز شرعًا أن تعلن فئة الحرب على فئة، فقرار القتال بيد الدولة، والفقهاء يقولون إن القتال بمعنى الجهاد لا يكون إلا تحت راية الدولة، ولكن أن تتخذ جماعة أو فئة قرار الحرب، فهذا لا يجوز شرعًا.
وأضاف مفتي الجمهورية أن داعش وجبهة النصرة وغيرها جماعات إرهابية، وقد تم الاطلاع على أفكارهم وكتبهم وبياناتهم ومجلاتهم التي صدرت منهم وتم الرد عليها بعد الدراسة، وبعد 100 تقرير من خلال مرصد الآراء المتشددة والأفكار التكفيرية، تبين لنا أن كل هذه المجموعات الإرهابية نسخة متكررة من القاعدة ومن داعش، رضعت من أم واحدة "الخوارج"، ولا بد من أن يدرك الشباب خطورة تلك الفعاليات.
وفى نهاية المحاضرة أهدى رئيس جامعة كفر الشيخ الدكتور ماجد القمري درع الجامعة للدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، وتفقد فضيلة المفتي الدكتور شوقي علام المستشفى الجامعي عقب الانتهاء من الندوة التي حاضرها فضيلته بعنوان "مواجهة الإرهاب ونبذ العنف"، حيث قام بتفقد غرف العناية المركزة، والعمليات، والاستقبال، وغيرها من الغرف والأقسام المختلفة بالمستشفى.
وأشاد مفتي الديار المصرية، بما شاهده من إنجاز بجامعة كفر الشيخ خاصة المستشفى الجامعي من حيث الإنشاءات، والتصميم، والمساحات الخضراء، والإمكانيات الهائلة للمستشفى الجامعي، الذي يعد صرحًا طبيًّا متميزًا.
وقال فضيلة المفتي: إن ما شاهده اليوم على أرض كفر الشيخ عمل عظيم وإنجاز جديد على أرض مصر، يستحق كل الاحترام، وإن جامعة كفر الشيخ تعتبر فخرًا لمصر كلها.
وأضاف فضيلته: لم أكن أتصور هذا الكم من الإبداع والإتقان، فهذا يعتبر إنجازًا عبقريًّا، يجب أن تتكاتف كافة الجهات لتقدم كل الدعم لإنجاز هذا الصرح العظيم.