الثلاثاء 16 ديسمبر 2025م – 25 جُمادى الآخرة 1447 هـ
16 أبريل 2019 م

عظم الجزاء مع عظم البلاء

عظم الجزاء مع عظم البلاء

 عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلَاءِ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ» رواه الترمذي وابن ماجه، وقال الإمام الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ".
وَصَحَّ أَيْضًا: «إنَّ الرَّجُلَ لَيَكُونُ لَهُ عِنْدَ اللهِ الْمَنْزِلَةُ فَمَا يَبْلُغُهَا بِعَمَلٍ، فَمَا يَزَالُ اللهُ يَبْتَلِيهِ بِمَا يَكْرَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ إيَّاهَا».
وَأَخْرَجَ الأئمة أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَأَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ: «إنَّ الْعَبْدَ إذَا سَبَقَتْ لَهُ مِنْ اللهِ مَنْزِلَةٌ فَلَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلٍ ابْتَلَاهُ اللهُ فِي جَسَدِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ فِي وَلَدِهِ ثُمَّ صَبَّرَهُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يُبَلِّغَهُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي سَبَقَتْ لَهُ مِنْ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ».
من شأن النفس الإنسانية أنها تتقلب بين حالين ولا ثالث لهما: حال عافية، وحال بلاء؛ فإن كانت في بلاء فشأنها غالبًا الجزع والشكوى والاعتراض والتهمة لله بغير صبر ولا رضا ولا موافقة، وإن كانت في عافية ونعمة فالأشر والبطر واتباع الشهوات؛ كلما نالت شهوة تبعت أخرى وتطلب أعلى منها، وكلما أعطيت ما طلبت تُوقع صاحبها في تعب لا غاية له.
وشأنها إذا كانت في بلاء لا تتمنى إلا كشفه، وتنسى كل نعيم ولذة، فإذا شُفيت رجعت إلى رعونتها وأشرها وبطرها وإعراضها عن الطاعة، وتنسى ما كانت فيه من البلاء، فربما رُدت إلى ما كانت فيه من البلاء عقوبة على معصية ارتكبتها، وذلك رحمة من الله بها ليكفها عن المخالفة، فالبلاء أولى بها، ولو أنها لم ترجع لرذائلها لكنها جهلت فلم تعلم ما فيه صلاحها.
وهذا ما تشير إليه الأحاديث التي بين أيدينا من أن الابتلاء ليس وبالا وشرا في جميع أحواله، بل يمكن أن يكون العكس هو الصحيح، وينقلب البلاء إلى نعمة، وتنقلب المحنة إلى منحة.
وكلنا يعلم الحديث الذي جاء عن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خيرٌ، وليس ذاك لأحدٍ إلا للمؤمن؛ إن أصابته سَرَّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له» أخرجه مسلم.
فكيف يكون الشر خيرًا والضر نفعًا؟ وكيف لا يكون ذلك إلا للمؤمن؟
وتبين الأحاديث التي بين أيدينا أن قومًا أو عبادًا من عباد الله أراد الله بهم خيرًا من طريق البلاء، فأنزل عليهم البلاء، ثم رضاهم به وصبرهم عليه، فبلغهم منزلة عليا، كانت مكتوبة ومقدرة لهم في سابق علمه سبحانه وتعالى.
ومن هنا فإن للبلاء في حياة الإنسان من أوجه تعرفات الرب على عبده، والتي يريد سبحانه وتعالى أن يشده إليها، فمنها: ما يكون أدبًا وكفارة لما ارتكبه من ذنوب، ومنها: ما يكون زيادة في الدرجات وترقية في طريق القربات، ومنها ما يكون عقوبة على إثم عظيم ارتكبه من توجهت إليه البلاء.
ويمكن التمييز بين أنواع هذه الابتلاءات بما يكون عليه حال العبد عند وقوعها، فإن كان معها التيقظ والتوبة، كان تربية وإخراج من سوء الأدب إلى الأدب، وإن كان معها الرضا والتسليم ولم يقع ممن أصيب بها سوء أدب احتاج معه ما يوجب الأدب كان ترقية وزيادة، وإن كان معها الغضب والسخط كان ذلك دليلا على الطرد والعقوبة والبعد.
وفي عبارة جامعة فإن فيما يصاب به الإنسان من البلايا والشدائد مفارقة بين مراد العبد ومراد الرب، فإنَّ مرادَ العبد أن يستمر بقاؤه في الدنيا، طيَّبَ العيش ناعمَ البال، ويكون حاله في طلب سعادة الآخرة حال المترفين، فلا تسخو نفسه إلا بالأعمال الظاهرة، التي لا كثير مُؤْنَةٍ عليه فيها ولا مشقة، ولا تقطع عنه لذة، ولا يفوته شهوة، ومراد الله منه أن يُطهره من أخلاقه اللئيمة، ويحول بينه وبين صفاته الذميمة، ويُخرجه من أَسْرِ وجوده إلى متسع شهوده.
ومن ثم فإن الفائز حقًّا هو من قدّم مراد الله سبحانه وتعالى على مراده.
رزقنا الله سبحانه التوفيق والسداد، ونفعنا بكل ما يورده علينا من تعرفات.
المراجع:
- "فيض القدير بشرح الجامع الصغير" للمناوي.
- "البحر المديد في تفسير القرآن المجيد" لابن عجيبة.
- حكم ابن عطاء الله السكندري، وشرحها لابن عباد النفزي المسمى بـ"غيث المواهب العلية في شرح الحكم العطائية".

عن أبي هريرة أنه قال: "قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ القِيَامَةِ؟" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لاَ يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الحَدِيثِ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ، مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ، أَوْ نَفْسِهِ»، رواه البخاري.


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ». ويبين لنا هذا الحديث النبوي الشريف حقيقتين اثنين: الحقيقة الأولى: هي قابلية البشر للوقوع في المعصية؛ فمنطوق الحديث يدل على كثرة وقوع الذنوب من


عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرفوعًا أنه قال: "كُلُوا جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، فَإِنَّ الْبَرَكَةَ مَعَ الْجَمَاعَةِ" أخرجه الإمام ابن ماجه في "سننه". وعن وحشي بن حرب عن أبيه عن جده وحشي رضي الله عنه، أن أصحابَ النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلم قالوا: يا رسول الله إنا نأكل ولا نشبع، قال: «فَلَعَلَّكُمْ تَأْكُلُونَ مُتَفَرِّقِينَ؟»، قالوا: نعم، قال: «فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ، يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ» أخرجه الإمامان أبوداود وابن ماجه في "سننهما".


عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» رواه مسلم. هذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام، وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها كما أن حديث: «الأعمال بالنيات» ميزان للأعمال في باطنها، فإذا كان كل عمل لا يراد به وجه الله تعالى ليس فيه ثواب، فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله، فهو مردود على عامله، والمراد بأمره ها


عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ، فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» رواه مسلم.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 16 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :44
الظهر
11 : 51
العصر
2:39
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :20