18 مايو 2022 م

زواج القاصرات

زواج القاصرات

قرر الإسلامُ كرامة المرأة وأعلى شأن الأنثى إلى أرفع مقام، وعصم بالزواج البشريةَ من استغلال الغرائز واتِّباع الشهوات؛ لأنه عقد غليظ في حقيقة أمره ليس من مقصودِه تمتع الرجل بالمرأة أو المرأة بالرجل فحسب، بل المقصود منه إلى جانب ذلك المحافظةُ على الإنسان وتحقيقُ التناسل وبقاء النوع الإنساني، ويكون به الأنس والسكن الروحي والنفسي وفرح النفس وسط شدائد الحياة ومتاعبها؛ كما ورد في قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: 21].

ولا يخفى أن ما نشهده في العقود الأخيرة من أمر زواجِ القاصرات يجعلنا جميعًا أمام مشكلة اجتماعية خطيرة، تفتقد في مظاهرها وممارساتها لمعنى الزواج السويِّ ومقومات استمراره؛ والقاصراتُ جمع قاصر، ويدل في اللغة على العجزِ وعدم الرشد في التصرفات ووضع الأمور في غير مواضعها، ويطلق في الاستعمال الشائع على من لم يبلغ الحُلُمَ: الصّغير والصَّبيّ والجارية، وهم مَن دون سن البلوغ الذي حدده أهل القانون في مصر ببلوغ سن الزوجة أو سن الزوج ثماني عشرة سنة ميلادية، ومن ثَمَّ فالمراد بزواج القاصرات كمصطلح مركَّب هو تزويجُ من له الولاية البنتَ الصّغيرةَ التي لم تصل السنَّ المحدد في القانون ببلوغ ثماني عشرة سنة ميلادية.

لقد حثَّ الشرعُ الشريف كُلًّا من الرجل والمرأة على مراعاة الكفاءة عند العزم على الارتباط وإقامة العلاقة الزوجية بينهما، ورغم أن فقهاء الإسلام قد اتفقوا على أصل مشروعية الكفاءة لكنهم اختلفوا في تحديد خصالها وسماتها؛ نظرًا لمراعاة النظر في أغلبها لاختلاف الأحوال والأزمان والأمكنة والأعراف والثقافات، وهي أمور ضرورية تمثل عناصرَ فعالة في حصول المودة والرحمة والاحترام المتبادل في الأسرة وعاملًا مساعدًا على أداء الحقوق المتقابلة بين الزوجين.

والقول بمنع هذا النوع من الزواج هو المعتمد في عصرنا ومصرنا شرعًا وقانونًا؛ وذلك استنادًا إلى أقوال بعض أهل العلم من التابعين ؛كالإمام ابن شبرمة والإمام الأصم، ومن المقرر شرعًا أنه يجوز الأخذ بأي قول معتبر من أقوال أهل العلم بما يحقق المصلحة ووفقًا للاختيار الفقهي المنضبط، خاصة أنه قد ثبت ضرره بصورة يقينية، حيث يتضمن هذا النمط من الزواج أمورًا خطيرة ترجع على مبدأ اعتبار الكفاءة بالبطلان؛ حيث امتهان الكرامة وضياع الحقوق، بالإضافة إلى ما يحصل في بعض صورِه من سوء المعاملة والمعاشرة، مع ما يستتبع ذلك من المضار النفسية والاجتماعية، وما يجره من تهديد الأمن الاجتماعي، وما يفرزه ذلك من أطفال الشوارع ومجهولي النسب، في بعض الحالات، الذين يمثلون بعد ذلك قنابلَ موقوتة تهدد الأمن والسلام الاجتماعيين.

إذا كان العقلاءُ لا يختلفون في أن مثل هذا النمط من الزواج هو ضررٌ محضٌ على المستوى الفردي والاجتماعي، وأنه يفتقد أدنى معايير الكفاءة بل الكرامة الآدمية في الزواج، فإن في قواعد الشريعة الإسلامية وأحكامها ما هو كفيلٌ بمنعه وردع من يمارسه وتجريم من يتوسط فيه ويعين عليه، بل وإلغاء ولاية الأب على ابنته القاصر إذا زُجَّ بها في ذلك الأمر، وما يترتب عليه من آثار خطيرة من الاستغلال الجنسي والانتفاع المادي على حساب كرامتها وحقوقها.

والمعتمد في الفتوى بشأن هذا النمط من عقود الزواج هو البطلان أخذًا بقول ابن شبرمة والأصم؛ لعدم توافر الشروط والأركان الحقيقية للزواج، وتضمنه آثارًا خطيرةً تُهدد استقرار الأسرة والمجتمع، فضلًا عن ضرره الطبي، ولا يَزُجُّ بابنته في مثل هذه المسالك إلا ساقطُ العدالةِ، فهو زواجٌ من غير ولي مُعْتَدٍّ به شرعًا، وينبغي أن يعاقَب فيه فاعله وكلُّ من سهله أو سعى في إتمامه على هذا النحو الذي لا يستند إلى عقل رشيد.

****

26/07/2019

 

أودع الله تعالى في الإنسان فطرة طبيعية تُولِّد بين كلا نوعيه -الذكر والأنثى- مَيْلًا إلى الآخَر؛ ومن ثَمَّ كان الرباط المخصوص والميثاق الغليظ الذى ينظِّم حياتهما معًا، حتى يكون أحدهما للآخر بمنزلة جُزئِه وبعضِه المُتَمِّم لوجودِه، ومن أجل المحافظة على الإنسان واستمرار نوعه، وتوفير حواضن اجتماعية يحقق فيها حاجاته الطبيعية.


بنى الشرع الشريف الحقوق الزوجية على أساس التقابل بين الزوجين، بحيث لا يقوم الزوج بشيء من الأمور تجاه زوجته إلا وكان عليها عملٌ يقابله؛ سواء كان ذلك على سبيل المماثلة أو المكافأة.


جعل الله تعالى الزوج راعيًا ومؤتمنًا على أسرته عبر مراحل حياتهما، يرتاد لها الأحوال المرضية، ويهيئ لها الأجواء السعيدة بدنيًّا وفكريًّا ونفسيًّا، بما يعود عليها بالنفع والاستقرار والأمان والتكامل، وفي ذلك يقول صلى الله عليه وآله وسلم: «الرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُم». متفقٌ عليه.


حفظ أسرار الزوجية له أهمية كبرى في بناء الحياة الأسرية السعيدة؛ باعتباره قيمةً أسرية شرعية واجتماعية وأخلاقية؛ لذا حظر الشرع الشريف على كلا الزوجين التحدث عنها والكشف عن مستور هذه العلاقة؛ خاصة أنها ذات طبيعة خاصة مبنية على الامتزاج والميثاق الغليظ ودوام الألفة.


تُعدُّ النصيحة من أفضل وسائل الإرشاد والتوجيه بين الزوجين نحو ما ينبغي فعله من أحد الطرفين تجاه الآخر، خاصةً أن الحياة الزوجية لا تخلو من التعرض للمواقف والهزات المهددة لاستقرار بناء هذه الحياة ذات الميثاق الغليظ وتكامل أدوار ومسئوليات أفرادها، سواء كان ذلك نتيجة فتور التواصل والتفاعل بين الزوجين، أو قصور الأداء للأدوار والمسئوليات، أو عدم تشبع الاحتياجات بصورة ملائمة لهما.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 30 يوليو 2025 م
الفجر
4 :34
الشروق
6 :13
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 50
العشاء
9 :17