23 نوفمبر 2023 م

فتح سيدنا عمر رضي الله عنه لبيت المقدس

فتح سيدنا عمر رضي الله عنه لبيت المقدس

بدأ هذا الفتح حينما حاصر المسلمون بيت المقدس؛ لأنهم طلبوا أن يدخلوا، ولكن منعهم الرهبان الذين أصروا على ألا يدخل إلا الرجل الموصوف عندهم، وحينها قال قائد الرومان أرطبون في فلسطين لا يفتح هذه البلاد إلا رجل صفته كذا وكذا، وأخذ يصف سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وحينما أرسل كل من عمرو بن العاص، وأبي عبيدة بن الجراح إلى أمير المؤمنين يقصون عليه الأمر، استشار الناس، فأشار عليه سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أن يخرج إلى فلسطين، فسمع له أمير المؤمنين، واستخلفه على الناس.

ومن هنا يظهر لنا كيف كان سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه يدير شؤون الدولة الإسلامية في المشورة، والاستخلاف، والتعامل بنفسه مع القضايا الشائكة التي تخص الأمة بأسرها.

وحينما قدم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وصالح الرهبان والنصارى الموجودين في بيت المقدس دخل رضي الله تعالى عنه من نفس الباب الذي دخل منه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حينما دخل ليلة الإسراء والمعراج.

وحينما فتح عمر بيت المقدس كان أول ما بدأ به من ذكر الله تعالى أنه رفع صوته ملبيًا لله سبحانه وتعالى، وبعد ذلك صلى تحية المسجد، وأم المسلمين في الصلاة، وسيدنا عمر رضي الله تعالى عنه صلى في محراب داود عليه وسلم، وهنا يعلمنا سيدنا عمر أن طاعة الله تعالى من الذكر والصلاة، والتمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي مفتاح كل خير، وهي أهم مايبتدأ به الإنسان حياته، وهو أفضل ما يكون لَبِنَات لبناء المجتمعات.

وبعد ذلك اتخذ سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه عوامل ووسائل البنيان، وأشار على المسلمين ببناء مسجد قبة الصخرة، وبدأ عمر رضي الله عنه من تنظيف وتطهير القدس من كل ما كان به من القاذورات التي خلفها غير المسلمين الذين كانوا دائما ما يرمون القاذورات على الصخرة، وقد أحسن سيدنا عمر رضي الله عنه معاملة غير المسلمين.

وقد علم سيدنا عمر المسلمين درسًا مهما أنه إذا فتح الله على المسلمين بلدا أو كتب لهم نصرا أن يواصلوا العمل والجد والاجتهاد؛ فإن ذلك لا ينبغي أن يتوقف، وذلك أن سيدنا عمر بن الخطاب لَمَّا قَدِم الشام وفتح البيتَ المُقَدَّسَ جَهَّز عمرًا إلى مصر، وأتْبَعَهُ بالزبير بن العوَّام؛ ليعلمنا أن المسلمين لا يوجد عندهم وقت يضيعوه فيما لا ينفع.

المراجع:

  • الكامل في التاريخ، لابن الأثير، 2/ 329.
  • فتوح البلدان، للبَلَاذُري [ت: 279 هـ]، ص 140.
  • مرآة الزمان في تواريخ الأعيان، سبط ابن الجوزي، 7/ 33.
  • الطبقات الكبرى، لابن سعد، 3/ 280.

من الأنبياء الذين ازدادت بهم فلسطين الغالية بركةً وفضلًا وقداسة نبي الله سيدنا داود عليه السلام؛ لأنه من أكابر الأنبياء وأشهرهم، وهو من نسل الخليل عليه السلام، وقد اختصه الله تعالى بجملة من الخصائص، منها: أنه تعالى ورَّثه ملك طالوت، وآتاه الزبور، وتفضل عليه بالحكمة وفصل الخطاب، وعلمه صنعة الحديد وألانه له، وسخر له الجبال والطير بالتسبيح معه، وجعله خليفته في أرض بيت المقدس التي ولد وعاش فيها على أرجح الأقوال.


مما ينبغي على المسلمين اعتقاده اعتقادًا لا يخالطه أدنى ريب أن نصر الله قريب، وأن الله سبحانه وتعالى سيفتح على المسلمين المسجد الأقصى لا محالة، طال الزمان أو قصر، كثر الطغيان أو قل، وأن هذه البلاد المقدسة ستكون محلَّ خلافة المسلمين، وأن بلاد الشام، ومصر، وهذه الدول لابد أن الله تعالى سيرعاها، ولن يتركها، وأن اشتداد الكربات، وازدياد الأزمات، لا ينبغي أن يؤثر على اعتقادنا وثقتنا في البشارات والوعود التي نطقت بها نصوص الشريعة الإسلامية الغراء.


مما يميز مدينة القدس خصوصًا ودولة فلسطين عمومًا عن كثير من غيرها من المدن أو البلدان، أن الله تعالى اختصها وجعلها موطنَ التقديس والتطهير، ومنبع البركات، وأرض النبوات، ومهبط الرسالات، فقد اختصها سبحانه وتعالى بكثير من الخصائص، فكانت موئلًا للسادة الأنبياء ومستقرًّا لأجسادهم الطاهرة في حياتهم البرزخية، ولا يخفى أن هناك تلازمًا بينها وبين الأنبياء، فهم سكنوها لكونها مباركةً، وهي ازدادت ببركة سكناهم على أرضها؛ فلذا يظهر لنا سبب اتخاذهم لها موطنًا يسكنون ويُدفنون فيه، في نفس الوقت الذي يظهر فيه مدى ما تركوه فيها من بركات ونفحات في حياتهم وبعد مماتهم.


تشتمل دولة فلسطين على مجموعة من المعالم التي تدل على قيمة الحضارة الإسلامية المتجذرة في أعماق هذه الدولة الإسلامية العريقة، وإن معرفة هذه المعالم واطلاع المسلمين عليها ودرايتهم بها من الأمور البالغة الأهمية خصوصًا في هذه الآونة التي يحتاج فيها العالم الشرقي إلى مزيدٍ من الوعي التاريخي والحضاري والديني وغير ذلك، وهذه المعالم مما جعل لدولة فلسطين من المزايا ما ليس لغيرها من كثير من الدول الإسلامية والعربية، ولقد سطرت كتب التاريخ، وتناقلت، وأثبتت وصف هذه المعالم، والحديث عنها، وعن تاريخها بحيث لا يُمكن مع ذلك أن ينكر من له أدنى عقل أو أقل حدٍّ من الإنصاف نسبةَ هذه المعالم إلى الحضارة الإسلامية أو شيئًا من ذلك.


إنَّ سيدنا إبراهيم عليه السلام من أهم وأجل الأنبياء الذين مرُّوا بفلسطين؛ لأنه أبو الأنبياء، ولأنه خليل الله، ومعلوم أنه لم يولد بفلسطين؛ لأنه قد اختلفت الأقوال في الموضع الذي وُلِدَ فيه وليس من بينها فلسطين، فقيل: إنه ولد بالسوس من أرض الأهواز، وقيل: ولد ببابل، وقيل: بالسواد من ناحية كوثى، وقيل: بحران، إلَّا أن الجميع اتفقوا على أن مولده كان في عهد نمرود بن كوشن.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 مايو 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :12
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :57