ما حكم زيارة المدينة مِن أجل النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ حيث يوجد بعض أدعياء العلم يقومون بنشر البلبلة في مسائل تختص بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن ذلك أنهم يدعون أن زيارة المدينة المنورة مِن أجل النبي صلى الله عليه وآله وسلم تُعَدُّ شركًا، وأن فاعل ذلك مشرك. فنرجو بيان حكم الشرع.
السفر قصدًا لزياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرٌ مشروعٌ بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، والقول بالمنع من ذلك باطلٌ لا يُعَوَّلُ عليه ولا يُلتَفَتُ إليه، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «مَن جاءني زائرًا لا تَحمِلُه حاجةٌ إلا زِيارتي كان حَقًّا عَلَيَّ أَن أَكُونَ له شَفِيعًا يوم القيامة» رواه الطبراني.
وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلا إلى ثَلاثةِ مَساجِدَ: المَسجِدِ الحَرامِ، ومَسجِدِ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ومَسجِدِ الأَقصى»، فمعناه أن الرحال لا تشد إلى مسجدٍ ما مِن أجل تعظيمه والتقرب بالصلاة فيه إلا إلى هذه المساجد الثلاثة، ويدل على هذا المعنى قولُه صلى الله عليه وآله وسلم في حديث آخر: «لَا يَنْبَغِي لِلْمَطِيِّ أَنْ تُشَدَّ رِحَالُهُ إِلَى مَسْجِدٍ يُبْتَغَى فِيهِ الصَّلَاةُ، غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، وَمَسْجِدِي هَذَا» رواه أحمد.
السفر لزيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو مِن أفضل الأعمال، وأَجَلِّ القُرُبات الموصلة إلى ذي العظمة والجلال، ومشروعيتها محل إجماع بين علماء الأمة، وقد حكى الإجماعَ على ذلك القاضي عياض والحافظ ابن حجر العسقلاني وغيرهم، بل حتى ابن تيمية -الذي نُسِب إليه القول بحرمتها- نقل الإجماع على مشروعية ذلك في سياق دعواه الفرقَ بين زيارة قبر المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وزيارة غيره من القبور، وعبارته في ذلك: [السَّفَرُ إلى مَسجِدِه الذي يُسَمَّى السَّفَرَ لزِيارةِ قَبرِهِ صلى الله عليه وآله وسلم هو ما أَجمَعَ عليه المُسلِمُونَ جِيلًا بَعدَ جِيلٍ] اهـ. مِن "مجموع الفتاوى" (27/ 267)، قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" بعد أن نقل دعوى تحريم الزيارة الشريفة عن ابن تيمية: [وهي مِن أَبشَعِ المَسائِلِ المَنقُولةِ عن ابن تَيمِيةَ] اهـ.
وقد ألَّف في مشروعية شد الرحال لزيارة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم جماعةٌ مِن أهل العلم؛ كالتقي السبكي في "شفاء السِّقام في زيارة خير الأنام عليه الصلاة والسلام"، وابن حجر الهيتمي في "الجوهر المنظم في زيارة القبر النبوي المكرم"، وتلميذه الفاكهي في "حسن الاستشارة في آداب الزيارة".
ومما يدل على مشروعية الزيارة النبوية -بما في ذلك السفر إليها- قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 64]؛ فهذه الآية عامة تشمل حالة الحياة وحالة الوفاة، وتشمل كذلك السفر وعدمه، وتخصيصها بحالة دون غيرها تخصيص بلا مخصص فلا يُقبل، والعموم فيها مستفاد من وقوع الفعل في سياق الشرط، والقاعدة المقررة في الأصول أنَّ الفعل إذا وقع في سياق الشرط كان عامًّا؛ لأن الفعل في معنى النكرة لتضمنه مصدرًا مُنكَّرًا، والنكرة الواقعة في سياق النفي أو الشرط تكون للعموم وضعًا.
وقد ورد في الزيارة النبوية وإفرادها بالقصد أحاديث كثيرة:
منها حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَن زار قَبرِي وَجَبَت له شفاعتي» رواه الدارَقُطني، وفي رواية: «مَن جاءني زائرًا لا تَحمِلُه حاجةٌ إلا زِيارتي كان حَقًّا عَلَيَّ أَن أَكُونَ له شَفِيعًا يوم القيامة» رواه الطبراني، وفي رواية: «مَن زارَ قَبرِي بعد موتي كان كمَن زارَني في حياتي»، وهي أحاديث لها طرق كثيرة يقوي بعضها بعضًا وصحَّحَها كثير من الحفاظ كابن خزيمة وابن السكن والقاضي عياض والتقي السبكي والعراقي وغيرهم.
وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: «لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلا إلى ثَلاثةِ مَساجِدَ: المَسجِدِ الحَرامِ، ومَسجِدِ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ومَسجِدِ الأَقصى»، فإنما معناه: لا تشد الرحال إلى مسجد لأجل تعظيمه والتقرب بالصلاة فيه إلا إلى المساجد الثلاثة لتعظيمها بالصلاة فيها.
قال العلامة ابن حجر الهيتمي: [وهذا التقدير لا بد منه عند كل أحد ليكون الاستثناء متصلًا، ولأن شد الرحال إلى عَرَفةَ لقضاء النسك واجبٌ إجماعًا، وكذا الجهاد والهجرة مِن دار الكفر بشرطها، وهو لطلب العلم سنَّة أو واجب، وقد أجمعوا على جواز شدها للتجارة وحوائج الدنيا، فحوائج الآخرة، لا سيما ما هو آكدها وهو الزيارة للقبر الشريف، أَولى] اهـ.
وقد صُرِّح بهذا المعنى عند أحمد في "المسند" حيث رواه عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا بلفظ: «لَا يَنْبَغِي لِلْمَطِيِّ أَنْ تُشَدَّ رِحَالُهُ إِلَى مَسْجِدٍ يُبْتَغَى فِيهِ الصَّلَاةُ، غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، وَمَسْجِدِي هَذَا» إسناده حسن، وفي حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في "زوائد البزار" مرفوعًا بلفظ: «أنا خاتمُ الأنبياء، ومسجدي خاتمُ مساجد الأنبياء، أحقُّ المساجد أن يُزارَ وتُشَدُّ إليه الرَّواحِلُ: المسجدُ الحرام ومسجدي، صلاةٌ في مسجدي أفضلُ مِن ألف صلاةٍ فيما سواه مِن المساجد إلا المسجدَ الحرام».
وبناء على ذلك: فإن السفر للزيارة النبوية أمرٌ مشروع بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، والقول بمنع ذلك قولٌ باطل لا يُعَوَّلُ عليه ولا يُلتَفَتُ إليه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
الصلاة على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هل هي دليل حاجة أم مظهر تكريم؟
هل زوجتا سيدنا نوح وسيدنا لوط عليهما السلام خانتاهما؟ وهل هذا يتعارض مع آية: ﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ﴾ [النور: 26]، ومع حديث: «نحن معاشر الأنبياء نزوَّج ولا نتزوج»؟ وفي مفهومي -ولعلِّي أكون مخطئًا- أن هذا -حاشا لله- لا يستوي إلا إذا كان المقصود أن هناك رمزية في لفظ الخيانة وفي لفظ الزوجية مقارنةً بقول سيدنا عيسى عليه السلام: «فالناس يوم القيامة لا يتزوجون ولا يزوجون، ولكنهم كملائكة الله في السماء».
ما حكم عرض المسلسل التليفزيوني محمد رسول الله؟ فقد جاء بجريدة الأهرام في عددها الصادر بتاريخ 20 من رمضان 1400ه. الموافق أول أغسطس 1980م. ما يلي: يعرض التليفزيون مسلسلًا دينيًّا بعنوان: "محمد رسول الله". ويلاحظ على هذا المسلسل أنه يثير لدى الكثيرين من الغيورين على تعظيم أنبياء الله ورسله وآل بيوتهم تساؤلًا يتعلق بمدى جواز ظهور أمهات الأنبياء والرسل وأخواتهم وبناتهم على الشاشة، كما حدث مع أم موسى عليه السلام وأخته وزوجته بنت نبي الله شعيب عليه السلام، وما دُمْنا لا نجيز لأحد من الممثلين أن يؤدي شخصية النبي والرسول فإن الأمر يتطلب بالضرورة أن نفعل الشيء نفسه مع آل بيت هذا النبي أو الرسول، وطلبت جريدة الأهرام بيان الرأي في ذلك.
ما هو معتقد أهل السنة والجماعة في مصير أبوي النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟
هل ورد في نصوص الشرع ما يدل على أن الأنبياء أحياء في قبورهم؟
نرجو من فضيلتكم التكرم ببيان التالي: هل هناك فضل لمدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ وهل يُعَدُّ ذلك من القربات التي حثَّ عليها الشرع؟