حكم دفع الرشوة لقضاء المصالح

تاريخ الفتوى: 19 سبتمبر 2005 م
رقم الفتوى: 487
من فتاوى: فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد
التصنيف: الكسب
حكم دفع الرشوة لقضاء المصالح

ما حكم دفع الرشوة لقضاء المصالح؟ فحينما نتوجه لمصلحة حكومية لعمل مستند ما، فيتكاسل المسؤول عن العمل ويتبع عبارة تقول: فوت علينا بكره يا سيد وأمثالها، حتى يضطر المواطن لدفع الرشوة لإنهاء حاجته؟ فبماذا تفسرون ذلك؟

الرشوة بكل صورها حرامٌ شرعًا؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [البقرة: 188]، وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن الله الراشي والمرتشي والرائش» رواه أحمد وغيره، واللعن معناه أنها من الكبائر.
ويدخل في الرشوة ما لو دفع إنسانٌ شيئًا ليستخلص به حقه، فإن لم يستطع استخلاص حقه إلا بهذه الطريقة، وكان مضطرًّا، فإن الحرمة حينئذٍ تكون على الآخذ، وهذا لا يعني التهاون في أمر الرشوة، بل ينذر بأهمية الضرب على يد المفسدين، ويوجب على ولي الأمر اتخاذ الإجراءات الصارمة في القضاء على مثل هذا الفساد.

معلومٌ من الدين بالضرورة حرمة الرشوة بكل صورها وبجميع مراتبها إذا اكتملت شروط تحريمها وتحققت أركان جريمتها، ولا يحتاج ذلك إلى كثرة استدلال أو كبير بيان؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 188]، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن اللهُ الراشي والمرتشي» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حسنٌ صحيح، وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه، وفي رواية بزيادة: «والرائش»، أي الساعي بينهما، واللعن من الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وآله وسلم معناه أن ذلك كبيرة من الكبائر، والمرتشي يحرم نفسه من نعمة استجابة الدعاء؛ فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول فيما رواه الطبراني في "المعجم الصغير": «أَطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ».

وبقبول المرتشي للرشوة فإنه يدخل في جوفه وجوف من يعول السحت والمال الحرام، والحديث يقول: «لا يدخل الجنة مَن نَبَتَ لَحْمُهُ مِن سُحْتٍ» رواه أحمد.

وقد جاءت الشريعة الغراء فحرَّمت هذا الفعل؛ سواء أصدر من موظف حكومي أم غير حكومي، وسواء أكان عموميًّا أم خاصًّا، وعدت الرشوة ضربًا من ضروب الفساد، مما يستوجب على المسؤولين في مواقعهم الضرب بيدٍ من حديدٍ بلا تهاونٍ على يد أولئك المفسدين.

ولقد توسَّع الفقهاء أيضًا في معنى الرشوة حتى أدخلوا فيها من دفع شيئا لغيره ليستخلص به حقه، أو يدافع به عن نفسه، أو عرضه، أو حتى عن الآخرين، فهذه تسمى رشوة أيضًا، ولكن الفقهاء قصروا الحرمة حينئذ على الآخذ دون المعطي بشروط وقيود مشددة، فعليه أولًا أن يستنجد ويستنصر ويستغيث بكل من يظن فيه أن يوصل له حقه أو يمنع عنه الظلم، فإذا ضاقت به السبل ولم يجد المعين أو المجير أو المغيث فإنه يكون في حكم المضطر والذي يرتكب أخف الضررين ويدفع أشد المفسدتين حين يقدم شيئا للحفاظ على حقه أو حق غيره، وهذا متفقٌ عليه بين المذاهب الأربعة، ويخرج من إثم التحريم الدافعُ والمعطي وحده، ويبقى الإثم والفسق والكبيرة تحيط بالآخذ والقابض وحده واقعًا تحت الوعيد، مجرَّمًا بعار وخزي هذه الكبيرة؛ فيقول السيوطي الشافعي في كتاب "الأشباه والنظائر" في قواعد فقه الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: [القاعدة السابعة والعشرون: ما حرم أخذه حرم إعطاؤه... ويستثنى صور منها: الرشوة للحاكم ليصل إلى حقه] اهـ.
وهو نص كلام ابن نجيم الحنفي، ويؤيده ابن عابدين في حاشيته على "الأشباه"، وفي كلام العلامة عبد الغني النابلسي في كتابه الموسوم بــ"تحقيق القضية في الفرق بين الرشوة والهدية" ما يوافق ذلك، وهذا الاتفاق من أصحاب المذاهب الأربعة لأنه يحقق قاعدة: ارتكاب أخف الضررين واجب.
وهذا التكييف لا يدعو القائمين على الأمر إلى التهاون في الضرب على أيدي المفسدين، بل على العكس من ذلك تمامًا: يجب أن ينذر بأهمية الضرب على أيدى العابثين المفسدين الفاسقين، ويشحذ الهمم ضدهم.

ومن ناحية أخرى: على ولي الأمر أن يغيث كل من طلب منه الغوث للقضاء على هذا الفساد العريض، ويجب على الراشين والمرتشين أن يتوبوا إلى الله تعالى من هذا الإثم حتى يبارك الله سبحانه في أموالهم وأولادهم.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل الرهان والمقامرة، والرهان على الخيول المتسابقة، يتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية، أو لا؟


ما حكم الإشغالات الموضوعة في الطريق العام؟

 


ما حكم التحايل والغش في البضاعة المتفق على توريدها في المناقصات؟ حيث أعمل في مجال تجارة واستيراد الأجهزة الطبية، وعندما أذهب للاشتراك في أي مناقصة عامة لتوريد هذه الأجهزة أجد من شروط توريد الأجهزة أن يكون بلد المنشأ إنجلترا أو أمريكا أو ألمانيا فقط، مع العلم بأن هذه الأجهزة تُصَنَّعُ في الصين وبنفس الجودة وبسعر أقل بكثير من هذه الدول، إلا أن شروط المناقصة تستبعد هذه الأجهزة؛ لعدم تصنيعها في هذه الدول، فدَلَّني أحد الأصدقاء من العاملين في هذا المجال بأن أقوم باستيراد هذه الأجهزة من الصين وإدخالها إلى إحدى هذه الدول المنصوص عليها في شروط المناقصات، ومن ثَمَّ أقوم باستيرادها مرة أخرى من هذه الدولة وإدخالها إلى هنا، وبذلك تحصل الأجهزة على ختم هذه الدولة، وفي هذه الحالة لا تكون هناك مشكلة في دخول المناقصات العامة والاستفادة من عطاءاتها، مع العلم أني أبيعها بسعر أقل بكثير من سعر الأجهزة المصنوعة بالفعل في الدول المنصوص عليها في شروط المناقصة. فما حكم الشرع فيما أقوم به؟


ما حكم إنشاء دار مناسبات يقام فيها المآتم والأفراح؟


سائل يطلب بيانًا شرعيًّا عن حكم تعاطي المخدرات، وهل يجوز الاتّجار فيها من غير تعاطيها؛ حيث يدَّعي بعض الناس أن ذلك ليس حرامًا؛ لأنه لم يرد نصٌّ في القرآن الكريم أو السنة المشرفة بحرمتها. فنرجو من فضيلتكم الردّ على ذلك.


سائل يقول: لدي أرض وأقوم بزراعتها. فهل قيامي بغرس النخل وزراعة الأرض ونحو ذلك له فضل في الشرع وأنال عليه أجراً عند الله تعالى؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 02 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :14
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 48
العشاء
9 :14