تسأل جامعة الإمام أبي الحسن الأشعري بداغستان -بعد شرح موجز لأحوال المسلمين هناك-: هناك بعض الناس يضعون أيديهم على قطعة من الأرض بأنفسهم دون إذنٍ من الحكومة، وقد يجعلون فيها حجارة أو شيئًا أخر، أو يحوِّطونها بحائط، أو شريطِ حديد، أو غيره؛ ليستدل الآخرون بذلك على أن هذا المكان مملوكٌ ملكيةً خاصة. ثم إن الحكومة عند توزيعها الأراضي توزعها على الخارطة وبالأرقام، فتخصص هذه القطعة من الأرض لغير مَن وضع يده عليها، وتسجلها باسمه، فيذهب إلى أرضه التي خصصتها له الحكومة فيجد فيها آثار التملك، فيسأل عنها ويجد أن فلانًا قد حجز هذه القطعة من الأرض لنفسه، وقد يكون من أقاربه، فما حكم هذه القطعة من الأرض؛ هل هي لواضع اليد، أو لمن خصَّصَتْها الحكومة له؟ وفي بعض الأحيان نجد أن شخصين يملكان أوراقًا؛ تثبت أوراق كل واحد منهما أنه صاحب الأرض. وهل توجد اليوم أرضٌ تُعتبَر مواتًا؟
المحتويات
إحياء الموات هو: عمارة الأرض الخربة التي لا مالك لها، ولا ينتفع بها أحد؛ كما نصَّ على ذلك العلامة البجيرمي الشافعي في "حاشيته على الخطيب" (3/ 192، ط. دار المعرفة)، والأصل في حكمه الجواز، وأثرُه التملُّكُ بشرطه، وثوابُه باقٍ بشرطه.
وإحياء الموات في أرض داغستان أمرٌ مندوبٌ إليه، له ثوابه وفضله ويترتب عليه أثره الشرعي من التملُّك المقتضي للانتفاع والتصرف؛ فإن الأصل في حكم إحياء الموات هو الجواز، وللحاكم -وهو السلطة التشريعية في عصرنا- أن يقيد المباح بما يراه مراعاة للمصلحة.
يشترط في تمليك إحياء الموات شروط؛ منها:
الإذن القانوني، أيْ: السماح القانوني بالقيام بهذا التصرف، وهو قائمٌ مقامَ إذن الإمام الذي يشترطه الإمام أبو حنيفة في إحياء الموات.
قال العلامة اللكنوي في "الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير" (ص: 311): [كان أبو حنيفة يقول: كل من أحيا أرضًا مواتًا فهي له إذا أجازه الإمام، ومن أحيا أرضًا مواتًا بغير إذن الإمام فليست له ما لم يأذن، وللإمام أن يخرجها من يده ويصنع فيها ما رأى، وحجته في ذلك أن يقول: الإحياء لا يكون إلا بإذن الإمام؛ أرأيت رجلين أراد كلُّ واحدٍ منهما أن يختار موضعًا واحدًا، فكل واحد يمنع صاحبَه: أيُّهُما أحق به؟] اهـ. بتصرف.
ومن هنا يتبيَّن أن وضع اليد على الأرض الموات وإحياءَها بلا إذنٍ من الإمام يؤدي إلى النزاع غالبًا. وللحاكم أن يستردَّ الأرض ممن قام بإحيائها بلا إذنٍ منه، وقد حُكِيَ الاتفاقُ على ذلك؛ قال الإمام العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار على الدر المختار" (6/ 433، ط. دار الفكر) عند تعليقه على قول التمرتاشي: [(إذا أحيا مسلم أو ذمي أرضًا غير منتفع بها، وليست بمملوكة لمسلمٍ ولا ذميٍّ، وهي بعيدة من القرية؛ إذا صاح مَن بأقصى العامر لا يسمع بها صوته: ملكها عند أبي يوسف إن أذن له الإمام في ذلك) أما إذا تركه -أيْ: تَرَك الإذن- تهاوُنًا بالإمام كان له أن يستردها زجرًا. أفاده المكي أيْ: اتفاقًا] اهـ.
ومن شروط إحياء الموات كذلك: أن لا تكون الأرض ملكًا لأحد، ولا حقًّا خاصًّا له، ولا مُنتَفَعًا بها، بعيدةً كانت عن البلد أو قريبةً منها، واشترط الإمام أبو يوسف القاضي صاحب الإمام أبي حنيفة كونَها بعيدة عن البلد، وهو قول الإمام الطحاوي الذي اعتمده شمس الأئمة؛ وذلك لأن ما يكون قريبًا من القرية لا ينقطع ارتفاقُ أهلها عنه، فيُدارُ الحكمُ عليه.
وأما الإمام محمد بن الحسن الشيباني فقد اعتبر حقيقةَ الانتفاع؛ حتى لا يجوز إحياءُ ما ينتفع به أهل القرية وإن كان بعيدًا، ويجوز إحياءُ ما لا ينتفعون به وإن كان قريبًا من العامر.
مبادرةُ بعض الناس بوضع أيديهم على أراضي الدولة دون تخصيصها لهم بما يتعارض مع حقوق آخرين فهذا لا يجوز شرعًا؛ لأنه استيلاءٌ على المال العام بغير حق؛ فمن خصَّصت لهم الحكومةُ الأرض وملَّكتْها لهم يصبحون مُلَّاكًا لها شرعًا وقانونًا، ولا يحق لغيرهم منازعتهم في ملكهم، فالأرض لمن ملكَتْها له الحكومة دون من وضع يده عليها بغير حق.
وإن حصل التنازع على مثل هذا وكان بيد أحد الخصمين أو كليهما أوراقٌ تثبت أن الأرض ملكه أو أنها خُصِّصت له دون غيره، فإن الأمر يصبح دائرًا بين التراضي والتقاضي، وتظل الأرض لمن هي تحت يده حتى يثبت خصمُه بالقضاء حقَّه في ملكيتها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
نرجو منكم بيان إلى أي مدى حث الإسلام على احترام خصوصية الآخرين.
سائل يقول: أرى بعض أصدقائي يقومون بإيذاء وتعذيب الحيوانات الأليفة والتمثيل بهم من باب اللهو. فنرجو منكم بيان رأي الشرع في ذلك.
إعلامٌ شرعيّ صادر من محكمة الإسكندرية الشرعية مسجل بها في 17 مايو سنة 1892م، موافق 20 شوال سنة 1309هـ، يتضمن أن رجلًا أشهد على نفسه إشهادًا شرعيًّا بأنه أخرج نفسه من كامل ما ورثه مما هو مخلف عن والده وموروث عنه؛ بالغًا ما بلغ، وكائنًا ما كان، من جليلٍ وحقيرٍ، وعروضٍ وفرشٍ، ونقودٍ ومصاغٍ، وأثاثٍ وبضائعَ، وأمتعةٍ وعقارٍ وأطيانٍ عشورية، وآلاتٍ زراعية، في أي جهة، وغير ذلك مما هو موروث عن والده في الديار المصرية والأستانة العلية وغيرهما، لإخوته من أبيه المذكور، وشقيقاته -وسماهم-، وصيّر جميع حصته المذكورة في كامل ما هو مخلف عن والده ملكًا وحقًّا لإخوته لأبيه وشقيقاته المذكورين، في نظير مبلغ عيّنه، وساعة من النحاس كاملة الآلات، شغل بلاد فرنسا، وعين قيمتها، وذكر أنه قبض المبلغ والساعة المذكورين من إخوته المذكورين من مالهم الخاص بهم بالتفاضل على الوجه المعيّن بالإعلام المذكور، وأشهد على نفسه أيضًا أن جميع ما هو مخلف عن والده معلوم عنده العلم الشرعي، وأن تركة والده خالية من الديون، فلم يكن لها ديون على أحد، وليس عليها دين لأحد، وصدَّقه على جميع ذلك كل من إخوته لأبيه وشقيقاته المذكورين، وقبلوا ذلك منه لأنفسهم بالمجلس الشرعيّ قبولًا شرعيًّا بطريقه الشرعيّ، واعترفوا بحيازة واستلام حصته في كامل ما هو مخلف عن والدهم، فيما ذكر لأنفسهم بالتفاضل بينهم، وتصادقوا جميعًا على ذلك كله مصادقةً شرعيةً، وجرى عقد التخارج بينهم على ذلك بإيجاب وقبول شرعيين بطوعهم واختيارهم، وهم بأكمل الأوصاف وأتم الأحوال المعتبرة شرعًا، ثم بعد تمام ذلك وكماله على الوجه المشروح أقر هذا الرجل بهذا المجلس بحضور شهوده المذكورين بطوعه واختياره وهو بصحة جسمه وسلامة عقله ونفوذ تصرفاته بأنه لا يستحق ولا يستوجب قِبَل كل من إخوته لأبيه المذكورين، ولا قِبَل والدتهم التي سماها زوجة أبيه شيئًا مطلقًا من جميع ما بيدهم من عقارٍ وأطيانٍ، ونقودٍ وعروضٍ، وأثاثٍ وفرشٍ، ونحاسٍ وغير ذلك قلّ أو جلّ، ولا حقًّا، ولا استحقاقًا، ولا دعوى ولا طلبًا، بحيث لم يبق له شيء بوجه من الوجوه، وحال من الأحوال، وأبرأ ذمتهم جميعًا براءة عامة آتية على كل قليلٍ وكثيرٍ، من دعوى عقار وأطيان، ونقد وعرض، وأثاث وغير ذلك، وكل جليل وحقير، براءة عامة مسقطة لكل دعوى وحق وطلب، من أول الزمان إلى يوم تاريخه، بحيث لم يبق له قِبل كل من إخوته ووالدتهم المذكورين شيء مطلقًا، لا أرض، ولا بناء، ولا حق، ولا شبهة حق، ولا بقية حق، ولا استحقاق، ولا ميراث، ولا دعوى، ولا طلب، ولا نزاع، ولا خصام، ولا كلام، ولا علقة ما في جميع ما بين المذكورين إقرارًا وإبراءً شرعيين بالوجه الشرعي، وصدّقه على ذلك كلٌّ من إخوته ووالدتهم المذكورين، وقبلوا منه ذلك بالمجلس المذكور قبولًا مرضيًّا، وكُتِبَ على هذا الإعلام من المرحوم الشيخ محمد محمد البنا الحنفي بتاريخ 7 شوال سنة 1312هـ، بما صورته: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، اطلعت على هذا الإعلام فوجدته صحيحًا شرعيًّا، والله سبحانه وتعالى أعلم. ولما رفع هذا الإعلام إلى هذا الطرف اطلع عليه سيادة الأستاذ شيخ الجامع الأزهر ومفتي الديار المصرية.
هل يجوز الإفطار اعتمادًا على الحساب الفلكي؟ فأنا أقيم في أحد البلاد الأوروبية، والمسلمون فيها يعتمدون في إثبات شهور السنة الهجرية على الحسابات الفلكية، وليس هناك مَن يَستطلع الهلال، فما حكم الإفطار في هذا البلد اعتمادًا على الحساب الفلكي دون التحقق مِن الرؤية البصرية للهلال؟
ما حكم شراء السلع المدعومة من السوق السوداء؟ وهل من يشتري منهم يكون معاونًا ومشاركًا في الإثم؟
هل من حقّ المرأة أن تستشار وتشارك برأيها في أمور الحياة الزوجية؟
فأنا امرأة متزوِّجة وكثيرًا ما تحصل خلافات بيني وبين زوجي، بسبب أنَّه يريد أن يفرض عليَّ كل أمر يعزم عليه من غير مشاورة لي، ودائمًا ما يردِّد عبارات من نحو: "أنَّ استشارة الرجل زوجته تقل من قيمته"، و"المرأة أقل عقلًا من الرجل" وغير ذلك من العبارات التي تقلل من شأن المرأة، وينسب إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "شاورهم وخالفوهم"، وكلما راجعتُه احتجَّ عليَّ بقوله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾، وأنَّ ما يفعله من قبيل استخدام حق القوامة الذي خوَّله له الشرع الشريف؛ فهل للمرأة الحق في أن تُستَشار وتُشَارك برأيها في أمور الحياة الزوجية؟ وما معنى القوامة في الآية؟