ما حكم طلب الزوج فسخ عقد النكاح للغش والتدليس؟ فقد ورد إلينا تصريح إحدى محاكم شئون الأسرة باستخراج فتوى من دار الإفتاء المصرية بشأن موضوع دعوى مقدمة إليها. وبمطالعة أوراق الدعوى المرفقة تبين أنَّها دعوى فسخ عقد الزواج للغش والتدليس، بناها المدَّعي على أنه تزوج من المدَّعى عليها ووجد أنها تعاني من عيب يؤدي إلى إغلاق فتحة المهبل، مما أدَّى لصعوبة العلاقة الزوجية، وحيث إنَّ المدَّعي لم يكن يعلم أن المدعى عليها كانت تعاني من هذا العيب قبل الزواج بها، فقد وقع في غلط معيب للرضا، ويتبعه قابلية العقد للإبطال.
لا يحقّ للزوج في الحالة المذكورة طلب فسخ عقد النكاح بينه وبين زوجته بسبب العيب المذكور ولا بسبب الغش والتدليس المترتب على هذا العيب وفقًا لمذهب الإمام أبي حنيفة -وهو ما عليه العمل في الديار المصرية في هذه المسألة إفتاءً وقضاءً-؛ حيث إن الشرع قد أعطى للزوج الحق في دفع الضرر عن نفسه بالطلاق. والأمر موكولٌ لعدالة للمحكمة.
أعطى المذهب الحنفي للزوجة حق طلب التفريق إذا وجدت بزوجها عيبًا مستحكمًا تتضرر منه ولا يمكن البرء منه أو يمكن بعد زمن طويل، وسواء أكان ذلك العيب موجودًا بالزوج قبل العقد ولم تعلم به عند إنشائه، أم حدث بعد العقد ولم ترض به.
أما بالنسبة للزوج فإنَّه لم يعطه الحق في طلب التفريق بسبب العيب الموجود بالزوجة مطلقًا، حتى ولو كان العيب مستحكمًا ويمنع مقصود العقد، وحتى لو شرط الزوج في العقد عدم وجود العيب بالزوجة ثم اكتشف وجوده بعد النكاح.
وذلك بخلاف جمهور الفقهاء الذين أثبتوا للزوج خيار العيب إذا كان بالزوجة عيب يمنع الزوج من استيفاء المنافع التي من أجلها شرع الزواج أو يمنع مقصود النكاح، على خلاف بينهم فيما يعتبر عيبًا يجيز الفسخ وما لا يعتبر.
ويترتب على ذلك أنَّه لا يجوز للرجل طلب فسخ العقد أو طلب إبطاله إذا وجد عيبًا بالمرأة استنادًا إلى علة التدليس أو الغش بسبب اكتشافه هذا العيب بعد الدخول.
قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (5/ 95، ط. دار المعرفة): [ولا يَرُدُّ الرجلُ امرأتَه عن عَيب بها وإن فحش عندنا، ولكنّه بالخيار؛ إن شاء طلَّقها وإن شاء أمسكها] اهـ.
وجاء في "الهداية وشرحها" للعلامة البابرتي الحنفي (4/ 304، ط. دار الفكر): [(وإذا كان بالزوجة عيب) أيّ عيب كان (فلا خيار للزوج في فسخ النكاح)] اهـ.
وقال العلَّامة الكمال ابن الهمام في "فتح القدير" (4/ 305، ط. دار الفكر): [وفي النكاح لو شَرَط وصفًا مَرغوبًا فيه.. لا خيار له في فَسخ النِّكاح به] اهـ.
والحكمة من هذه التفرقة عند الأحناف أنَّ الزوج متمكنٌ مِن رفع هذا الضرر بالطلاق، بخلاف المرأة؛ فإنَّه لا يمكنها رفعه إلَّا عن طريق رفع أمرها إلى القضاء وذلك بإثبات خيار العيب لها.
كما أن عقد النكاح عقدٌ لازمٌ بطبيعته، والأصل أنَّه لا يقبل الإبطال ولا يدخله الخيار بأنواعه، بخلاف العقود الأخرى؛ وذلك لأنَّ ملك البضع في النكاح لا يجوز نقله إلى الغير أو توريثه، بخلاف باقي العقود، والرد بالعيب عبارة عن رفع للعقد بعد تمامه لسبب لا يعتبر خللًا في ولاية المحل؛ كخيار البلوغ، أو التغرير المتعلق بالكفاءة في الزوج، فكان الرد بالعيب استثناءً للضرورة، ولا ضرورة في حق الرجل.
قال الإمام السرخسي في "المبسوط" (5/ 97): [ثُمَّ المعنى فيه: أنَّ هناك قد انسدَّ عليها -أي الزوجة- باب تحصيل المقصود؛ لأنها لا تتوصل إلى ذلك من جهة غيره ما دامت تحته، وهو غير محتاج إليها، فلو لم يثبت لها الخيار بقيت معلقةً لا ذاتَ بَعلٍ ولا مطلقة، فأثبتنا لها الخيار لإزالة ظلم التعليق، وهذا لا يوجد في جانبه؛ لأنه متمكن من تحصيل مقصوده من جهة غيرها؛ إمَّا بملك اليمين أو بملك النكاح، ومتمكن من التخلص منها بالطلاق] اهـ.
وقد أخذ قانون الأحوال الشخصية المصري بهذا الرأي؛ حيث نَظَّم حق الزوجة في طلب الفرقة لعيبٍ في الزوج، وفي المقابل خلا من نَصٍّ يتعلق بخصوص أحقية الزوج في طلب فَسخ عقد الزواج لعيبٍ في الزوجة.
وذلك هو ما جرى عليه قضاء محكمة النقض؛ حيث جاء في الطعن رقم 760 سنة 67 ق أحوال شخصية جلسة 9/ 2/ 2002م: [المُقَرَّر شرعًا أنَّ الزوج ليس له خيار الفَسخ إذا وجد في امرأته عيبًا ما؛ لأنه يَقدر أن يدفع الضرر عن نفسه بالطلاق] اهـ.
وذلك إعمالًا لنص المادة الثالثة من مواد الإصدار من القانون رقم 1 لسنة 2000م والتي نصت على أنه: [تصدر الأحكام طِبقًا لقوانين الأحوال الشخصية والوقف المعمول بها، ويعمل فيما لم يرد في شأنه نَصٌّ في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة] اهـ.
وعليه وفي واقعة السؤال: فإنَّه لا يقبل من الزوج طلب فسخ عقد الزواج بينه وبين زوجته المشار إليها في الدعوى بسبب العيب المذكور، كما لا يقبل منه طلب فسخ عقد الزواج للغش أو التدليس الذي يترتب على هذا العيب؛ وهذا كلُّه إعمالًا للراجح من مذهب الأحناف، والذي اختار القانون المصري العمل به، والأمر في ذلك موكولٌ لعدالة للمحكمة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سأل عن: رجل توفِّيت زوجته ولها أختٌ شقيقة يريد زواجها، فهل يعتدُّ وينتظر مدة أربعة أشهرٍ وعشرة أيامٍ من تاريخ وفاة زوجته؟ أم يعقد على أختها قبل ذلك؟
ما المراد بتنظيم الأسرة، وما حكمه في الشرع؟
ما حكم الشرع في إضافة الوقف لما بعد الموت؟ توفي زوجي وتركني، وترك إخوته وأخواته الأشقاء، وترك ورقة كتب فيها: أُشهد الله على أنني في أحسن حالة صحية وعقلية. أوقفت لله طوعًا واختيارًا منافع بيتي المالية والعينية، وتحصيل الإيجارات من المستأجرين لجمعية رعاية الأيتام بمسجد علي بن أبي طالب؛ وذلك إلى يوم الدين بعد وفاتي، وإعطاء زوجتي ميراثها الشرعي، علمًا بأن لها ثلث البيت والعقار بيعًا وشراءً، على أن يكون القائمون على الجمعية هم المشرفون على العقار من تأجير، والانتفاع بدخل العقار خالصًا لوجه الله ثم لأبناء الجمعية إلى يوم الدين، وهذا وقفي لله إلى يوم الدين وليس لأحد من كان أن يوقف هذا الوقف أو يطالب بشيء منه، وهذا وقف مني بمثابة البيع لله ثم لجمعية الطفل اليتيم بمسجد علي بن أبي طالب، والله على ما أقول شهيد.
ولم يُشهِد على هذا الوقف أو يُسجله، فما حكم الشرع فيما فعله زوجي؟ وكان قد باع لي ثلث العقار.
ما الفرق بين المفقود من أفراد القوات المسلحة والمفقود من غيرهم؟ فقد تضمن السؤال أن السائلة تزوجت بمدرس بمحافظة سوهاج، وأن زوجها جند بالقوات المسلحة، وأنه فقد في العمليات الحربية بجهة سيناء بتاريخ 8/ 6/ 1967م بمقتضى شهادة دالة على فقده وصلت إلى مديرية التربية والتعليم بسوهاج من وزارة الحربية، وأن مديرية التربية والتعليم المذكورة كانت تصرف للسائلة مرتب زوجها شهريًّا حتى أوقف الصرف بمقتضى حكم صدر ضدها من المحكمة الحسبية ببندر سوهاج في قضية رفعها والد الزوج ضدها، وأنه قد ورد إليها كتاب من وزارة الحربية يفيد بأنه بموجب القرار رقم 72 لسنة 1969م باعتبار الغائبين بالعمليات الحربية بسيناء مفقودين وتسوية حالاتهم وصرف معاش ثابت للمستحقين عنهم، وأن الزوجة -السائلة- لا تجد من يعولها وليس لها مصدر رزق بعد قطع راتب زوجها عنها اعتبارًا من نوفمبر سنة 1969م للآن. وطلبت السائلة بيان الحكم الشرعي فيما إذا كان يحق لها شرعًا أن تتزوج بآخر استنادًا إلى:
أ- القرار السالف الذكر رقم 72 سنة 1969م الخاص باعتبار الغائبين مفقودين وصرف معاش ثابت للمستحقين عنهم.
ب- خطاب ورد إلى والد زوجها من قلم خسائر الحرب يقضي باعتبار الغائبين مفقودين.
ج- أنه مضى على عقد زواجها بالمفقود المذكور خمس سنوات وهي معلقة بين السماء والأرض.
د- أن زوجها المفقود من قبل يونيه سنة 1967م حتى اليوم لم تصل أنباء أو معلومات تفيد بأنه موجود على قيد الحياة.
هـ- أن غياب الزوج المذكور كان غيابًا متصلًا من قبل يونيه سنة 1967م إلى الآن، ولم ينقطع هذا الغياب خلال تلك المدة الطويلة.
تصريح إحدى محاكم شؤون الأسرة باستخراج فتوى شرعية من دار الإفتاء المصرية بالقاهرة تفيد ما إذا كانت الطلقات الثلاث قد وقعت جميعها من المدعي -مقدم الطلب- أم بعضها فقط، وذلك في دعوى بشأن تصحيح وصف الطلاق الثلاث الذي أقر به المدعي في وثيقة الطلاق الرسمية مع طلقتين شفويتين يدعي أن الثانية منهما كانت في الحيض وفي غضب شديد.
ما حكم زواج الرجل من زوجة أبيه غير المدخول بها؛ فرجلٌ عقد على ابنة عمه البِكر، وبعد أيامٍ توفي إلى رحمة الله تعالى قبل الدخول بها والخلوة مطلقًا، ومات هذا العاقد ولا تزال المعقود عليها بكرًا، ونظرًا للظروف العائلية أراد ابن المتوفى المذكور أن يعقد عليها، فما هو حكم الشرع في هذا؟ وماذا يكون الحلُّ؟ أفيدونا بالجواب.