ما حكم إعطاء الزوج الفقير من الزكاة دون إخباره بذلك؛ فأنا أحيط فضيلتكم علمًا بأنني زوجة لموظف بدرجة مدير عام، وعندي ثلاثة أولاد في الكلية والثانوية العامة والمرحلة الابتدائية، وجميعهم يأخذون دروسًا خصوصية بمبالغ باهظة، بالإضافة إلى أن الابن الذي في الكلية مغترب، وله سكن خاص بالإضافة إلى مصاريف الكلية ومعيشته في الغربة، كل هذه التكاليف الضرورية تجعل دخل زوجي سواء كان مرتبًا أو مكافأة لا تكفي لهذه الاحتياجات الضرورية لتربية الأولاد، وليس لزوجي أي ممتلكات، أما أنا فأملك مبلغًا من المال قدره 100,000 أودعته بدفتر توفير في البنك، وأحصل منه على أرباح لأشتري منها مطالبي الخاصة. وسؤالي هو: هل يحق لي أن أوجه زكاة المال الخاصة بي للصرف منها على سد العجز الموجود بميزانية زوجي؟ علمًا بأنه في حالة الموافقة سأقوم بالصرف بمعرفتي دون أن أُعْلِم زوجي أنها زكاة مالي منعًا لإحراجه، وأيضًا في حالة عدم الموافقة سأكون مضطرة للصرف من مالي الخاص لسد العجز المذكور في ميزانية زوجي الذي لا يملك إلا مرتبه فقط.
يجوز شرعًا للزوجة أن تدفع زكاة مالها إلى زوجها إن كان فقيرًا مستحقًّا للزكاة؛ سواء أكان سينفق عليها منها أم لا، وذلك بشرط تمليكها للزوج وإن لم تعلمه أنها زكاة مالها؛ بحيث تصير يده مطلقةَ التصرف في هذه الأموال بنفسه، أو أن يأذن لها بالتصرف فيها قبل قبضها فيكون بمثابة التملك أو القبض الحكمي. ولا يجوز للزوجة الصرف على البيت من مالها الخاص واحتساب ذلك من زكاة مالها المدفوعة للزوج دون أن يتملكها أولًا على النحو الذي بيَّنَّاه.
المحتويات
الزكاة ركن من أركان الإسلام، نظم الشرع الشريف كيفية أدائها بتحديد مصارفها الثمانية في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60].
ومن مقاصد الشريعة: أنها قدَّمت في أداءِ الزكاةِ كفايةَ قرابةِ المزكِّي على غيرهم، وجعلت لسدِّ حاجةِ ذوي رحمه وعصبته المحتاجين أولويةً في صرفها؛ مراعاةً لصلة الرحم، وضمانًا لاستمرار الترابط الأسريّ والتكافل العائلي والعشائري الذي هو اللبنة الأساس في التكافل المجتمعي:
فبدأ بهم القرآن الكريم في مطلق العطاء؛ فقال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 215]، وجعل لهم حقًّا في مال الواجد؛ فقال سبحانه: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾ [الإسراء: 26]، وجعل ذلك علامة الفلاح، وعدَّه الأفضل لمن يريد وجه الله تعالى: ﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الروم: 38]، وهذا كلُّه يشمل النفقة الواجبة والمندوبة، ويشمل الزكاة في غير ما تجب فيه النفقة.
قال مجاهد: "سألوه: ما لهم في ذلك؟ ﴿قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾، قال: ههنا يا ابن آدم فضَعْ كَدْحَك وسَعْيَك، ولا تَنْفَحْ بها ذا وذاك وتَدَع ذوي قرابتك وذوي رحمك" أخرجه عبد بن حميد في "التفسير"؛ كما في "الدر المنثور" للسيوطي (1/ 585، ط. دار الفكر).
وجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أجرَ الزكاة مضاعفًا إذا أعطاها المزكِّي قرابتَه المحتاجين الذين لا تجب نفقتُهم عليه:
فروى الحُمَيْدي والإمام أحمد والدارمي في "مسانيدهم"، والنسائي والترمذي وحسنه وابن ماجه في "سننهم"، وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه في "صحاحهم"، عن سلمان بن عامر الضَّبِّي رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَهِيَ عَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ»، وصححه الحافظ ابن الملقن في "البدر المنير" (7/ 411، ط. دار الهجرة).
ورواه بنحو لفظه أيضًا: الطبرانيُّ في "المعجم الكبير" من حديث أبي طلحة رضي الله عنه.
وروى ابن زنجويه في "الأموال"، والطبراني في "الكبير"، من حديث أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى ذِي قَرَابَةٍ يُضَعَّفُ أَجْرُهَا مَرَّتَيْنِ».
يُشترط في آخذ الزكاة أن لا يكون ممن وجبت نفقته على المزكِّي؛ فقد أجمع الفقهاء على أن من شروط الزكاة أن لا تُعطَى لمن تجب نفقتهم على المزكِّي من أصول أو فروع أو غيرهم؛ لأن دفع الزكاة إلى هؤلاء يغنيهم عن النفقة الواجبة عليه، فيعود نفع الزكاة إليه، فكأنه دفعها إلى نفسه، إلا أن يكونوا مدينين، فتدفع إليهم حينئذ تحت سهم الغارمين؛ لأنه ليس مطالبًا بسداد ديونهم.
قال الإمام ابن المنذر النيسابوري في "الإجماع" (ص: 48، ط. دار المسلم): [وأجمعوا على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين والولد في الحال التي يجبر الدافع إليهم على النفقة عليهم] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 482، ط. مكتبة القاهرة): [(ولا يُعطَى من الصدقة المفروضة للوالدين وإن علوا، ولا للولد وإن سفل) قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين في الحال التي يجبر الدافع إليهم على النفقة عليهم؛ ولأن دفع زكاته إليهم تغنيهم عن نفقته وتسقطها عنه ويعود نفعها إليه، فكأنه دفعها إلى نفسه، فلم تجز] اهـ.
فكل من لم تجب على المزكِّي نفقتُه جاز دفع الزكاة إليه، ويدخل في ذلك إعطاء الزوجة للزوج المحتاج؛ فإن نفقته غير واجبة عليها، بل نفقتها هي التي تجب عليه حتى لو كانت غنية.
وردت النصوص الشرعية في مشروعية إعطاء الزوجة زوجها خاصة من الزكاة إذا كان محتاجًا:
فعن زينب الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما: أنها سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الصدقة لزوجها والأيتام في حجرها، فقال: «نَعَمْ، لَهَا أَجْرَانِ: أَجْرُ القَرَابَةِ، وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ» متفق عليه. وبوَّب على ذلك الإمامُ البخاري بقوله: (باب الزكاة على الزوج والأيتام في الحجر).
قال الإمام ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (3/ 330، ط. دار المعرفة): [وقال ابن المنير: اعتل مَن منَعها مَن إعطائها زكاتها لزوجها بأنها تعود إليها في النفقة؛ فكأنها ما خرجت عنها. وجوابه: أن احتمال رجوع الصدقة إليها واقع في التطوع أيضًا، ويؤيد المذهب الأول أن ترك الاستفصال ينزل منزلة العموم، فلما ذكرت الصدقة ولم يستفصلها عن تطوع ولا واجب فكأنه قال: تجزئ عنكِ؛ فرضًا كان أو تطوعًا] اهـ.
وعن جمرة بنت قحافة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في حجة الوداع: «تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ، فَإِنَّكُنَّ أَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ»، فأتت زينب رضي الله عنها فقالت: "يا رسول الله! إن زوجي محتاج، فهل يجوز لي أن أعود عليه؟" قال: «نَعَمْ لَكِ أَجْرَانِ» أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير".
جمهور الفقهاء على جواز دفع المرأة زكاتها إلى زوجها، بل نص الشافعية على استحباب ذلك، خلافًا للإمام أبي حنيفة، ووافقه الإمام مالك في قول، والإمام أحمد في رواية، ووافق صاحباه الجمهور في القول بالجواز:
قال الإمام محمد بن الحسن في "المبسوط" (2/ 149، ط. إدارة القرآن والعلوم الإسلامية): [ولا تعطي المرأة زوجها من زكاتها؛ لأنه يجبر على أن ينفق عليها، وهذا قول أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد: "لا بأس بأن تعطى المرأة زوجها من زكاتها؛ لأنها لا تجبر على أن تنفق عليه"] اهـ.
وقال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 40، ط. دار الكتب العلمية): [وقال أبو يوسف ومحمد: تدفع الزوجة زكاتها إلى زوجها؛ احتجَّا بما رُوي: "أن امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الصدقة على زوجها عبد الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَكِ أَجْرَانِ: أَجْرُ الصَدَقِة، وأَجْرُ الْصَلَة».
ولأبي حنيفة: أن أحد الزوجين ينتفع بمال صاحبه كما ينتفع بمال نفسه عرفًا وعادة، فلا يتكامل معنى التمليك، ولهذا لم يجز للزوج أن يدفع إلى زوجته، كذا الزوجة] اهـ.
وعند المالكية أقوال: فمنهم من كره ذلك، ومنهم من اشترط ألا يستعين بها في النفقة عليها:
قال الإمام أبو سعيد الأزدي المالكي في "التهذيب في اختصار المدونة" (1/ 445، ط. دبي): [ولا تعطي المرأة زوجها من زكاتها، قال أشهب: فإن فعلت ولم يرد ذلك عليها فيما يلزمه من مؤونتها أجزأها، وإن رد ذلك عليها فيما يلزمه لم يجزها] اهـ.
وقال الإمام ابن أبي زيد القيرواني المالكي في "النوادر والزيادات" (2/ 295، ط. دار الغرب الإسلامي): [وأمَّا المرأة تُعطِي زوجها من زكاتها فلا يجزئها عندَ مالكٍ. وقال ابن أبي ذئبٍ، وسفيانُ، وأهلُ المشرقِ: إنَّه يجزئها. وإنِّي أرى: إنْ كان يستعين به في النفقة عليها فلا يجزئها. وإن كان بيده ما ينفق عليها وهو فقيرٌ ويصرف هذا في كسوته ومصالحه فذلك يجزئها] اهـ.
وقال القاضي عبد الوهاب البغدادي المالكي في "الإشراف" (1/ 421، ط. دار ابن حزم): [مسألة: نص مالك على أن المرأة لا تعطي زوجها زكاتها. وقال أصحابنا: هو على الكراهة دون التحريم. وقال أبو حنيفة: لا يجوز. فدليلنا قوله عليه الصلاة والسلام لامرأة ابن مسعود رضي الله عنهما: «تَصَدَّقِي عَلَيْهِ وَعَلَى بَنِيهِ، فَإِنَّهُ لَهُ مَوْضِعٌ»، ولأنه كل من لا تجب نفقته بحال جاز أن تدفع إليه الزكاة؛ كابن العم والأجنبي] اهـ.
وقال الإمام اللخمي المالكي في "التبصرة" (3/ 966، ط. وزارة الأوقاف قطر): [واختُلف إذا أعطت الزوجةُ زكاتَها لزوجها؛ فمنع من ذلك في "المدونة"، وذكر أبو الحسن ابن القصار عن بعض شيوخه: أن ذلك على وجه الكراهية، فإن فعلت أجزأها. وقال ابن حبيب: إن كان يستعين بما تعطيه في النفقة عليها لم تجزئها، وإن كان بيده ما يُنفق عليها منه وهو فقير ويصرف ما تعطيه في كسوته ومصلحته أجزأها] اهـ.
وقال الإمام الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 499، ط. دار الفكر): [(وهل يمنع إعطاء زوجة) زكاتها (زوجًا) لعودها عليها في النفقة (أو يكره؟ تأويلان)، وأما عكسه: فيمنع قطعًا، ومحل المنع: ما لم يكن إعطاء أحدهما الآخر ليدفعه في دينه أو ينفقه على غيره، وإلا جاز] اهـ.
ونص الشافعية على أنه يسن للزوجة أن تدفع زكاتها إلى زوجها، وإن أنفقها عليها:
قال الإمام الماوردي الشافعي في "الحاوي الكبير" (8/ 537، ط. دار الكتب العلمية): [فأما الزوجة فيجوز لها دفع زكاتها إلى زوجها من السهام كلها] اهـ.
وقال الإمام الشاشي الشافعي في "حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء" (3/ 141، ط. مؤسسة الرسالة): [ويجوز أن تدفع الزوجة من زكاتها إلى زوجها، وبه قال أبو يوسف ومحمد، وقال أبو حنيفة: لا يجوز] اهـ.
وقال العلامة ابن حجر الهيتمي الشافعي في "تحفة المحتاج في شرح المنهاج" (7/ 154، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [ويسن لها أن تعطي زوجها من زكاتها ولو بالفقر وإن أنفقها عليها خلافًا للقاضي؛ لحديث زينب زوجة ابن مسعود رضي الله عنهما في البخاري وغيره] اهـ.
وعند الحنابلة روايتان عن الإمام أحمد:
قال الإمام أبو داود السجستاني في "مسائله" عن الإمام أحمد بن حنبل (ص: 119، مكتبة ابن تيمية): [سمعت أحمد يقول: "لا تعطي المرأة زوجها من الزكاة"، كررتها عليه، فقال مثل ذلك] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي في "الكافي" (1/ 429، ط. دار الكتب العلمية): [وهل للمرأة، دفع زكاتها إلى زوجها؟ على روايتين: إحداهما: يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لزينب امرأة ابن مسعود رضي الله عنهما: «زَوْجُكِ ووَلَدُكِ أَحَقُّ مَن تصدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِم» رواه البخاري، ولأنه لا تلزمها نفقته فلم تحرم عليه زكاتها كالأجنبي. والثانية: لا يجوز؛ لأنها تنتفع بدفعها إليه، لوجوب نفقتها عليه، وتبسطها في ماله عادةً، فلم يجز دفعها إليه؛ كالولد] اهـ.
اشترط جمهور الفقهاء في دفع الزكاة إلى مستحقيها تحقق التمليك فيها، وذلك فيما يمكن فيه التمليك، وذلك ظاهرٌ في المصارف الأربعة الأولى، دون الأخيرة.
قال الإمام السرخسي في "المبسوط" (2/ 202، ط. دار المعرفة): [لا يحصل الإيتاء إلا بالتمليك، فكلُّ قُربةٍ خَلَت عن التمليك لا تجزي عن الزكاة] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي في "المغني" (2/ 500، ط. مكتبة القاهرة): [وأربعةُ أصنافٍ يأخذون أخذًا مُستَقِرًّا، ولا يُراعَى حالُهُم بعد الدفع؛ وهم: الفقراء، والمساكين، والعاملون، والمؤلَّفَة؛ فمَتَى أخذوها مَلَكوها مِلكًا دائمًا مُستَقِرًّا لا يجب عليهم رَدُّها بِحَالٍ.
وأربعةٌ منهم وهم: الغارمون، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل؛ فإنهم يأخذون أخذًا مُرَاعًى، فإن صَرَفُوهُ في الجهة التي استَحَقُّوا الأخذَ لِأَجْلِهَا، وإلَّا استُرجِعَ منهم.
والفرق بين هذه الأصناف والتي قبلها: أن هؤلاء أَخَذُوا لِمَعنًى لَم يَحصُل بأخذهم للزكاة، والأَوَّلُون حَصَلَ المقصودُ بأخذهم؛ وهو: غِنَى الفقراء والمساكين، وتأليف المؤلَّفِين، وأداء أجر العاملين] اهـ.
وقال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "الإقناع" (1/ 229، ط. دار الفكر): [وأضاف في الآية الكريمة الصدقاتِ إلى الأصناف الأربعة الأُولى بِلَامِ المِلكِ، وإلى الأربعة الأخيرة بفي الظرفية؛ للإشعار بإطلاق المِلكِ في الأربعة الأولى، وتقييده في الأربعة الأخيرة، حتى إذا لم يَحصُل الصرفُ في مصارفها استُرجِعَ] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز شرعًا للزوجة أن تدفع زكاة مالها إلى زوجها إن كان فقيرًا مستحقًّا للزكاة؛ سواء علمت أنه سينفق عليها منها أم لا، إلا أن الزوجة إذا فعلت ذلك فإنه يجب عليها تمليكها للزوج وإن لم تعلمه أنها زكاة مالها؛ لأن من شروط الزكاة تمليكها لمستحقها، ولأنها حقٌّ خالصٌ لِمَن تُعطَى له؛ بحيث تصير يد الزوج مطلقةَ التصرف فيما مُلِّكَ من هذه الأموال، إلا أن يأذن لها بالتصرف فيها قبل قبضها؛ فيكون بمثابة القبض الحكمي. فلا يجوز لك الصرف على البيت من مالك الخاص واحتساب ذلك من زكاة مالك المدفوعة للزوج دون أن يتملكها الزوج أولًا ثم ينفق هو منها كما ينفق المرء من مال نفسه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل تجب زكاة المال على دفاتر توفير الأيتام في حالة بلوغ المال النصاب؟ فنحن نتشرف أن نحيط علم سيادتكم بأنه تردد في شهر رمضان السابق في بعض المحطات الفضائية أن دفاتر توفير الأبناء الأيتام تجب فيها زكاة مال، ويلزم الوصي بإخراجها في حالة بلوغ المال للنصاب. لذلك نلتمس من سيادتكم إفادتنا بصحة هذا القول من عدمه؛ لأنه يوجد لدينا دفاتر توفير للأيتام ومجهولي النسب. وما هو النصاب الشرعي لزكاة المال؟ حتى يمكننا مراعاة شرع الله في ذلك.
ما حكم الصرف على علاج الأيتام من الأموال المتبرع بها لهم؟ حيث تقول مؤسسة خيرية إن لديها -بدار الأيتام التي تقوم عليها- طفلةً تعاني من تآكل المادة البيضاء في المخ، وهو الأمر الذي يؤدي إلى تدهور حالتها الصحية يومًا بعد يوم، ويؤدي في نهاية الأمر إلى الوفاة -والأعمار بيد الله تعالى-، وبعدَ فَحْصِهَا من استشاري الدار أكد أن هناك علاجًا لهذه الحالة عن طريق عملية جراحية يمكن إجراؤُها في تشيكوسلوفاكيا، وشأن أي عملية جراحية هناك نسبة نجاح وأيضًا نسبة فشل، كما أن في كل الأحوال الشفاء بيد الله تعالى. ولذلك فسؤالنا: هل يجوز أن تقوم الجمعية بالموافقة على سفر البنت لإجراء العملية الجراحية، أم أن هذا يعد إهدارًا لمال الأيتام الذي تؤتمن عليه؟ والأفضل أن نساعد به أيتامًا آخرين؟ علمًا بأن الجمعية مواردها تسمح لها أن تعالج البنت خارج البلاد.
ما حكم أخذ الجهات الجامعة للزكاة والصدقات نسبة منها؟ فبعض الجهات القائمة على جمع أموال الزكاة والصدقات تشترط أخذ نسبة من الأموال الـمُتَحَصَّلة لديها؛ لرعايتها والقيام عليها، فهل هذا جائز شرعًا؟ وما مقدار هذه النسبة إن جاز لهم ذلك؟
هل يجوز الصرف من زكاة المال على مصروفات تعليم الأيتام المقيمين بدور رعاية الأيتام؟ مع العلم والإحاطة بأنهم من مجهولي النسب.
هل يجب على الزوج أن يقوم بإخراج زكاة الفطر عن زوجته؟
ما حكم الزكاة الشرعية في نشاط صناعة الدواجن المبين على النحو التالي:
هناك خطان رئيسان للإنتاج في هذه الصناعة، هما: دجاج اللحم "للتسمين والأكل"، ودجاج إنتاج البيض، وكلا الخطين له عدة مراحل:
فأما بالنسبة للجدود والأمهات: فيكون عمر الدجاجة تقريبًا خمسة وستين أسبوعًا تقسم على النحو الآتي:
1- منها ثلاثة وعشرون أسبوعًا للتربية، وفيها يتم تربية الدجاجة من عمر يوم وحتى تصل إلى عمر النضوج الجنسي عند الأسبوع الثالث والعشرين.
2- واثنان وأربعون أسبوعًا للإنتاج، وفيه يقوم الذكور -الديوك- بإخصاب الإناث، ويتم إنتاج البيض المخصب على مدار هذه الأسابيع بنسب إنتاج متفاوتة تختلف حسب عمر القطيع حيث إنه كلما زاد العمر قل الإنتاج نسبيًّا.
ملحوظة: البيض الناتج من هذه الأنواع يستخدم أساسًا في إنتاج الدجاج للمرحلة التي تلي المرحلة المنتِجة ويتم إرساله إلى معمل التفريخ لإنتاج كتكوت الأمهات.
بالنسبة للمصاريف يمكن تقسيمها طبقًا لهاتين المرحلتين إلى:
1- مصاريف فترة التربية "23 أسبوعًا": - الثروة الداجنة "الكتاكيت التي تم شراؤها". - الأدوية. - الأعلاف. - صيانة. - التحصينات. - المطهرات. - وقود وزيوت (مصاريف التدفئة). - مصاريف تشغيل (كهرباء). - تحاليل دورية لمتابعة الحالة الصحية للقطيع. - نشارة خشب "يتم فرشها في أرضية المزرعة قبل دخول الدواجن". - مصاريف إدارية "تليفونات - مستلزمات نظافة للأفراد - ...". - إهلاك "وهي قسط الإهلاك للمعدات والمباني ويتم تقسيمه على حصة سنوية ثم شهرية طبقًا للعمر الافتراضي لكل معدة أو منشأة". - الأجور والحوافز. - مصاريف تشغيل.
2- مصاريف فترة الإنتاج:
"نفس بنود مصاريف التربية باستثناء الثروة الداجنة"، ويضاف على هذه البنود إهلاك مصاريف التربية "حيث يتم توزيع مصاريف التربية على أسابيع الإنتاج".
• المنتج النهائي هنا هو البيض الصالح للتفريخ، وتكون تكلفته هي تكلفة الإنتاج مضافًا لها قسط الإهلاك من مصاريف التربية.
معمل التفريخ:
- يتم إرسال البيض للمعمل ليتم تفريخه ويدخل ماكينات التفريخ ويظل بالماكينات لمدة واحد وعشرين يومًا تحت درجة حرارة ودرجة رطوبة محددة حتى يتم إنتاج كتكوت بعد هذه الفترة، وهو المنتج الذي يتم بيعه.
- ليس كل البيض المرسل للمعمل يُنتَج، ولكن المنتج النهائي -وهو الكتكوت- قد يمثل أربعين بالمائة من عدد البيض الداخل للماكينات كما في الجدود وأمهات البياض، وقد يصل إلى ما بين ثمانين بالمائة وخمسة وثمانين بالمائة في أمهات التسمين، وهذه النسبة تسمى نسبة الفقس.
يوجد مصاريف بالمعمل تعرف بمصاريف التفريخ، وهي كالآتي: - مصاريف المعمل "كهرباء، مطهرات". - أجور عمال المعمل. - مصاريف التسويق "سيارات توصيل الكتاكيت إلى العملاء، مرتبات الأطباء البيطريين لمتابعة الدجاج لدى العملاء".
دجاج إنتاج بيض المائدة "بيض الأكل": يتم معاملته في المصاريف مثل دجاج الجدود والأمهات، ولكنه في النهاية بدلًا من أن يتم إرسال البيض لمعمل التفريخ يتم إرساله للجمهور للاستهلاك.
دجاج التسمين: ويكون عمر هذا الدجاج تقريبًا خمسة وأربعين يومًا، ينمو خلالها من كتكوت عمر يوم إلى دجاجة وزنها ما بين كيلو وثمانمائة جرام إلى 2 كيلو جرام، وهو ناتج من فقس بيض أمهات دجاج اللحم "التسمين"، ومصاريفه كالآتي: - الثروة الداجنة "قيمة الكتاكيت التي تم شراؤها". - الأعلاف. - مصاريف تشغيل "كهرباء". - التحصينات. - الأدوية. - المطهرات. - وقود وزيوت "مصاريف التدفئة". - خدمات بيطرية "تحاليل، إشراف فني". - إيجار أو إهلاك "الإيجار عندما تكون المزرعة غير مملوكة، والإهلاك عندما تكون مملوكة". - أجور وحوافز.