حكم تعطيل مصالح الناس

تاريخ الفتوى: 11 سبتمبر 2019 م
رقم الفتوى: 4869
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الكسب
حكم تعطيل مصالح الناس

ما حكم تعطيل مصالح الناس، حيث أننا إحدى شركات القطاعات العامة التي تُقَدِّم خدمات للجمهور، ولاحظنا أنَّ بعض الموظفين لدينا لا يقومون بالأعمال المنوطة بهم إلَّا بعد حصولهم على أموالٍ مِن الجمهورِ الذين يُقدِّمون لهم الخدمة، مما يضطر بعض الناس إلى إعطائهم هذه المبالغ للحصول على الخدمات الخاصة بهم وعدم تعطيل أمورهم. ونريد أن نسأل عن حكم مِثْل هذه الأموال التي يأخذها الموظفون؟

ما يفعله هؤلاء الموظفون من تعطيلٍ لمصالح الجمهور أو أخذٍ لأموالهم بغير وجهٍ حقٍّ ليقضوا لهم مصالحهم محرمٌ شرعًا، ومُجَرَّمٌ كذلك في قانون العقوبات، والواجب الضرب على أيدي هؤلاء المرتشين العابثين الفاسدين، ما لم يتوبوا إلى الله مما يفعلون، كما أنَّ على ولي الأمر أن يُغيث كل من طلب منه الغوث للقضاء على مثل هذا الفساد العريض.

المحتويات 

حكم تلكؤ وإبطاء الموظفين في إنجاز الأعمال الـموكلة لهم

الموظَّف في الدولة عَاملٌ بأجرة، فهو مؤتمن على العمل الذي كُلِّف به وفُوِّض إليه، وعدم تأديته على الوجه المطلوب منه مع أخذه الأجر على العمل فيه تَعَدٍّ مُحَرَّمٌ على المال العام، كما أَنَّ تلكُّؤ وإبطاء الموظفين في إنجاز الأعمال الـمُوكلة لهم -خاصة التي ترتبط بالغير- غير جائز شرعًا؛ حيث كان هذا التَّلَكُّؤ والإبطاء بغير وجه حق؛ وذلك لما يلي:

أَوَّلًا: أن هذه الفِعْلة فيها مخالفة لولي الأمر وافتيات عليه؛ فقد نَصَّ المشرِّع المصري على عقوبة الموظفين الممتنعين عن العمل؛ فجاء النَصُّ في قانون العقوبات على أنه: [إذا تَرَك ثَلاثةٌ عَلَى الأقلِّ مِن الموظفين أو المستخدمين العموميين عملهم ولو في صُورةِ الاستقالةِ أو امتنعوا عن تأدية واجب من واجبات وظيفتهم متفقين على ذلك، مبتغين منه تحقيق غرض مشترك، عوقب كل منهم بالحبس مدةً لا تقل عن سَنةٍ وَبِغرامةٍ لا تقل عن ألفي جنيه، ويُضاعَف الحد الأقصى لهذه العقوبة إذا كان الترك أو الامتناع من شأنه أن يجعل حياة الناس أو صحتهم أو أمنهم في خطر، وكان من شأنه أن يُحدِث اضطراباتٍ أو فتنةً بين الناس أو إذا أضر بمصلحة عامة، وكل مُوظَّف أو مستخدم عمومي تَرَك عمله أو امتنع عن عَملٍ من أعمال وظيفته بقصد عرقلة سير العمل أو الإخلال بانتظامه يُعاقَب بالحبس مدة لا تجاوز سنة أو بغرامة لا تجاوز 5 آلاف جنيه، ويضاعف الحدُّ الأقصى لهذه العقوبة إذا كان الترك أو الامتناع من شأنه أن يُحدِث اضطرابًا أو فتنةً بين الناس أو إذا أضر بمصلحة عامة] اهـ. والافتيات على ولي الأمر مَحَرَّم شرعًا.

ثانيًا: أنَّ هذه الفِعْلة فيها خيانة للأمانة التي اؤتمن عليها الموظفون؛ وفي الحديث المتفق عليه الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ».
وقد عَدَّ الإمامان الذهبي وابن حجر الهيتمي الخيانة من الكبائر؛ قال الإمام الذهبي رحمه الله في "الكبائر" (1/ 149، ط. دار الندوة): [الكبيرة التاسعة والثلاثون: الخيانة] اهـ.

وقال الإمام ابن حجر في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (2/ 442، ط. دار الفكر): [(الكبيرة الأربعون بعد المائتين: الخيانة في الأمانات كالوديعة والعين المرهونة أو المستأجرة وغير ذلك)] اهـ.

ثالثًا: كما أنَّ هذا التَّعطيلَ والإبطاء فيه أكل للمَالِ بِالباطلِ؛ وقد نُهينا عن ذلك في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29].

ومِن أعظم مظاهر أكل المال بِالباطلِ هو الأخذ من المال العام بدون وجه حق؛ ذلك أَنَّ الموظَّف الذي لا يُنْجِزُ الأعمال الـمُوكلة إليه -والتي ترتبط بالغير بحيث يكون هذا التَّبَاطُؤ بدون وجه حقٍّ ويأخذ مع ذلك على وظيفته أجرًا- هو آكلٌ للمَالِ بالباطل.

والمال العام -وهو هنا أَجْر الـمُوظَّف- قَدْ حَرَّم النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم الاعتداء عليه، وجعل صيانته من النهب والإهدار والاستغلال مسؤولية الجميع؛ لأنَّ هذا المال مِلْك لكل أبناء الوطن، والتصرف فيه يكون وفق ضوابط الشرع وشروطه؛ فعن خولة الأنصارية رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ» رواه البخاري.

فقد سَمَّى النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم المال العام الذي لا يملكه فرد بعينه بأنه مال الله، وتُوضِّح ذلك رواية الترمذي: «مِنْ مَالِ اللهِ وَرَسُولِهِ»؛ إذ هذه الإضافة خاصة بالمال العام.

وفي هذا الحديث وَعيدٌ شَديدٌ لمن يتَخوَّض في المال العام، أي: يأخذه ليتملكه ويتصرف فيه تصرُّف المالك؛ قال الإمام ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (6/ 219، ط. دار المعرفة): [لا ينبغي التخوُّض في مال الله ورسوله والتصرف فيه بمجرد التشهي. وقوله: «فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ» حُكْمٌ مُرَتَّبٌ عَلَى الوَصْفِ المناسبِ وهو الخوض في مال الله؛ ففيه إِشْعَارٌ بِالغَلَبَةِ. قوله: «يَتَخَوَّضُونَ -بالمعجمتين- فِي مَالِ اللهِ بِغَيْرِ حَقٍّ»؛ أي يتصرفون في مال المسلمين بالباطل وهو أَعَمُّ من أن يكون بالقسمة وَبِغَيْرِهَا] اهـ.

حكم ما يأخذه الموظفون من أموال بغير حق لتنفيذ ما وكل إليهم من أعمال الغير

ما يأخذه هؤلاء الموظفون من أموالٍ لتنفيذ ما وُكِّل إليهم من أعمال الغير، فهو رشوة مُحرَّمة، مَلعونٌ صاحبها؛ ذلك أَنَّ الأصل في قضاء المصالح أن تؤدَّى لأصحابها من غير رشوةٍ أو هديةٍ ما دام المسؤول عنها مُوظفًا يتقاضى راتبًا على عمله هذا، فإن قصد فهو آثم قطعًا، وإذا لم يستطع الإنسان قضاء مصلحته وحاجته والوصول إلى حقه إلا بدفع الرشوة لمن عنده وعلى يديه قضاء مصلحته وحاجته، فإنه يجوز له دفع رشوة في حُدودِ ما يقضي به حاجتَه، ولا يزيد على ذلك؛ لأن ما أبيح للضرورةِ يقدر بقدرها؛ ولقوله تعالى: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: 173].

ولعن آخذ الرشوة جاء في الحديث الشريف: «لَعَنَ اللهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِي»، رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وابن حبان، وفي رواية بزيادة: « وَالرَّائِشِ»؛ أي: الساعي بينهما، واللعن من الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وآله وسلم معناه أَنَّ ذلك كبيرة من الكبائر.

وأمر الرشوة خطير على المجتمعات؛ ولذلك فهو يستوجب عدم التهاون فيه؛ ويدعو إلى أهمية الضرب على أيدي المرتشين العابثين المفسدين.

ومن نَاحيةٍ أخرى على ولي الأمر أن يُغيث كل من طلب منه الغوث للقضاء على هذا الفساد العريض، ويجب على الراشين والمرتشين أن يتوبوا إلى الله تعالى من هذا الإثم حتى يبارك الله سبحانه في أموالهم وأولادهم.

الخلاصة

على ما سَبَق وفي واقعة السؤال: ما يفعله بعض الموظفين من تعطيل أمور الناس بغير وجه حقٍّ أمرٌ مُجَرَّمٌ في قانون العقوبات، ولا تجوز شرعًا هذه الفِعْلة؛ لأنَّها تُعَدُّ افتياتًا على ولي الأمر فيما سَنَّه من قوانين ولوائح، فإذا صَحِب هذا التعطيلَ اشتراطُ حصول هؤلاء الموظفين على أموالٍ مِن الجمهور الذين يُقدِّمون لهم الخدمةَ فهي رشوةٌ مُحَرَّمٌ أَخْذها على هؤلاء الموظفين.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم طبع كتاب بغير إذن صاحبه؛ فعندي مطبعة، وطلب مني أحد عملائي في دولة أفريقية أن أقوم له بطباعة كتاب لناشر آخر في دولة عربية ومكتوب على الكتاب: حقوق الطبع محفوظة، وذلك بكميات كبيرة، والمكسب من وراء تلك الطلبية كبير جدًّا، ولي شركاء في المطبعة أغلبهم موافق على طباعة هذا الكتاب. والسؤال: هل طباعة هذا الكتاب جائزة؟


هل السمسرة حرام أم حلال لكي أنتهي؟ ولو كانت حلالًا فما هو النصاب الشرعي في ذلك؟ أي ما هي نسبة ما أتقاضاه نظير عمولتي على ذلك؟ لأنني أريد أن أتحرى الحلال في كل أعمالي وأموالي. ولأنني اختلفت مع العملاء في النسبة، فما هو نصيبي في بيع 60 مترًا بسعر المتر 400 جنيه بمبلغ إجمالي 24000 جنيه؟


ما حكم الاستيلاء على المال العام؟ وما حكم الإدلاء ببيانات ومعلومات خاطئة للتحايل على القانون والقرارات المنظمة للحصول على المساعدات النقدية والعينية المقدمة من وزارة التضامن الاجتماعي للأسر والأفراد الفقيرة والأكثر فقرًا من الأيتام والأرامل والمرأة المعيلة والمسنين وذوي الإعاقة، مما يؤدي إلى حرمان المستحقين من الأسر المهمَّشة للحصول على حقوقهم كاملة؟


سائل يقول: أعمل في مجال شراء الفواكه، وأقوم بعمل عقد لشراء محصول الموز، وذلك وفق إحدى الصيغتين الآتيتين: الصيغة الأولى: يتفق فيها الطرفان البائع والمشتري على بيع محصول الموز عندما يحين وقت نضجه وحصاده بعد فترة زمنية لا تقل عن أربعة شهور بالشروط الآتية المتفق عليها: يدفع المشتري حين توقيع العقد مبلغًا قدره 30000 جنيهًا لكلِّ فدان كتأمين.

يحق للمشتري دون غيره الاستحواذ على المحصول وشراؤه، والذي يتصف بالسلامة والخلو من العيوب المتعارف عليها؛ مثل: الطفرات أو المتأثرة بالصقيع أو الجراد وما شابه.

يمنح المشتري خصم قدره: جنيه واحد عن كل كيلو من الثمار عند حصاده وبعد وزنه وذلك من سعر الموز المتداول والمتعارف عليه يوم تقطيع السبايط.

تراضى الطرفان عن هذه الشروط وعلى المخالف شرط جزائي قدره 50000 جنيهًا.
  وهذه الصيغة من العقود هي الشائعة والمتداولة حاليًّا بين تجار الموز.

الصيغة الثانية: يتفق فيها الطرفان (أ) البائع والطرف (ب) المشتري على بيع محصول الموز من الطرف (أ) إلى الطرف (ب) والذي يبدأ حصاده بعد مرور أربع شهور، وذلك على الشروط الواردة والمتفق عليها، وهي:

يدفع المشتري (ب) للبائع (أ) مبلغًا قدره 30000 جنيهًا عن كلِّ فدان موز؛ بصيغة مقدم مالي، وتأمين نقدي لغرض الشراء.

يلتزم المشتري (ب) بعدة مهام هي: تقطيع وجمع سبايط الموز وتحمل مصاريف ذلك، وحمل سبايط الموز من الأرض للسيارة وتحمل مصاريف ذلك. وتولي مهمة تسويق وبيع المحصول لنفسه أو للغير. ويحق للبائع (أ) مشاركة المشتري (ب) في مهمة تسويق المحصول وبيعه وتحديد سعر البيع وصفة المشتري؛ لغرض تحقيق أحسن الأسعار، وجودة الأداء والتنفيذ. ويحق للمشتري (ب) ما هو قدره 1 جنيه عن كل كيلو موز يتم وزنه بعد حصاده لجميع المحصول، وذلك مقابل ما تم من عون ومهام من الطرف المشتري للطرف البائع. وعلى المخالف لأي من شروط العقد شرط جزائي قدره 50000 جنيهًا.

فما حكم هذا العقد؟ وهل يوجد هناك فرق مؤثر في الحكم بين الصيغتين؟


ما حكم اشتراط أحد الشركاء أن يأخذ نسبة ربحٍ زائدة عن باقي شركائه في الشركة؛ نظرًا لما يستمتع به من خبرة ومهارة عالية تؤهله لإدارة الشركة وتحقيق أكبر عائد ربحي للجميع؟ فقد قمت أنا وبعض الأصدقاء بعمل شركة للتجارة وقام الشركاء بتفويضي للقيام بأعمال الإدارة؛ نظرًا لخبرتي ومهارتي في التجارة، واشترطت عليهم، أخذ نسبة ربح زائدة عن باقي الشركاء جميعًا، نظير قيامي بتلك الأعمال، ووافقوا على ذلك، فما حكم الشرع في أخذي تلك النسبة الزائدة؟


ما حكم وكيفية التخلص من المال الحرام؛ حيث إنَّ شخصًا قد كسب مالًا كثيرًا من الحرام ويريد التوبة منه. فهل يجوز له أن يتصدق به، وهل إذا فعل ذلك يكون له أجر عليه؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 55
العصر
4:31
المغرب
7 : 58
العشاء
9 :31