هل يجوز للفقهاء الاجتهاد بتعديل ميراث المرأة قياسًا على إبطال حد السرقة عام الرمادة؟
الفروض التي قدرها الله تعالى في أنصبة المواريث أحكام تعبدية يجب الالتزام بها، فقد تقرَّرت بنصوص محكمة قطعية الدلالة، وهي من ثوابتِ الدين القاطعة التي لا تخضع للاجتهاد، وليس هناك وجه شبه أو علة مشتركة بين أحكام المواريث وحد السرقة الذي أوقف سيدنا عمر رضي الله عنه العملَ به في عام الرمادة ليتم قياسها عليه، وإنما لم يُقِم هذا الحد عام الرمادة لأنه لم تتوفر حينذاك شروط وجوبه وأن الحدود تدرأ بالشبهات.
إنَّ قياس إمكانية تعديل ميراث المرأة ومساواتها بالرجل فيه على أنَّ سيدنا عمر رضي الله عنه أوقف حد السرقة عام الرمادة، إنما هو قياسٌ مع الفارق؛ لأن الشرع الشريف هو الذي حدَّد أنصبة الميراث بنصوصٍ محكمةٍ قطعيةِ الدلالةِ، لا تتغير ولا تتبدل، ولا يُتَصَوَّرُ بحال من الأحوال أن تعتريها شبهة تتسبب في تأجيل العمل بها فهي حدودٌ حُكْمِيَّةٌ وتقسيمٌ للمنافع، لا ضرر فيها ولا عقوبة.
أما حد السرقة الذي أجَّل العملَ به سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عام الرمادة فهو من الحدود التي شرعت لتردع العباد عن ارتكاب المحرمات، وتأديب من تجرأ عليها، وهذا التأجيل في ذاته إنما هو عملٌ بالنص الشرعي الذي تقرَّرت به قاعدة "درء الحدود بالشبهات"؛ فقد أخرج الإمام الترمذي في "سننه" عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ادْرَؤُوا الْحُدُودَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَخْرَجٌ فَخَلُّوا سَبِيلَهُ؛ فَإِنَّ الإِمَامَ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ».
كما أخرج الإمام ابن ماجه في "سننه" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ادْفَعُوا الْحُدُودَ مَا وَجَدْتُمْ لَهُ مَدْفَعًا».
كما أنَّ السرقة من الحدود التي شرعت لتردع العباد وتزجرهم وهي من الحقوق الخالصة لله تعالى؛ قال العلامة السرخسي في "أصوله" (2/ 294، ط. دار المعرفة): [الحدود التي شُرعت زواجر عن ارتكاب أسبابها المحصورة حقًّا لله تعالى خالصًا نحو حد الزنا والسرقة وشرب الخمر] اهـ.
إلا أنَّ هذه الحدود تستلزم لإقامتها تَحَقُّقَ شروطٍ وضوابطَ؛ منها على سبيل المثال في حد السرقة: انتفاء الشبهة التي تمنع إقامة الحد، كسَرِقَةِ مَنْ أشرف على الهلاك ولم يجد ما يبقيه على قيد الحياة؛ فالشبهةُ تُسقِطُ الحدَّ، سواءٌ وُجِدَت في الفعل أو الفاعل، وعلى الإمام أن يحتاط في الإثبات، فدرءُ الحدِّ بالشبهة خير من إقامته معها، وسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لم يُقِم هذا الحد عام الرمادة؛ لأنه لم تتوفر شروط وجوبه، فالذي يسرق في زمن المجاعة له شبهة في هذا المال؛ حيث كانت سنة قحط وشدة، فربما سرق مَنْ سرق مضطرًّا، فوُجِدت الشبهة التي دُرِئ الحدُّ لأجلها، فأهل العلم على أنَّ الحدود تدرأ بالشبهة، وقد بوَّب على هذه القاعدة كثير من المحدثين منهم: الترمذي والبيهقي والهيثمي وابن ماجه وابن أبي شيبة.
وعليه: فلا يستقيم القول بأن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أسقط الحد أو عطله بعد وجوبه؛ لأنه يجوز للإمام في حد العقوبة فقط دون غيره أن يسقطه إذا وَجَدَ ما يُسْقِطُهُ، باعتباره نائبًا لله تعالى في استيفائه.
أما في وقت الرخاء وامتناع الشبهة فقد عنَّفَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم سيدَنا أسامة بن زيد رضي الله عنهما عندما حاول أن يشفع في المرأة المخزومية التي سرقت لغير حاجة أو شبهة وقامت البينة عليها؛ فقد جاء فيما رواه الإمام البخاري في "صحيحه" عن عُرْوَةَ عَن السيدة عَائِشَةَ أم المؤمنين رضي الله عنها: أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالَوا: وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ؟!» ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ثُمَّ قَالَ: «إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ».
وبناءً على ذلك: الفروض التي قدَّرها الله تعالى في أنصبة المواريث أحكام تعبدية يجب الالتزام بها، فقد تقرَّرت بنصوص محكمة قطعية الدلالة، وهي من ثوابتِ الدين القاطعة التي لا تخضع للاجتهاد، وليس هناك وجه شبهٍ أو علة مشتركة بين أحكام المواريث وحد السرقة الذي أوقف سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه العملَ به في عام الرمادة ليتم قياسها عليه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل يشترط حضور جميع الورثة في نفس المجلس لتوزيع التركة؛ توفي والدي -رحمه الله تعالى- وترك بضاعة أمانة عند أحد التجار المسلمين، وتقدمنا إليه بإعلام الوراثة حتى نتسلم البضاعة منذ عامين، وهو يشترط لتسليم البضاعة حضور جميع الورثة، علما بأن ذلك متعذر علينا. فهل يجوز لمن حضر من الورثة أن يطالب بتسلم حقه عينًا من البضاعة مع احتفاظ هذا الأمين بباقي البضاعة لتسليمها بعد ذلك لمن يحضر من الورثة؟
سألَت امرأةٌ عن زوجٍ توفي، وقد طلقت منه طلقةً أولى رجعية بتاريخ 9 ديسمبر سنة 1953م، وقد توفي المذكور بتاريخ 10 ديسمبر سنة 1953م عن زوجة أخرى، وولدين أحدهما غائب، وبنتين. فما بيان نصيب كل من المذكورين؟
في سنة 1945م قُتل رجلٌ بيد ابنه عمدًا، وقدم للمحاكمة في فبراير سنة 1945م، فقضت المحكمة حكمها حضوريًّا بمعاقبة القاتل بالأشغال الشاقَّة المؤبدة، وقد ترك المقتول ابنه القاتل، وبنتًا، وزوجتين، وأولاد أخ شقيق ذكورًا. فمن يرث ومن لا يرث في تركته؟
توفيت أسرة مكونة من الزوجين وأولادهما في حادث اختناق بالغاز، فهل يستحق ورثة الزوجة وهم إخوتها مؤخر الصداق وأثاث المنزل كإرث لهم؟ وكان الزوج قد اشترى سيارة أجرة وسجَّلها باسم زوجته فهل تعد شرعًا -وليس قانونًا- ملكًا للزوجة بحيث يرثها ورثتها؟
توفيت امرأة عن: زوج، وإخوة أشقاء: ثلاثة ذكور وثلاث إناث، وأخت لأم. ولم تترك المتوفاة المذكورة أي وارث آخر غير من ذكروا ولا فرع يستحق وصية واجبة. فما نصيب كل وارث؟
ما حكم الشرع في مقولة: "مال أبونا لا يذهب للغريب"؛ حيث توفي والدي وترك لنا ميراثًا، عبارة عن قطع من الأرض الزراعية ومبلغ من المال، وكلما طالبنا نحن البنات بحقنا في الميراث الذي هو في حوزة أخينا الأكبر، يتأخر في إعطائنا نصيبنا نحن البنات دون الرجال خصوصًا في الأراضي بحجة أن هذه الأرض ستصبح ملكًا للأغراب -يقصد بذلك زوجي- ويقول: "مال أبونا لا يذهب للغريب"، فما حكم الشرع في ذلك؟