المداومة على قراءة صحيح البخاري في زمن معين ومكان معين

تاريخ الفتوى: 02 أبريل 2020 م
رقم الفتوى: 4992
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: مستجدات ونوازل
المداومة على قراءة صحيح البخاري في زمن معين ومكان معين

ما حكم المداومة على قراءة صحيح البخاري في زمن معين ومكان معين؟ حيث يقوم العلماء المسلمون في سيريلانكا بالتجمع في بعض المساجد مرةً بالعام ويجتمعون لقراءة "صحيح البخاري" باللغة العربية لمدة 30 يومًا من بعد صلاة العصر أو المغرب، بعد ذلك يقوم أحد العلماء ويلقى خطبة بلغتهم الأم. إن ذلك يحدث في بعض المساجد منذ أكثر من 90 عامًا. يقول بعض الناس إن ذلك يُعَدُّ مخالفًا للعقيدة وتحرم زيارة هذه الأماكن. لذلك أرجو السادة العلماء الأفاضل بدار الإفتاء المصرية الرد على هذا الأمر.

ما يفعله المسلمون في سريلانكا وغيرها من تخصيص شهر معين في العام ومكان معين للتحديث فيه بـ "صحيح البخاري" وروايته وسماعه وجمع طلبة العلم والناس على ذلك: هو من أفضل الأعمال الصالحة أثرًا وقبولًا عند الله تعالى؛ فإنه طلب للعلم، واتصالٌ بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وصلاةٌ عليه، وربطٌ للأمة بسنة نبيها صلى الله عليه وآله وسلم، وتبركٌ بالصحيح وتيمن بدعوة مصنفه لقارئه، واستجلابٌ لرضا الله تعالى، وعلى ذلك جرى علماء الأمة ومحدِّثوها عبر الأمصار والأعصار من غير نكير، ومَن حرَّم ذلك أو نهى عنه فقد قال على الله تعالى بغير علم، ومن وصف فعل ذلك بالبدعة فهو بالبدعة أحرى وإلى الوقوع فيها أقرب.

المحتويات

 

التعريف بصحيح البخاري وقيمته

كتاب الصحيح للإمام البخاري؛ المسمَّى باسم: "الجامع المسند الصحيح المختصر، من أمورِ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسُنَنِه وأيامِه" هو أصحُّ كتابٍ بعد كتاب الله تعالى، ولذلك اعتنت به الأمة أعظم عناية؛ فشرحه العلماء واستخرجوا فقهه واستنطقوا تراجمه وترجموا لرجاله واستقرأوا شرطه وسبروا أسانيده واستخرجوا على أحاديثه ووصلوا معلَّقاتِه، ورَوَوْه بالإسناد منهم إلى مصنفه، وتبارَوْا في حفظه والتحديث به في المحافل، واستشهدوا به، حتى صار علامةً على المنهج العلمي الدقيق، وعلى ضبط النقل والتوثيق، وبلغ المسلمون في ذلك ما لم تبلغه أمة من الأمم، والاعتناء به سبب وثيق من أسباب رضا الله تعالى، وقراءتُه باب جليل من أبواب تعلم العلم النافع، وروايتُه وسماعُه انتماءٌ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ووُصْلةُ شرَف، وصِلةٌ للخلَف بموصول السلَف، وتلاوتُه والتبرك به ذكرٌ لله تعالى؛ فإن حديثَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحيٌ من الله تعالى وإن كان غير مَتْلُوٍّ، وذكرُ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ذكرٌ لِمَنْ أرسله، والصلاةُ عليه عند ذكره صلى الله عليه وآله وسلم مِن أشرف الذكر وأعلاه، وأعظمه قبولًا عند الله؛ إذ يجتمع فيه ذكر الله وذكر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

فضل مجالس رواية الحديث الشريف

لأجل هذا كانت مجالسُ روايةِ الحديثِ الشريف وسماعِه مُستَرْوَحَ الجنة ومُستَنْزَلَ الملائكة ومَجْلَبَةَ الرحمة ومَحَطُّ السكينة؛ كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» رواه الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ، فَارْتَعُوا»، قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: «حِلَقُ الذِّكْرِ» رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، وفي لفظ الطبراني في "المعجم الكبير" من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «مَجَالِسُ الْعِلْمِ».

المداومة على قراءة صحيح البخاري في زمن معين ومكان معين

هذا ما فعله علماء الأمة ومُحَدِّثوها سلفًا وخلفًا، فقد داوموا على عقد مجالس التحديث، في القديم والحديث، إما على الدوام، أو على ما ارتَأوْهُ من تخصيص ذلك ببعض الشهور والأيام، وسَنُّوا بذلك سُنّةً حسنةً تُدخِلُهم في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ سَنَّ في الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أجْرُهَا وَأجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَن يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ في الْإِسْلَامِ سُنَّةً سيِّئةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ» رواه مسلم، والمداومةُ على العمل الصالح تجعله أحبَّ الأعمال إلى الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم؛ كما جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «وإنَّ أحبَّ الأعمال إلى الله أدْوَمُها وإنْ قلَّ» رواه البخاري ومسلم.
وتخصيص شهر أو موسم معين للتحديث فيه بكتابٍ من كتب السُّنة الشريفة وسماعه وقراءته وإقرائه -وبخاصة "صحيح البخاري"- هو أمر ارتضاه العلماء والمحدثون عبر القرون؛ فقد كانوا يخصصون شهرًا معينًا من العام لقراءة "صحيح البخاري" قراءةَ سردٍ بإسناده، وأغلب ذلك في شهر رمضان المعظَّمِ قدرُه، ويوقفون على ذلك الأوقاف والأموال، ويجتمع له النساء والرجال، على ما يليق بكريم المقام وشريف المقال؛ اتصالًا بشريف الإسناد إلى خير العباد صلى الله عليه وآله وسلم، وتبركًا بحديثه الشريف، وتيمنًا بالصحيح ومصنفه رضي الله عنه؛ فإنه كان مُجابَ الدعوة وقد دعا لقارئه؛ كما نقله الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (1/ 13، ط. دار المعرفة) عن الإمام ابن أبي جمرة، ولهجًا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه.
فذكر الإمام الصفدي [ت764هـ] في "أعيان العصر وأعوان النصر" (5/ 300، ط. دار الفكر المعاصر) في ترجمة الشيخ شرف الدين محمد بن يحيى الصائغ [ت709هـ] أنه: [وقف وقفًا على من يقرأ "صحيح البخاري" كل سنة في شهر رمضان بالإسناد] اهـ.
وذكر الحافظ السخاوي [ت902هـ] في "الضوء اللامع لأهل القرن التاسع" (10/ 148، ط. دار مكتبة الحياة) في ترجمة معاصره الشيخ نور الدين الحمصي الشافعي: أنه كان يقرأ "صحيح البخاري" في رمضان من كل سَنَة.
وذكر العلامة الكتاني في "فهرس الفهارس والأثبات" (2/ 891، ط. دار الغرب الإسلامي) أن العلامة أبا عبد الله محمد بن غازي المكناسي [ت919هـ] كان يسمع في كل شهر رمضان "صحيح البخاري"، قال: [ولما تكلم ابن عبد السلام الناصري في "المزايا" على عادة جده أبي عبد الله بن ناصر من سرد "البخاري" في رمضان من كل سَنَةٍ قال: "على عادة ابن غازي بفاس؛ إذ هو الذي ابتدأ سرده به ولازمه في رمضان، فتابعه الشيخ وغيره على ذلك"، قلت: ولا زال الناس في فاس ومكناس وغيرهما من بلاد المغرب يعتنون بقراءة "صحيح البخاري" في شهر رمضان إلى الآن على سُنَّةِ ابنِ غازي رحمه الله، وكان لسلفنا الكتّانيّين بذلك اعتناءٌ كبير] اهـ.
وتخصيص المسلمين لذلك شهرًا معينًا في السنة ومكانًا معينًا في بيت من بيوت الله لا يُخرج طاعتَهم وطلبهم للعلم عن المشروعية، بل ذلك أمر ضروري لتنظيم طلب العلم وسماع الحديث، وإلا لكان تنظيم الدراسة في الكليات الشرعية مثلا بزمان معين ومكان معين بدعة ضلالة، وهذا لا يقول به عاقل، وقد نص أهل العلم على مشروعية تخصيص زمان معين أو مكان معين بالأعمال الصالحة.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (3/ 69) وهو يتكلم على حديث ابن عمر رضي الله عنهما في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يأتي مسجد قباء كلَّ سبتٍ ماشيًا وراكبًا: [وفي هذا الحديث على اختلاف طرقه دلالة على جواز تخصيص بعض الأيام ببعض الأعمال الصالحة والمداومة على ذلك] اهـ.

الرد على من اتهم المسلمين في تخصيص وقت ومكان معين لقراءة صحيح البخاري بالبدعة

أما من اتهم المسلمين في فعلهم ذلك بالبدعة فهو الأولى بهذا الوصف؛ لأنه تحجر واسعًا وضيق على المسلمين أمرًا جعل الشرع لهم فيه سعة، حيث إن الإسلام حث حثًّا مطلقًا على تعلم العلم وسماع كلام المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، والأمر المطلق يقتضي عموم الزمان والمكان والأشخاص والأحوال، ومنع المداومة على الخير ضرب من ضروب الجهل والصد عن العلم النافع، والناهي عن ذلك قد سنَّ سنة سيئة في المنع من فعل الخير وتنظيمه والمداومة عليه، مخالفًا بذلك ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أن عمله كان ديمة، ومن أن أحب الأعمال إلى الله أدومها كما ثبت في الصحيحين وغيرهما، ولم يلتفت في نهيه هذا إلى عواقب ما يقوله ويزعمه مِن صرف المسلمين عن تدارس دينهم وسماع حديث نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم، في عصرٍ الناسُ أحوج ما يكونون فيه إلى اتباع سنة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، ويُخشَى على هؤلاء الذين يهرفون بما لا يعرفون، ويتكلمون فيما لا يعلمون، أن يدخلوا بنهيهم هذا في قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ﴾ [التوبة: 114].

الخلاصة

بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فما يفعله المسلمون في سريلانكا وغيرها من تخصيص شهر معين في العام ومكان معين للتحديث فيه بـ "صحيح البخاري" وروايته وسماعه وجمع طلبة العلم والناس على ذلك: هو من أفضل الأعمال الصالحة أثرًا وقبولًا عند الله تعالى؛ فإنه طلب للعلم، واتصالٌ بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وصلاةٌ عليه، وربطٌ للأمة بسنة نبيها صلى الله عليه وآله وسلم، وتبركٌ بالصحيح وتيمن بدعوة مصنفه لقارئه، واستجلابٌ لرضا الله تعالى، وعلى ذلك جرى علماء الأمة ومحدِّثوها عبر الأمصار والأعصار من غير نكير، ومَن حرَّم ذلك أو نهى عنه فقد قال على الله تعالى بغير علم، ومن وصف فعل ذلك بالبدعة فهو بالبدعة أحرى وإلى الوقوع فيها أقرب.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل تسقط فدية الصيام عن المريض الذي يعجز عن دفعها؟ حيث ورد سؤال يقول صاحبه أنا رجلٌ كبيرٌ في السن وأعمل بائعًا في محل بالأجرة اليومية، وقد نصحني الأطباء بعدم صيام شهر رمضان لتضرُّر صحتي به، وكنت أُخرِج الفدية في كل عام، إلا أن هذا العام وبسبب انتشار فيروس كورونا قلَّ دخلي المادي بحيث أصبح من الصعب عليَّ إخراجُ الفدية بعدد أيام شهر رمضان، فهل يجب عليَّ إخراجُها رغم تعثر حالتي المادية بسبب ما نمرُّ به من ظروف؟


امتازت الشريعة الإسلامية السمحة بمبادئ والتزامات حياتية أوجدها الله سبحانه وتعالى لتيسير أمور البشر وتنظيم أحوالهم، ومعروف لدى الجميع مدى صرامة الإسلام بكل ما يتعلق بحفظ واحترام حقوق المسلم، وقد جاءت النصوص القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة بتحريم جريمة السرقة وتجريم مرتكبها، وتضمنت عقوبات رادعة في حق السارق.
وبهذا الصدد لا يخفى أن سرقة الملكية الفردية، والعلامات التجارية الأصلية المسجلة، أو الاحتيال عليها لا تقل خطورة عن السرقة بالأساليب والأنماط التي اعتدنا رؤيتها؛ فهي تضر بمصالح أصحابها، وتفوت عليهم فرصة النمو والتطور، فضلًا عن الأضرار التي تلحق بسمعتهم مِن جراء قيام سارقها بخداع المستهلك مع سابق نية.
فما هو الحكم الشرعي في سرقة الملكية الفكرية والعلامات التجارية الأصلية المسجلة من أصحابها؟
وما حكم فتح محلات تجارية والمتاجرة بها، وخداع المواطنين والمستهلكين بأنها العلامة الأصلية؟
وما حكم العمل في تلك المحلات بالنسبة للموظفين؟
وما هو الحكم الشرعي للذين يتعاملون مع سارقي العلامات التجارية؟
وما هي العقوبات التي ترون وجوب اتخاذها بحق سارقها؟


ما حكم الاجتماع في ليالي رمضان للاستماع لقراءة القرآن من القراء الذين يحسنون أداءه، وإنشاد المدائح والقصائد الدينية؟ حيث اعتدنا في قريتنا أن نجتمع بعد صلاة التراويح للاستماع لقارئ يقرأ القرآن الكريم، وأحيانًا يتبعه شيء من المديح النبوي وإنشاد القصائد الدينية، ويصحب ذلك تقديم بعض المأكولات والحلويات والمشروبات، وأحيانًا تقديم وجبة السحور؛ فرحًا بالشهر الكريم من ناحية، وفرحًا لتجمع الأهل والأحباب والجيران كبارًا وأطفالا أغنياء وفقراء من ناحية أخرى، ونسمي ذلك "سهرات رمضان"، فهل هذا يعد من إحياء ليالي رمضان؟ وهل نثاب عليه؟ وهل هو موافق أو مخالف للسنة النبوية؟


سائل يقول: هل يجوز الدعاء بآية من القرآن الكريم في سجود الصلاة؟


ما حكم الدعاء للميت عند القبر جماعة بصوتٍ عالٍ؛ بأن يقول رجلٌ: إني داعٍ فأمِّنوا، فيدعو ويؤمِّن الناس على دعائه، هل هذا الفعل من السنة؟ فهناك مَن يقول إنها بدعة، ويزعم أنها لم تحدث في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا الخلفاء الراشدين ولم يجزه أحدٌ من الأئمة.


كيف كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يختم الصلاة المكتوبة؟ وهل كان دعاؤه بعدها سرًّا أو جهرًا؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 مايو 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :12
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :57