هل يجب على الإنسان التسوية بين الأولاد في العطاء حال الحياة؟
لا يجب ذلك بل يستحب التسوية بين الأولاد في الهبة حال الحياة، ويجوز التفضيل وعدم التسوية بينهم، فليس هذا بمكروه أو حرام شرعًا إذا كان له سبب؛ كمرض أو صغر سنٍّ أو مساعدة للزواج أو مساعدة على التعليم والدراسة ونحو ذلك مما يستدعي الزيادة في العطاء والهبة، فلا يكون الإنسان حينئذٍ مرتكبًا للظلم، ولا إثم عليه في ذلك؛ لأنه تصرف فيما يملك حسب ما يراه مُحقِّقًا للمَصلَحة.
المحتويات
المستحب هو التسوية فيما يعطيه الشخص لأولاده؛ وذلك لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «سَاوُوا بَينَ أَولَادِكُم فِي العَطِيَّةِ، وَلَو كُنتُ مُؤثِرًا أَحَدًا لَآثَرتُ النِّسَاءَ عَلَى الرِّجَالِ» رواه سعيد بن منصور في "سننه".
ومعنى أن التسوية بين الأولاد حال حياة الأب أو الأم مستحبة: أنه يجوز أن يَخُصَّ الإنسان بعض أولاده بشيء زائد، وذلك لحاجة معينة؛ كالمرض، أو كثرة العيال، أو لمساعدته على الدراسة والتعليم، أو غير ذلك، وعلى هذا القول جمهور العلماء.
استدلوا على ذلك بما يلي:
1- روي عن النُّعمان بن بَشِير رضي الله عنه أنه قال: انطلق بي أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، اشهد أَنِّي قد نحلت النعمان كذا وكذا من مالي، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أَكُلَّ بَنِيكَ قَدْ نَحَلْتَ مِثْلَ مَا نَحَلْتَ النُّعْمَانَ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي»، ثُمَّ قَالَ: «أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟» قَالَ: بَلَى، قَالَ: «فَلَا إِذًا» رواه مسلم.
فلو كان ما فعله بَشِير حرامًا لم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليأمره بإشهاد غيره عليه؛ لأنه صلى الله عليه وآله وسلم لا يأمر بشيء حرام.
2- ما ورد عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أجمعين أنهم فَضَّلوا بعض أبنائهم دون نكير عليهم من باقي الصحابة، فقد فَضَّل أبو بكر رضي الله عنه عائشةَ رضي الله عنها، وكذلك فَضَّل عمرُ رضي الله عنه ابنَه عاصمًا بشيء أعطاه إياه، وفَضَّل عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ رضي الله عنه ولدَ أمِّ كلثوم.
أما ما ذهب إليه بعض العلماء من أنه يجب التسوية بين الأولاد في حال الحياة استنادًا لما جاء في بعض روايات حديث النعمان بن بشير؛ وفيها: أَنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما امتنع عن الشهادة على موهبة بشير لابنه رضي الله عنهما قال له: «لَا أَشهَدُ عَلَى جَورٍ»؛ فقد بيَّن جمهور العلماء أَنَّ امتناع النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الشهادة يُفهَم منه أَنَّ هذه القِسمَة التي قَسَمَها النعمان بن بشير غير مستحبة، ولا يُفهَم من امتناع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أَنَّ هذه القسمة مُحَرَّمة، بدليل أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمره بأن يُشهِد غيره على هذه القِسمَة، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يأمر غيره بفعلٍ مُحَرَّم.
نستخلص من ذلك:
أنَّ رأي جمهور العلماء -وهو الرأي الراجح الذي اختارته دار الإفتاء المصرية-: هو جواز التفضيل وعدم التسوية بين الأولاد حال الحياة، وليس هذا بمكروه أو حرام شرعًا إذا كان له سبب، كمرض أو صغر سنٍّ أو مساعدة للزواج أو مساعدة على التعليم والدراسة ونحو ذلك مما يستدعي الزيادة في العطاء والهبة، فلا يكون الإنسان حينئذٍ مرتكبًا للظلم، ولا إثم عليه في ذلك؛ لأنه تصرف فيما يملك حسب ما يراه مُحقِّقًا للمَصلَحة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم هبة الأب لابنه القاصر؟ فقد سأل كاتب إحدى المحاكم الشرعية في رجل يملك منزلًا، وله ابن قاصر، فباع هذا الرجل المنزل لابنه القاصر وهو في صحته بثمن معلوم سامحه منه، وقَبِل ذلك من نفسه لابنه المذكور، وحرر بذلك كتابة أمضاها بخطِّه، وشهدت بذلك شهود موقعين عليها، ثم حدث ببعض بناء المنزل المذكور خلل، فأزاله الولي البائع، وبنى بدله بناءً جديدًا بالمنزل المذكور بالأنقاض القديمة وبأنقاض جديدة، وأنفق على ذلك من ماله متبرعًا؛ حيث لا مال للقاصر المذكور حاضر ولا غائب.
فإذا مات البائع الولي المذكور، وقام بعض ورثته يعارضون الابن المشترى له المذكور في البناء المذكور الجديد، أو يطالبونه بما أنفقه عليه مورثهم؛ يمنعون من ذلك، ويكون لا حق لهم في ذلك، ويكون الولي متبرعًا بما أنفقه في ذلك، أم كيف؟ أفيدوا الجواب، ولكم الثواب.
أحد المواطنين المسلمين قد ورث عقارًا بموجب عقد تقسيم لتركة موقع عليه من جميع الورثة الشرعيين وبموافقتهم ورضاهم، ونص على ذلك في العقد، وعلى أنه لا يجوز لأي منهم الرجوع عن هذه القسمة بأي حال من الأحوال، ثم تنازل هذا المواطن عن عقاره المذكور لإحدى الجهات الحكومية لينفق ريعه صدقة جارية للفقراء، هذا التنازل مصدق عليه من الجهات الرسمية، ووافقت الجهة الحكومية وطلبت منه المستندات اللازمة وأرسل إليها جميع المستندات تمهيدًا لنقل الملكية إليها وتنفيذ ما جاء بالتنازل، ولما علم بعض الورثة بهذا التنازل حاولوا أن يثنوه عن تنازله فلم يوافق، فعرضوا عليه شراء العقار، ولكنه صمم على الرفض، فلجؤوا إلى طرق ملتوية ليستولوا على العقار ويمنعوا الجهة الحكومية من تسلمه، وتمكنوا من ذلك فعلًا عن طريق شهادة زور.
ويسأل عن حكم الشرع بالنسبة لهؤلاء المغتصبين، ومدى حق هذا المواطن في تصرفه وهو تنازله عن نصيبه الشرعي في الميراث لهذه الجهة الحكومية في سبيل الله.
ما حكم التسوية بين الأولاد في العطايا والهبات؟ فأنا لي أخ وأربع أخوات، وقد كتب والدنا للذكرين منّا نصف ممتلكاته في حياته، وترك الباقي نرثه جميعًا؛ فهل ما فعله أبي فيه ظلم للبنات؟ أليس ذلك يزرع الأحقاد والكراهية وقطيعة الرحم بيننا؟
وماذا عن هبة النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما لأحد أبنائه بستانًا؛ فَقَالَ له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أَعْطَيْتَ كُلَّ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟»، قَالَ: لَا، قَالَ: «اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ»؟ وماذا عن قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّكَ أَنْ تَتْرُكَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَتْرُكَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ»، وقوله: «لا وَصِيةَ لوارِثٍ»؟
وأعتقد أنّ الذي يباح تمييزه عن إخوته هو الابن من ذوي الهمم، والابن الذي ساعد والده في زيادة ثروته، والذي ليس له حظ من التعليم بأن كان فلاحًا مثلًا، وأن ذلك في مذهب الإمام أحمد بن حنبل فقط دون بقية المجتهدين. فما قولكم؟
ما حكم تخصيص بعض الأبناء بالهبة حال الحياة لمصلحة معتبرة شرعا؟ فأنا كتبت لابني الأكبر بعض أملاكي فأهملني أنا ووالدته، وأخاف على أولادي الأصغر منه -ابن وبنتين- وأريد أن أخصّهم بالبيت الذي نسكن فيه؛ فماذا أفعل؟ هل أكتبه للابن الأصغر أو له وللبنتين؟
ما حكم الهبة التي لم يتم قبضها إلا بعد وفاة الواهب؟فالسؤال عن هبة 300 متر وكسور من أحد الأشخاص لعُتقائه والذي ظهر من التحريات الإدارية أن العتقاء المذكورين لم يضعوا يدهم على الموهوب لهم إلا بعد وفاة الواهب، وطلب النظارةُ الاطلاعَ على أوراق الإيهاب وباقي الأوراق والإفادةَ بما يقتضيه الحكم الشرعي بذلك؟
من هم المستحقون لمصاريف الخارجة –الجنازة-؟ وما هو وصفها الشرعي؟ وهل هي ميراث أو لمن كتبت له؟