مواجهة مشكلة الزيادة السكانية بإجراءات تنظيم الأسرة

تاريخ الفتوى: 05 سبتمبر 2021 م
رقم الفتوى: 5553
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: النكاح
مواجهة مشكلة الزيادة السكانية بإجراءات تنظيم الأسرة

هل الدعوة لتنظيم الأسرة تتعارض مع دعوة الشرع بالتكاثر في الأولاد؟

لا تتعارض الدعوة إلى تنظيم النسل -تنظيم الأسرة- مع دعوة الشرع إلى التكاثر؛ فالمقصود من التكاثر في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ»: الكَثْرة المؤمنة الصالحة القوية المنتجة المتقدمة، ويُعَدُّ تنظيمُ النسل وسيلةً لإخراج أجيال قوية، تأخذ حقها في الرعاية المتكاملة، وتنال الاهتمام الكافي؛ لتكون أجيالًا صالحة ومنتجة ومتقدمة في كل مناحي الحياة، فتنفع نفسها وغيرها.

المحتويات

 

بيان المراد بـ"تنظيم النسل"، أو ما يُعْرَف بـ "تنظيم الأسرة"

المراد بـ"تنظيم النسل"، أو ما يُعْرَف بـ "تنظيم الأسرة" -كما تُعَرِّفه منظمة الصحة العالمية-: أن يتخذ الزوجان باختيارهما واقتناعهما الوسائل التي يريانها كفيلة بتباعد فترات الحمل، أو بإيقافه لمدة معينة من الزمن يتفقان عليها فيما بينهما؛ لتقليل عدد الأسرة بصورة تجعل الأبوين يستطيعان القيام على رعاية الأبناء رعايةً متكاملةً من غير خَلَلٍ.

حكم العزل في الإسلام ومدى ارتباطه بإجراءات تنظيم الأسرة

هذا المعنى المراد من تنظيم الأسرة أمرٌ جائزٌ لا تَأباه نصوص الشرع، ما دام هناك أسباب معتبرة شرعًا تدعو إلى تأخير الإنجاب مؤقتًا، وبشرط موافقة الزوجين عليه؛ وذلك بالقياس على جواز "العزل" -وهو عدم إنزال الرجل المني أثناء الجماع داخل رَحِم زوجته حتى لا تَحْمَل-، وبشرط أن لا يترتب على هذا التأخير ضررٌ؛ فالعاقل مَن يجعل النظام شعارًا له في كل شيء؛ لأن النظام ما وُجِد في شيء إلا زانه؛ قال تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ [الحجر:21].
وقد جمع العلماء النيات التي تستدعي "العزل"، وجعلوا منها: الخوف من كثرة الأولاد والوقوع في الحرج بسببهم؛ وقد بَيَّن ذلك الإمام الغزالي في كتابه "إحياء علوم الدين" (2/ 52، ط. دار المعرفة–بيروت): فقال: [النيات الباعثة على العزل خمس: .. الثالثة: الخوف من كثرة الحرج بسبب كثرة الأولاد، والاحتراز من الحاجة إلى التعب في الكَسْب ودخول مداخل السوء، وهذا أيضًا غير منهيّ عنه؛ فإنَّ قِلة الحرج معين على الدين، نعم؛ الكمال والفضل في التوكّل والثقة بضمان الله حيث قال: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُهَا﴾ [هود: 6]، ولا جرم فيه سقوط عن ذروة الكمال وترك الأفضل، ولكن النظر إلى العواقب وحفظ المال وادخاره مع كونه مناقضًا للتوكل لا نقول إنه منهيٌّ عنه] اهـ.
و"العَزْل" قام به عدد من الصحابة رضوان الله عليهم على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يُؤثَر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم النهي عنه؛ فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، فَبَلَغَ ذَلِكَ نَبِىَّ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَلَمْ يَنْهَنَا" متفق عليه، واللفظ لمسلم.
فلو كان العَزْلُ حرامًا لنهاهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن فعله؛ قال الإمام ابن حَجَر العَسْقلاني في "فتح الباري" (9/ 306، ط. دار المعرفة-بيروت): [فكأنه يقول: فعلناه في زمن التشريع، ولو كان حرامًا لم نقرّ عليه] اهـ.

نصوص المذاهب الفقهية في هذه المسألة

جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية على جواز العزل بإذن الزوجة ورضاها، وهو رأيٌ عند الشافعية أيضًا، وهو جائز للحاجة عند الحنابلة.
يقول الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (2/ 334، ط. دار الكتب العلمية): [وإن كان العزل برضاها لا يكره؛ لأنها رضيت بفوات حقها] اهـ.
ويقول الإمام ابن عبد البر القرطبي المالكي في "الكافي في فقه أهل المدينة" (2/ 563، ط. مكتبة الرياض الحديثة-الرياض): [وليس له أن يعزل عن المرأة إلا بإذنها] اهـ.
ويقول الشيخ سليمان الجَمَل الشافعي في "حاشية الجمل على شرح المنهج" (4/ 447، ط. دار الفكر): [ويحرم ما يقطع الـحَبَل من أصله. أما ما يبطئ الـحَبَل مدة ولا يقطعه من أصله فلا يحرم كما هو ظاهر، بل إن كان لعذر؛ كتربية ولد لم يكره أيضًا] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي في "المغني" (7/ 298، ط. مكتبة القاهرة): [ولأن لها في الولد حقًا، وعليها في العزل ضرر، فلم يجزْ إلا بإذنها] اهـ.
وأجاز الحنفية للزوج أن يعزل عن الزوجة ولو بغير رضاها كلما خاف الولد السوء؛ قال الإمام ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار على الدر المختار" (3/ 176، ط. دار الفكر-بيروت): [إن خاف من الولد السوء في الحرة يسعه العزل بغير رضاها لفساد الزمان، فليعتبر مثله من الأعذار مسقطًا لإذنها] اهـ.
وبعد هذا التفصيل يتبين لنا أنه لا تتعارض الدعوة إلى تنظيم النسل مع دعوة الشرع إلى التكاثر، بل يُعدُّ التنظيم وسيلة لإخراج أجيال تأخذ حقها في الرعاية المتكاملة، وتنال الاهتمام الكافي؛ مما يؤهلهم إلى تَحمُّل المسؤولية؛ فقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ؛ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ» رواه أبو داود. المقصود به: الكَثْرة المؤمنة الصالحة القوية المنتجة المتقدمة؛ فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يباهي بكثرة ضعيفة متخلفة في مناحي الحياة المختلفة؛ لأنها إن خرجت عن ذلك فكانت كثرة ضعيفة لا قيمة لها ولا نفع، فتصبح تلك الكثرة التي قال عنها النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا». قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنْ تَكُنْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ» رواه أحمد؛ أي كثرة ضعيفة لا قيمة لها، لا تضرُّ عدوًا ولا تنفع صديقًا.
وقد جاء في كتاب "نظرة الإسلام إلى تنظيم النسل" لمحمد سلام مدكور (ص: 66-67، ط. دار النهضة العربية): [الكثرة منشودة لذاتها أم لما يترتب عليها من صالح الأسرة ومصلحة المجتمع والشعب؟ فالتناسل متحققٌ مع التقليل منه، والكثرة مطلوبة إذا اقتضتها مصلحة، وأمكن التحكم في توجيهها توجيهًا نافعًا، والقيام بأعبائها دون حرج ولا ضيق، والقليل النافع خير من الكثرة المهملة التي تترك دون تقويم وإعداد] اهـ.

الخلاصة

بناء على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإنَّ تنظيم النسل أمرٌ جائزٌ شرعًا بشرط موافقة الزوجين عليه؛ قياسًا على جواز العزل في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يتعارض ذلك مع دعوة الإسلام إلى التكاثر.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

توفي أخي الشقيق، وترك زوجته على عصمته لحين وفاته, وعن بناته منها، وبما أن الزوجة المذكورة انقضت عدتها من زوجها بعد الوفاة، وأريد التزوج بها، إلا أنها عمة زوجتي من الأب، وزوجتي لا زالت موجودة على قيد الحياة وعلى عصمتي الآن. فهل يجوز لي التزوج من زوجة أخي المذكورة التي هي عمة زوجتي الحالية من جهة الأب، أم لا؟


ما حكم عقد الزواج بالتوكيل العام؛ فامرأة تمَّت خِطبتها على رجل يعمل بالخارج، ولما أراد أن يعقد عليها طلب اسم أحد أقاربها وأرسل باسمه توكيلًا رسميًّا عامًّا ليكون وكيلًا عنه في العقد عليها، وتمَّ العقد بعد أن وكَّلت عنها خالها لِيَلِيَ عقد نكاحها، وعندما ذهب المأذون لتسجيل العقد رفضت المحكمة تسجيله؛ لأنه تمَّ بموجب توكيل رسمي عام شامل لا يصلح لإتمام عقد الزواج، فطلب المأذون من العاقد أن يرسل توكيلا خاصًّا بالزواج أو يعقد هو بنفسه عليها، لكن الرجل رفض عمل توكيل خاص بحجة أنه ليس لديه وقت وأنه سوف يعود ليعقد بنفسه، وعندما نزل في إجازته لم يذهب للمأذون، وبدأ يماطلها في العقد عليها بنفسه وفي أثاث الزوجية، بل تجاوز ذلك إلى طلب حقوقه كزوج، ولما أرادت منه أن يتركها بالمعروف أخبرها أنه سوف يتركها معلَّقة، ثم سافر. فهل هي زوجة له أم أن هذا العقد ليس صحيحًا؟ خاصة أنها ليس لديها وثيقة زواج أو أي شيء يثبت أنها زوجة له.


ما حكم نكاح الشغار؟ فقد اتفق رَجُلانِ على أن يُزوِّجَ الأوَّل أختَه بابن الثاني، على أن يزوج الثاني بنتَه من الأول بلا مهر، وقد تم العقدان على هذه الصورة معاوضةً. فما حكمهما شرعًا؟ وهل يصح إبطالهما؟ وتفضلوا.


ما قولكم دام فضلكم في رجلٍ تزوج ببنت أخت زوجته الشقيقة وزوجته على عصمته، فما حكم ذلك الزواج؟
أفيدوا الجواب ولكم الأجر والثواب.


هل للمستجدات الطبية أثر على عدة الطلاق أو الوفاة؟ فقد ظهرت بعض الوسائل الطِّبِّيَّة الحديثة التي تقطع علميًّا ببراءة الرحم بعد انتهاء العلاقة الزوجية بطلاقٍ أو وفاةٍ، فهل يمكن الاستناد إلى هذه الوسائل في الحكم بانتهاء العدة؛ بحيث تحل المرأة للأزواج متى تحقَّقت براءة رحمها من الحمل أو كانت قد استُؤصِلَ رَحِمُها؟


هل يلزم أن تكون الأدوات في مسكن الزوجية ملكًا للزوج؟ فقد أعدَّ زوجٌ سكنًا شرعيًّا لزوجته بأدوات ليست ملكًا للزوج ولا للزوجة المعد لها المسكن، بل هي أدوات يملكها آخر بموجب قوائم وفواتير ووثائق تبيح لهذا الزوج المعد الانتفاع بها. فهل تتحقق شرعية المسكن بمجرد وجود الأدوات في حد ذاتها ولو لم تكن ملكًا للزوج المعد، أم لا بد أن تكون ملكًا لهذا الزوج الذي يعد المسكن الشرعي؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 02 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :14
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 48
العشاء
9 :14