سائل يطلب بيان الحكم الشرعي في مَن يتحايل على الأحكام الشرعية والقانونية بقصد التهرب من العقوبة؟
لقد سبق التشريع الإسلامي جميع القوانين الوضعية في تحريم الحِيَل التي يحاول أصحابها إبداء الشيء المُحَرَّم في صورة المباح المشروع؛ تهربًا من العقوبة.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَرْتَكِبُوا مَا ارْتَكَبَتِ الْيَهُودُ، فَتَسْتَحِلُّوا مَحَارِمَ اللهِ بِأَدْنَى الْحِيَلِ» أخرجه ابن بطة في "إبطال الحِيل"، وقال الحافظ ابن كثير: "إسناده جيد".
قال الإمام ابن قدامة في "المغني" (4/ 43، ط. مكتبة القاهرة): [والحِيَل كلّها محرمة، غير جائزة في شيء من الدين، وهو أن يظهر عقدًا مباحًا يريد به محرمًا، مخادعة وتوسلًا إلى فعل ما حرم الله، واستباحة محظوراته، أو إسقاط واجب، أو دفع حق] اهـ.
وبيَّن الإمام الشاطبي حقيقة الحِيَل المحرمة في "الموافقات" (5/ 187، ط. دار ابن عفان): فقال: [هي تقديم عمل ظاهر الجواز لإبطال حكم شرعي، وتحويله في الظاهر إلى حكمٍ آخر] اهـ.
ومن الأمثلة على تحريم الحِيَل لتجاوز حدود الله تعالى من السنة النبوية: نصّه صلى الله عليه وآله وسلم على حرمة التحايل على تحريم الميتة، بإذابة زيوتها أو شحومها لاستخدامها أو بيعها، وكذلك تغيير اسم الخمر إلى أسماء أخرى لاستحلالها.
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة: «إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ»، فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة؛ فإنها تُطْلَى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: «لَا، هُوَ حَرَامٌ»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «قَاتَلَ اللهُ الْيَهُودَ؛ إِنَّ اللهَ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا جَمَلُوهَا، ثُمَّ بَاعُوهُ وَأَكَلُوا ثَمَنَهُ» متفق عليه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّ فلانًا باع خمرًا، فقال: قاتل الله فلانًا، ألم يعلم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَجَمَلُوهَا، فَبَاعُوهَا» متفق عليه. أي: أذابُوهَا بالنار ليزول عنها اسم الشحم.
قال الإمام الخطابي في "معالم السنن" (3/ 133، ط. المطبعة العلمية): [وفي هذا بيان بطلان كل حيلة يحتال بها توصل إلى مُحَرَّم، وأنه لا يتغير حكمه بتغير هيئته وتبديل اسمه] اهـ.
وعن عائشة رضي الله عنها، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يَكْفَأُ النَّاسُ الدِّينَ كَمَا يُكْفَأُ الْإِنَاءُ: فِي الْخَمْرِ؛ يَشْرَبُونَهَا وَيُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا» رواه الدارمي في "السنن"، وابن بشران في "الأمالي" واللفظ له، ولفظ الدارمي: «يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا فَيَسْتَحِلُّونَهَا».
قال العلامة الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (8/ 3375، ط. دار الفكر): [قال الطيبي: "والمعنى: أن أول ما يشرب من المحرمات ويجترأ على شربه في الإسلام كما يشرب الماء ويجترأ عليه الخمر، ويؤولون في تحليلها بأن يسمونها بغير اسمها: كالنبيذ والمثلث" انتهى. فيفيد أن النبيذ والمثلَّث حلالان، وأنَّ حقيقة الشيء لا يتغير بتغير اسم شيء عليه، كما يسمى الزنجي بالكافور] اهـ.
وعلى ذلك: فإن التحايل على الشرع والقانون باستخدام وسائل غير شرعية أو قانونية أمرٌ محرمٌ شرعًا، وذلك لا يرفع عنه المساءلة الشرعية ولا القانونية.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما مدى حماية ورعاية البيئة في الإسلام؟
ما حكم الصيام والصدقة بنية الشكر؟ فقد مَنَّ الله عليَّ بوظيفة مرموقة والآن أريد أن أصوم شهرًا بنية شكر الله تعالى على تلك المنَّة، كما أنِّي أُريد أن أتصدَّق أيضًا بقيمة شهرين من راتبي.
يقول السائل: نرجو منكم بيانًا حول حرمة السخرية من الآخرين، وخطورة ذلك اجتماعيًّا.
هل يجوز تعليم الأطفال في المدارس أناشيد بمصاحبة بعض الآلات الموسيقية، ومنها تحديدًا: آلات الإيقاع كالطبلة والدف والمثلثات والكاستينات وجلاجل وشخاليل؟
ما حكم تزوير الشهادات الطبية لبيع البلازما؟ ففي ظل انتشار وباء فيروس كورونا "كوفيد- 19"، وبعد خروج تصريحات وزارة الصحة المصرية بارتفاع نسب الشفاء بعد حقن المرضى ببلازما المتعافين؛ لاشتمالها على أجسام مضادة للفيروس، وجدنا من يستغل هذه الحاجة ويلفق كذبًا من الشهادات الطبية ما يفيد تعافيه من الفيروس؛ وذلك لبيع البلازما بمبالغ مالية كبيرة، فما حكم ذلك؟
ما حكم جمع المرأة بين أكثر من زوج؟ حيث انتشر مؤخَّرًا على صفحات التواصل الاجتماعي مقطع مُصوَّر لفتاة تزعم إقبالها على الزواج من رجلين خلال الفترة المقبلة؛ إذ ذلك -كما تزعم- يُعدُّ حقًّا لها كما هو للرجل، فما قولكم في ذلك؟