هل يجوز للرجال والنساء لبس الخاتم أو السوار أو الساعة أو غيرها من الذهب أو الفضة أو النحاس أو غير ذلك من المعادن؟
يحرم لُبس الذهب على الرجال دون النساء عند جمهور الفقهاء إلا ما استثني منه للضرورة؛ فإنّه مباح للرجال.
ويكره استعمال الفضة للرجال عند الحنفية وجمهور الشافعية إلا التختم؛ فإنّه يجوز بغير كراهة، وما تقضي به الضرورة.
وما عدا الذهب والفضة من حديد ونحاس وخلافهما باق على الأصل وهو الإباحة.
المحتويات
إنَّ الله سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ [الأعراف: 32]؛ فالأصل إباحة التزيّن بكل ما خلق الله للإنسان في هذه الدنيا، وقد جاءت السنّة مُخَصِّصة لهذا العموم؛ فحرَّمت على الرجال لبس الذهب أو استعماله إلا فيما قضت الضرورة باستعماله منها؛ لحديث علي رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أَخَذَ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ، وَأَخَذَ ذَهَبًا فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي» رواه أبو داود بإسناد حسن، وزاد ابن ماجه: «حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ»؛ ولحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «حُرِّمَ لِبَاسُ الحَرِيرِ وَالذَّهَبِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، وَأُحِلَّ لِإِنَاثِهِمْ» رواه الترمذي.
وغير ذلك من الأحاديث التي وردت في هذا الباب، ومنها حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "نَهَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَنْ سَبْعٍ: نَهَانَا عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ، أَوْ قَالَ: حَلْقَةِ الذَّهَبِ" رواه البخاري.
وإلى ذلك ذهب جمهور الفقهاء؛ فإنّهم حرَّموا لبس الذهب واستعماله على الرجال دون النساء عملًا بهذه النصوص، ولم يستثنوا من هذا العموم بالنسبة للرجال إلا ما تقضي الضرورة باستعمالهم له؛ مثل الأنف لمَن قُطِع أنفه؛ لما روي: "أنّ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ رضي الله عنه قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ، فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ، فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ" رواه أبو داود.
وشد السن بالذهب لمَن دعت حاجته إليه؛ لما رواه الأثرم عن أبي حمزة وموسى بن طلحة وأبي رافع وإسماعيل بن زيد بن ثابت أَنَّهُمْ شَدُّوا أَسْنَانَهُمْ بِالذَّهَبِ. وقَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ فِي سَيْفِ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ مِسْمَارٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَقَالَ: إنَّهُ كَانَ لِعُمَرَ سَيْفٌ سَبَائِكُهُ مِنْ ذَهَبٍ، من حديث ابن أمية عن نافع؛ ينظر: "المغني" لابن قدامة (3/ 46، ط. مكتبة القاهرة).
وروى الترمذي: "أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم دخل مكة وَعَلَى سَيْفِهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ"، وغير ذلك من الآثار التي ورد فيها حلّ استعمال الذهب للرجال إذا دعت الضرورة إلى ذلك.
وإلى ذلك ذهب الحنفية؛ فقد جاء في "الدر المختار شرح تنوير الأبصار" للحصكفي (1/ 654، ط. دار الكتب العلمية) في باب الحظر والإباحة ما ملخصه: [ولا يتحلَّى الرجل بذهب وفضة إلا بخاتم، ومنطقة وحلية سيف من الفضة إذا لم يرد به التزين.. ويتخذ أنفًا من الذهب، ويشدّ السن به عند محمد] اهـ.
وذهب الشافعية إلى مثل ذلك؛ قال الإمام النووي في "المجموع" (6/ 38، ط. دار الفكر): [يجوز لمَن قطع أنفه اتخاذ أنف من ذهب، وإن أمكن اتخاذه من الفضة، وفي معنى الأنف السنّ والأنملة؛ فيجوز اتخاذهما ذهبًا بلا خلاف] اهـ. ثم قال في (1/ 256): [إن اضطر إلى الذهب جاز استعماله باتفاق في المذهب، فيباح له الأنف والسن من الذهب] اهـ.
وإلى ذلك ذهب المالكية والحنابلة.
فالذهب حرام على الرجال فيما عدا ما تقضي الضرورة باستعماله منه.
ولا يدخل في الذهب المُحَرَّم ما مُوّه بالذهب؛ لأنّه لا يمكن استخلاصه منه، ولا يطلق عليه اسم ذهب.
وكذلك يكره استعمال الفضة للرجال دون النساء إلا الخاتم؛ فقد جوز الأئمة الأربعة اتخاذه من الفضة للرجال؛ لما روي أنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم كان له خاتم من فضة، وكان في يده الكريمة حتى توفي صلّى الله عليه وآله وسلّم، ثم في يد أبي بكر رضي الله عنه إلى أن توفي، ثم في يد عمر رضي الله عنه إلى أن توفي، ثم في يد عثمان رضي الله عنه إلى أن وقع من يده في البئر؛ فأنفق مالًا عظيما في طلبه فلم يجده. "سنن النسائي". وإلا ما تقضي به الضرورة باستعماله منها، وقد ذكرنا ما جاء في "الدر المختار شرح تنوير الأبصار" (1/ 654) من قوله: [لا يتحلى الرجل بذهب ولا فضة إلا بخاتم، ومِنْطَقَةٍ، وحلية سيف من الفضة إذا لم يرد به التزين] اهـ.
وإلى ذلك ذهب جمهور الشافعية؛ قال الإمام الرافعي في "الشرح الوجيز" (6/ 28، ط. دار الفكر): [يجوز للرجل التختم بالفضة؛ لما روي أنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم "اتَّخَذَ خَاتَماً مِن الفِضَّةِ". وحلّ له لبس ما سوى الخاتم من حلي الفضة؛ كالسوار والدُّمْلج والطوق، لفظ الكتاب يفيد المنع حيث قال: ولا يحل للرجال إلا التختم به وبه قال الجمهور، وقال أبو سعيد المتولي: إذا جاز التختم بالفضة فلا فرق بين الأصابع وسائر الأعضاء؛ كحلي الذهب في حق النساء، فيجوز له لبس الدُّمْلج في العضد والطوق، والطوق في العنق والسوار في اليد وغير هذا، وبهذا أجاب المصنف في الفتاوى وقال: لم يثبت في الفضة إلا تحريم الأواني، وتحريم الحلي على وجه يتضمن التشبه بالنساء] اهـ.
وكره الحنفية التختّم بغير الفضة؛ قال في "الدر المختار" (1/ 654): [ولا يتختم إلا بالفضة؛ لحصول الاستغناء بها فيكره بغيرها؛ كحديد وصُفْرٍ ورصاص] اهـ.
وجاء في "حاشية رد المحتار على الدر" (6/ 359، ط. دار الفكر): [روى صاحب "السنن" بإسناده إلى عبد الله بن بريدة عن أبيه أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ شَبَهٍ؛ فَقَالَ لَهُ: «مَالِي أَجِدُ مِنْك رِيحَ الْأَصْنَامِ» فَطَرَحَهُ، ثُمَّ جَاءَ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ؛ فَقَالَ: «مَالِي أَجِدُ عَلَيْك حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ» فَطَرَحَهُ؛ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَتَّخِذُهُ؟ قَالَ: «اتَّخِذْهُ مِنْ وَرِقٍ -فضة- وَلَا تُتِمّهُ مِثْقَالًا»] اهـ.
يخلص من ذلك:
1- الذهب حرام على الرجال دون النساء عند جمهور الفقهاء عدا ما استثني منه للضرورة؛ فإنّه مباح للرجال، وعدا الأواني فإنّها حرام على النساء أيضًا.
2- الفضة مكروه استعمالها للرجال عند الحنفية وجمهور الشافعية إلا التختم؛ فإنّه يجوز التختم بالفضة بغير كراهة وإلا ما تقضي به الضرورة، ويحرم على النساء اتخاذ الأواني من الفضة بالنصّ، وذهب بعض الشافعية إلى جواز استعمال الفضة للرجال بدون كراهة بشرط أن يكون استعمالهم لها على وجهٍ لا يتضمن التشبه بالنساء.
3- ما عدا الذهب والفضة من حديد ونحاس وخلافهما باق على الأصل وهو الإباحة، ولم يخالف في ذلك إلا الحنفية الذين كرهوا التختم بشيء من المعادن المذكورة، وبهذا علم الجواب على السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما هي الزينة التي لا حرج في أن تبديها النساء رغم أن البعض حرمها؟
ما حكم تيمّم المرأة التي تضع مستحضرات التجميل (المكياج)؟ فهناك امرأة متزوجة منذ خمس سنوات وتستخدم المكياج لتظهر بالمظهر اللائق أمام زوجها، فهل يجوز لها إذا أرادت الصلاة أن تتيمم بدلًا عن الوضوء؛ نظرًا لأنها إذا توضأت اضطرت إلى أن تزيل كل المكياج الذي تزيَّنت به، والذي أنفقت عليه مالًا كثيرًا، ويستغرق وقتًا طويلًا في وضعه؟ أرجو الإفادة، وجزاكم الله خيرًا.
طلب أحد الشيوخ ببيروت الإجابة عن حكم تحلي الرجل والمرأة بلبس الخاتم والسوار والسلسلة والساعة والنظارة من الحديد أو النحاس.
ما حكم التقشير الكيميائي للوجه والكفين من أجل التداوي؟ حيث يلجأ بعض الناس إليه باعتباره حَلًّا علاجيًّا لمشاكل البشرة من نحو إزالة آثار حب الشباب والندبات، ومعالجة التصبغات الشمسية، والكلف والنمش ونحو ذلك. وهل يسري الحكم فيما إذا تم اللجوء إليه للزينة وحسن المظهر من نحو تنقية البشرة وإضفاء مظهر جماليٍّ عليها؟
ما حكم خلع النقاب للمرأة التي تضررت من لبسه؛ فأنا أرتدي النقاب، وأعاني من ضيق في التنفس، وألم في الفك والوجه بسبب النقاب، وأفاد الأطباء بأن النقاب هو السبب ويجب خلعه، وقد قمتُ بخلعه. فهل عليّ إثم؟
ما حكم طاعة الزوج في عدم الالتزام بالحجاب؟ فقد وُلدت في بيت دِين، وكان أبي أحد رجال الدين البارزين، وكان جدي أكبر رجل ديني في مصر، وتوفيا قبل أن أبلغ مبلغ النساء.
وكنت أعيش مع والدتي وإخوتي، وتبعًا للظروف كنت ألبس الملابس القصيرة، وكنت أخرج بالكُمِّ النصفي ومن غير جورب، وكنت أضع على وجهي بعض الأحمر الخفيف، ومع ذلك كنت أؤدي فروض الصلاة، وكنت أخرج دائمًا مع أخي ووالدتي، وأعجب ابن خالتي بي فتزوجني لحسن أخلاقي، وكان فرحًا بي معجبًا يمدحني في كل وقت لما أنا عليه من جمال الخَلق والخُلق، ولكنه كان ينصحني بلبس الجورب والكُمِّ الطويل لكي أستر ما أمرنا الله بستره، وأحضر لي الكتب الدينية التي تحض على ذلك، ولما كنت قد ورثت حب التدين عن والدي فقد أطعته، بل زِدت على ذلك وأخذت ألبس إيشاربًا وهو أشبه بالمنديل الملون فوق رأسي وأعصبه من تحت الذقن، وهي طريقة تتبعها القرويات لكي يخفين شعر الرأس والعنق؛ وذلك ابتغاء مرضاة الله، فسُرَّ زوجي بذلك في مبدأ الأمر، ولكنه رجع فطالبني بأن أتزين وأتعطر له وألبس له الفساتين التي تكشف عن الساقين والذراعين، وأن أصفِّف شعري في أشكال بديعة كما كنت أفعل سابقًا، ولما كان ذلك متعذرًا لأن زوجي يسكن مع والديه وإخوته، وأحدهما في السادسة عشرة والثاني في الواحدة والعشرين؛ وذلك لأن ظروف زوجي لا تساعده على السكن وحده، فقد بينت له أن ذلك غير متيسر لأنني لا أستطيع أن أمنع أحدًا منهم من دخول حجرة أخيه في أي وقت، خصوصًا وأن لي أطفالًا صغارًا ومطالبهم تجعلني لا أستطيع أن أتقيد بحجرة خاصة؛ ولذلك فأنا ألبس في المنزل غطاء الرأس الذي وصفته وجلبابًا طويلًا يغطي إلى آخر الكعبين وأظل به طول النهار وبعضًا من الليل، وحين يراني زوجي بهذه الحالة يثور ويغضب ويقول إنه لا يسمح لي بهذا اللبس الذي أشبه فيه الغسالة أو كَدَادته العجوز، ولست أقول إنه يظلمني بهذا التشبيه، ولكني والحق أصبحت فتاة غريبة جدًّا عن تلك الفتاة التي كنتها والتي أعجب بها وتزوجها؛ لأن عدم التزين وهذه الملابس التي ألبسها جعلتني أشبه بالفلاحات، وحتى حين أراه غاضبًا وألبس بدل القميص فستانًا قصيرًا وشرابًا وجاكتًا لا يرضى بذلك، وأنا متأكدة أنه لو رآني كذلك قبل الزواج لما تزوجني، وقد تطورت الحالة في الشهور الأخيرة فأخذ يشتمني ويلعنني في كل وقت، ويقول إنه غير راضٍ عني أبدًا وإنني ملعونة من الله ومن الملائكة ومن كل شيء إلا إذا أطعته وأقلعت عن هذا الملبس ولبست ما كنت ألبس يوم تزوجني؛ لأنه تزوجني ليصون نفسه من الزلل، وإنه الآن في عنفوان شبابه وهو يرى في الخارج من المغريات كثيرًا، فإذا أنا لم ألبس له وأتزين كما كنت فيما مضى فسيضطر أن يمتع نفسه بطريقة أخرى، وإنه إذا زل فذنبه واقع عليَّ؛ لأنني لا أطيعه وأمتعه كما يريد. ولما قلت له إنني أخاف عقاب الله إذا أبديت زينتي ولبست الملابس التي تبين بعض أجزاء الجسم، قال لي: إنه سيتحمل الذنب وحده؛ لأنه هو الذي أمرني، وما أنا إلا مأمورة فلا عقاب علي؛ لأن الله يأمرنا بطاعة أزواجنا، وقد قال الرسول في ذلك: «لو كان السجود لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها». والآن الحالة بيننا على أشدها، وقد هددني بأن يحلف بالطلاق أني لا ألبس هذه الملابس، والآن أنا في حيرة لا أدري معها إن كنت على صواب أم على خطأ في مخالفته، خصوصًا أنه يطلب مني حين حضور أحد من أقاربنا أو حين الخروج للنزهة عدم لبس شيء على رأسي وعدم لبس جوارب وأكمام طويلة، وهو لا يطلب مني ذلك دائمًا، وإنما في بعض الأحيان فأرفض خوفًا من الله، فيقول: إنه يحب أن أكون على أحسن حال، وإنه يطلب مني طلبًا معقولًا فيجب أن أطيعه.
والآن أنا في أشد الحيرة: هل أطيعه في كل شيء طاعة عمياء؟ أم أطيعه في بعض النقاط دون بعضها؟ وهل إذا أطعته يكون لا ذنب علي؟ إن لي منه طفلة وطفلًا وهو شاب مهذب مؤدب دَيِّن، فأفتني بما يرضي الله ورسوله. هدانا الله وإياكم سواء السبيل.