الثلاثاء 16 ديسمبر 2025م – 25 جُمادى الآخرة 1447 هـ

المفاضلة بين قراءة القرآن من المصحف أو قراءته من الحفظ

تاريخ الفتوى: 10 يناير 2023 م
رقم الفتوى: 7355
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الذكر
المفاضلة بين قراءة القرآن من المصحف أو قراءته من الحفظ

أيهما أفضل في الأجر لقارئ القرآن في غير الصلاة​​​​​​ أن يقرأ من حفظه أو من المصحف؟

قراءة القرآن من المصحف أفضل أجرًا من القراءة من الحفظ؛ لأن القراءة من المصحف نفسها عبادة مطلوبة، كما أن قراءة القرآن عبادة فصارتا عبادتين، ولأنها تُمكن القارئ من مداومة النظر في المصحف، وحمله، ومسه، والتفكر فيه، واستنباط معانيه، والاعتبار عند عجائبه، ولا يخفى ما في هذا كله من الفضل، ولكن هذا ليس على إطلاقه، بل يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص؛ فيختار القارئ ما هو أقرب لتدبره وحضور قلبه.

المحتويات

 

قراءة القرآن الكريم من أفضل العبادات

قراءة القرآن الكريم وتلاوته عبادةٌ من أفضل العبادات التي يتقرب بها الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى؛ لما رُوي عن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «أفْضَلُ العِبادَةِ قِراءةُ القُرآنِ» رواه أبو نعيم في "فضائل القرآن"، وأورده الإمام السيوطي في "الجامع"، ورواه الديلمي في "مسند الفردوس".

قال الإمام المناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/ 186، ط. مكتبة الإمام الشافعي): [(أفضل العبادة قراءة القرآن)؛ لأن القارئ يُنَاجِي ربه، ولأنه أصلُ العلوم وأُمُّها وأهمها؛ فالاشتغال بقراءته أفضل من الاشتغال بجميع الأذكار إلا ما ورد فيه شيءٌ مخصوصٌ؛ ومن ثَمَّ قال الشافعية: تلاوة القرآن أفضل الذكر العام] اهـ.

المفاضلة بين قراءة القرآن من المصحف أو من الحفظ

أما عن المُفاضلة بين قراءته من المصحف وبين قراءته من الحفظ عن ظهر قلب؛ فالأفضل قراءته بالنظر في المصحف؛ وذلك لأن الأجر فيها مضاعف؛ لما فيها من مداومة النظر في المصحف الكريم، وحمله، ومسه؛ ممَّا يظهر منه أن فيها استعمال أكثر من جارحة؛ وهذا أرفع درجةً، بالإضافة إلى أنها تُمَكِّنُ القارئ من التفكر فيه، واستنباط معانيه، والاعتبار عند عجائبه، وعلى هذا تواردت الأخبار والآثار؛ فقد روي عن عَبْدِ اللهِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ «قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ الْمُصْحَفِ أَلْفُ دَرَجَةٍ، وَقِرَاءَتُهُ فِي الْمُصْحَفِ تُضَعَّفُ عَلَى ذَلِكَ أَلْفَيْ دَرَجَةٍ» رواه الإمام البيهقي في "شعب الإيمان".

وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «أَعْطُوا أَعْيُنَكُمْ حَظَّهَا مِنَ الْعِبَادَةِ» قِيلَ: يَا رَسُولَ الله، مَا حَظُّهَا مِنَ الْعِبَادَةِ؟ قَالَ: «النَّظَرُ فِي الْمُصْحَفِ، وَالتَّفَكُّرُ فِيهِ، والِاعْتِبَارُ عِنْدَ عَجَائِبِهِ» رواه البيهقي أيضًا في "شعب الايمان".

وهذا ما نص عليه الأئمة والعلماء؛ قال الإمام ابن بطال في "شرحه على صحيح البخاري" (10/ 267، ط. مكتبة الرشد): [قال الثوري: سمعنا أن تلاوة القرآن في الصلاة أفضل من تلاوته في غير الصلاة، وتلاوة القرآن أفضل من الذكر، والذكر أفضل من الصدقة، والصدقة أفضل من الصوم، والقراءة في المصحف أفضل من القراءة ظاهرًا] اهـ.

وقال الإمام المناوي في "فيض القدير" (4/ 513، ط. المكتبة التجارية): [إنما فضلت القراءة في المصحف لِحَظِّ النظر فيه، وحمله، ومسه، وتمكنه من التفكر فيه، واستنباط معانيه] اهـ.

وقد صرَّح كثير من العلماء بأنَّ قراءة القرآن الكريم من المصحف نفسها عبادة مستقلة، كما أنَّ قراءة القرآن عبادة؛ فتكون قراءته من المصحف عبادة مُنْضَمةً إلى عبادة، وانضمام العبادة الى العبادة يوجب زيادة الأجر، إذ فيه زيادة في العمل من النظر في المصحف، والقاعدة: أن ما كان أكثر فعلًا كان أكثر فضلًا؛ ينظر: "الأشباه والنظائر" للإمام السيوطي (ص: 143، ط. دار الكتب العلمية)؛ ولذا صرح العلماء بتفضيل القراءة بالنظر في المصحف؛ قال الإمام ابن كثير في "تفسيره" (1/ 68، ط. دار المعرفة): [الذي صرح به كثير من العلماء: أن قراءة القرآن من المصحف أفضل؛ لأنه يشتمل على التلاوة والنظر في المصحف وهو عبادة، كما صرح به غير واحد من السلف، وكرهوا أن يمضي على الرجل يوم لا ينظر في مصحفه] اهـ.

فالذي نخلصُ إليه: أنَّ قراءة الشخص للقرآن بالنظر في المصحف أفضل من قراءته من حفظه عن ظهر قلب؛ بل هي من أفضل العبادات على الإطلاق، مع اشتراكهما في أصل الفضل؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أفْضَلُ عِبادَة أُمَّتي قراءَةُ القرآن نَظَرًا» رواه الإمام السيوطي في "الجامع".

قال الإمام المناوي في "التيسير" (1/ 189): [قراءة القرآن نظرًا، أَي: فِي نَحْو مصحف أفضل من قِرَاءَته عَن ظهر قلب؛ فقراءة الْقُرْآن الْعَظِيم أفضل الذّكر العامّ] اهـ.

ومع ذلك، فالأمر ليس على إطلاقه، بل الذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص؛ كما قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9/ 79، ط. دار المعرفة)، فيُخْتار القراءةُ في المصحف لمنِ استوى خشوعه وتدبره في حالتي القراءة في المصحف وعن ظهر القلب، ويـُختار القراءةُ عن ظهر القلب لمَن لم يكمل بذلك خشوعه، ويزيد على خشوعه وتدبره لو قرأ من المصحف.. والظاهر: أن كلام السلف وفعلهم محمول على هذا التفصيل؛ كما قال الإمام النووي في "التبيان" (ص: 100، ط. دار ابن حزم).

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ قراءة القرآن من المصحف أفضل أجرًا من القراءة من الحفظ؛ لأنَّ القراءة من المصحف نفسها عبادة مطلوبة، كما أنَّ قراءة القرآن عبادة فصارتا عبادتين، ولأنها تُمكن القارئ من مداومة النظر في المصحف، وحمله، ومسه، والتفكر فيه، واستنباط معانيه، والاعتبار عند عجائبه، ولا يخفى ما في هذا كله من الفضل، وهذا ليس على إطلاقه، بل يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص؛ فيختار القارئ ما هو أقرب لتدبره وحضور قلبه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هناك دعاء منتشر بين الناس في أول العام ودعاء آخر في آخره؛ يسأل المسلم فيه ربه إعانته على العام الجديد، ومغفرتَه للعام الماضي، فما حكم هذين الدعاءين؛ حيث انتشرت بعض الفتاوى التي ينتسب أصحابها للمذهب الحنبلي وتدَّعي أن الدعاء بهذين الدعاءين بدعة منكرة، وأن تحديد آخر العام أو وقت معيّن من السنة بالاستغفار أو الدعاء أو العبادة لا أصل له في الشرع؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»، ويدَّعون أن الكتب التي ورد فيها هذان الدعاءان -مثل "حاشية الشيخ كنون على البناني"- ليست معتمدة ولا تهتم بتصحيح الحديث، وأن الصواب الابتعاد عنه؛ لأن كل بدعة ضلالة. فهل هذا الكلام صحيح؟ وهل الدعاء بهذين الدعاءين حرام شرعًا؟


السؤال عن مدى شرعية قراءة القرآن الكريم في المكبرات الصوتية في داخل المساجد في الوقت الذي بين الأذان والإقامة في مواقيت الصلاة الخمسة. وهل ورد في سنة النبي صلي الله عليه وآله وسلم أو الصحابة أو التابعين ما يؤيد ذلك؟


ما حكم مصافحة الناس بعضهم بعضًا، وقول كلمة (حرمًا) بعد الصلاة؟


ما حكم التسبيح وقراءة القرآن عند دفن الميت وهبة ثواب هذه الأعمال له؟ حيث اعتاد أهل القرية أثناء دفن الموتى، وعند إهالة التراب أن يقولوا: "سبحان الله وبحمده"، وذلك بدلًا من كثرة اللغو في الحديث أثناء دفن الميت، وبعد ذلك يقرأ الجميع آخر سورة البقرة ثم يدعون لميتهم وينصرفون، حتى ظهر أحد الشباب الذي يدّعي أن ذلك مخالف للسنة؛ فهل التسبيح عند دفن الميت مخالف للسنة؟ وما حكم هبة ثواب التسبيح وقراءة القرآن للميت؟ وهل من يفعل ذلك آثم ومبتدع؟


ما حكم قراءة الفاتحة في بداية الدعاء وعقب الصلوات المكتوبة؟


سؤال مقترح: ما حكم قول "اللهم اجعل مثواه الجنة" في الدعاء للمتوفى؟

ما صحة المنشور المنتشر بين الناس في هذه الأيام على مواقع التواصل، والذي ينهى الناس عن قولهم في الدعاء للمتوفى: "اللهم اجعل مثواه الجنة"؛ بزعم أن كلمة "المثوى" مختصة بالنار فقط؛ لقوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ﴾ [الزمر: 60]، وأن كلمة "المستقر" أو "المأوى" هي المختصة بالجنة؛ لقوله تعالى: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾ [الفرقان: 24]، وقوله تعالى: ﴿فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: 41].


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 16 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :44
الظهر
11 : 51
العصر
2:39
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :20