هل حديث النبي عليه السلام: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عِيَانًا» يفيد رؤية المؤمنين لله يوم القيامة؟ وكيف تكون هذه الرؤية؟
ورد عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عِيَانًا» رواه البخاري في "صحيحه"، وعنه أيضًا قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وآله سلم فنظر إلى القمر ليلة، يعني البدر، فقال: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ، لَا تَضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا» ثُمَّ قَرَأَ: «﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾ [ق: 39]» متفق عليه.
ووجه الدلالة من الحديثين واضح في إثبات رؤية المؤمنين لله تعالى في الآخرة وهو معتقد أهل السنة والجماعة؛ قال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (9/ 619-620، ط. دار الفكر): [قال النووي: اعلم أن مذهب أهل السنة قاطبة أن رؤية الله تعالى ممكنة غير مستحيلة عقلًا، وأجمعوا أيضًا على وقوعها في الآخرة؛ أي: نقلًا، وأن المؤمنين يرون الله تعالى دون الكافرين.. وقد تظاهرت أدلة الكتاب والسنة وإجماع الصحابة، فمن بعدهم من سلف الأمة على إثبات رؤية الله تعالى في الآخرة للمؤمنين، ورواها نحو عشرين صحابيًا رضي الله تعالى عنهم عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، وآيات القرآن فيها مشهورة] اهـ.
وقال العلامة ابن القيم في "حادي الأرواح" (ص: 205، ط. دار الكتب العلمية): [وأما الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه الدالة على الرؤية فمتواترة] اهـ.
ومعنى رؤية الله تعالى في الآخرة: انكشافه لعباده المؤمنين في الآخرة انكشافًا تامًا، ولا يلزم من رؤيته تعالى إثبات جهة -تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا- بل يراه المؤمنون لا في جهة كما يعلمون أنه لا في جهة؛ يقول الدكتور محمد البوطي في "كبرى اليقينيات الكونية" (ص: 171، ط. دار الفكر المعاصر): [على الرغم من أن الله تعالى ليس جسمًا ولا هو متحيز في جهة من الجهات، فإن من الممكن أن ينكشف لعباده انكشاف القمر ليلة البدر كما ورد في الأحاديث الصحيحة، وأن يروا ذاته رؤية حقيقية لا شبهة فيها، وستحصل هذه الرؤية إن شاء الله بدون الشرائط التي لا بد منها للرؤية] اهـ.
والذي عليه أهل السنة والجماعة أنها: قوة يجعلها الله تعالى في خلقه، لا يشترط فيها اتصال الأشعة، ولا مقابلة المرئي ولا غير ذلك، فإن الرؤية نوع من الإدراك يخلقه الله تعالى متى شاء ولأي شيء شاء. راجع: "إتحاف المريد شرح جوهرة التوحيد" للإمام عبد السلام اللقاني (ص: 202، ط. دار الكتب العلمية). وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
قال الله تعالى: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [الأعراف: 44]. وفي آية أخرى ﴿لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ﴾ [الأنبياء: 100]. فكيف يتحدث أهل الجنة مع أهل النار وهم لا يسمعون في الآية الثانية؟
سائل يسأل عن مدى صحة سماع الموتى لمن يزورهم أو يسلم عليهم، وهل يشعر بهم؟
سأل بما صورته: في مسألة أشكلت على أهل الناحية بلدنا تزمنت الزوايا مركز ومديرية بني سويف، وهي: هل يجوز لنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن يطلعه الله على الساعة؟ وعلى الجواز؛ هل ورد ما يثبت ذلك؟ أفيدوا بالجواب، ولفضيلتكم الثواب.
ما معنى يا أكرم الرسل؟ حيث يزعم أحد أصدقائي أنَّ قول الإمام البوصيري: "يا أكْرَمَ الرُّسْلِ ما لِي مَنْ أَلُوذُ بهِ سِواكَ" يُعدُّ من الشرك؛ فما الرد على هذا الكلام؟
يعد "اليوم الآخر" من العقائد الإسلامية التي لا خلاف فيها، وهو اليوم الذي يبعث فيه كل الأموات ويعرضون للحساب وتجري محاكمتهم، وهذا يعني -على حسب فهمي- أن كل الأموات تبقى في قبورهم حتى ذلك اليوم، ولكنني أتوهم أن تفكيري ربما يعتريه الخطأ وليس صحيحًا، وذلك للسببين التاليين:
أولًا: كل جسم مادي يتحلل بالكامل بعد فترة زمنية محددة ويصير ترابًا، وما لا يموت في الإنسان هو النفس، أي مادة الروح الإلهية التي نفخها الله بقول القرآن في كل إنسان. والإسلام يعلِّم –على حد علمي– أنه عندما ينام الإنسان أو عندما يموت يقبض الله الروح إليه، فيرسلها إليه ثانيةً في حالة النوم ويمسكها في حالة الموت، وهذا يعني أن النفس بعد الموت مباشرة تكون موجودة عند الله وليس في القبر.
ثانيًا: روي في حادثة الإسراء بالنبي محمد أن النبي صلى بالأنبياء إمامًا ثم بعد ذلك قابل على سبيل المثال موسى في إحدى السموات وتكلم معه. لقد مات هؤلاء الأنبياء منذ وقت طويل ورغم ذلك قابلهم محمد، فهم أحياء، فهل قامت قيامتهم؟ وهل نستطيع أن نخلص من ذلك -وبذلك أصل إلى النقطة المحورية في سؤالي- أن اليوم الآخر وفقًا للتفكير الإنساني ليس يومًا محددًا، وإنما هو حادثة موجودة تحدث باستمرار، بحيث أن كل أنفس الموتى التي ترجع إلى الله مباشرة يتم حسابها مباشرة؟ فعند الله مفاهيم زمنية أخرى كما نعرف ذلك من القرآن؟
يقول السائل: في حدود علمي إن كل جسم مادي يتحلل بالكامل بعد فترة زمنية محددة ويصير ترابًا، فهل معنى ذلك أن العلاقة بين الروح والجسد تنتهي بعد الموت؟