حكم صلاة المرأة في المكتب بحضرة الرجال من غير المحارم

تاريخ الفتوى: 10 فبراير 2023 م
رقم الفتوى: 7464
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصلاة
حكم صلاة المرأة في المكتب بحضرة الرجال من غير المحارم

ما حكم صلاة المرأة في المكتب بحضرة الرجال من غير المحارم؟ فأنا أعمل موظفة في مكتب فيه رجال ونساء، ويدخل عليَّ وقت صلاة الفريضة فأصلي الصلاة في مكتبي في حضور الرجال؛ فهل تصح الصلاة؟ وهل يجوز لي أنْ أصليَ جالسة على الكرسي بحضرة الرجال من غير المحارم؟ وقد أخبرني بعض الزملاء أنَّ السادة المالكية أجازوا الصلاة من جلوس في هذه الحالة؟ فهل هذا صحيح؟

يجوز للمرأة أن تصلي بحضرة الرجال الأجانب، ولا إثم عليها، ولا يجوز لها تأخير الصلاة عن وقتها، ولا يجزئها الجلوس مع القدرة على القيام، وإذا صلت بحضرة الرجال الأجانب فإنها تُسِرُّ في الصلاة مطلقا، سواء كانت الصلاة سرية أو جهرية.

ويجدر التنبيه على أنه يتحتَّم على الجميع -رجالا ونساء- رعاية ما تنظمه الجهات الإدارية في تنظيم أماكن الصلاة وتقسيم أدائها خلال أوقاتها؛ دفعًا للإخلال بنظام العمل مع الحفاظ على حق أداء الصلاة.

المحتويات

الصلاة ركن من أركان الإسلام الخمسة

الصلاة عماد الدين، وهي ركنٌ من أركان الإسلام الخمسة؛ قال الله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [البقرة: 43]، وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» متفق عليه.

شروط وجوب الصلاة

وقد افترض الله على عباده خمس صلوات في اليوم والليلة؛ فيجب على كل مسلم بالغ عاقل ذكرًا كان أو أنثى أداء هذه الصلوات في أوقاتها ما لم يكن هناك مانع يمنع من وجوب الصلاة، كغياب العقل أو حيض المرأة أو نفاسها.

قال الإمام النووي في "منهاج الطالبين وعمدة المفتين" (ص: 22، ط. دار الفكر): [إنما تجب الصلاة على كل مسلم بالغ عاقل طاهر، ولا قضاء على كافر إلا المرتد، ولا الصبي، ويُؤمَر بها لسبعٍ، ويُضرَب عليها لعشر، ولا ذي حيض أو جنون أو إغماء] اهـ.

حكم صلاة المرأة بحضرة الرجال

الصلاة إِنَّما تكون صحيحة إذا استوفت أركانها وشروطها، وقد حصر الفقهاء أركان الصلاة وشروطها على تفصيل بين الفقهاء في ذلك، ولم يَعُدّ أحد منهم استتار المرأة عن أعين الرجال ركنًا ولا شرطًا لصحة الصلاة. ينظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي" (1/ 45، ط. دار إحياء التراث العربي)، "الشرح الصغير" (1/ 258 وما بعدها، ط. دار المعارف)، "مغني المحتاج" (1/ 330 وما بعدها، ط. دار الكتب العلمية)، "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" (1/ 429 وما بعدها، ط. دار هجر).

قال الإمام الزركشي في "تشنيف المسامع بجمع الجوامع" (1/ 179، ط. مكتبة قرطبة): [العبادة إِنْ وَقَعَتْ مستجمعه الأركانِ والشروطِ كَانَتْ صحيحةً، وَإِلَّا ففاسدةٌ] اهـ.

الأدلة على جواز اجتماع الرجال والنساء للصلاة في مكان واحد

قد دلت الأدلة الشرعية على جواز اجتماع الرجال والنساء للصلاة في مكان واحد، منها:
ما ورد عن أَنس بن مالك رضي الله عنه أنه قالَ: «صَلَّيْتُ أَنَا وَيَتِيمٌ فِي بَيْتِنَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَأُمِّي أُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا» رواه البخاري في "صحيحه"؛ قال الكشميري في "فيض الباري على صحيح البخاري" (2/ 412، ط. دار الكتب العلمية): [ويستفاد من الأحاديث: أنَّ النساء كُنَّ يحضرن الجماعات في المكتوبات والعيدين مطلقًا] اهـ.

وما ورد عن عمرو بن سلمة رضي الله عنه: أَنَّه لما كانت وقعة أهل الفتح، بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم، فلما قدم قال: جئتكم والله من عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم حقًّا، فقال: «صَلُّوا صَلاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلُّوا صَلاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا». فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنًا مني؛ لما كنت أتلقى من الركبان، فقدموني بين أيديهم، وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت علي بردة، كنت إذا سجدت تقلصت عني، فقالت امرأة من الحي: ألا تغطوا عنا است قارئكم؟ فاشتروا فقطعوا لي قميصًا، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص. أخرجه البخاري في "صحيحه".

وقد كانت النساء يصلين في مسجد سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ ليس بينهن وبين الرجال ساتر ولا حجاب؛ فعن أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنِّي لَأَقُومُ فِي الصَّلَاةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي؛ كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ» أخرجه البخاري في "صحيحه".

ووجه الدلالة من الحديث أن سماع النبي صلى الله عليه وآله وسلم لبكاء الصبي يدل على قرب مكانه ومكان أمه، وعدم وجود حجاب يمنع صوته، أو يبعد أمه عن صفوف الرجال.

وقد كانت النساء في عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله سَلَّمَ يشهدن صلاة العيد؛ فأما غير الحائض فتصلي، وأما الحائض فتشهد من غير صلاة؛ فعن أمِّ عطيَّة رضي الله عنْها: أنها سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَخْرُجُ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ، أَوِ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ وَالْحُيَّضُ، وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ، وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى» رواه البخاري في "صحيحه".

ومن المعلوم أن صلاة العيد كانت تؤدَّى في عهْد النَّبيِّ صلَّى الله عليْهِ وآله سلَّم في المصلَّى، وهو مكان عام خارجَ المدينة، ولكن كانت النساء تصلي خلف الرجال بعيدًا عنهم، غير مختلطين بهم، ولم يمنعهن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ من الصلاة بحضرة الرجال، ولا أمرهن بإعادة الصلاة.

آراء الفقهاء في حكم صلاة الرجل بمحاذاة المرأة

قد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن محاذاة المرأة للرجل في الصلاة لا تبطل صلاته ولا صلاتها.

جاء في "المدونة" (1/ 195، ط. دار الكتب العلمية) عن الإمام مالك رضي الله عنه: [قلت لابن القاسم: إذا صلت المرأة وسط الصف بين الرجال: أتفسد على أحد من الرجال صلاته في قول مالك؟ قال: لا أرى أن تفسد على أحد من الرجال وعلى نفسها] اهـ.

قال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (3/ 252، ط. دار الفكر): [إذا صلى الرجل وبجنبه امرأة لم تبطل صلاته ولا صلاتها سواء كان إمامًا أو مأمومًا، هذا مذهبًا، وبه قال مالك والأكثرون] اهـ. فإذا كانت المحاذاة لا تبطل الصلاة فأولى من ذلك صلاة المرأة بحضرة مَن يراها من الرجال.

جهر المرأة بالقراءة في الصلاة بحضرة الرجال

إذا تقرر جواز صلاة المرأة بحضرة الرجال فإنَّ الأولى لها أن تصلي الصلوات كلها سرًّا لا جهرًا، ولا فرق في ذلك بين الصلاة الجهرية والسرية.

قال الإمام النووي في "روضة الطالبين" (1/ 248، ط. المكتب الإسلامي): [قال أصحابنا: والمرأة لا تجهر بالقراءة في موضع فيه رجال أجانب. فإن كانت خالية، أو عندها نساء، أو رجال محارم، جهرت] اهـ.

وقال الشيخ الخطيب الشربيني في "الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع" (1/ 146، ط. دار الفكر): [(والمرأة تخالف الرجل) حالة الصلاة (في خمسة أشياء).. (و) الثالث: أنها (تخفض صوتها) إن صلت (بحضرة الرجال)] اهـ.

حكم صلاة المرأة جالسة مع قدرتها على القيام حتى لا يراها الرجال

أما بخصوص مشروعية صلاتها جالسة مع قدرتها على القيام؛ فقد أجمع الفقهاء على عدم صحة صلاة القادر على القيام في الفرض إذا صلى قاعدًا، وأجمعوا على صحة صلاة القادر على القيام في النفل إذا صلى قاعدًا.

قال الإمام ابنُ حزم في "مراتب الإجماع" (ص: 26، ط. دار الكتب العلمية): [واتَّفقوا على أنَّ القيام فيها فرضٌ لِمَن لا علَّةَ به ولا خوف] اهـ.

وقال الإمام ابن عبد البر المالكي في "الاستذكار" (2/ 180، ط. دار الكتب العلمية): [إن العلماء لم يختلفوا أنه لا يجوز لأحد أن يصلي منفردًا، أو إمامًا قاعدًا فريضته التي كتبها الله عليه وهو قادر على القيام فيها، وأن مَن فعل ذلك ليس له صلاة، وعليه إعادة ما صلى جالسًا، فكيف يكون له أجر نصف القائم وهو آثم عاص لا صلاة له] اهـ.

وقال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (3/ 285) [فالقيام في الفرائض فرض بالإجماع لا تصحّ الصلاة من القادر عليه إلا به] اهـ.

وقال في (3 /275): [يجوز فعل النافلة قاعدًا مع القدرة على القيام بالإجماع، ودليله الأحاديث الصحيحة التي ذكرناها وغيرها مما هو مشهور في الصحيح، لكن ثوابها يكون نصف ثواب القائم؛ لحديث عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ»] اهـ.

وقال العلامة ابن نجيم في "البحر الرائق" (1/ 308، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(قوله: "والقيام"؛ لقوله تعالى: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ [البقرة: 238]، أي: مُطيعين، والمراد به القيامُ في الصلاة بإجماع المفسِّرين، وهو فَرْضٌ في الصَّلاةِ للقادِرِ عليه في الفَرْضِ، وما هو ملحَقٌ به، واتَّفقوا على ركنيَّتِه] اهـ.

الرد على ما نسب للمالكية من صحة صلاة المرأة جالسة مع قدرتها على القيام حتى لا يراها الرجال

أما ما نسبه بعض زملائك -كما ورد في السؤال- إلى السادة المالكية من صحة صلاة المرأة جالسة في هذه الحالة فلعلَّه أراد به ما قاله الإمام القرافي رحمه الله تعالى في "الذخيرة" (2/ 107، ط. دار الغرب الإسلامي): [فلو كانت امرأة لم تجد مكانًا تستتر به عن الرجال، قال مالك في "العتبية": تصلي جالسة، وإن كانت خلوة صلت قائمة] اهـ. إِنَّما هو في سياق آخر غير الحالة المسؤول عنها في واقعة السؤال، وهي حالة فقدان ما يستر العورة الواجب سترها في الصلاة؛ فقد سيق هذا الكلام على إثر ذكره لقاعدة: [الوسائل أبدًا أخفض رتبة من المقاصد إجماعًا، فمهما تعارضا تعيّن تقديم المقاصد على الوسائل.. ولذلك قدمنا الركوع والسجود اللذين هما مقصدان على السترة التي هي وسيلة] والسترة هي ستر العورة في الصلاة، ثم فرع على ذلك بقوله: [فلو جمعوا نهارًا قال صاحب "الطراز" فعند ابن حبيب والشافعي يكونون صفًّا وإمامهم في صفهم. قال لأنَّ الستر سقط عنهم بالعجز. والتباعد مستحبٌّ؛ لما فيه من غض البصر. قال فإن كثروا صفوا صفًّا آخر وغضوا أبصارهم. فلو كانت امرأة لم تجد مكانًا تستتر به عن الرجال..إلخ]، وهذه ليست الحالة الواردة في السؤال.

الخلاصة

بناء على ما سبق: فيجوز للمرأة أن تصلي بحضرة الرجال الأجانب، ولا إثم عليها، ولا يجوز لها تأخير الصلاة عن وقتها، ولا يجزئها الجلوس مع القدرة على القيام، وإذا صلت بحضرة الرجال الأجانب فإنها تُسِرُّ في الصلاة مطلقا، سواء كانت الصلاة سرية أو جهرية.

ويجدر التنبيه على أنه يتحتَّم على الجميع -رجالا ونساء- رعاية ما تنظمه الجهات الإدارية في تنظيم أماكن الصلاة وتقسيم أدائها خلال أوقاتها؛ دفعًا للإخلال بنظام العمل مع الحفاظ على حق أداء الصلاة.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الاستيلاء على المال العام؟ وما حكم الإدلاء ببيانات ومعلومات خاطئة للتحايل على القانون والقرارات المنظمة للحصول على المساعدات النقدية والعينية المقدمة من وزارة التضامن الاجتماعي للأسر والأفراد الفقيرة والأكثر فقرًا من الأيتام والأرامل والمرأة المعيلة والمسنين وذوي الإعاقة، مما يؤدي إلى حرمان المستحقين من الأسر المهمَّشة للحصول على حقوقهم كاملة؟


نرجو منكم بيان مذاهب الفقهاء في حكم جهر وإسرار المصلي في الصلاة.


كنت أصلي وابني الصغير يلعب أمامي وتركت شيئًا على موقد النار (البوتاجاز) فذهب ابني ناحيته فخشيت عليه من الخطر، فقطعت صلاتي لإنقاذه؛ فما حكم ذلك؟


يزعم بعض الناس أن الاستغاثة بالأنبياء والأولياء والصالحين الأموات أو الغائبين كفر؛ فنرجو منكم الرد على هذا الزعم؟


سائل يسأل عن معنى إشارة الجارية إلى السماء وماذا يُستفاد منها وذلك عندما سألها النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال لها: «أَيْنَ اللهُ؟»؟ وهل إقرار النبي لها يدلّ على إثبات المكان للخالق سبحانه وتعالى؟


نرفع لسيادتكم نموذجًا لما يتم تداوله بين أوساط بعض المسلمين من شبهات حول حكم بناء الكنائس وترميمها، وجاءت هذه الشبهات كالتالي:
الشبهة الأولى: بناء الكنائس والبِيَع حرام؛ حيثُ إنَّ المساجد بيوت عبادة الله للمسلمين، والكنائس والبِيَع معابد اليهود والنصارى يعبدون فيها غير الله، والأرض لله عز وجل، وقد أمر ببناء المساجد وإقامة العبادة فيها لله عز وجل، ونهى سبحانه عن كل ما يُعبَد فيه غير الله؛ لِمَا فيه من إقرار بالباطل، وتهيئة الفرصة للقيام به، وغش الناس بوضعه بينهم، قال الله تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ للهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا﴾ [الجن: 18]، وقال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: 85].
وبهذا يُعلم أنَّ السماح والرضا بإنشاء المعابد الكفرية؛ مثل الكنائس، أو تخصيص مكان لها في أي بلد من بلاد الإسلام، من أعظم الإعانة على الكفر وإظهار شعائره، والله عز شأنه يقول: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2].
الشبهة الثانية: أجمع العلماء على وجوب هدم الكنائس وغيرها من المعابد الكفرية إذا أُحدثَت في أرض الإسلام، ولا تجوز معارضة ولي الأمر في هدمها؛ بل تجب طاعته.
وبهذا يُعلم أنَّ السماح والرضا بإنشاء المعابد الكفرية؛ مثل الكنائس، أو تخصيص مكان لها في أي بلد من بلاد الإسلام، من أعظم الإعانة على الكفر وإظهار شعائره؛ والله عز شأنه يقول: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2].
قال شيخ الإسلام: "من اعتقد أنَّ الكنائس بيوت الله وأنَّ الله يُعبدُ فيها، أو أنَّ ما يفعله اليهود والنصارى عبادة لله وطاعة لرسوله، أو أنه يحب ذلك ويرضاه، أو أعانهم على فتحها وإقامة دينهم وأنَّ ذلك قربة أو طاعة فهو كافر".
وليحذر المسلم أن يكون له نصيب من قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ۞ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ ۞ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ۞ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد: 25-28].
الشبهة الثالثة: صار من ضروريات الدين تحريمُ الكفر الذي يقتضي تحريم التعبد لله على خلاف ما جاء في شريعة الإسلام؛ ومنه: تحريم بناء معابد وفق شرائع منسوخة؛ يهودية، أو نصرانية، أو غيرهما؛ لأنَّ تلك المعابد سواء كانت كنيسة أو غيرها تعتبر معابد كفرية؛ لأنَّ العبادات التي تؤدى فيها على خلاف شريعة الإسلام الناسخة لجميع الشرائع قبلها والمبطلة لها، والله تعالى يقول عن الكفار وأعمالهم: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ [الفرقان: 23]، ولا يجوز اجتماع قبلتين في بلدٍ واحدٍ من بلاد الإسلام، ولا أن يكون فيها شيء من شعائر الكفار لا كنائس ولا غيرها؛ ولهذا أجمع العلماء على تحريم بناء هذه المعابد الكفرية. وقد قال شيخ الإسلام: "من اعتقد أنَّ زيارة أهلِ الذمة كنائسَهم قربةٌ إلى الله فهو مرتدٌّ، وإن جهل أنَّ ذلك محرم عُرِّف ذلك، فإن أصرَّ صار مرتدًّا" اهـ.
الشبهة الرابعة: من المعلوم أنَّ الأشياء التي ينتقض بها عهد الذمي: الامتناع من بذل الجزية، وعدم التزام أحكام الإسلام، وأن يُقاتل المسلمين منفردًا أو في الحرب، وأن يلتحق الذمي بدار الحرب مُقيمًا بها، وأن يتجسس على المسلمين وينقل أخبارهم، والزنا بامرأةٍ مسلمة، وأن يذكر الله تعالى أو رسوله أو كتبه بسوء.
وإذا انتقض عهد الذمي: حلَّ دمه وماله، وسار حربيًّا يُخير فيه الإمام بين القتل، أو الاسترقاق، أو المن بلا فدية، أو الفداء.
الشبهة الخامسة: ذكر البعضُ أنَّ البلاد التي أُنشئت قبل الإسلام وفتحها المسلمُون عنوةً وتملكوا أرضها وساكنيها لا يجوز إحداث كنائس فيها، ويجب هدم ما استحدث منها بعد الفتح؛ لأنَّ هذه الكنائس صارت ملكًا للمسلمين بعد أن فتحوا هذه البلاد عنوة.
وأمَّا البلاد التي أُنشئت قبل الإسلام وفتحها المسلمون صُلْحًا: فهي على نوعين:
الأول: أن يصالحهم على أن الأرض لهم ولنا الخراج عليها، أو يصالحهم على مالٍ يبذلونه وهي الهُدنة؛ فلا يُمنعون من إحداث ما يختارونه فيها؛ لأنَّ الدار لهم.
الثاني: أن يُصالحهم على أنَّ الدار للمُسلمين، ويؤدون الجزية إلينا، فحكمها ما اتُّفقَ عليه في الصلح، وعند القدرة يكون الحكم ألَّا تُهدم كنائسهم التي بنوها قبل الصلح، ويُمنعون من إحداث كنائس بعد ذلك.
الشبهة السادسة: حكم بناء ما تهدَّمَ من الكنائس أو ترميمها: على ثلاثة أقوال:
الأول: المنع من بناء ما انهدم وترميم ما تلف.
الثاني: المنع من بناء ما انهدم، وجواز ترميم ما تلف.
الثالث: إباحة الأمرين.
فالرجاء التفضل بالاطلاع والتوجيه بما ترونه سيادتكم نحو الإفادة بالفتوى الشرعية الصحيحة في هذا الشأن حتى يمكن نشرها بين أهالي القرى؛ تصحيحًا للمفاهيم ومنعًا للشبهات.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 06 مايو 2025 م
الفجر
4 :31
الشروق
6 :8
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 36
العشاء
9 :1