ما حكم الإحرام في الحج والعمرة من غير اغتسال؟ حيث يوجد رجلٌ أكرمه الله بالحج، وعند إحرامه به لم يتمكن من الاغتسال؛ لضيق الوقت وخوف فوات الرحلة، فأحرم من غير أن يغتسل؛ فهل إحرامه صحيح شرعًا؟
الاغتسال للإحرام سنة يُستحب للمحرم أن يفعله عند الإحرام، ومن أحرم مِن غير أن يغتسل؛ فإن إحرامَه صحيحٌ شرعًا بالإجماع.
المحتويات
الحجُّ ركن من أركان الإسلام الخمسة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» أخرجه الشيخان من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
قد أناط الشرع الشريف فريضة الحج بالاستطاعة؛ فقال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا»، فقال رجلٌ: كل عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى قالها ثلاثًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ»، ثم قال: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ؛ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ» أخرجه الشيخان.
أول ما يبدأ به الحاج من المناسك: الإحرام؛ أي: إذا أهَلَّ بالحج أو العمرة، أحرم فدخل في عملٍ حَرُمَ عليه به فعل ما كان حلالًا.
والمراد بالإحرام عند جمهور الفقهاء؛ من الحنفية، والمالكية، والشافعية: نيَّة الدخول في مناسك الحج أو العمرة، ويتحقق عند الحنفيَّة وبعض فقهاء المالكية بأن يقترن الذكرُ أو التلبيةُ بالنية؛ كما في "درر الحكام" للعلامة الملا خسرو الحنفي (1/ 219، ط. دار إحياء الكتب العربية)، و"شرح متن الرسالة" للشيخ زروق المالكي (1/ 527، ط. دار الكتب العلمية)، و"حاشية الجمل" للشيخ سليمان الجمل الشافعي (2/ 407، ط. دار الفكر)، و"الروض المربع" لأبي السعادات البهوتي الحنبلي (ص: 285، ط. دار المؤيد).
من السنن المستحبة قبل الإحرام: الاغتسال؛ لما روي عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "تَجَرَّدَ لِإِهْلَالِهِ وَاغْتَسَلَ" أخرجه الدارمي، والترمذي، والدارقطني، والبيهقي في "السنن".
وقد أجمع الفقهاء على أنَّ الغسل للإحرام غير واجب شرعًا، وروي عن الحسن البصري أنه قال: على المحرم إذا نسي الغسل عند إحرامه أن يغتسل إذا ذكره؛ قال الإمام ابن المنذر في "الإشراف" (3/ 184، ط. مكتبة مكة الثقافية): [وأجمعوا على الاغتسال للإحرام غير واجب، إلا ما روي عن الحسن البصري؛ فإن الحسن قال: إذا نسي الغسل عند إحرامه يغتسل إذا ذكر، وقد اختلف فيه عطاء وقال مرةً: يكفي منه الوضوء، وقال مرةً غير ذلك] اهـ.
وقال في "الإجماع" (ص: 51، ط. دار المسلم): [وأجمعوا على أن الاغتسال للإحرام غير واجب، وانفرد الحسن البصري وعطاء] اهـ.
وقد يحمل كلام الحسن البصري على أن المراد منه استحباب الغسل، وقد يراد به الوجوب؛ فإن حُمِلَ كلامه على الاستحباب وهو الأوجه: فيكون موافقًا للعلماء في عدم الوجوب، وإن أراد به الوجوب: فيكون مخالفًا لهم؛ قال العلامة العمراني في "البيان" (4/ 120، ط. دار المنهاج): [وقال الحسن البصري: إذا نسي الغسل عند إحرامه.. اغتسل إذا ذكره. فإن أراد: أن ذلك مستحب.. فهو وفاق، وإن أراد: أنه واجب.. فالدليل عليه: أنه لو كان واجبًا.. لما أمر به من لا يصح منه الغسل، وهو الحائض والنفساء كغسل الجنابة، ولأنه غسل لأمر مستقبل، فلم يكن واجبًا؛ كغسل الجمعة والعيدين] اهـ. وهو ما نص عليه العلامة الريمي في "المعاني البديعة" (1/ 362، ط. دار الكتب العلمية).
وكما أجمع العلماء على أن الاغتسال للإحرام ليس بواجب؛ فإنهم اتفقوا على استحبابه؛ قال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (7/ 212، ط. دار الفكر): [اتفق العلماء على أنه يستحب الغسل عند إرادة الإحرام بحج أو عمرة أو بهما؛ سواء كان إحرامه من الميقات الشرعي أو غيره] اهـ. وهو ما نص عليه شمس الأئمة السرخسي الحنفي في "المبسوط" (1/90، ط. دار المعرفة)، والإمام ابن رشد المالكي في "بداية المجتهد" (2/ 102، ط. دار الحديث)، والإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 256، ط. مكتبة القاهرة).
هذا؛ لأن مقصود الاغتسال عند الإحرام: هو الطهارة والنزاهة والنظافة الحسية، والاعتناء بالبدن ظاهرًا؛ ليتهيأ مريد الحج بالطهارة الحسية إلى الطهارة الباطنية، وبدايتها بالإحرام الذي هو النية للدخول في أعمال الحج والعمرة، ومن ثَمَّ فإذا أحرم الإنسان كانت البداية لتحصيل الطهارة القلبية والمغفرة العامة من رب البرية.
ومع نصوص العلماء على استحباب الاغتسال عند الإحرام، إلا أنهم أجمعوا على أنَّ مَن أحرم مِن غير أن يغتسل؛ فإن إحرامه صحيحٌ شرعًا؛ قال الإمام ابن المنذر في "الإجماع" (ص: 51): [وأجمعوا على أن الإحرام جائزٌ بغير اغتسال] اهـ.
وقال الإمام ابن القطان في "الإقناع في مسائل الإجماع" (1/ 252، ط. دار الفاروق الحديثة): [وأجمع عوامُّ أهل العلم على أنَّ الإحرام جائزٌ بغير اغتسال] اهـ.
بناءً على ذلك: فإنَّ الاغتسال للإحرام سنةٌ يُستحب للمحرم أن يفعله عند الإحرام، فإنْ أحرم مِن غير أن يغتسل؛ كان إحرامُه صحيحًا شرعًا؛ كما سبق بيانه.
وفي واقعة السؤال: إحرام الرجل المذكور للحج من غير أن يغتسل له بسبب ضيق الوقت وخوف فوات الرحلة؛ صحيح شرعًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم تقصير بعض شعر الرأس عند التحلل من العمرة بالنسبة للرجال؟ فأنا سافرت أنا ومجموعة من الأصدقاء إلى بيت الله الحرام بمكة المكرمة لأداء العمرة، وبعد أن انتهينا من المناسك، ذهبنا إلى الحلاق وطلبت منه أن يقص لي أطراف شعر رأسي من جوانبه فقط، فأخبرني أحد أصدقائي الذين كانوا معي أنه يجب علينا أن نحلق جميع شعر الرأس لنتحلل، فما الحكم الشرعي في ذلك؟
ما حكم الصعود على جبلي الصفا والمروة في أداء المناسك في الحج والعمرة؟ وبيان القدر الواجب في السعي بين االصفا والمروة في كل شوط؟
ما حكم ما تم دفعه من ثمن الأضحية التي ماتت قبل استلامها من البائع؟ فقد اشتريت بهيمة للأضحية من أحد تجار المواشي وعاينتُها، ودفعتُ أكثر ثمنها بناءً على وزنها مبدئيًّا وقت المعاينة، مع الاتفاق على أنها في ضمان البائع حتى موعد تسليمها المتفق عليه بيننا وهو يوم العيد؛ حيث يتم الوزن حينئذ ودفع باقي الثمن الذي يتحدد بناءً على هذا الوزن النهائي، وتراضينا على ذلك، وبعد يومين ماتت هذه البهيمة، وأرجع لي التاجر المبلغ الذي كنت قد دفعته له. وسؤالي حتى لا أقع في الإثم: هل يجب عليَّ شيءٌ تجاه البائع؟ وهل يحصل لي ثواب الأضحية في هذه الحالة؟
ما حكم من ذهب لأداء العمرة وترك الحلق أو التقصير وحلَّ من إحرامه، هل عليه شيء؟
ما حكم استخدام الصابون المعطَّر أثناء الإحرام؟
ما حكم تقديم طواف الإفاضة على الرمي في حج التمتع؟ فهناك بعثة حجَّاج تعزم أن يكون خط سيرها المقترح في الحج: من القاهرة، إلى مطار جدة، ثم إلى مكة، ثم إلى عرفات، ثم إلى المزدلفة، ثم إلى مكة، ثم إلى منًى، ثم إلى مكة؛ بحيث يتم التوجُّه من المزدلفة إلى مكة مباشرة وأداء طواف الإفاضة وسعي الحج ثم التحلل الأكبر، ثم التوجه بعد ذلك إلى منًى ورمي جمرة العقبة الكبرى، فهل هذا جائزٌ في حجِّ التَّمتُّع، أم أنه يتعيَّن التوجُّه من مزدلفة إلى منًى لِرَمي جمرة العقبة الكبرى قبل التحلُّل الأكبر؟