حكم اغتسال الحائض للإحرام بالحج

تاريخ الفتوى: 24 يناير 2023 م
رقم الفتوى: 7441
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الطهارة
حكم اغتسال الحائض للإحرام بالحج

ما حكم اغتسال الحائض للإحرام بالحج؟ فعندما ذهبت أنا وزوجتي للحج، وافق الإحرام للحج عادتها الشهرية. فهل تغتسل للإحرام؟

نص جماهير الفقهاء من أهل المذاهب المعتبرة على استحباب اغتسال الحائض عند الإحرام؛ لأن مقصود الاغتسال عند الإحرام: هو الطهارة والنزاهة والنظافة الحسية، والاعتناء بالبدن ظاهرًا؛ ليتهيأ مريد الحج بالطهارة الحسية الظاهرة لطهارة النفس الباطنة، وبدايتها بالإحرام الذي هو النية للدخول في أعمال المناسك. 

المحتويات

حكم الاغتسال للإحرام بالحج

من المقرر شرعًا أنه يستحب للمحرم أن يغتسل لإحرامه بالحج أو العمرة؛ لما روي عن زيد بن ثابت رضي الله عنه "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَجَرَّدَ لِإِهْلَالِهِ وَاغْتَسَلَ" أخرجه الترمذي في "السنن"، وقال عقبة: هذا حديثٌ حسن.

واتفق جماهير العلماء على استحباب الغسل للإحرام؛ قال الإمام النووي في "المجموع" (7/ 212، ط. دار الفكر): [اتفق العلماء على أنه يستحب الغسل عند إرادة الإحرام بحج أو عمرة أو بهما؛ سواء كان إحرامه من الميقات الشرعي أو غيره] اهـ.

حكم الاغتسال للإحرام بالنسبة للرجل والمرأة

استحباب الاغتسال للإحرام يستوي فيه الرجل والمرأة، والصغير والكبير، وسواء أكانت المرأة طاهرة عن الحيض والنفاس أو حائضًا أو نفساء؛ لأن الشرع أباح للحائض أن تفعل ما يفعله الحاج، إلا بعض المناسك؛ كالطواف بالكعبةِ -البيتِ الحرامِ- مِن حيث الأصل، ومن ثَمَّ فإنها تغتسل وتحرم -بأن تُهِلَّ بالحج أو العمرة- باتفاق جماهير العلماء؛ لحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قدمتُ مكة وأنا حائضٌ؛ لم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، فشكوتُ ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: «افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ، غَيْرَ أَلَّا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطَّهَّرِي» متفق عليه.

وعنها أيضًا رضي الله عنها قالت: "نفست أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر بالشجرة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر رضي الله عنه يَأْمُرُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ" رواه الإمام مسلم في "الصحيح".

وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ إِذَا أَتَتَا عَلَى الْوَقْتِ: تَغْتَسِلَانِ، وَتُحْرِمَانِ، وَتَقْضِيَانِ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا غَيْرَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود في "السنن" واللفظ له، والترمذي في "الجامع" وحسَّنه، والطبراني في "معاجمه".

قال الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (8/ 133، ط. دار إحياء التراث العربي): [فيه: صحة إحرام النفساء والحائض، واستحباب اغتسالهما للإحرام، وهو مجمع على الأمر به، لكن مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة والجمهور: أنه مستحب] اهـ.

وقال الحافظ ابن رجب في "فتح الباري" (2/ 220، ط. مكتبة الغرباء): [هذا قول جماعة أهل العلم؛ لا يعلم بينهم اختلاف فيه: أن الحائض يجوز أن تحرم بالحج والعمرة، وتفعل ما يفعله الطاهر سوى الطواف بالبيت] اهـ.

حكم اغتسال الحائض والنفساء عند الإحرام

قد نص جماهير الفقهاء من أهل المذاهب المعتبرة على خصوص استحباب اغتسال الحائض والنفساء عند الإحرام؛ لأن مقصود الاغتسال عند الإحرام: هو الطهارة والنزاهة والنظافة الحسية، والاعتناء بالبدن ظاهرًا؛ ليتهيأ مريد الحج بالطهارة الحسية الظاهرة لطهارة النفس الباطنة، وبدايتها بالإحرام الذي هو النية للدخول في أعمال الحج والعمرة، ومن ثَمَّ فإذا أحرم الإنسان؛ كان ذلك بدايةً لتحصيل الطهارةِ القلبية والمغفرةِ العامة مِن رَبِّ البَرِيَّةِ.

قال علاء الدين الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 143، ط. دار الكتب العلمية): [إذا أراد أن يُحرِم اغتسل أو توضأ، والغسل أفضل؛ لما رُوي "أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لمَّا بَلَغَ ذَا الْحُلَيْفَةِ اغْتَسَلَ لِإِحْرَامِهِ"، وسواء كان رجلًا أو امرأة، والمرأة طاهرة عن الحيض والنفاس، أو حائض أو نفساء؛ لأن المقصود من إقامة هذه السُّنَّة: النظافة؛ فيستوي فيها الرجل والمرأة] اهـ.

وقال الشيخ الشلبي الحنفي في "حاشيته على تبيين الحقائق" (2/ 8، ط. المطبعة الكبرى الأميرية): [قال الأتقاني: وهذا الغسل أعني غسل الإحرام ليس بواجب، ولكنه من باب التنظيف كما في الجمعة؛ بدلالة اغتسال الحائض والنفساء، ثم غسل يكون بمعنى النظافة.. المقصود بالغسل: تنظيف البدن] اهـ.

وقال العلامة أبو الحسن علي المنوفي المالكي في شرحه "كفاية الطالب الرباني" (2/ 409، ط. دار الفكر): [(والغسل لـ) أجل (الإحرام سُنَّةٌ) للرجل والمرأة ولو حائضًا أو نفساء، ويطلب فيه الاتصال بالإحرام؛ لأنه للنظافة] اهـ.

قال الشيخ العدوي في "حاشيته عليه": [(قوله: والغسل لأجل الإحرام سنة) أي: ولا دم في تركه، (قوله: للنظافة) تعليلٌ لقوله: ولو حائضًا ونفساء] اهـ.

وقال الإمام الرافعي الشافعي في "فتح العزيز" (7/ 240، ط. دار الفكر): [(الفصل الثاني في سنن الاحرام) قال: (وهي خمسة: الأولى: الغسل تنظفًا حتى يسن للحائض والنفساء.. ويستوي في استحبابه الرجل والمرأة والصبي، وإن كانت حائضًا أو نفساء؛ لأن مقصود هذا الغسل: التنظيف] اهـ.

وقال أبو السعادات البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع عن متن الإقناع" (1/ 151، ط. دار الكتب العلمية): [(و) يسن الغسل (لإحرام)؛ لما رَوَى زيدُ بن ثابت رضي الله عنه "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَجَرَّدَ لِإِهْلَالِهِ وَاغْتَسَلَ" رواه الترمذي وحسنه، وظاهره: ولو مع حيض ونفاس، وصرح به في "المنتهى"؛ لأن أسماء بنت عميس نفست بمحمد بن أبي بكر رضي الله عنهم بالشجرة فأمر النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر رضي الله عنه أن يَأْمُرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يستحب لزوجتك التي وافقت عادتُها الشهرية الإحرامَ للحج أن تغتسل لإحرامها به؛ لأن مقصود الاغتسال هو الطهارة والنظافة الحسية؛ ليتهيأ مريد الحج بالطهارة الحسية للطهارة المعنوية.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

سئل بإفادة واردة من وزارة الداخلية؛ صورتها: نحيط علم فضيلتكم أنه لما قامت الحرب الأوروبية في العام الماضي صار السفر إلى الحجاز صعبًا وطريقه غير مأمون للأسباب الآتية:
أولًا: عدم توفر الأسباب لسفر البواخر المخصصة لنقل الحجاج المصريين في ذهابهم وإيابهم، ولا يبعد أن يكون ذلك سببًا في تأخيرهم بالحجاز زمنًا ليس بالقليل، وفي ذلك مخاطرة على أنفسهم وعائلاتهم.
ثانيًا: صعوبة المواصلات الخاصة بنقل المواد الغذائية للأقطار الحجازية التي انبنى عليها عدم إرسال مرتبات الغلال التي كانت ترسلها الحكومة المصرية للحجاز سنويًّا، ولا يبعد أن يكون ذلك سببًا في وجود خطر على الحُجاج أثناء وجودهم في الأراضي المقدسة.
ثالثًا: عدم تمكُّن الحكومة بسبب العسر المالي من اتخاذ التدابير اللازمة لوقاية الحجاج المصريين من الأخطار التي تهدد حياتهم سواء كان من اعتداء أعراب الحجاز عليهم، أو من تأخيرهم مدة طويلة بتلك الجهات.
رابعًا: عدم تمكن الحكومة بسبب العسر المالي أيضًا من اتخاذ الاحتياطات الصحية التي كانت تتخذها في كل سنة لوقاية القطر من الأوبئة والأمراض المعدية التي ربما تفد مع الحجاج.
لذلك قد أخذت الوزارة في ذلك الوقت رأي فضيلة المفتي السابق عما يراه موافقًا للشرع الشريف من جهة الترخيص للحجاج المصريين بالسفر إلى الحجاز، فرأى فضيلته أنه يجوز للحكومة والحالة هذه إعطاء النصائح الكافية للحجاج المصريين بتأجيل حجهم للعام المقبل مثلًا حتى تزول الأخطار ويتوفر أمن الطريق الذي لا بد منه في وجوب الحج. وحيث إن الأسباب التي انبنى عليها هذا الرأي ما زالت موجودة بل زادت خطورة بدخول تركيا في الحرب، وقد آن موسم الحج الذي فيه تصدر وزارة الداخلية منشورها السنوي الخاص بسفر الحجاج المصريين؛ لذلك رأينا لزوم الاستمداد برأي فضيلتكم فيما يوافق الشرع الشريف في هذا الشأن.


أديتُ شعيرة العمرة، وبعدما رجعتُ للفندق وقبل أن أحلق شعري وضعتُ الطِّيبَ، ثم تذكرتُ بأنني لم أتَحلَّل بحلق شَعْري، فماذا يجب عليَّ فِعْله؟


ما حكم صيام من انقطع حيضها قبل الفجر واغتسلت بعد الفجر؟ فإن زوجتي كانت حائضًا، وانقطع عنها دم الحيض أثناء الليل، ونَوَت الصيام من الليل، ولم تغتسل إلا بعد الفجر؛ فهل صيامها صحيح شرعًا؟


ما حكم صيام المرأة التي ترى بعض نقاط الدم في غير وقت الحيض؟ فهناك امرأةٌ تأتيها العادةُ كلَّ شهرٍ وتستمر ستة أيام، وأثناء صيامها في شهر رمضان رأت بعض نقاط الدم لساعاتٍ ثم انقطَعَت، وكان هذا بعد انتهاء عادتها بعشرة أيام، وأكملت صوم اليوم، فما حكم صومها شرعًا؟


زوجي ترك مسكن الزوجية واستقر في شقة أخرى بمفرده وتركني أنا والأولاد، وتحملت كل المسؤولية، وأقنع أولاده أن الانفصال سيستمر، ويريدُ عدم إعطائي الفرصة للزواج بآخر.
فهل يُوجَد في الإسلام شيءٌ اسمه الانفصال وأكون على ذمته يحكم كما يريد؟


ما حكم  الإسراف في استعمال الماء أثناء الوضوء؟ لأني أرى بعض الناس أثناء وضوئهم يغسلون أعضاء الوضوء أكثر من ثلاث مرات، وآخرين يستخدمون ماءً كثيرًا زائدًا عن المطلوب. فما حكم هذا الفعل؟ وهل يُعدُّ هذا من الإسراف في استعمال الماء؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 16 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 56
العصر
4:31
المغرب
7 : 58
العشاء
9 :32