ما حكم الاشتراك في قيمة الأضحية؟
لا يجوز الاشتراك في الأضحية إذا كانت شاة، وإذا ضحّى بها واحدٌ فإنها تجزئ عنه وأهل بيته.
أما إذا كانت من الإبل أو البقر فإنه يجوز الاشتراك فيها وتجزئ عن سبعة، كلُّ سُبع يجزئ عن الواحد وأهل بيته.
المحتويات
الأضحية: هي اسم لما يُذْبَحُ من الإبل والبقر والغنم يوم النحر وأيام التشريق -مِن اليوم العاشر مِن ذي الحجة مِن بعد صلاة العيد إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر منه- تقربًا إلى الله تعالى، وهي إحدى شعائر الإسلام، وأعظم أعمال يوم النحر وأحبها إلى الله تعالى؛ فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أَن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهَا لَتَأْتي يَوْمَ القِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَإنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللهِ بِمَكَانٍ، قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الْأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا» أخرجه الأئمة: الترمذي -واللفظ له- وابن ماجه والبيهقي في "السنن"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.
قد اتفق الفقهاء على أن الأضحية مشروعة، والأصل فيها: قول الله تعالى: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: 1-2].
وأخرج الشيخان في "صحيحيهما" عن أنس رضي الله عنه قال: «ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِكبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا».
لكنهم اختلفوا في حكمها، والمختار للفتوى: أنها سُنَّةٌ مؤكدةٌ في حقِّ كلِّ مسلم قادر موسر، وهو الراجح مِن أقوال الفقهاءِ، ومذهبُ جماعةٍ مِن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
قال الإمام النووي في "المجموع" (8/ 385، ط. دار الفكر) في بيان أحكام الأضحية: [مذهبنا: أنها سنة مؤكدة في حق الموسر ولا تجب عليه، وبهذا قال أكثر العلماء، وممَّن قال به: أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وبلال وأبو مسعود البدري رضي الله عنهم، وسعيد بن المسيب وعطاء وعلقمة والأسود ومالك وأحمد وأبو يوسف وإسحاق وأبو ثور والمزني وداود وابن المنذر، وقال ربيعة والليث بن سعد وأبو حنيفة والأوزاعي: واجبة على الموسر إلا الحاج بمنًى، وقال محمد بن الحسن: هي واجبة على المقيم بالأمصار، والمشهور عن أبي حنيفة: أنه إنما يوجبها على مقيمٍ يملك نصابًا.. وأما الجواب عن دلائلهم، فما كان منها ضعيفًا: لا حجة فيه، وما كان صحيحًا: فمحمول على الاستحباب؛ جمعًا بين الأدلة] اهـ.
اتفقوا على أنَّ الأضحية إنْ كانت شاةً فإنه لا يجوز الاشتراك في قيمتها بحيث يَصير كلُّ مشتركٍ مضحيًا على الحقيقة؛ قال الإمام ابن رشد في "بداية المجتهد" (2/ 196، ط. دار الحديث): [اتفقوا على مَنْعِ الاشتراك في الضأن] اهـ.
إلا أنهم اختلفوا فيما تجزئ به، هل تجزئ عن الواحد بمفرده، أم تجزئ عنه وعن أهل بيته؟
المختار للفتوى: أنها تجزئ عن الواحد وأهل بيته؛ لما روي عن عطاء بن يسار أنه قال: سألتُ أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه: كيف كانت الضحايا فيكم على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: "كَانَ الرَّجُلُ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ، ثُمَّ تَبَاهَى النَّاسُ، فَصَارَ كَمَا تَرَى" أخرجه الأئمة: مالك في "الموطأ"، وابن ماجه -واللفظ له- والبيهقي في "السنن"، والطبراني في "المعجم الكبير"، والترمذي في "السنن" وصحَّحه، وعقَّب عليه بقوله: "والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وهو قول أحمد، وإسحاق".
وهو مذهب جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة في الصحيح.
جاء في "المدونة" للإمام مالك (1/ 547، ط. دار الكتب العلمية): [قلتُ لمالِكٍ: أفتُجزئ الشاةُ الواحدةُ عن أهل البيت؟ قال: "نعم"] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (3/ 198، ط. المكتب الإسلامي): [الشاة الواحدة لا يُضحَّى بها إلا عن واحد، لكن إذا ضَحَّى بها واحدٌ مِن أهل بيت، تَأَدَّى الشِّعَارُ والسُّنَّةُ لجميعهم] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (1/ 536، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(فصل: الشاة) تجزئ (عن واحدٍ، فإنْ ذَبَحَهَا عنه وعن أهله.. جاز)] اهـ.
وقال العلامة المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (4/ 75، ط. دار إحياء التراث العربي): [قوله: (وتجزئ الشاة عن الواحد) بلا نزاع، وتجزئ عن أهل بيته وعياله على الصحيح من المذهب، نص عليه، وعليه أكثر الأصحاب، وقطع به كثير منهم] اهـ.
أما إذا كانت من البقر أو الإبل: فإنه يجوز الاشتراك فيها وتجزئ عن سبعة، والأصل في ذلك ما أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ».
وعنه أيضًا رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْجَزُورُ عَنْ سَبْعَةٍ» أخرجه الأئمة: الترمذي وابن ماجه -واللفظ له- في "السنن"، والطبراني في "المعجم الصغير". وعقب الترمذي بقوله: "والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وغيرهم، يَرَوْنَ الجَزُورَ عن سَبعة، والبقرة عن سَبعة، وهو قول سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد".
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْجَزُورُ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ فِي الْأَضَاحِي» أخرجه الإمام الطبراني في مُعجَمَيه: "الكبير"، و"الأوسط".
وعن الإمام الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَلْبَسَ أَجْوَدَ مَا نَجِدُ، وَأَنْ نَتَطَيَّبَ بِأَجْوَدِ مَا نَجِدُ، وَأَنْ نُضَحِّيَ بِأَسْمَنِ مَا نَجِدُ، وَالْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْجَزُورُ عَنْ سَبْعَةٍ، وَأَنْ نُظْهِرَ التَّكْبِيرَ وَعَلَيْنَا السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ» أخرجه الإمامان: البيهقي في "شعب الإيمان" واللفظ له، والطبراني في "المعجم الكبير".
وهو مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والشافعية، والحنابلة، وهو المروي عن أمير المؤمنين علي، وابن عمر، وابن مسعود، وابن عباس، وأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنهم أجمعين، وبه قال عطاء، وطاوس، وسالم، والحسن البصري، وعمرو بن دينار، والثوري، والأوزاعي، وأبو ثور رحمهم الله أجمعين.
قال علاء الدين السَّمَرْقَنْدِيُّ الحنفي في "تحفة الفقهاء" (3/ 85، ط. دار الكتب العلمية): [والإبل والبقر يجوز مِن سَبعة نَفَرٍ] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (8/ 422، ط. دار الفكر): [البدنة تجزئ عن سَبعة، وكذلك البقرة، سواء كانوا مُضَحِّين أو بعضُهم مُضَحِّيًا وبعضُهم يُريدُ اللحم، وسواء كانوا أهلَ بيتٍ أو أبياتٍ، وسواء كانت أضحيةَ تطوُّعٍ أو مَنذورة] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (9/ 437، ط. مكتبة القاهرة): [قال: (وتجزئ البدنة عن سبعة، وكذلك البقرة) وهذا قول أكثر أهل العلم، روي ذلك عن علي، وابن عمر، وابن مسعود، وابن عباس، وعائشة رضي الله عنهم، وبه قال عطاء، وطاوس، وسالم، والحسن، وعمرو بن دينار، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي] اهـ.
بناءً على ذلك: فإذا كانت الأضحية شاةً فإنه لا يجوز الاشتراك فيها، وإنما تجزئ عن الواحد وأهل بيته، أما إذا كانت من الإبل أو البقر فإنه يجوز الاشتراك فيها وتجزئ عن سبعة، كلُّ سُبع يجزئ عن الواحد وأهل بيته.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائل يقول: هل يجوز ذبح العقيقة قبل ولادة المولود، خوفًا من مرض الذبيحة ووفاتها؟ فقد قمت بشراء خروفٍ للعقّ عن مولودي القادم ووجدت فيه ضعفًا وأخاف موته، ولا يتبقى على موعد الولادة سوى يومين.
ما حكم استفادة الجمعيات الخيرية من فرق سعر الأضاحي؟فيشرفنا إفادة سيادتكم بأن جمعيتنا تنفِّذ مشروع الأضحية منذ سنتين، بالنيابة عن الراغبين في ذلك من مصر وكافة دول العالم، وتقوم بتوزيع لحوم الأضاحي على المستحقِّين.
وفي هذا العام ترغب الجمعية في استيراد جزء من الأضاحي من الخارج، وسيتم تنفيذها طبقًا للشريعة الإسلامية وتوقيتها؛ لأن هناك فرصة للوصول إلى سعر أضحية أقل كثيرًا من السعر في السوق المحلي، وهي التي سيتم توزيعها طوال العام. ويتم شراء الجزء الآخر من السوق المحلي لتوزيعه مباشرة على المستحقين في أيام العيد؛ لأن المستورَد لن يصل إلا بعد شهر من العيد، وبعد دراسة الأسعار وجدنا أن تكلفة الأضحية من مزارعنا هي حوالي 950 جنيهًا مصريًّا وهي أقل من تكلفة السوق المحلي، في حين أن تكلفة الأضحية مستوردة من الخارج تقل كثيرًا عن هذا المبلغ. لذا، نرجو من فضيلتكم إفادتنا بالآتي:
هل يجوز أن نوحِّد سعر صكِّ الأضحية بمبلغ 950 جنيهًا سعر السوق المحلي، ونقوم باستثمار الفائض من فرق السعر في الآتي:
إطعام الفقراء طوال العام، أخذ جزء منه للمصاريف الإدارية والدعاية والإعلان الخاصة بمشروع الأضحية، مشاريع أخرى للبنك.
سيتم الاتفاق والتعاقد على استيراد كمية مكمِّلة للأضاحي من أستراليا، وسيتم تحويل 50% فقط من قيمتها عند التعاقد، وسداد المبلغ الباقي بعد التسلم في مصر؟ وفي النهاية، لا يسعنا إلا أن نتقدَّم بخالص الشكر والتقدير لفضيلتكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما حكم الجمع بين الوفاء بنذر ذبيحة لله تعالى ووليمة الزواج؟ فأنا نذرت لله نذرًا وهو ذبح (عجل من البقر) لأعمل به ليلة لله، ثم إنني أريد زواج أحد أولادي في هذه الليلة؛ فهل يجوز ذبحه في هذه الليلة؟ علمًا بأنني أثناء نذري كان ولدي الذي أرغب في زواجه مريضًا، وقد نذرت ذلك إن شفاه الله وعافاه من مرضه.
هل يجوز ذبح ذبيحة واحدة بنية الأضحية والعقيقة معًا؟
ما حكم جمع جلود الأضحية وبيعها والتبرع بثمنها؟ فجمعيتنا تقوم على الدفاع عن حقوق مسلمي تركستان الشرقية التي ما زالت تحت احتلال الصين الشيوعية، سواء أكانت هذه الحقوق متعلقة بالتركستانيين في البلاد أم في الخارج، إضافة إلى أن عندنا جامعًا كبيرًا في تركيا باسم "جامع التركستان"، ونعطي منحًا دراسية لعدد من الطلاب، علمًا بأن الجمعية ليس لها أي مصدر مالي وأنها تعتمد على مساعدات الآخرين؛ لهذا السبب ولغيره كنا نجمع منذ سنوات جلود الأضحية ونصرفها على الأمور المذكورة سابقًا، إلا هذه السَّنة، حيث قال البعض: إن جمع جلود الأضحية للجمعية لا يجوز ولو كان لمسجدٍ أو لغيره. نريد منكم التوضيح في أقرب وقت ممكن حتى لا نسير على طريق غير مستقيم.
ما حكم الأضحية بالنسبة للمسافر عن بلده، وكذا الحاج؟ وهل هي مشروعة في حقهما؟