ضوابط المزاح غير الممنوع شرعًا

تاريخ الفتوى: 16 يناير 2023 م
رقم الفتوى: 7723
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: آداب وأخلاق
ضوابط المزاح غير الممنوع شرعًا

ما هي شروط وضوابط المزاح الذي يقبله الشرع ولا يمنعه؟

المحتويات

 

حكم المزاح

المزاح من وسائل الترويح عن النفس التي يتناولها النَّاس في حياتهم من أجل تناسي الهموم، وتخفيف الضغوطات اليومية، والتسلية، والـتخلص من الملل، وإدخال السعادة والسرور على الآخرين؛ ولأن المزاح ممَّا ينشر السرور واللطف ويشيع البهجة في حياة الناس كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يمزح مع أهله وأصحابه والأطفال الصغار؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحسن النَّاسِ خُلُقًا، وكان لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو عُمَيْرٍ، قَالَ: أَحْسِبُهُ فَطِيمًا؛ فَكَانَ إِذَا جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ فَرَآهُ، قَالَ: «أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ» قَالَ: فَكَانَ يَلْعَبُ بِهِ. متفق عليه، النُّغَيْرُ بالتصغير: طائر صغير يُشبه العصفور؛ قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (10/ 584، ط. المكتبة السلفية): [وفيه جوازُ الممازحة، وتكرير المزحِ، وأنَّها إباحة سُنَّةٍ لا رخصةٌ، وأنَّ ممازحة الصّبيّ الذي لم يُميِّز جائزةٌ، وتكرير زيارة الممزوح معه، وفيه ترك التكبر والترفع، والفرق بين كون الكبير في الطريق فيتواقر أو في البيت فيمزح] اهـ.

شروط وضوابط المزاح الذي يقبله الشرع

الشريعة الإسلامية وإن كانت تبيح الضحك والمزاح؛ إلا أن ذلك مُقيَّد بضوابط وشروط يجب مراعاتها:

أوًلًا: ألَّا يشتمل المزاح على الكذب من أجل إضحاك الناس؛ فعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنهم، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ بِالحَدِيثِ لِيُضْحِكَ بِهِ القَوْمَ فَيَكْذِبُ، وَيْلٌ لَهُ! وَيْلٌ لَهُ!»؛ قال الإمام الصنعاني في "التنوير شرح الجامع الصغير" (11/ 48، ط. مكتبة دار السلام): [(ويلٌ للذي يحدث) بالحديث (فيكذب ليضحك به القوم)؛ وذلك لأنَّ الكذب محرم، والإضحاك به يزيده تحريمًا؛ لأنَّ الضحك مذموم، ولذا كرر الويل بقوله: (ويل له! ويل له!)] اهـ.

ثانيًا: ألَّا يشتمل المزاح على الترويع والإخافة؛ فعن عبد الله بن السائب بن يزيد، عن أبيه، عن جده رضي الله عنهم، أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «لَا يَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ أَخِيهِ لَاعِبًا، وَلَا جَادًّا»؛ قال الإمام الشوكاني في "نيل الأوطار" (5/ 379، ط. دار الحديث): [قوله: (لَاعِبًا) فيه دليلٌ على عدم جواز أخذ متاع الإنسان على جهة المزح والهزل.. وقوله: (لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا) فيه دليلٌ على أنه لا يجوز ترويع المسلم ولو بما صورته صورة المزح] اهـ.

ثالثًا: ألَّا يُكْثِر من المزاح ولا يداوم عليه؛ لأنَّ كثرة المزاح تُميت القلب، وتُسقط الوقار، وتُشغل عن ذكر الله؛ جاء في "سنن الترمذي" و"ابن ماجه" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «لَا تُكْثِرُوا الضَّحِكَ؛ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ»؛ قال الإمام الغزالي في "إحياء علوم الدين" (3/ 128، ط. دار المعرفة): [اعلم أن المنهي عنه؛ الإفراط فيه أو المداومة عليه، أما المداومة؛ فلأنَّه اشتغال باللعب والهزل فيه، واللعب مباح ولكن المواظبة عليه مذمومة، وَأَمَّا الْإِفْرَاطُ فِيه؛ فإنَّه يُورِثُ كَثْرَةَ الضَّحك، وكثرة الضحك تميت القلب، وتورث الضغينة في بعض الأحوال، وتسقط المهابة والوقار، فما يَخْلُو عَنْ هَذِهِ الْأُمُورِ فَلَا يُذَمُّ] اهـ.

رابعًا: البُعْد في المزاح عن الكلام الفاحش البذيء، والقول القبيح، وتَجنُّب سيء الحديث؛ فقد أخرج البخاري في "الأدب المفرد" والترمذي في "سننه" عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الفَاحِشَ البَذِيءَ».

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ، وَلَا اللَّعَّانِ، وَلَا الْفَاحِشِ، وَلَا الْبَذِيءِ».

فظاهر الحديثين النهي عن الكلام الفاحش والقبيح في جميع الأحوال من جد ومزاح.

خامسًا: ألَّا يشتمل المُزَاح على قولٍ أو فعلٍ مُحَرَّم كالسخرية والغيبة؛ قال تعالى: ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ [الحجرات: 12]، أو النميمة؛ قال صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ» رواه الشيخان.

وكذا الانتقاص من قدر الآخرين بالسخرية أو الاستهزاء أو الغمز أو اللمز؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الحجرات: 11]؛ قال الإمام ابن كثير في "تفسيره" (11/ 516، ط. دار طيبة): [ينهى تعالى عن السخرية بالناس؛ وهو احتقارهم، والاستهزاء بهم؛ كما ثبت في "الصحيح" عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: «الكِبْر بَطَرُ الْحَقِّ وغَمْص النَّاسِ»، وَيُرْوَى: «وَغَمْطُ النَّاسِ»، والمراد من ذلك: احتقارهم واستصغارهم، وهذا حرام؛ فإنَّه قد يكون المحتقر أعظم قدرًا عند الله، وأحب إليه من الساخر منه المحتقر له] اهـ.

وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما مدى حماية ورعاية البيئة في الإسلام؟


سائل يسأل ويقول: هل يجوز القيام  بالبيع والشراء لجسد الإنسان أو شيء من أعضائه؟


ما حكم جلوس الأب عاريًا تمامًا أمام أولاده الصغار، ولأي سن يمكنه فعل ذلك إن كان جائزًا؟


ما مدى موافقة إعادة تدوير المخلفات للآداب والتوجيهات الإسلامية؟


ظهر علينا من يدعي حل سرقة الكهرباء والغاز الطبيعي من الدولة، فهل هذا الكلام يستقيم مع أحكام الشرع الشريف؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرًا.


سأل رجل: إنه تزوج ولم يبن بزوجته إلى الآن، وكلما أراد الجلوس معها منعها من ذلك أخ لها، ثم حملها على الحلف بالمصحف الشريف ثلاث مرات على ألا تجلس مع زوجها إلا في وجود أخيها أو أبيها دون سواهما، وإن حنثت تصاب بالعمى والمرض، وذلك لمدة ثلاثة أشهر، فما الحكم بما يقضي به الدين الحنيف؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 14 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :39
الظهر
12 : 50
العصر
4:21
المغرب
7 : 2
العشاء
8 :20