ما حكم مَن سلك الطريق الأطول ليترخص برخص السفر؛ فهناك رجلٌ سافر لزيارة أقاربه، وبلدتهم لها طريقان، أحدهما طويلٌ يبلغ مسافة القصر، والآخر قصيرٌ لا يَبلُغها، فسَلَك الطريق الأطول مِن أَجْل أنْ يترخص برُخَصِ السَّفر ويَعمل بأحكامه مِن نحو قصر الصلاة والفطر في رمضان، لا مِن أَجْل غرضٍ آخَر، فهل له الترخُّصُ برُخَص السفر والعملُ بأحكامه في هذه الحالة؟
المسافر الذي يَسْلُكُ الطريقَ الأطول في سفرٍ له طريقان: أحدهما يبلغ مسافة القصر، والآخَر لا يبلغها، وذلك مِن أَجْل أن يترخَّص برُخَص السفر ويَعمَلَ بأحكامه، -لا لأيِّ غرضٍ آخَر- يجوز له شرعًا الترخُّصُ بهذه الرُّخَص والعملُ بتلك الأحكام مِن نحو قَصرِ الصلاة والفِطر في شهر رمضان، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج.
المحتويات
اختَصَّ اللهُ سبحانه وتعالى أمَّةَ الإسلام برفع الحَرَج، والتيسيرِ في أمور الدِّين على المكلَّفين؛ فقال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78].
قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (12/ 100، ط. دار الكتب المصرية): [قوله تعالى: ﴿مِنْ حَرَجٍ﴾ أي: مِن ضيقٍ.. وهي مما خص الله بها هذه الأمَّة] اهـ.
وقال الإمام الشاطبي في "الموافقات" (1/ 541، ط. دار ابن عفان): [رَفْعُ الحَرَج عن المكلَّفين إنما هو مِن خصائص الشريعة الإسلامية الغَرَّاء، وهو مقصود الشارع في الكُلِّيَّات، فلا تَجِدُ كُلِّيَّةً شرعيةً مكلَّفًا بها وفيها حَرَجٌ كُلِّيٌّ أو أَكْثَرِيٌّ البَتَّة] اهـ.
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «إنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".
السفر الذي يُتَرخَّص فيه برُخَص السفر ويُعمَل فيه بأحكامه مِن نحو قصر الصلاة والفطر في رمضان، هو ذلك السَّفر الذي يكون لمسافةٍ يُقصَر فيها الصلاة -على تفصيلٍ بين الفقهاء في تقديرها، والمفتى به أنها لا تَقِلُّ عن مرحلتَيْن، وتُقَدَّران بنحو ثلاثةٍ وثمانين كيلومترًا ونصف الكيلومتر-، قال تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وقال تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: 101].
إذا كان للمكان الذي يقصده المسافرُ لغرضٍ مباحٍ طريقان: أحدُهما لا يَبلُغ المسافةَ المذكورة، والآخَرُ يَبلُغُها أو يَزيدُ عليها، فسَلَك المسافرُ الطريقَ الأطول منهما، وذلك بِقَصْدِ التَّرَخُّصِ برُخَصِ السفر والعَمَلِ بأحكامه -على تفصيلٍ بين الفقهاء في رُخَص السفر وأحكامه- لا لأيِّ غرضٍ آخَر، فإنه يجوز له الترخُّصُ بهذه الرُّخَصِ والعَمَلُ بتلك الأحكام؛ لأنه في هذه الحالة يوصَف بكونه مُسافِرًا، ولا حرج عليه في ذلك شرعًا، ذلك "أن صحةَ الأغراض وحدوثَ الأعذار لا تُعتَبَر في الأسفار إذا كانت مباحة"؛ كما قال الإمام المَاوَرْدِي في "الحاوي الكبير" (2/ 387، ط. دار الكتب العلمية)، وهو مذهب الحنفية والحنابلة، وقول الإمام أشهب مِن المالكية في تخريجٍ له على مَن لبِس الخُفَّيْن لا يقصد مِن ذلك إلا الترخُّص بالمسح عليهما، والإمام الشافعي في قولٍ رجَّحه الإمام المُزَنِي وصحَّحَه الإمام المَاوَرْدِي، إذ نصُّوا جميعُهُم على أنَّ المسافرَ يَقصرُ الصلاة في هذه الحالة، ومَن ثَبَت في حَقِّه قَصرُ الصلاة للسفر، جاز له الفطر في رمضان.
وقد أجمع الفقهاء على أنَّ المسافر إنما يُفطِر في السَّفر الطويل الذي يُبِيحُ قَصرَ الصَّلاة -على تفصيلٍ بينهم في مقدار السفر الطويل-، كما في "مراتب الإجماع" للإمام ابن حزم (ص: 40، ط. دار الكتب العلمية)، و"الإقناع في مسائل الإجماع" للإمام ابن القَطَّان (1/ 229، ط. الفاروق الحديثة).
قال الإمام علاء الدين الحَصْكَفِي الحنفي في "الدر المختار" (ص: 105، ط. دار الكتب العلمية): [ولو لموضِعٍ طريقان: أحدهما مدَّةَ السَّفر، والآخَر أقل، قَصَرَ في الأول لا الثاني] اهـ.
وقال الإمام أبو عبد الله المَوَّاق المالكي في "التاج والإكليل" (2/ 498-499، ط. دار الكتب العلمية): في حكم مَن سَلَكَ الطريق الأطول في السَّفر بقصد قَصْرِ الصلاة: [قال أشهب: إن لَم يقصد إلا التَّرخُّصَ، تَخَرَّجَ قَصرُهُ على قول مالكٍ في مَسْحِ لَابِسِ الخُفِّ للتَّرَخُّصِ] اهـ.
وقال الإمام المَاوَرْدِي الشافعي في "الحاوي الكبير" (2/ 386-387): [قال الشافعي رضي الله عنه: "وإذا كان له طريقان: يَقصُرُ في أحدهما، ولا يَقصُرُ في الآخر، فإن سَلَك الأبعَدَ لخوفٍ أو حزونةٍ في الأقرب قَصَرَ، وإلَّا لم يَقصُر"، وفي "الإملاء": "إن سَلَكَ الأبعَدَ قَصَرَ"، قال المُزَنِيُّ: "وهذا عندي أَقيَسُ؛ لأنَّه سَفَرٌ مُبَاحٌ". قال الماوردي: وصورتها في رجلٍ أراد قَصدَ بلدٍ له إليه طريقان: أحدهما قريبُ المسافة لا يقصر في مثله الصلاة، والآخَر بعيدُ المسافة يقصر في مثله الصلاة، فإن سَلَك الأَقْصَرَ لَم يَجُز له أن يقصر؛ لقُرب مسافته، وإن سَلَك الأبعَدَ فله حالان.. الثانية: ألَّا يكون له في الأقرب عذرٌ ولا في الأبعَدِ غرضٌ، ففي جواز قصره قولان.. أحدهما -وهو قوله في "الإملاء" واختاره المُزَنِي-: يجوز له القصر؛ لعموم قوله تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: 101]، ولأنها مسافةٌ يقصر مثلها الصلاة، فجاز أن يقصر.. والقول الأول أصح] اهـ.
وقال العلامة أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في "كشاف القناع" (1/ 626، ط. عالم الكتب): [(ومَن له طريقان)؛ طريقٌ (بعيدٌ، و) طريقٌ (قريبٌ، فسَلَك البعيدَ ليقصر الصلاة فيه) قصر؛ لأنه مَظِنَّةُ قَصْدٍ صحيحٍ، وكما لو كان الآخَر مخوفًا، أو مشقًّا، فعَدَمُ الحكمة في بعض الصُّوَر لا يَضُرُّهُ] اهـ.
بناءً على ذلك: فإنَّ المسافر الذي يَسْلُكُ الطريقَ الأطول في سفرٍ له طريقان: أحدهما يبلغ مسافة القصر، والآخَر دونها، وذلك مِن أَجْل أن يترخَّص برُخَص السفر ويَعمَلَ بأحكامه، -لا لأيِّ غرضٍ آخَر- يجوز له شرعًا الترخُّصُ بهذه الرُّخَص والعملُ بتلك الأحكام مِن نحو قَصرِ الصلاة والفِطر في شهر رمضان، كما سبق بيانه.
وفي واقعة السؤال: للرجل المذكور أنْ يترخَّصَ برُخَص السفر ويَعمَلَ بأحكامه شرعًا، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم عقد نية الصوم أثناء الصلاة؟ حيث قمتُ للصلاة قبيل الفجر في أَوَّل ليلةٍ من رمضان، وتذكرتُ أنني لم أنوِ الصوم، والوقت ضاق بحيث إنَّه لو انصرفت من الصلاة لكي أنوي الصوم خرج الوقتُ بطلوع الفجر، فهل يصح مني عقد نية الصوم في هذه الحالة وأنا في أثناء الصلاة؟ علمًا بأني قد نويت صوم الشهر كله بعد إعلان رؤية الهلال وثبوت دخول الشهر.
ما حكم الالتزام بمواقيت الصلاة التي تصدرها هيئة المساحة فنحن في قرانا بإدارة أوقاف إسنا التابعة لمديرية أوقاف الأقصر بعض المساجد تتفاوت في توقيت الأذان، فبعضها إلى الآن ما زال على التوقيت القديم بحساب فرق التوقيت بالزائد والناقص؛ بمعنى أنهم يأخذون معرفة الأذان من توقيت النتيجة، ثم لهم ورق بحساب فرق التوقيت بالزائد والناقص، ثم يكون الأذان.
وبعضها يأخذ توقيت الأذان من موقع الهيئة العامة المصرية للمساحة، ونحن فى حيرة من أمرنا، ولكن يا معالي مفتي الديار المصرية أليس هناك موقع للهيئة العامة المصرية للمساحة وهي التي تحدد التوقيت بالدقيقة مع هؤلاء الذين يأخذون بالتوقيت القديم فينظرون أولًا في النتيجة ثم يأخذون بحساب فرق التوقيت بالزائد والناقص، وتوقيت النتيجة هو نفسه مأخوذ من موقع الهيئة العامة المصرية للمساحة؟ ولكن المشكلة في حساب فرق التوقيت بالزائد والناقص أنه يفرق عن توقيت المساحة بدقيقتين أو ثلاث دقائق. فيا معالي مفتي الديار المصرية لا ندري أيُّ التوقيتين أصحُّ؟
هل يبطل الصيام إذا لم يشعر الصائم بلذَّة العبادة؟
إذا كنت أعلم أنني لن أستطيع قضاء الصلاة التالية أو أكثر من فرض إلا بعد فوات وقتها، فماذا أفعل؟
أرجو التكرم بإعطائي فتوى عن حكم الصيام في دول الشمال الإسكندنافية؛ حيث يمتد اليوم بحيث يكون الفرق بين الغروب والفجر في جنوب البلاد حوالي الساعتين، وفي شمال البلاد يمتد اليوم إلى 24 ساعة لا تغرب فيها الشمس مطلقًا.